محمد شمس الدين – الناشر |
الحشود الأميركية المتتالية في البحر المتوسط وآخرها الحديث عن استكمال منظومة الدفاعات الجوية خلال الأيام المقبلة، تشي بأن الأمور تتدحرج نحو مواجهة كبرى أو على الأقل تزيد من حدة الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على محور المقاومة دولا وتنظيمات، إفساحًا في المجال أمام الصهاينة لممارسة المزيد من القتل والتدمير الجاريين في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر بغطاء دولي تقوده الولايات المتحدة.
دخول أميركا على الخط يهدف الى تحقيق مكاسب أبعد من تأمين الدعم لـ”إسرائيل” وجيشها في عمليات القتل الانتقامي التي يشنها على المواطنين الفلسطينيين من نساء وأطفال وشيوخ، ليطال تنفيذ محاولة جديدة لتغيير موازين القوة القائمة منذ حرب عام ٢٠٠٦ على لبنان وما تلاها من هزائم مني بها العدو الإسرائيلي ومن خلفه أميركا وتراجع نفوذهما على امتداد المنطقة.
هذه المرة تقف أميركا وأساطيلها في الواجهة مباشرة معلنة بدء معركتها لاستعادة مكانتها والحفاظ على ما بقي من مصالحها وتعزيز نفوذها لحماية كل المشاريع التي تضطلع بها من تطبيع دول عربية مع الكيان الصهيوني وما يحقق ذلك من مصالح اقتصادية لها ولحلفائها خصوصا بعدما تبقنت من خلال مراكز دراساتها أن ما خسرته في حربها المفتوحة على روسيا من اوكرانيا لن يعيدها الى صدارة القطب الواحد وقيادة العالم من واشنطن.
هي العودة إلى مربع اقتسام مناطق النفوذ والذي يعتبر الشرق الأوسط احد أهم ساحاتها لما فيه من موارد ما زالت غاية في الأهمية ويحتاجها الاقتصاد العالمي لفترة طويلة من الزمن.
ما حدث في غزة، فضلًا عن كونه بدء حرب استرجاع الحقوق الفلسطينية إلا أن الإدارة الأميركية وجدت فيه المدخل لإعادة التموضع في الشرق الأوسط في مواجهة ايران ماردها الجديد والذي استطاع أن يكون حجر أساس في خلق أحلام اقتصادية كبرى مع الصين وروسيا تنزع جزءًا كبيرًا من هيمنة الولايات المتحدة السياسية والاقتصادية على العالم.
مجريات الحوادث الجارية في غزة والتي تجاوزت كل الحدود الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية المرعية الإجراء أوضحت أن هذا الدخول الأميركي له أهداف اكبر من حجم الحادثة التي حصلت في ٧ تشربن الأول الجاري في غلاف قطاع غزة.
التحرك الإيراني الأخير الذي انطلق أمس على خطين الأول من خلال زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الى نيويورك لإعطاء فرصة أخيرة للاتصالات الدولية من أجل تحقيق وقف إطلاق نار يضع حدا للمجازر التي تركتبها “إسرائيل” في غزة والثاني من خلال الكلام العالي السقف الذي أطلقه القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي من مشهد المقدسة وحذر فيه من استمرار تلك المجازر معتبرًا “أنها ستكون سببا لتغيير المعادلات في المنطقة”.
لقد ظهر التآمر الدولي واضحًا بعدما ضربت” إسرائيل” والولايات المتحدة ومعهما ثلاثة أرباع العالم بعرض الحائط كل المناشدات لتحقيق وقف إطلاق نار يحد من معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة وعموم فلسطين ما دفع بإيران ومحورها الى تحرك أخير قبل الانفجار الكبير.
مصادر معنية أكدت أن فشل المسعى الإيراني الجاري سيشكل كلمة السر لقوة القدس الإيرانية وحزب الله اللبناني وكل الدول والفصائل الحليفة لانطلاق “الحرب” على القواعد الأميركية في المنطقة والكيان الصهيوني في آن.