العام الدراسي بين وجع الناس وتقديمات حزب الله

بدايات العام الدراسي لهذه السنة كانت مغايرة عن السنوات الثلاث الأخيرة، إذ شهدت هذه السنة انطلاقة مبكرة للعام الدراسي على خلاف السنوات السابقة التي شهدت مماطلة وإضرابات وتأجيلات لأسباب عديدة ومختلفة المصادر.

البداية لهذا العام كانت مختلفة بتوقيتها، إلا أنها فعليًا لم تختلف كثيرًا عن غيرها في السنوات الأخيرة من حيث المسؤوليات والتحديات القاهرة المرمية على عاتق أولياء الأمور، والتي لا زالت حدتها وصعوبتها تزداد عامًا بعد عام، مع استمرار وجود البلد على سكة الانهيار وما يتبع ذلك من تردٍّ للأحوال المعيشية والحياتية.

بين دولرة “الخاص” وتهالك “الرسمي”
يواجه طلاب لبنان اليوم مصيرًا ضبابيًا فيما يتعلق بمستقبلهم التعليمي، ليس لسبب واحد إنما لأسباب متعددة ومعقدة، تأتي في مقدمتها الظروف المعيشية القاسية التي يمر بها الناس، ومعاناة الأهل في تأمين تعليم لائق لأولادهم في ظل الغلاء الفاحش للخدمات والبضائع مقابل الانخفاض الكبير للقدرة الشرائية، فضلًا عن واقع المعلمين المرير وتخلي الدولة بين الحين والآخر عن تحمل مسؤولياتها تجاههم.

أول هذه التحديات كان مسألة “دولرة” الأقساط المدرسية، حيث بدأت المدارس الخاصة ومنذ أشهر بمراسلة الأهالي بهذا الشأن، الأمر الذي شكل ضربة موجعة لهم في ظل غياب سياسة رواتب وأجور مصححة وعادلة، وقد تراوح معدل الأقساط للمدارس الخاصة ما بين الـ 500 والـ 2200 دولار بحسب الفئات.

أزمة الدولرة لم تطل فقط الأقساط، بل كان لبدلات النقل نصيب منها، وأصبحت كلفة نقل الطلاب تحدد أيضًا بالعملة الأجنبية مما فاقم الأزمة على الأهالي اكثر، وزاد من أعباء تأمين تعليم كريم لأبنائهم.

من جهة أخرى، فإن تفاقم أزمة التعليم الرسمي في لبنان يدفع بالأهالي نحو التعليم الخاص لا سيما بعد انفجار الأزمة المالية في البلد عام 2019 ونتيجة وباء كورونا وعدم استطاعة تلامذة المدارس الرسمية التعلم عن بُعد، ما أدى لتزايد أعداد التلامذة في المدارس الخاصة والذين يشكلون نحو 75 في المائة من مجمل الطلاب.

وفي هذا الإطار، فإن المدارس الرسمية ونتيجة الأزمات التي تعاني منها، فهي مستعدة لتنفيذ إضراب بأي وقت، مطالَبةً بتحقيق مطالب المعلمين فيها، مما يهدد بالتالي مصير ومستقبل الطلاب فيها، ويجعلهم عرضةً للتأخر الدراسي مقارنةً مع طلاب المدارس الخاصة، الأمر الذي يدفع الأهالي لعدم المجازفة بمستقبل أبنائهم وتسجيلهم في المدارس الخاصة وتحمل أعبائها مهما كان الثمن.

التعبئة التربوية.. إلى جانب الناس دائمًا
كعادته وكما عهدناه في كل ميدان ومجال، فإن لحزب الله ومؤسساته وجوده الدائم والداعم للناس في كل توقيت ومكان، وكما لهذه المؤسسات حضورها وتأثيرها الفاعل في الوقوف إلى جانب الناس وخدمتهم في المجالات الصحية والرعائية والمعيشية المختلفة، فإن حضورها في المجال التربوي والتعليمي لا يقل أهمية عن غيره من المجالات.

مسؤول التعبئة التربوية في منطقة جبل عامل الأولى، الحاج حيدر مواسي، وفي اتصال مع موقع الناشر، أكد أن حزب الله كان حاضرًا ومنذ بداية الأزمة إلى جانب الناس لا سيما في الشق التربوي، وتحت شعار “أن لا يبقى أي طالب خارج المدرسة”، وضع حزب الله عدة خطط لمواجهة كل مرحلة من مراحل الأزمة التعليمية، عبر تحديد الاحتياجات المطلوبة ووضع الحلول اللازمة والعمل على تنفيذها.

وأشار الحاج مواسي إلى أنه خلال انتشار وباء كورونا، قام حزب الله بتشكيل لجان تربوية في القرى بالتعاون مع البلديات لإجراء مسح للاحتياجات التربوية على اختلافها، ومتابعة احتياجات المعلمين والوقوف إلى جانبهم والعمل على حل جزء من مشكلاتهم للمضي قدمًا بالعام الدراسي. وأضاف الحاج حيدر مواسي أن المسح طال أيضًا احتياجات الطلاب والأهالي، لا سيما مع تردي الأوضاع المعيشية ووجود صعوبة كبيرة في تأمين الكتب والقرطاسية والأقساط المدرسية فضلًا عن بدلات النقل للطلاب، وقد عمد حزب الله خلال العام الدراسي السابق إلى إقامة مكتبات الإعارة (39 مكتبة) ومعارض القرطاسية بأسعار مقبولة جدًا (18 معرضًا)، وتأمين مساعدات مالية (متعددة المصادر) للأهالي لتغطية الأقساط المدرسية وبدلات النقل، وقد بلغ عدد المستفيدين خلال عام واحد فقط 3580 مستفيدًا.

وعلى صعيد الكادر التعليمي، أكد الحاج مواسي وقوف حزب الله إلى جانب المعلمين في مطالبهم لا سيما في ظل تخلي الدولة عن القيام بمسؤولياتها في تأمين حقوقهم ورواتبهم، حيث بلغ عدد المعلمين المستفيدين من هذه الخدمات في المنطقة ما يقارب 1858 معلمًا.

بالإضافة إلى ذلك ذكر الحاج مواسي أن حزب الله قام بتأمين منح جامعية للطلاب (170 منحة خلال عام واحد) فضلًا عن تأمين سكن جامعي للعديد من الطلاب في بيروت (ما يقارب 250 طالبًا) ببدلات مقبولة جدًا وأحيانًا بشكل مجاني، وأسطول نقلي يومي بأسعار مخفضة للطلاب الجامعيين في تنقلاتهم بين الجنوب وبيروت (235 طالبًا).

أما على صعيد المؤسسات التعليمية في المنطقة، فقد عمد حزب الله خلال فترة الأزمة ولا زال إلى تأمين مصادر الطاقة الأولية لتشغيل المؤسسات كمادة المازوت (36 مدرسة) وتركيب طاقة شمسية لـ 30 مدرسة فضلًا عن ترميم العديد من المباني التعليمية وتأمين مساعدات مالية للمؤسسات لما يقارب الـ 100 مؤسسة، ومستلزمات مدرسية للطلاب فيها وتأمين رواتب لعدد من المعلمين ليتمكنوا من الحضور ومزاولة عملهم للمضي قدمًا بالعام الدراسي.

يثبت حزب الله في كل مرة وعند كل أزمة حياتية ومعيشية أنه من الناس وإلى الناس، وأن وقوفه إلى جانبهم وخدمتهم في كل الميادين هو جزء من رسالته ومبادئه، فهو الحاضر في كل ساح وهو الحاضن والمحتضَن، وما قدمه ويقدمه في مسيرة هذه الخدمة ما هو إلا في سبيل الله وسبيل هذا الوطن وهذه الأمة، تمامًا {كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء}.

اساسي