يعمل الشاب اللبناني في هذه البقعة من الأرض، بكل ما أوتيَ من قوّة لتأمين قوت يومه البائس وقوت من يُعيلهم من والدين وأطراف ودفع مستحقات جامعته، ليلًا ونهارًا من دون كلل أو ملل. يسعى جاهدًا لتحقيق إحدى أمنياته بالزواج ممّن يحب، وفتح “بيت الأحلام” الذي صار اليوم عشقًا ممنوعًا لكثرةِ ما يحتاجه من أموال ومتطلبات.
وكذلك تفعل الشابة منّا، والتي زاد على أولوياتها مساعدة الشريك. نعمل جاهدين لتحقيق إنجاز متواضع من مستقبلٍ مجهول، آملين بناء قيمة لذاتنا وانتشال وطننا ومواطنيه من وضعه المُزري بأبسط الطرق الممكنة. نخوض معترك السياسة ولو على منصّات التواصل الاجتماعي للضغط ولو قليلًا على سلطة نسيت حقوقنا، وألبستنا ثوب الذلّ بأعمارٍ مبكرة.
نعم، إنّها لحقوقنا المشروعة، أن نعيش بكرامةٍ ورخاء وأن لا تتحوّل حقوقنا المُتّفق عليها شرعًا وقانونًا إلى كماليات أو “توفيقات” حسب “واسطة الزعيم”.
لكنْ، كلّ ما ذُكر لا يعني الإطاحة بالهدف الأساس من بناء المجتمعات الهادفة والحفاظ على ما بقيَ من قضايا محقّة تخاذلت عنها معظم الأُمم.
لقد جعل النظام الرأسمالي والاستكباري من حقوق الناس موضع مُقايضة، حيث يتوجّب عليك لحصولك على أحد حقوقك، التخلّي عن مبدأ أو فكرة أو هدف أو نقصٍ في الأموال والثمرات…
نحنُ مستهدفون وبشدّة حيث يسعى كثيرون لجعل أولى أولوياتنا المأكل والمشرب وحفنة من الأموال شرط بيع القضيّة والمبدأ.
إنّها معركة الوعي، حيث يغيب السلاح برصاصه القاتل، ويُستهدف العدو الأساس أي “الوعي” الذي يتربّع على أعلى تلاله متلقيًا الضربات من مختلف أطراف الجهل وفِرَق الانحطاط.
إنّه العدو الأكثر فتكًا بهؤلاء الذين يطمحون إلى تحويل الإنسان من قضيّة سامية إلى مادّة لتحقيق النزوات الدنيوية على اختلافها.
إنّنا مُطالبون وبقوّة، أن نحميَ هذه الجبهات، وأن نسعى جاهدين لنكون من أشرس المقاتلين هناك، كي لا نقع ضحية الجهل والانحطاط الأخلاقي والثقافي، وأن لا تُقايض قضايانا المُحقّة بأحد حقوقنا ولو كان حقًّا مشروعًا، فالإنسان في نهاية المطاف عبارة عن قضيّة، قضيّة محقّة فقط لا غير.