سورية والحالة الوطنية

محمود موالدي – خاص الناشر |

على الرغم من المعاناة التي عاناها المجتمع السوري بمختلف شرائحه وتنوع الانتماء، وفي ظل الحرب الكونية التي عصفت بالجغرافيا السورية وما حملته من مخلفات بغيضة، وعلى الرغم من اتساع المعاناة الاقتصادية في ظل الحصار الغربي الأمريكي المتوحش، ومفاعيل الطبقة المتنفذة الفاسدة اللصيقة بالسلطة، بقيت الحالة الوطنية في أعلى منسوب لها منذ بداية الحرب وإلى اليوم، ليأتي مناخ التوافق العربي مريحًا للقيادة السورية والمؤسسة الدبلوماسية السورية، وكرس انتصارات الدولة السورية على جبهة عالمية دعمت ومدت المجاميع الإرهابية على مختلف مسمياتها، فسورية اليوم تعيش مرحلة نهوض خجول بعد سني العصف، لتبقى بعض الرواسب جاثمة ومنها تواجد قوات الاحتلال الأمريكي والتركي على الأرض السورية.

إن الحالة الوطنية لا تكتمل صورتها ووضوحها إلا بمضاعفة المقاومة الشعبية لمختلف القوى الاحتلالية الموجودة على الأرض، بالتزامن مع اكتساب فرصة عودة العلاقات العربية بحكم التوافق، لإنجاز تعديلات مهمة على الحياة السياسية السورية، فالعقد الاجتماعي الجديد وما ينتج عنه من غل أذرع الفساد المتمكن في مؤسسات الدولة من خلال فصل السلطات وتفعيل المؤسسة التشريعية لتواكب مسؤولياتها بشكل جدي، وتفعيل ميزان المنافسة الاقتصادية وإقصاء القيادات الانتهازية التي لم تتغير طريقة تعاطيها مع القضايا الوطنية الداخلية حتى بعد كل هذه الدماء وهذه الحرب.

إن صيانة الجبهة الداخلية ضرورة تعيها مؤسسة الرئاسة من خلال السير والسلوك السياسي وأعتقد أنها تعمل عليها، لكن العمل يحتاج لتكاتف مختلف الجهات السياسية والشعبية والمؤسسات الأساسية في الداخل السوري.

إن الاستمرار بالمنهجية السابقة في الأداء الحكومي يجعل من الوطن بوتقة كبيرة من التناقضات، فلا يمكن لسورية أن تتموضع ضمن محور مقاوم ويشوبها نقص في أطرها السياسية الداخلية، ولا يمكن تفعيل المقاومة الشعبية للمحتل الأمريكي والتركي ضمن عقلية التخشب والخشبية والروتين القاتل، ولا يمكن تأمين العيش الكريم للمواطن من قبل حكومة إفقار وتلميع وتملق.

إن الشرفاء الموجودين في مواقع المسؤولية وفي طليعتهم رئيس الجمهورية يسمعون ما نقول ويعرفون حجم وكلفة أي مشروع إصلاحي من هذا النوع، فمن انتصر على الإرهاب ومشغليه من دول وأجهزة استخبارات عالمية، يستطيع أن ينتصر على الذات، ويحول سورية إلى الازدهار والاستقرار كما كانت دائمًا وسبقى موقعًا متقدمًا للمقاومة والسيادة والاستقلال. فمهما كان الاختلاف على طريقة حبنا للوطن، لكن لا يمكن أن نختلف على الثوابت الوطنية التي تتجسد بالعلم الوطني والجيش وموقع الرئاسة، لتبقى سورية معلمًا من معالم الصمود القابل للتطور ومواكبة هذه الانتصارات.

اساسيسوريا