حكومة نتنياهو.. هل تكون آخر ثمار العجز الإسرائيلي؟

ميخائيل عوض – خاص الناشر |

بعد أربع انتخابات للكنيست في سنتين، أنتجت “إسرائيل” آخر ثمارها المسخ كدليل عملي على أنها في أيامها العادية المعدودة. فانتزع نتنياهو أكثرية ليستطيع تشكيل حكومة بالتحالف مع المتطرفين والعناصر الأكثر جرمية في “إسرائيل”، وهدفه المحوري حماية نفسه من الملاحقات القضائية بتهم الفساد والكذب، وقدّم تنازلات للمتطرّفين خبط عشواء.

ما إنْ بدأت حكومته إنفاذ وعودها واتفاقاتها مع سموترتش وبن غفير، حتى التهبت أزمتها وتصاعدت بصورة درامية وغير مسبوقة، فدعت المعارضة إلى تظاهرات وقطع طرق، ونجحت بحشد أكثر من 600 ألف متظاهر، وعندما قرر نتنياهو إقالة وزير الدفاع، انفجرت في وجهه الأزمة، فأعلنت الهستدروت الاضراب العام، وأقفلت “إسرائيل” ومؤسساتها ومطاراتها والمرافئ، حتى ألزمت نتنياهو بتعليق التعديلات القانونية التي وعد بها بن غفير وصحبه، كما اضطر لتعليق قرار إقالة وزير الدفاع خوفًا من تمّرد الجيش، وربما انقلاب عسكري.

فقد أعلنت وحدات النخبة والاحتياط الامتناع عن التدريب والالتحاق، كما ضباط من رتبة رائد وطياري سلاح الجو، وتمرّد قائد شرطة تل أبيب وغالبية أعضاء المجالس المحلية، ثم جاءت صليات الصواريخ من غزة وتصعيد عمليات الدهس وإطلاق النار في فلسطين الـ٤٨ والضفة، وكانت أبرزها عملية تل أبيب والعملية النوعية في الأغوار، إلى المواجهات الدامية مع كتيبة جنين وعرين الأسود، وأخواتها.

ثم تصاعدت حملة رفض خطوة إعلان تشكيل حرس وطني من مرتزقة المستوطنين بأمر بن غفير، واضطر نتنياهو وحكومته اليمينة المتطرفة إلى فرض منع اقتحامات المستوطنين للأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان نزولًا عند توصية قادة الأجهزة والجيش، ورغبة دول التطبيع، خاصة مصر والأردن. وكان نتنياهو وحكومته قد صُعقا من 30 صاروخًا انهمرت من جنوب لبنان وأصابت المستوطنات، ولم تجرؤ الحكومة وأعضاؤها ونتنياهو، على تسمية حزب الله، أو تحميله المسؤولية، برغم أن القاصي والداني يعرف باستحالة العملية ما لم تكن إما بموافقة حزب الله أو تحت رعايته، فذهبوا لاتهام حماس وتوسيط الوسطاء للقيام بعملية استعراضية تقتصر على قصف مناطق زراعية في لبنان ومحيط غزة خوفًا من وقوع حرب توحّدت فيها الجبهات من غزة إلى الجولان والجنوب اللبناني، وكان لافتًا إعلان الجيش المصري اكتشاف صواريخ طويلة المدى في سيناء موجهة لميناء إيلات.

وعندما اضطر نتنياهو لعقد لقاء مع زعيم المعارضة ياشر لبيد، خرج الأخير يصف نتنياهو بالعاجز والفاقد للقدرة والحكمة، وجاءت الصفعة أقوى بالتعليقات على مؤتمره الصحفي الذي اتُهم فيه بالكذب والمراوغة والضعف وإضعاف “إسرائيل”.

بعد كل الصفعات التي تلقتها حكومة نتنياهو ونتائج استطلاع الرأي العام الذي قطع بانهيار الليكود وخسارة مدوية للأحزاب اليمينية إذا جرت الانتخابات الآن، يمكن الاستنتاج أن حكومة نتنياهو قد تكون آخر حكومات “إسرائيل”، والعلامة على قصورها وشيخوختها.

إذًا، فحكومة نتنياهو تترنّح، وغالب الظن أنها ستسقط، فمَن يرثها؟

  • إقالة نتنياهو من الليكود وتسمية قائد جديد يُكلَّف بتشكيل حكومة وحدة مع المعارضة، مع أرجحية لها، وهذه إنْ حصلت ستأخذ “إسرائيل” إلى مزيد من التوترات، فمن غير المحتمل أن يسلّم بن غفير وسموترتش والمتطرفون.
  • شبه انقلاب عسكري، بحيث يُفرّض على النخبة من الدولة العميقة والأميركيين تشكيل حكومة إنتقالية للمؤسسة العسكرية والأمنية وزن كبير فيها.
  • الذهاب إلى انتخابات سيُهزم فيها الليكود والمتطرفون، وتتشكّل حكومة من الليبراليين واليساريين، ضعيفة، سرعان ما ستنفجر عندما ستتقدّم بخطة للتسوية والعودة إلى حل الدولتين، مما سيؤدي إلى تعطيل آليات وميكانزمات عمل “الدولة الإسرائيلية”، ما سيزيد من نهوض المقاومة وتأزم “إسرائيل” ويفاقم أزمة وحدتها المثلومة ويزيد في حالة اللايقين والتوتر التي يعيشها المجتمع والاقتصاد.

كل ذلك إذا لم تنفجر الحرب الكبرى أو تنزلق إليها الأمور لأسباب غير محسوبة. أما إذا وقعت الحرب الكبرى أو جولة عاصفة، فالأمور ستأخذ اتجاهات متسارعة تستعجل سقوط “إسرائيل”.

المعطيات كلها تتفق على أن “إسرائيل” دخلت أزمتها الوجودية، والثورة الفلسطينية المسلّحة تسلك طريقها الوحيد إلى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وقد باتت الساحات موحّدة، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني تتوحّد الجبهات.

اساسياسرائيلبن غفيرنتنياهو