حين يطبق التسويق الإلكتروني “بالطريقة الرديئة”

خلق عالم الإنترنت بكل مكوناته وأدواته عالمًا افتراضيًا مغايرًا للعالم الواقعي، عالمًا يبدو بكل ما فيه مثاليًا، خيّرًا، عمليًا، لا مكان للجهل فيه، الكل في عالمه الافتراضي يتقن كل شيء، يعرف كل شيء، والأكثر خطورة أنه يملك رأيًا في كل شيء.

ولأن عالم الأعمال والتجارة استحوذ على النسبة الأكبر من إهتمام المتابعين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، فقد بات من الطبيعي لا بل من الضروري جدًا أن يكون هذا العالم حاضرًا في جدول أعمال أي مشروع تجاري، وجزءًا أساسيًا فيه نظرًا لأهميته الكبرى في هذا المجال، وهنا توجه الأنظار تحديدًا إلى “التسويق الإلكتروني”، الذي رغم أهميته الكبيرة جدًا، إلا أن البعض ابتكر له مفاهيم وأساليب وأدوات جديدة لا تمت له ولقواعده ولمبادئه بشبهٍ ولا بصلة.

التسويق الإلكتروني: تخصص علمي قبل كل شيء


يعرف التسويق الإلكتروني عمومًا بأنه عبارة عن الإستراتيجية التي تستخدم في تنظيم طرق تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وذلك من خلال تحويل السوق الافتراضية إلى واقع ملموس، وبشكل أدق وأوضح يوصف بأنه عملية تطبيق المبادئ العامة لعلم التسويق عن طريق استعمال الوسائط الإلكترونية، وعلى وجه الخصوص استعمال شبكة الإنترنت.

لهذا النوع من التسويق، كما غيره من انواع التسويق الأخرى، مزايا محددة خاصة به، تتلخص بنقاط عديدة أبرزها أنه يتيح إمكانية تطوير علاقة الشركة مع الزبائن بشكل كبير، وزيادة عدد العملاء بشكل كبير يسهل الحصول على أية معلومة مُتعلقة بالمنتج، وإمكانية الحصول على السلعة المطلوبة في مدة قصيرة، بالإضافة إلى أنه أتيحت فرصة التسويق للجميع من أفراد ومؤسسات ولم يعد التسويق حكرًا على الشركات الكبرى، فضلًا عن انخفاض التكلفة وسهولة التنفيذ بالقياس مع التسويق التقليدي.

وبالحديث عن طرق نجاح هذا النوع من التسويق، فقد تم التركيز في هذا الإطار على ثلاث قواعد أساسية، الأولى تتعلق بنوعية المنتج المعروض، والثانية بالميزانية الموضوعة لعملية التسويق الإلكتروني ككل، وثالثًا والأهم هي خبرة المُسوق من ناحية كيفية تعامله مع آليات التسويق الإلكتروني، والتطوير المتواصل في استعمال علم التسويق الإلكتروني في بيئة التسويق الرقمي.
القاعدة الثالثة تعتبر الأساس في نجاح عملية التسويق الإلكتروني ككل، إذ ومع توفر العنصرين الأولين وغياب العنصر الثالث لن يحقق التسويق الإلكتروني هدفه بأي شكل، ولن يتمكن صاحب المشروع او المؤسسة من تعريف العميل بمنتجه بالشكل الجاذب والمطلوب.

التسويق “منهجية” وليس “سوقية”

برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة على صعيد التسويق الإلكتروني، تتعلق بطريقة وأساليب التسويق المعتمدة لدى العديد من الأشخاص وحتى المؤسسات، والتي تدل وبشكل واضح على التعامل بسطحية وإهمال مع تقنيات وقواعد ومنهجية التسويق الإلكتروني.

هذه الظاهرة تأتي بإعتبار أن أي صاحب فكرة أو مشروع قادر على التسويق لفكرته أو مشروعه بسهولة وبأي طريقة أو أسلوب يراه مناسبًا، دون معايير أو قواعد ثابتة في ذلك، الأمر الذي حول العميل الواعي المدرك إلى مراقب ومتفرج ساخر، نافر، غير قادر على تقبل المنتج، وقد باتت الأمثلة على ذلك كثيرة جدًا.
لم يكن الهرج والمرج يومًا أداةً معتمدة في التسويق الإلكتروني، ولا الصراخ غير المفهوم وغير المبرّر، ولا إظهار المنتج بطريقة “سوقية” وخلط الحابل بالنابل، ولا حتى استخدام المصطلحات والعبارات الرديئة، فهي جميعها لا تمت للتسويق المهني الفعال بصلة، وهي فعليًا تعبر عن الجهل بها، وبالتالي فإن أصحاب هذه الأساليب يعولون على نمط معين من المستهلكين الذين يحبذون هذا النوع من التسويق المبتذل ويرون فيه شيئًا مميزًا، وبالتالي فإن المشكلة الفعلية تكون في المرسل والمتلقي على حد سواء.

إن ما يوفره عالم التكنولوجيا والإنترنت اليوم من معارف وتقنيات ومعلومات ودورات علمية في مجال التسويق الإلكتروني بشكل عام، يضع ما نشاهده في الكثير من الأحيان من مثل هذه المشاهد موضع سخرية واستهزاء واستخفاف، وهنا لا بد من أن يدرك أصحابها أنه تنقصهم المعرفة الحقيقية في هذا المجال، وأن لهذا التخصص كوادره، وهو علم قائم بحد ذاته وعادةً لا يأتي بالفطرة كما يظنون، على أمل أن يصوبوا أفكارهم وأساليبهم، تقديرًا للعلم، ولعقول الناس وعملائهم.

اساسيالتسويق الالكتروني