في مقالها المنشور حديثًا في مجلة نيوستيتسمان البريطانية تحت عنوان: “AI art and the ruins of human creativity” [[1]] (فن الذكاء الاصطناعي وأطلال الإبداع البشري) تقول الكاتبة سارة مانافيس إن انتشار الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يوحي بشكل مشؤوم بأن البشر قد وصلوا إلى أقصى حدود ما يمكنهم تحقيقه؛ وأن الروبوتات وحدها بات بمقدورها تطوير محتوى المنصات الرقمية. رغم أن الذكاء الاصطناعي في الواقع لا يترك مجالًا كبيرًا لأي جديد، إذ يواصل الاعتماد على ما أبدعه العقل الإنساني في السابق.
تشير مانافيس إلى دراسة صادرة عن جامعة كورنيل بالولايات المتحدة حلّلت مئات الملايين من المستندات النصية المكتوبة على الإنترنت – بما في ذلك آراء المستهلكين ورسائل التسويق للشركات من منظمات كبرى، مثل الأمم المتحدة، وإعلانات الوظائف عبر الإنترنت على موقع LinkedIn (لينكدإن) لمعرفة مدى تكرار ظهور النصوص المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي في بعض أجزاء من هذه الأنواع من المحتوى على الأقل. ووجدت الدراسة أنه بعد إصدار تطبيق ChatGPT (شات جي بي تي ) في نوفمبر / تشرين الثاني عام 2022، زاد حجم المعلومات التي تحتوي على نصوص مُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي عشرة أضعاف.
ولا يقتصر التأثير المُتتالي بحسب الكاتبة على الملل والتجانس بين المواد المنشورة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي فقط، بل يتجاوزه إلى التأثير الواضح في تضييق آفاقنا الفكرية والإبداعية. إلا أن مستقبل الإبداع البشري لن يحيا أو يندثر بناءً على منشور مُولّد بالذكاء الاصطناعي على موقع مثل “لينكدإن” على سبيل المثال، ولكن هذا التوجه سيكون له تأثير تراكمي على مخيلتنا إذا ما أصبحنا نحصل على المزيد والمزيد من الشيء نفسه. وسيتفاقم هذا عندما نستعين بهذه التقنية الجديدة حتى في أبسط أفكارنا.
وتطرح مانافيس السؤال: إذا كنا بحاجة إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملخصات لرسائل بريد إلكتروني من أربع جمل كما يفعل البعض منا اليوم، فما هو تأثير ذلك على التقدم التكنولوجي، والأفكار الجديدة، ورغبتنا في الإبداع أكثر عندما لا نرغب في توسيع مداركنا خارج محيطنا الثقافي الأحادي؟ وتحذر أخيرًا في ختام مقالها من أن الذكاء الصناعي سيقودنا نحو مستقبل أكثر مللاً لا يتميز إلا بقصر النظر والقيود الشديدة على المستوى الإبداعي.
[[1]]https://www.newstatesman.com/politics/media/2025/03/ai-art-and-the-ruins-of-human-creativity
زينب رتاب – أواصر