تواجه الجيوش الحديثة تحديات كبيرة في تبني التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات، في ساحة المعركة. الذكاء الاصطناعي يتيح تحليل البيانات بسرعة ودقة، مما يساعد القادة العسكريين على اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر فاعلية. الروبوتات وأنظمة التحكم الذاتي تلعب دوراً كبيراً في تقليل الخسائر البشرية وزيادة الكفاءة في العمليات العسكرية، لكن هذه التقنيات تثير تساؤلات أخلاقية حول مدى موثوقيتها واتخاذها قرارات مميتة دون تدخل بشري.
وفي هذا السياق، يسعى كتاب “الوحدة إكس: كيف يقوم البنتاجون ووادي السيليكون بتشكيل مستقبل الحروب؟” إلى استكشاف التطورات الراهنة في الحروب وأدوار التكنولوجيا في الصراعات المسلحة مع التطبيق على الحالة الأمريكية، وخاصة مع تصاعد التعاون بين الجيش الأمريكي وقطاع التكنولوجيا، حيث يفترض الكتاب أن وحدات مثل DIUx تساعد على تجاوز البيروقراطية وتسهيل تبني التقنيات الجديدة. ومع ذلك، تواجه هذه الشراكات تحديات أخلاقية بسبب تردد بعض الشركات في المساهمة في تطوير تقنيات تُستخدم في الحروب.
يعد الكتاب من تأليف “راج شاه” و”كريس كيرشهوف”، وهما شخصيتان بارزتان في مجال التكنولوجيا والدفاع، حيث إن “راج شاه” كان ضابطاً في القوات الجوية الأمريكية وطياراً لطائرة F-16، قبل أن ينتقل إلى ريادة الأعمال ويؤسس شركة ناشئة في مجال الأمن السيبراني. أما كريس كيرشهوف، فهو خبير في الأمن القومي حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وكان يعمل كاستراتيجي رئيسي للتكنولوجيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، وقد قادا معاً وحدة الابتكار الدفاعي (DIUx) في البنتاجون، وهي وحدة تهدف إلى جلب التكنولوجيا الحديثة من وادي السيليكون إلى الجيش الأمريكي.
تأثير التكنولوجيا
يناقش الكتاب أبرز التأثيرات التكنولوجية على الحروب الحديثة حول العالم، وذلك على النحو التالي:
1- أهمية الابتكار التكنولوجي كعامل تفوق عسكري: الابتكار التكنولوجي أصبح المحرك الرئيسي للتفوق العسكري في العالم الحديث. الدول التي تستطيع تطوير تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، والهجمات السيبرانية، ستكون قادرة على التفوق على خصومها في ساحة المعركة. الابتكار يتيح للجيوش تنفيذ عمليات دقيقة وسريعة بتكلفة أقل. السباق نحو التفوق التكنولوجي لا يقتصر على المجال العسكري فحسب، بل يمتد أيضاً إلى القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية، مما يجعل الدول التي تستثمر في الابتكار في وضع استراتيجي مميز.
2- أولوية التفوق السيبراني كعامل حاسم في المعارك: التفوق السيبراني يُعتبر عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل النزاعات العسكرية. الدول التي تستطيع السيطرة على الفضاء السيبراني ستكون قادرة على تعطيل الأنظمة الحيوية لأعدائها وتوجيه ضربات استباقية. الهجمات السيبرانية أصبحت وسيلة فعالة لتعطيل شبكات الكهرباء، المياه، والاتصالات، مما يؤدي إلى شلل كامل في الدولة المستهدفة. السباق نحو التفوق السيبراني بين القوى الكبرى أصبح جزءاً من استراتيجيات الدفاع الوطنية، مما يجعله عاملاً رئيسياً في تحديد نتائج الحروب المستقبلية.
3- تنافس بين القوى الكبرى على التفوق التكنولوجي: التنافس بين الولايات المتحدة، الصين، وروسيا على التفوق التكنولوجي أصبح أكثر حدة في السنوات الأخيرة. هذه الدول تستثمر بشكل كبير في تطوير أسلحة متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات. السباق نحو التفوق التكنولوجي يهدف إلى تحقيق الهيمنة العالمية من خلال التفوق العسكري. الدول التي تفشل في مواكبة هذا السباق ستجد نفسها في موقف ضعف استراتيجي، مما قد يؤدي إلى تغيير في موازين القوى العالمية.
4- اعتبار الروبوتات والمركبات غير المأهولة جزءاً من الحروب: الروبوتات والمركبات غير المأهولة أصبحت جزءاً أساسياً من العمليات العسكرية الحديثة. هذه الأنظمة تُستخدم في الاستطلاع، المراقبة، والهجمات الدقيقة، مما يقلل من الحاجة إلى الجنود ويزيد من دقة العمليات العسكرية. الروبوتات الجوية والبحرية غير المأهولة تسمح للجيوش بتنفيذ مهام في بيئات خطرة دون تعريض الجنود للخطر. الدول التي تستثمر في تطوير هذه الأنظمة ستكون في وضع مميز لتحقيق التفوق في الحروب المستقبلية.
وأصبحت تكنولوجيا التحكم عن بعد للأسلحة الروبوتية وسيلة رئيسية لتحسين الكفاءة العسكرية وتقليل المخاطر على الجنود. يمكن للجنود التحكم في الروبوتات من مواقع آمنة بعيدة عن ساحة المعركة، مما يقلل من احتمالية الإصابات البشرية. هذه التكنولوجيا تُستخدم بشكل خاص في البيئات القتالية الخطرة، مثل إزالة الألغام أو تنفيذ المهام الاستطلاعية. ومع ذلك، قد تؤدي هذه التقنية إلى زيادة في العمليات القتالية، حيث يمكن تنفيذ هجمات دون الخوف من الخسائر البشرية المباشرة.
5- اهتمام الدول بتعزيز التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام: التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام التي يمكن تطبيقها في المجالات المدنية والعسكرية، أصبحت عنصراً حاسماً في الابتكار العسكري. تقنيات مثل الإنترنت، الـ GPS، والطائرات بدون طيار، تم تطويرها في الأصل للاستخدام العسكري ثم تم تبنيها في المجالات المدنية. العكس يحدث الآن، حيث تُستخدم التقنيات المدنية المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، لتعزيز القدرات العسكرية.
6- تصاعد تطوير الدول للأسلحة ذاتية التحكم: الأسلحة ذاتية التحكم، مثل الطائرات بدون طيار والمركبات البرية المسلحة، أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحروب الحديثة. تعتمد هذه الأنظمة على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف وتنفيذ المهام دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر. هذا النوع من الأسلحة يقلل من الخسائر البشرية ويزيد من الدقة في العمليات العسكرية. ومع ذلك، تثير هذه الأنظمة تساؤلات أخلاقية وقانونية حول المسؤولية عن قرارات القتل التي تتخذها هذه الأنظمة دون تدخل البشر.
ووفق الكتاب فإن دمج الأسلحة ذاتية التحكم في العمليات العسكرية يتطلب تعديلات كبيرة في البنية التحتية والتدريب. الجيوش تحتاج إلى تطوير برامج تدريبية لتمكين الجنود من استخدام هذه الأنظمة بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات تقنية تتعلق بصيانة هذه الأنظمة وضمان قدرتها على العمل بشكل مستمر في البيئات القتالية القاسية. هذه التحديات تجعل من الضروري على الدول الاستثمار في تطوير البنية التحتية والتدريب لضمان نجاح عمليات الأسلحة ذاتية التحكم.
فالحروب المستقبلية ستكون أكثر اعتماداً على الأسلحة ذاتية التحكم التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات. هذه الأنظمة ستعيد تشكيل ساحة المعركة من خلال تقليل الحاجة إلى الجنود في الخطوط الأمامية وزيادة دقة الهجمات. الدول التي تستثمر في تطوير هذه الأنظمة ستكون في وضع مميز لتحقيق التفوق العسكري. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو كيفية تنظيم استخدام هذه الأسلحة، وضمان أنها تُستخدم بشكل مسؤول يتماشى مع المعايير الأخلاقية والقانونية.
7- معضلة الاختراق السيبراني لبعض الأسلحة المتقدمة: أحد أكبر التحديات التي تواجه الأسلحة ذاتية التحكم هو تعرضها للاختراق السيبراني. الأنظمة العسكرية المعتمدة على الإنترنت والذكاء الاصطناعي عرضة للهجمات السيبرانية من قبل الأعداء. إذا تم اختراق هذه الأنظمة، فقد يؤدي ذلك إلى كارثة، حيث يمكن للعدو استخدام الأسلحة ضد القوات التي أطلقتها. يجب على الدول تطوير أنظمة دفاع سيبراني قوية لحماية الأسلحة ذاتية التحكم، وضمان أن يتم استخدامها بطريقة آمنة وفعالة.
حالة التعاون
يدفع الكتاب نحو أهمية التعاون بين القطاعين المدني والعسكري لتطوير تكنولوجيا عسكرية، وذلك على النحو التالي:
1- ضرورة انخراط القطاع الخاص في الابتكار التكنولوجي: الابتكار هو مفتاح النجاح في الحروب الحديثة، حيث تعتمد الجيوش بشكل متزايد على التكنولوجيا لتعزيز قدراتها القتالية. الابتكار السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، والاتصالات، يغير قواعد اللعبة في الحروب. القوات المسلحة تحتاج إلى تقنيات متطورة تمكنها من تنفيذ مهامها بسرعة وكفاءة أكبر. الابتكار يساعد أيضاً في تحسين قدرات الاستخبارات، الاستطلاع، والدفاع السيبراني، مما يجعل الدول التي تتبنى هذه التقنيات في المقدمة. ومع ذلك، فالابتكار يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الجيش والقطاع الخاص لضمان تطوير تقنيات تلبي الاحتياجات العسكرية المتزايدة.
2- تنامي التعاون بين البنتاجون ووادي السيليكون: التعاون بين البنتاجون وقطاع التكنولوجيا في وادي السيليكون أصبح أمراً ضرورياً لتعزيز الابتكار العسكري. هذا التعاون يسمح للجيش بالوصول إلى أحدث التقنيات المتاحة في السوق المدنية، مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، والروبوتات.
3- تدشين وحدة الابتكار الدفاعي (DIUx) في أمريكا: تم إنشاء وحدة الابتكار الدفاعي (DIUx) لتكون جسراً بين البنتاجون والشركات التكنولوجية الناشئة في وادي السيليكون. تهدف هذه الوحدة إلى تسريع تبني الجيش للتقنيات الحديثة من خلال تسهيل التعاون مع القطاع الخاص. DIUx نجحت في تجاوز العديد من العقبات البيروقراطية التي تعيق الابتكار في الجيش، وتمكنت من تسهيل عقود تكنولوجية سريعة لتزويد الجيش بأنظمة جديدة مثل الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي. هذه الوحدة تعزز التعاون بين الجانبين وتسرع عملية تبني التكنولوجيا العسكرية.
4- رفض بعض موظفي الشركات مشروعات عسكرية: هناك تحديات أخلاقية كبيرة تواجه التعاون بين الجيش وشركات التكنولوجيا. العديد من موظفي هذه الشركات يرفضون العمل على مشاريع عسكرية، مثلما حدث في مشروع “Maven” لشركة جوجل الذي واجه مقاومة من موظفي الشركة. يعتبر هؤلاء الموظفون أن استخدام التكنولوجيا التي يطورونها لأغراض عسكرية يتعارض مع مبادئهم الأخلاقية. هذه التحديات تجعل من الصعب على البنتاجون إقامة شراكات مستدامة مع بعض الشركات التكنولوجية، مما يعقد مسار الابتكار العسكري.
5- وجود فجوة بين القطاعين العسكري والمدني: القطاع العسكري يعاني من فجوة كبيرة في السرعة مقارنةً بالقطاع المدني. شركات التكنولوجيا تعتمد على الابتكار السريع وإطلاق المنتجات الجديدة بشكل دوري، بينما الجيش يعاني من إجراءات بيروقراطية تعوق تبني التقنيات الحديثة بسرعة. هذه الفجوة الزمنية تجعل الجيش أقل مرونة في مواجهة التحديات التكنولوجية الجديدة، ويؤدي إلى تأخر في اعتماد أنظمة مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار التي تم تطويرها بالفعل في القطاع المدني.
6- الاستفادة من التكنولوجيا المدنية في الحروب: العديد من التقنيات التي تُستخدم الآن في العمليات العسكرية تم تطويرها أساساً للاستخدام المدني. الطائرات بدون طيار، الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، هي أمثلة على تقنيات تم تبنيها في الجيش بعد نجاحها في السوق المدنية. هذه التكنولوجيا تعزز قدرات الجيش في مجالات مثل الاستخبارات والمراقبة والهجمات الدقيقة. ومع ذلك، فإن تبني التكنولوجيا المدنية يتطلب تعديلات كبيرة للتأكد من أنها تتوافق مع الاحتياجات العسكرية، وتوفير الحماية اللازمة لها ضد التهديدات السيبرانية.
الحرب السيبرانية
اعتبر الكتاب أن الهجمات السيبرانية ذات تأثيرات مهمة على الأمن القومي ومستقبل الحروب والنزاعات العالمية، وذلك على النحو التالي:
1- اتجاه العديد من الدول لتنفيذ هجمات سيبرانية: أصبحت الحرب السيبرانية الجبهة الجديدة في النزاعات العالمية. تعتمد الدول الكبرى على الهجمات السيبرانية لتعطيل البنية التحتية الحيوية للأعداء، مثل شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات. هذه الهجمات تُنفذ من خلال شبكة الإنترنت وتستهدف الأنظمة الإلكترونية الهامة، مما يمكن أن يشل الدولة المستهدفة بالكامل دون الحاجة إلى استخدام قوات عسكرية تقليدية. الحرب السيبرانية تسمح للدول بتوجيه ضربات دقيقة دون الحاجة إلى نشر جنود على الأرض، مما يجعلها أداةً قوية في النزاعات الحديثة.
2- تدمير البنية التحتية عبر الهجوم السيبراني: الهجمات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية للدول تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي. يمكن لهذه الهجمات تعطيل شبكات الكهرباء، المياه، والمواصلات، مما يؤدي إلى شلل تام في الدولة المستهدفة. الهجوم السيبراني على شبكة الكهرباء الأوكرانية في عام 2015 هو مثال على كيف يمكن للحرب السيبرانية أن تؤثر على الحياة اليومية. هذه الهجمات قد لا تكون دموية، لكنها يمكن أن تتسبب في فوضى واسعة النطاق وخسائر اقتصادية هائلة.
3- تنامي اهتمام الدول بتعزيز الدفاع السيبراني: بات الدفاع السيبراني من أهم الأولويات للدول في العصر الرقمي. يجب على الجيوش والمؤسسات الحكومية تطوير أنظمة دفاع متقدمة للكشف عن الهجمات السيبرانية وردعها قبل أن تحدث أضراراً جسيمة. التحدي الأكبر هو أن الهجمات السيبرانية تحدث بسرعة، مما يجعل من الصعب تحديد مصدرها والرد عليها في الوقت المناسب. تحتاج الدول إلى تحسين التنسيق بين الوكالات المختلفة وتطوير برامج للتدريب على الأمن السيبراني لضمان استجابة سريعة وفعالة.
4- التفوق السيبراني جزء من الاستراتيجيات العسكرية: الدول الكبرى تتنافس لتطوير قدرات سيبرانية متقدمة تمكنها من التفوق على منافسيها. الولايات المتحدة، الصين، وروسيا، هي في مقدمة هذا السباق، حيث تستثمر بشكل كبير في تطوير أسلحة سيبرانية وأنظمة دفاعية قوية. الدول التي تحقق التفوق السيبراني ستكون قادرة على تعطيل أنظمة العدو وتوجيه ضربات استباقية. السباق نحو التفوق السيبراني أصبح جزءاً من الاستراتيجيات العسكرية الوطنية، وهو عامل حاسم في تحديد مستقبل النزاعات العالمية.
5- ضرورة تطوير التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني: على الرغم من أن الحرب السيبرانية تُستخدم كسلاح في النزاعات بين الدول، إلا أن هناك حاجة ماسة للتعاون الدولي لمكافحة التهديدات السيبرانية. منظمات مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تسعى إلى وضع قوانين تحكم استخدام الأسلحة السيبرانية وتجنب الهجمات التي تستهدف المدنيين. التعاون بين الدول في مجال الأمن السيبراني يمكن أن يعزز من قدرة الدول على حماية بنيتها التحتية والتصدي للهجمات التي تستهدف استقرار النظام العالمي.
تحديات قائمة
أثار الكتاب العديد من التحديات المرتبطة بتطوير التكنولوجيا العسكرية المرتبطة بالحروب المستقبلية، وذلك على النحو التالي:
1- تساؤلات أخلاقية حول توظيف الذكاء الاصطناعي: وفق الكتاب فإن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة في كيفية إدارة العمليات العسكرية، حيث يمكنه تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة فائقة لاتخاذ قرارات استراتيجية في الوقت الفعلي. يستخدم القادة العسكريون هذه التقنيات لتحديد مواقع العدو، تحليل سلوكهم، وتوجيه الموارد العسكرية بشكل فعال، وكذلك يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الاستجابة للهجمات من خلال التعرف على أنماط الهجمات السيبرانية والتنبؤ بها قبل حدوثها، إلا أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات أخلاقية حول مدى دقة القرارات التي يتم اتخاذها، خاصةً إذا كانت مبنية على خوارزميات قد لا تفهم العواقب الإنسانية للقرارات القتالية.
2- معضلة اتخاذ الروبوتات قرارات حاسمة: بحسب الكتاب تلعب الروبوتات وأنظمة التحكم الذاتي دوراً متزايداً في الحروب الحديثة، حيث يمكن للروبوتات تنفيذ مهام استطلاعية أو قتالية في بيئات خطرة، مما يقلل من تعرض الجنود للأذى، إذ تعتمد هذه الأنظمة على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف واتخاذ قرارات في الوقت الحقيقي دون تدخل بشري. فعلى سبيل المثال، الروبوتات القتالية يمكن أن تحل محل الجنود في العمليات الخطيرة، مثل إزالة الألغام أو مهاجمة مواقع العدو المحصنة، ومع ذلك، هناك تحديات تقنية وأخلاقية كبيرة تتعلق بمدى دقة هذه الأنظمة، وكذلك كيفية ضمان أن الروبوتات لا تتخذ قرارات قاتلة خاطئة.
3- خطورة استهداف الأسلحة ذاتية التحكم للمدنيين: تُعتبر الأسلحة ذاتية التحكم جزءاً من مستقبل الحروب، حيث يمكن لهذه الأسلحة تنفيذ المهام العسكرية دون الحاجة لتدخل البشر. تعتمد هذه الأنظمة على الذكاء الاصطناعي والروبوتات لاتخاذ القرارات المتعلقة بالقتل أو الحماية. هذا النوع من التكنولوجيا يُثير العديد من التساؤلات الأخلاقية، حيث يكون القرار مميتاً ولا يعتمد على حكم الإنسان المباشر. على الرغم من أنها تقلل الخسائر البشرية بين الجنود، إلا أن الأسلحة ذاتية التحكم قد تؤدي إلى تزايد حالات استهداف المدنيين أو البنى التحتية الحيوية بشكل خاطئ إذا حدثت أخطاء برمجية أو تقنية.
4- استمرار الجمود البيروقراطي في القرارات العسكرية: أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها الجيش في تبني التكنولوجيا الحديثة هو الجمود البيروقراطي. القرارات العسكرية تمر بإجراءات معقدة وتأخذ وقتاً طويلاً، مما يجعل الجيش أقل مرونة مقارنة بشركات التكنولوجيا التي تعتمد على الابتكار السريع، وهذا البطء يؤدي إلى فجوة بين الابتكارات المدنية والتكنولوجيات المستخدمة في الجيش. على سبيل المثال، تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار قد يتم تطويرها في القطاع الخاص بسرعة، لكن الجيش قد يحتاج إلى سنوات لاعتمادها بسبب الإجراءات الطويلة والمراجعات المتعددة.
5- مقاومة التغيير داخل القيادة العسكرية في الجيوش: يتردد الجيش أحياناً في تبني التكنولوجيا الجديدة، بسبب الخوف من أنها قد لا تتوافق مع هيكليات القيادة العسكرية أو تعرقل الأداء التقليدي. هناك تردد في الاعتماد على الحلول المدنية، خاصةً عندما يتعلق الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي والأنظمة الآلية. هذه المقاومة للتغيير تؤدي إلى تأخير في تبني التقنيات التي قد تعزز من كفاءة العمليات العسكرية. في المقابل، الشركات التكنولوجية تعتمد على الابتكار والتجريب المستمر، مما يؤدي إلى فجوة كبيرة في السرعة بين الجيش والقطاع الخاص.
ختاماً، يقدم الكتاب رؤية واضحة حول مستقبل الحروب، حيث تندمج التكنولوجيا مع العمليات العسكرية بشكل لا رجعة فيه، وأن الابتكار التكنولوجي سيصبح المحرك الرئيسي للحروب في القرن الواحد والعشرين، والدول التي تستثمر في هذا الابتكار ستكون في الصدارة. ومع ذلك، يحذر المؤلفان من أن السباق نحو التفوق التكنولوجي العسكري يحمل في طياته مخاطر كبيرة، سواء على صعيد التوترات الدولية أو الأخطار الأخلاقية المتعلقة باستخدام هذه التقنيات.
إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية