اعتاد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على “ذكائها”، فيتعاملون معها ناسين أحيانًا أنها ليست بشرًا ولا تفهم تمامًا ما يقصدونه. فتعمل هذه المواقع بشكلٍ آليّ وفق خوارزمية تتناسب مع سياسة شركاتها، دون أن تحلّل ما يقصده المستخدمون. أي أنّها تعرف أنك كتبت تعليقًا على منشورٍ معيّن، لكنها لا تفهم معناه، فتتعامل معه كعددٍ ورقمٍ لا أكثر.
كيف تقرأ مواقع التواصل الاجتماعي التعليقات؟
لا تستطيع روبوتات مواقع التواصل أن تفهم مضمون تعليقٍ أضفته، ولا تستطيع التفريق بين المحتوى المدافع عن الفكرة أو المعارض لها، فتصنّف هذه الروبوتات المنشور حسب عدد التعليقات التي استطاع جمعها وحسب عدد الإعجابات التي حصدها.
وفي هذا السياق، تزيد خوارزمية مواقع التواصل الاجتماعي فرصة ظهور المنشور أمام عددٍ أكبرٍ من المستخدمين، حين يحصد تعليقاتٍ أكثر وتفضّله عن أي منشور حصد عددًا أقلّ.
ولهذا السبب يسعى صنّاع المحتوى إلى تناول المواضيع المثيرة للجدل التي تستفزّ المستخدمين للتعليق والتفاعل معها، دون أن يكترثوا إن كانت الأكثرية مدافعة أم معترضة. وحتى أنّ الصفحات تحاول خلق نقاشٍ بين المستخدمين أنفسهم في التعليقات على المنشور.
فعلى سبيل المثال، يتعمد بعض المستخدمين الدخول إلى منشور أحد الإسرائيليين (أفيخاي أدرعي مثلًا)، والرد على أكاذيبه من خلال التعليقات المهاجمة والشتائم أحيانًا، ولكن هل تعلمون أنّ الشتم في هذه الحالة يفيدهم ويدعمهم؟ بل حتّى أنّهم كثيرًا ما يتعمّدون استفزازكم كمستخدمين مقاومين لتعلّقوا أكثر، فيكسبون فرصة ظهور منشورهم أمام عددٍ أكبر من المستخدمين، باعتبارهم نالوا الأفضلية لدى روبوتات مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذه الحالة تعاملت الروبوتات مع التعليق السلبي على أنّه “تفاعل” ولم تره هجومًا.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ هذه الروبوتات، رغم ذكائها، لا زالت غبيّة! على الأقلّ في هذا الموضوع.
بالإضافة إلى ذلك، على سبيل المثال تتعمّد روبوتات موقع فيسبوك أن تظهر في صفحتك أحيانًا منشورًا لصفحةٍ، لم تتابعها ولم تُعجب بأي منشورٍ عليها، وترفقهُ بعبارة “صديقك فلان علّق على منشور الصفحة الفلانية”.
واللافت هنا، أنّ الروبوتات لا تعلم ولا تقرأ محتوى المنشور لتقرّر إن كان يناسبك أم لا، بل أكثر ما تعرفه أنّ صديقك الافتراضي تفاعل معه، فتتوقّع أنّه قد يهمّك.
إذًا، لا بدّ من التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بمستوىً عالٍ من الدقة والوعي والحذروالذكاء، كي لا تساهم في رواجها وانتشارها دون قصدٍ.
ما لا تعرفونه عن زرّ الإعجاب وأزرار الإنفعالات
عن سابق دراسة، أصدرت شركة فيسبوك عام 2016 خاصيّة أزرار الانفعالات (reactions) إلى جانب زرّ الاعجاب، لتعطي المستخدمين فرصًا أكبر للتعبير عن مشاعرهم وتفاعلهم مع المنشور الذي يرونه.
فبدل الاكتفاء بضغط “أعجبني”، يمكن للمستخدم الغوص أكثر والتعبير عن “حب- love” المنشور دون الحاجة لكتابة ذلك.
وتصنّف روبوتات فيسبوك أزرار الإنفعالات بشكل متساوي، لكنّها تفضّلها دومًا على زرّ الإعجاب، بما يعني أنّ المنشور الذي يجمع عدد انفعالات أكبر من عدد الإعجابات، يُعطى أولوية الوصول إلى عدد مستخدمين أكبر.
من الضروري هنا لحديث عن زر الـ “غضب”، فحين يضغط المستخدم على هذا الزر يعني أنّ المنشور قد أزعجه ولا يرغب ببقائه على مواقع التواصل الاجتماعي ولا بانتشاره، ومع ذلك يساهم بما لا يريده، ويمنح هذا المنشور فرصة الحصول على أفضلية الانتشار لدى الشركة، بدورها هذه الأخيرة تعتبر أنّ هذا المنشور استطاع أن يحرّك انفعالات المستخدمين، وأن يخلق جوًّا من التفاعل عليه.
وهذا معيار المنشور الناجح لدى مواقع التواصل الاجتماعي.
لذلك، التصرف الأنسب حين يزعجك منشورٌ معيّن هو ألّا تتفاعل او تٌقدم على أي شيء، بل امتنع عن التعليق والإنفعال والإعجاب ولا تساهم بانتشاره.
موقع الخنادق