تميّزت عمليّة “إعصار اليمن” بعدّة ميزات على الصعد كافة، وهنا، لا بد من أن نتوقَّف عند الميزة التي تتعلّق بالكيان المؤقت، حيث أدّت هذه العملية الى رفع منسوب القلق الإسرائيلي والأميركي على حد سواء.
فمن خلال ما ظهر في التداول الإسرائيلي تحديداً، وبما يعكس مخاوف “تل أبيب” من ضربة مشابهة، إذ أدان رئيس حكومة العدو يائير لابيد العملية، ودعا المجتمع الدولي إلى إدانتها، فيما توقَّف الكثير من المراقبين عند العمليَّة بالدراسة والتحليل، وقالوا حرفيًا: “إنَّ العملية تذكّرهم تماماً بالضربة الاستراتيجية على منشأتي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو السعودية”، وأبدوا مخاوفهم وخشيتهم من ضربة مشابهة، باعتبار أنّ من يتمكّن من إيصال النيران إلى الإمارات، قادر على الوصول إلى ميناء إيلات في فلسطين المحتلة، فالمسافة الفاصلة بين اليمن والإمارات تقارب المسافة الفاصلة بين اليمن وإيلات.
في هذا الملف نستعرض لكم أبرز المواقف الاسرائيلية المتضامنة مع الامارات والتي تكشف عن مدى منسوب القلق الإسرائيلي تجاه تعاظم قوة محور المقاومة.
منذ اللحظة الأولى لعملية “إعصار اليمن” ورسائل التضامن “الإسرائيلية” مع الإمارات لم تهدأ، حيث بعث رئيس وزراء العدو نفتالي بينيت إلى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، معبّرًا فيها عن إدانته الشديدة للهجمات التي استهدفت منشآت في أبو ظبي. ودان بينيت بشدة ما أسماها “الهجمات الإرهابية” في أبو ظبي التي نفذتها حركة “أنصار الله” “المدعومة من إيران”، مضيفًا: “إن إسرائيل تقف إلى جانب الإمارات، وعلى العالم أن يعارض الإرهاب”
وتابع بينيت “بالنيابة عن الحكومة و”إسرائيل”، أرسل تعازيّ في أعقاب الهجوم الإرهابي في أبو ظبي، الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص وجرح ستة آخرين” حسب تعبيره، مشيرًا إلى”إسرائيل ملتزمة مع الامارات بالعمل في الكفاح المستمر ضد المتطرفين في الشرق الأوسط، وسنواصل الاتحاد بيننا للعمل سويًا ضد أعدائنا المشتركين” على حد وضفه.
وأضاف بينيت في رسالته: “نحن مستعدّون لنقدم لكم مساعدة استخباراتية وأمنية، لحماية مواطني الإمارات من اعتداءات مماثلة، ووجهت أجهزة الأمن الإسرائيلية لتزويد نظيراتها في الإمارات بأي مساعدة مطلوبة، إذا كنتم مهتمين”.
وخلُص إلى القول “أرجو منكم إرسال تعازينا لأسر الضحايا الأبرياء، نتمنى للجرحى الشفاء العاجل”
كما اتصل رئيس الكيان “الإسرائيلي” إسحاق هرتسوغ، بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وأدان العملية التي نفذتها حركة “أنصار الله”، وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “أن هرتسوغ أعرب عن دعمه الكامل للإمارات وخطواتها للحفاظ على أمنها”.
وأصدر وزير الخارجية يائير لابيد تصريحًا بالعربية قال فيه: “إسرائيل تقف إلى جانب الإمارات، نحن ندعو المجتمع الدولي إلى إدانة الهجمات واتخاذ إجراءات فورية كي لا يُسمح لإيران وعملائها بالحصول على وسائل من أجل تقويض الأمن الإقليمي واستهداف الأبرياء”.
ونشر Jerusalem Center For Public Affairs تحليل للمحلل العسكري يوني بن مناحيم الذي يكشف فيه عن تحليل الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية حول عملية إعصار اليمن وأبرز ما ورد في التحليل:
“تشعر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بقلق شديد جرّاء الهجوم على الإمارات، فالمسافة التي تفصل بين اليمن والإمارات هي 1522 كيلومتر، وهي تقريباً المسافة عينها بين اليمن ومدينة إيلات، والمسيّرات التي هاجمت الإمارات كانت من نوع “صماد 3 “التي يمكن أن تصل إلى 1722 كيلومتر. وسبق إن هدد المتمردون الحوثيون إسرائيل عدة مرات وأعلنوا أن لديهم “بنك أهداف” يشمل مدناً مركزية في إسرائيل.”
وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية: “الإمارات تتطلع لتوسيع ترسانتها من أنظمة الدفاع الإسرائيلية المضادة للطائرات بدون طيار في أعقاب الهجوم الحوثي الأخير على أبوظبي.”
وقالت: “إن تتطلع الإمارات في الحصول على الأنظمة الإسرائيلية المضادة للطائرات بدون طيار تم بالفعل بعد أن قامت بشراء ونشر أحد هذه الأنظمة في الأشهر الأخيرة”. وبحسب الصحيفة، فإن رؤساء الشركات التي تتخذ من إسرائيل مقراً لها والمتخصصة في مكافحة الطائرات بدون طيار، أكدوا أنه كان من الممكن منع ما حدث باستخدام نظام دفاع مضاد للطائرات بدون طيار.
ونقلاً عن إيتسيك هوبر الرئيس التنفيذي لشركة “سكاي لوك سيستم”، وهي جزء من مجموعة Avnon HLS Group، قوله: “نظرا للحادث الذي وقع هذا الأسبوع، فإنهم يسألوننا الآن عما يمكننا تزويدهم به في أسرع وقت ممكن من قائمة طويلة من الأنظمة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن شركة “سكاي لوك سيستم” هي واحدة من الشركات المتخصصة في تصميم وإنتاج تقنيات الكشف عن الطائرات بدون طيار غير المصرح بها والتحقق منها وإبطال مفعولها، وأنها قامت بنشر التكنولوجيا الخاصة بها في 31 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومؤخراً المغرب.
ووفقاً لهوبر، فإنه كان بإمكان الإمارات منع الهجمات التي وقعت، الإثنين، إذ تمتلك نظاماً مضاداً للطائرات بدون طيار في المطار أو بالقرب منه، مضيفاً: “لو كانوا قد نشروا مثل هذا النظام هناك، لكانوا قد علموا مسبقاً أن هناك ضربة قادمة”.
وأشار إلى أنه حتى لو لم يكونوا قادرين على وقف الهجوم فإنه كان بالإمكان معرفة أنه على وشك أن يحدث وهذا أمر مهم للغاية لأنه كان سيمكنهم من نقل الناس إلى الملاجئ والبحث عن طرق للدفاع عن أنفسهم”.
وأوضح هوبر أن المضادات التابعة لشركته والتي اشترتها الإمارات قادرة على اكتشاف أن الطائرات بدون طيار المعادية من مسافة تزيد عن 20 كيلومتراً إلى 12.4 ميلاً، متابعاً: “بمجرد أن يتم تحقيق ذلك، هناك العديد من السبل التي يمكن استخدامها لنزع سلاح الطائرات المُسيرة التي ستهاجم”.
وأردف: “يمكن حظر معظمها إلكترونيا، على سبيل المثال عن طريق تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي GPS الخاص بالطائرة بدون طيار أو نظام الملاحة، أو إيقاف تشغيل قدرات الفيديو الخاصة بها أو التشويش على التردد الذي تستخدمه الطائرة بدون طيار للطيران، أو كان بالإمكان إرسال طائرة بدون طيار تتمتع بسرعة عالية للقضاء على نظيرتها المعادية”.
وواصل حديثه: “كما رأينا في أبوظبي، تمكن الحوثيون من استهداف مطار العاصمة الرئيسي وقتل الناس. تم تنفيذ هذا الهجوم باستخدام جهاز بسيط للغاية – طائرة بدون طيار – سهل الاستخدام والشراء. أنت لست بحاجة إلى ترخيص أيضا”.
وتابع: “في المقابل أن تكون طيارا وتحلق بطائرة في مبنى، هو أمر معقد، ولكن يمكنهم في الوقت الحاضر شراء طائرة بدون طيار مقابل 500 دولار وهذه كذلك تحمل متفجرات”، مشيراً بحسب اعتقاده إلى أن”
التهديد الذي ستواجهه الإمارات كبير وسيزداد حجمه ما لم يكن لديها طريقة محددة لإيقاف الطائرة بدون طيار، فلا يوجد شيء يمكنك القيام به غير ذلك”.
و قال موقع كلكست العبري :
إن الهجوم على أبو ظبي فرصة جيدة “لإسرائيل” لمواصلة تعميق علاقاتها الأمنية والتكنولوجية مع هذه الدول الخليجية، وإذا تحقق ذلك، فقد يكون له أيضاً تأثير إيجابي على العلاقات التجارية بين البلدين.
مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير