بعد انتهاء الحرب مع غزة وتوقف الأحداث في الضفة والمناطق الداخلية، تبرز أهمية تفكيك المشهد الحاصل في أراضي 48، اولاً لناحية أسبقيته التاريخية، وثانيًا لإمكانية المراهنة عليه في المستقبل أمام أي تحدٍ أو استحقاقٍ جديد. من هنا طرحنا عناوين عديدة، تساعد في فهم أعمق لما حصل مع فلسطينيي 48.
ديمغرافية فلسطينيي 48
•يصل عدد الفلسطينيين في مناطق 48 إلى نحو مليون ونصف مليون نسمة.
•يتفوق الفلسطيني بمعدل نمو سكاني بلغ 2.1% مقابل 1.7% للإسرائيلي بحسب “دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية” (2016) على الرغم من الجهود الحثيثة للحكومات الأخيرة لرفع معدلات الهجرة اليهودية إلى إسرائيل.
•يتوزع الوجود الديمغرافي في الداخل بين مدن وبلدات فلسطينية صافية أو مختلطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أو إسرائيلية صافية، واللافت أن الأعوام الماضية شهدت تزايداً لأعداد الفلسطينيين في المدن والبلدات المختلطة (المقيمين في الأصل أو الوافدين للعمل والتعلم) خاصة في يافا وحيفا واللد والرملة وعكا حتى أن بلدات إسرائيلية مثل “نتسيرت عيليت” و”كرميئيل” (أقيمت في قلب التجمعات الفلسطينية أو على أراض بلدات فلسطينية مهجّرة) تحولت شيئاً فشيئاً إلى بلدات. مختلطة بقدر أو آخر لأسباب اقتصادية وتحت تأثير التطور المضطرد في إسرائيل.
نظرة الإسرائيلي لبعض المدن التي يتواجد فيها الفلسطيني
•مدينة يافا في صحيفة هآرتس: “قبل أن تنبت تل أبيب من زبد وسحاب وبنايات بيضاء، هبطت من أوروبا، مثل فتافيت الثلج في الصحراء – كانت يافا، الساحة الخلفية، المتروكة… الخطيئة الأولى كالنمر النائم الذي جلسوا على ذنبه. تستطيع تل أبيب أن تنظر وتتطور شمالا.. وإدارة الظهر ليافا لكنها لن تستطيع الفرار منها… سنوات من النكران والتدجين، بيوت الأغنياء التي بنيت بجوار شريط الشاطئ والميناء، أدارت وجهها عن يافا إلى البحر صوب أوروبا. سنوات طويلة تواصل تل أبيب، بصفتها مشروعا صهيونيا، احتلال يافا بأدوات ثقافية واقتصادية لا تقل قسوة عن الفولاذ والبارود، أرادت تطبيعها وجعلها أكثر يهودية وصهيونية.. بل تحويلها إلى زاوية دعاية “إكزوتية” في مدينة غربية، لكن اللاوعي ظل يتدفق وحقيقة أن النمر نائم لا تعني أنه شبع، في الأسبوع الأخير استفاق وطالب بحصته”.
•مدينة اللد: ليس من الغريب أن يتفجر الوضع في اللد أساسا، حيث يشكل العرب قرابة ثلث السكان، ولذلك عندما كان شارون رئيسا للحكومة قام بنقل ملف اللد وعكا إلى مكتب رئيس الحكومة وأصبحت الدولة بمؤسساتها تعمل على تهويد مكثف في هاتين المدينتين.
فلسفة التوزع اليهودي في أراضي 48
•لقد بادرت الحركات الاستيطانية الأكثر تطرفا بعد خطة فك الارتباط إلى مشروع إستراتيجي أسمته “الاستيطان في القلوب”، والذي جاءت فكرته بعد الإجابة على سؤال، ما هو المشترك بينهم وبين يهود الخط الأخضر وتوصلوا إلى إجابة بأن هناك إجماعا صهيونيا على أن العرب قنبلة ديموغرافية. وبما أن 90% من السكان في إسرائيل يسكنون في حالة فصل عنصري بين العرب واليهود، (تجمعات يهودية وتجمعات عربية) فقد استنتجوا أن القضية الديموغرافية تبرز في المدن “المختلطة” ولذلك جاءوا واستوطنوا في قلب هذه المدن وزرعوا ما يسمي “الأنوية التوراتية” في قلب الأحياء العربية، تحت شعار تعزيز اليهود في هذه المدن، والمقصود تعزيزهم بالفكر الديني الاستيطاني. “الأنوية التوراتية” موجودة وفاعلة اليوم في يافا وحيفا واللد والرملة بتفاوتات معينة، ترتبط أساسا بالتوازن الديموغرافي في كل مدينة وأخرى، وليس من الغريب أن يتفجر الوضع في اللد أساسا، حيث يشكل العرب قرابة ثلث السكان، ولذلك عندما كان شارون رئيسا للحكومة قام بنقل ملف اللد وعكا إلى مكتب رئيس الحكومة وأصبحت الدولة بمؤسساتها تعمل على تهويد مكثف في هاتين المدينتين.
•من الجدير الإشارة إلى أن غالبية سكان اللد والرملة وحيفا وعكا، اليهود كانوا يصوتون لليمين، فحتى عندما كانت “مباي” في السلطة قبل 1977 كانت تفوز بكل البلديات في البلاد وتخسر بلدية اللد وعكا لليكود، واليوم ما زالت بلديات اللد والرملة وعكا مع الليكود.
وهذا دليل على أن سكن العرب واليهود المشترك لم يبن مجتمعا مدنيا إنسانيا حديثا، بل ظل محكوما بسياسة الاقتلاع والإحلال والفصل العنصري، وهم قلقون لأن شبابهم يغادرون هذه المدن بعد إنهاء الخدمة في الجيش، بسب الحصول على فرص أفضل.
الفاعلون في داخل أراضي 48
1- حركة أبناء البلد
2- لجنة السلطات المحلية داخل 48
3- لجنة المتابعة العربية داخل 48
4- اللجنة القطرية لأولياء أمور الطلاب العرب
5- منتدى أعضاء البلديات في المدن الفلسطينية
6- التجمع الوطني الديمقراطي (حزب قومي عربي تأسس في 1995 من ائتلاف عدة قوى ذات توجه قومي)
7- القائمة العربية المشتركة (في الكنيست) تشكلت 2015
8- القائمة العربية الموحدة، تشكلت عام 1996
9- لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل.
10- اللجان الشعبية في المدن والقرى
11- الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني
12- حراك الحقيقة (الحراك الوطني الأرثوذوكسي المناهض لتسريب الأوقاف)
13- تنظيم كيان النسوي
طبعًا كانت كل هذه الجهات تتفاعل مع حركة الفلسطينيين في أراضي 48، خصوصًا وأن التفاعل كان كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي مثل التيك توك، الأمر الذي دفع بوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني بمطالبة شركة “تيك توك” بعدم استهداف المحتوى الفلسطيني وحقه في التعبير، وإيقاف التحريض الممنهج ضده.
التوزع الفلسطيني داخل مجالات العمل في إسرائيل
1- عدد العاملين في القطاع الصحي الإسرائيلي:
أ- 21% من الأطباء، بعدد 8140 طبيب
ب- 24% من الممرضين
ت- 50% من الصيادلة
2- 50 % نسبة العاملين في قطاع البناء
3- 50% من مجمل السائقين العموميين في قسم الحافلات والقطار الخفيف لم يأتوا إلى العمل والتزموا بالإضراب، و 4000 عربي يعملون في هذا القطاع. في بعض القرة مثل “بيت شيمش” وصل التزام الإضراب إلى 90%، الأمر الذي أدى برئيس المجلس الإقليمي إلى قوله بأنه يريد بناء منظومة رديفة من السائقين العموميين لا تعتمد على الفلسطينيين.
بنية المنتفضين الفلسطينيين من أراضي 48
• في تحليل بنية المجتمع الذي ثار مضافًا للأسباب المباشرة (ما حصل في القدس والشيخ جرّاح) فإنه منذ انتفاضة القدس والأقصى عام 2000 ظهر جيل جديد حمل معه توقعات كبيرة في ظل السياسات الاقتصادية الليبرالية في إسرائيل، وكان يبدو أن هذا الجيل قد خضع لواقعه الدوني في تراتبية المواطنة والحقوق. لم يشهد هذا الجيل القمع الذي كان في عام 2000، وراهن على الاندماج السياسي والاقتصادي في الخروج من حالة المآزق التي وصل إليها، غير أن السياسات الإسرائيلية كانت في كل مرة توصل له رسالة أنه مواطن منقوص الحقوق مهما فعل وعمل. جيل ما بعد تشرين الأول/ أكتوبر عام 2000 هو صاحب هذه الانتفاضة والذي راكم سياسات الغضب تجاه سياسات المؤسسة الإسرائيلية، وهو جيل قرر قبل عام الخروج من صمته وبدأ ينظم حراكات شبابية واحتجاجات شعبية سلمية تجاوزت القيادات الحالية. صحيح أن الحراك الشبابي كان ضد الجريمة والعنف، ولكنه كان ضد النظام في سياساته في هذا الملف، وهي سياسات تدل على جوهره، لذلك الشباب الذي شارك في هذه الهبة هو شباب كسر حاجز الخوف، كما أنه لم يعش قمع أكتوبر 2000. لذلك تحاول الحكومة إخافتهم من جديد، أي تجديد حالة الخوف والردع، وهو نفس منطق التعامل مع الانتفاضات الفلسطينية وقمعها من أجل ردعها. في مقابلةٍ مع الدكتور مهند مصطفى مدير مركز مدى الكرمل.
تحليل التهديد بلسان العدو الإسرائيلي
صرّح العديد من المسؤولين الإسرائيليين على أن ما حدث في أراضي 48 أخطر من الصواريخ التي سقطت من غزة، وأشدّ من الانتفاضة الحاصلة في الضفة، إذ تنذر التحركات التي حصلت في الأراضي الداخلية بعدّة أمور أساسية ستؤخذ بعين الاعتبار لاحقًا:
1- فشل مشروع الأسرلة الذي عمل عليه الإسرائيليون.
2- تهديد الأمن الاجتماعي في الداخل الإسرائيلي، وتأثيره على الأمن القومي الإسرائيلي.
3- هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
4- فهم فلسطيني الداخل لقدرتهم الهائلة على “إحراق الدولة” على حد تعبير بعض المعلقين الإسرائيليين، والذي قصد فيه “حرق المشروع الذي تحاول المؤسسات الإسرائيلية ترسيخه منذ سنوات القائم على مفاهيم التعايش والعيش المشترك والأسرلة”.
5- اشتداد الانقسام العامودي في الداخل الإسرائيلي الأمر الذي سيؤدي إلى اشتداد العنف في الداخل.
6- إمكانية تحويل هذا التهديد من الداخل الإسرائيلي عند أي حربٍ مع حزب الله أو غزة إلى تهديد استراتيجي خلال الحرب، عبر تهديد لطرق الإمداد العسكري والأمني واللوجستي في وقت الحرب، والذي سيوقع العدو الإسرائيلي في أزمة حقيقية خلال الحرب.
الشعارات التي استخدمت والخلفيات التي خرج على أساسها المتظاهرون
•” بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”
•”صهيوني اطلع برا، الأرض العربية حرّة”
•شعارات مناصرة للغزيّين والمقدسيين
•هتافات مطالبة بإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والمطالبة بالوحدة (تحرير فلسطين كل فلسطين، من البحر إلى النهر”
•6 نقاط طالبت بها اللجنة الشعبية في اللد، هي: “تقديم المجرمين الذين قتلوا الشهيد موسى حسونة، والكشف عن هويتهم، وطرد كل المستوطنين، وسحب السلاح من كل المستوطنين، عدم تجول أي مدني بسلاح، إخلاء المبنى البلدي فورًا وإغلاقه”.
•التنديد بحملات الاعتقالات التي حصلت، مضافًا إلى المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين فورًا.
•”أبو عبيدة معذبهم.. ليلة ليلة مرهبهم”، دحية بدوية من قبل الفنان الشعبي معين الأعسم.
•تشييع الشهيد محمد كيوان في مدينة أم الفحم، حيث وصل عشرات الآلاف من مختلف المدن والقرى الفلسطيني لتشيعيه.
سبل المواجهة من قبل العدو الإسرائيلي
•ادعاء الشاباك اعتقال مواطن عربي بشبهة الضلوع بالقاء زجاجة حارقة على بيت عائلة جنطازي الفلسطينية، الأمر الذي فسّره أحد أقرباء المشتبه على أن “الشرطة والشاباك تريدان تضليل الرأي العام، وتحويل الصراع إلى عربي-عربي”
•كل ذلك دفع الحكومة إلى الاستعانة بـ«اليد اليمنى للدولة»: عصابات «تدفيع الثمن»، و«ليهافا» و«شبيبة التلال» و«لافاميليا» وغيرها من العصابات الصهيونية والتنظيمات التي تتدرب منذ سنوات على قتل وترويع وترهيب الفلسطينيين في الضفة والقدس والأرض المحتلة عام 1948، وترتكب بحقهم أنواعاً مختلفة من الاعتداءات.
•التهديد باستخدام الجيش في الداخل الإسرائيلي، والذي حذّر منه مجموعة من الباحثين في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية من أن إقحام قوات الجيش الإسرائيلي في مهمات تطبيق القانون من شأنه وضع هذه القوات في مواجهة مباشرة مع مواطنين إسرائيليين.
•تفعيل الاستخبارات الوقائية.
•اقتحام المنازل وحملة الاعتقالات الواسعة جدًا، والتي وصلت منذ بداية أزمة الشيخ جرّاح إلى 2500 معتقل.
•تحاول القوات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن تقسّم المدن والبلدات بين الصافية والتي يقطنها الفلسطينيون، وبين المدن المختلطة فيكون التعاطي معها أصعب ومنهك للقوات الأمنية.
•توسيع صلاحيات الشرطة الإسرائيلية، وإعطاؤها إمكانية فرض حظر التجول، وإغلاق بلدات فلسطينية.
•تنظيم مجموعات يهودية مسلحة وغير مسلحة في ميليشيات، والتي تم استجلاب أغلب عناصرها من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية عبر حافلات، تحت نظر الشرطة وبحمايتها في بعض الأحيان.
•بلغ عدد القتلى الفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري حتى الآن حوالي 40 شهيد في الأراضي الداخلية.
الأساليب الفعالة التي اُتبعت من قبل الفلسطينيين
•حرق مراكز الشرطة.
•عوائق حديدية أمام سيارات الشرطة.
•إعدام عملاء عرب.
•هجوم على أحياء يهودية.
•حرق كنيس (معبد يهودي)
•تشكيل لجنة من المحامين والحقوقيين للدفاع عن المعتقلين والأسرى في السجون الإسرائيلية.
•انشقاق بعض الأفراد العرب من الخدمة العسكرية والمدنية.
•أفادت معطيات نشرتها مصلحة التشغيل الإسرائيلية أمس، الثلاثاء، بأن مدينة أم الفحم تتصدر المدن التي يزيد عدد سكانها عن 40 ألف نسمة والمنكوبة بالبطالة بنسبة 24.4%، وتليها مدينة الناصرة بنسبة 24.3%، ورهط 19.9% وعكا 19%..
•يقدر مضر يونس، رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، بأن أكثر من نصف المجتمع العربي في إسرائيل كان قد شارك في الإضراب. هذه النسبة العالية جدا وغير المسبوقة كانت قد فاجأت السلطات الإسرائيلية. حسب اتحاد المقاولين الإسرائيلي، فإن عشرات من العمال فقط كانوا قد حضروا إلى أماكن العمل الأمر الذي تسبب في خسائر تقدر بحوالي 130 مليون شيكل (40 مليون دولار تقريبًا) في يوم الإضراب لوحده.
•التظاهرات التي حصلت، والتي جوبهت بقسوةٍ شديدة من قبل الشرطة، وقوات حرس الحدود.
•عملية إحراق السيارات وتخريب الممتلكات التي حصلت في اللد والتي هزّت الكيان الإسرائيلي وأجبرت نتنياهو على زيارتها بعد أيام من اندلاع المواجهات.
مركز دراسات غرب آسيا