“خلال 20 عامًا، أخشى أننا ما زلنا لم نفهم ما حدث في 11 سبتمبر/أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن، وأننا ما زلنا، بشكل جماعي، لم نتوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة”.
هكذا بدأ الكاتب غوي سورمان مقالا له بمجلة لوبوان Le Point الفرنسية، موضحا أن هذا هو ما يراه ويظل قابلا للنقاش.
ولفت الكاتب إلى أن ما أصبح متعارفا عليه هو أن زعيم تنظيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن أراد من تلك الهجمات شن حرب إسلامية على الغرب، ومنذ ذلك الحين، على ما يبدو، لم تتوقف هذه الحرب، وفقا للكاتب.
وردا على ذلك الهجوم، يقول الكاتب، اقترحت بعض الأصوات المنعزلة قبل 20 عاماً اللجوء لعملية ضخمة للشرطة بدلاً من عملية عسكرية، والقضاء ليس على الإسلام أو الإسلام السياسي، بل فقط الجماعات الإرهابية.
وشدد على أن مثل ذلك الرد كان من الممكن أن يمثل الرد الذكي، الذي كان سيحظى بدعم العالم الإسلامي، وكان سيتجنب العالم الخلط بين الإرهاب والإسلاموية والإسلام والمسلمين.
ولسوء الحظ، يقول الكاتب، اعتمد الرئيس الأميركي في ذلك الوقت وخلفاؤه من بعده -جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب- إستراتيجية القوة، منذ البداية، وذلك بدعم من حلف شمال الأطلسي، وكان الهدف هو إعادة تصميم الدول الإسلامية لتتماشى مع النموذج الليبرالي والنظام الديمقراطي للحلف.
وهكذا تسبب هجوم 11 سبتمبر، إضافة إلى ضحاياه المباشرين، منذ ذلك الحين، في مقتل الآلاف من المدنيين والجنود في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والنيجر وبوركينا فاسو ومالي، دون نتيجة إيجابية، حيث لم تصبح أي من هذه البلدان ديمقراطية ليبرالية، ولم يتم القضاء على ما يسمى بالإرهاب “الإسلامي”، على حد قول الكاتب.
ولفهم الخطأ الجماعي، يقول الكاتب، لا بد أن نقر بأن الغرب هو الذي دعم ولا يزال يدعم معظم الطغاة الأشرار والفاسدين في العالم الإسلامي، لكن بدلاً من النظر في هذه المسألة وتصحيح ذلك المسار، قرر القادة الغربيون الخلط بين الإرهاب والإسلاموية والإسلام والمسلمين، واعتبروا أن ما يجري هو حرب حضارات، وقد تبعهم في ذلك الرأي العام في بلدانهم.
ويضيف الكاتب أن هذا الخلط ما زال يؤثر على المجتمعات الغربية، وهو ما يعكس موقفها من هجرة المسلمين وتزايد العنصرية داخلها، الأمر الذي يمكن وصفه، حسب الكاتب، بـ”حرب حضارات باردة محلية”.
وأشاد الكاتب بقرار واشنطن مغادرة أفغانستان بعد 20 عاما من الاحتلال غير الضروري، معتبرا ذلك “بلا شك أذكى قرار اتخذته حكومة غربية منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001، لكن من المستحسن تعميق التحليل للتخلص تدريجيا من أسطورة حرب الحضارات”.
وحذر الكاتب من أن طريق الغرب لاعتماد إستراتيجية المعرفة بدلاً من إستراتيجية الحملة الصليبية لا يزال طويلا، إذ لا يبذل الغربيون أي جهد للتعرف على جيرانهم المسلمين، حتى المواطنين منهم، كما أن الحكومات الغربية تفضل دعم الدكتاتوريين الذين تعرفهم جيدًا بدلاً من الاستماع إلى الحركات التي تدعي أنها تحمل إسلاما ديمقراطيا ومعتدلا.
وحذر الكاتب في ختام مقاله من أن السياسات الخاطئة ستأتي بالمزيد من أمثال بن لادن، قائلا “كي نحمي أنفسنا ونحمي المسلمين، لا توجد طريقة أخرى أمثل من التحدث مع بعضنا البعض، والتعرف على بعضنا البعض، ستكون هذه هي الطريقة الذكية لمحاربة عدونا المشترك، بن لادن السابق وخلفائه”.
لوبوان