“طرح وزير الخارجية الأردني لطلبه في هذه المرحلة (لن يكون له أي ترجمة فعلية سوى إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة، بأن الدول العربية لم تعد قادرة على تحمل مواصلة إسرائيل حربها على الفلسطينيين واللبنانيين). وأن الأردن ربما يطمح إلى (اتخاذ قرار بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وهو واحد من الإجراءات التي تتخذ عادة تحت الفصل السابع)”.
تحت هذا العنوان أعدت “منار حافظ” تقريراً إخبارياً من العاصمة الأردنية عمّان نشرته “بي بي سي”البريطانية يوم 26/10 الجاري ، بدأته: “(رفع الحصانة عن إسرائيل)، تصريح أطلقه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بعد عام من حرب غزة، يطالب فيه مجلس الأمن الدولي بتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. يأتي هذا المطلب بعد أن فشلت حتى الآن كل جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ومقتل ما لا يقل عن 42 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة ما يقارب مئة ألف آخرين، وفق الإحصائيات الرسمية في غزة. وتقول إسرائيل إنها مستمرة في حربها التي وسعتها إلى لبنان، رداً على مقتل نحو 1200 شخص في هجوم حماس على إسرائيل واحتجزت الحركة في حينها 251 إسرائيلياً في قطاع غزة. الصفدي عبر حسابه الموثق على منصة إكس، قال إن إسرائيل لن تتوقف (عن جرائمها الحربية في غزة والضفة الغربية ولبنان ما لم تتم محاسبة نتنياهو ووزراءه المتطرفين… يجب سن الفصل السابع لإجبار إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي وإنهاء جميع حروبها غير القانونية على الفور). ويقصد الصفدي، الفصل السابع الوارد في ميثاق الأمم المتحدة الذي يتألف من 19 فصلاً. وصدر ميثاق الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السادس والعشرين من شهر حزيران/يونيو عام 1945، إثر الحرب العالمية الثانية، وأصبح نافذاً في الرابع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر من ذات العام”.
لماذا الفصل السابع؟
“يختص الفصل السابع بحفظ السلم والأمن الدولي، ويقرر بموجبه مجلس الأمن (ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان). يتألف الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة من 13 مادة، تبدأ من المادة 39 وتنتهي بالمادة 51 من مواد الميثاق. وعنوان الفصل أنه متعلق (فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان). يقول الخبير في القانون الدولي بول ستيفان لـ بي بي سي، إن تطبيق الفصل السابع يكون (عبر اتخاذ مجلس الأمن الدولي قراراً بشأن إحدى القضايا، والتصويت على الإجراء… ويتناول الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة التهديدات للسلام وكذلك العدوان ويمنح مجلس الأمن السلطة لاتخاذ الإجراءات اللازمة). وبحسب ما يشرح الخبير في القانون الدولي أنيس القاسم فإن اتخاذ مجلس الأمن لقرار بموجب الفصل السابع يعني ذلك أن على كل دول العالم أن تلتزم بتنفيذه. وبإمكان مجلس الأمن اتخاذ تدابير اقتصادية وعسكرية ضد الجهات التي تخضع لقرار بموجب الفصل السابع، بعد أن يقرر (ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان)، وفق المادة 39. وتقول المادة 41 الواردة في الفصل السابع (لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية). لكن في حال رأى مجلس الأمن أن (التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه…)، وفق ما ورد في المادة 42”.
هل يمكن فرض الفصل السابع على إسرائيل؟
“(هناك استحالة في تطبيق الفصل السابع على إسرائيل)، تقول الصحفية المعتمدة في الأمم المتحدة دينا أبي صعب. وتشرح أبي صعب لـ بي بي سي بأنه رغم أن الفصل السابع يجيز استخدام القوة لتطبيق القرارات الدولية بموافقة مجلس الأمن ( لكن ذلك ليس بالمتناول، نظراً للمواقف الصريحة لمعظم الأعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن [فيما يتعلق بالصراع]..). وترى أن طرح وزير الخارجية الأردني لطلبه في هذه المرحلة (لن يكون له أي ترجمة فعلية سوى إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة، بأن الدول العربية لم تعد قادرة على تحمل مواصلة إسرائيل حربها على الفلسطينيين واللبنانيين). وتضيف أن الأردن ربما يطمح من خلال مطالبته إلى (اتخاذ قرار بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وهو واحد من الإجراءات التي تتخذ عادة تحت الفصل السابع). ويشار إلى أن مطلب الوزير الأردني ليس الأول من نوعه، إذ دعت جامعة الدول العربية في نيسان/إبريل الماضي مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار تحت بند الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية. ويلفت الخبير في القانون الدولي ستيفان إلى أن مجلس الأمن منخرط بالفعل بما يجري في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأيضاً بين إسرائيل ولبنان، وهناك عدة قرارات صدرت بموجب ميثاق الأمم المتحدة، لكن طلب الوزير الصفدي قد يكون في إطار (الأجواء السياسية المهمة أيضاً في مسائل العلاقات الدولية). ويضيف أيضاً أنه يمكن لأي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، الصين، روسيا) استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي إجراء مقترح. يفيد القاسم الخبير في القانون الدولي في حديثه لـ بي بي سي بأن هناك اتفاقاً غير مكتوب بين الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بأن (لا يمارس أي منهم سلطته ضد القضايا المتعلقة بالمشاكل الخطيرة وقضايا حقوق الإنسان)، لكن ذلك لا يعني أنه لا يمكن استخدام الفيتو. وبحسب أبي صعب فإن صعوبة اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تكمن في مسألة (تحميل كلا الطرفين، حماس وإسرائيل، مسؤولية النزاع، مما قد يؤدي إلى جدل سياسي واسع ويشكل عقبة بإمكانية استخدام حق الفيتو من قبل واحدة أو أكثر من الدول). وتقول (هناك العديد من المحطات التي ناقش فيها مجلس الأمن الدولي الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، ولم يُطرح تفعيل الفصل السابع بشكل مطلق. أما القرارات التي كانت تصدر فلم تُطبقها إسرائيل، بغض طرف دائم من الدول الغربية ولاسيما الولايات المتحدة)”.
أمثلة على اللجوء للفصل السابع
“من بين أبرز المرات التي فُعل فيها الفصل السابع عند تطبيقه على العراق على خلفية غزو الكويت عام 1990 وبموجبه دفع العراق تعويضات مالية بلغت 52.4 مليار دولار أمريكي للمتضررين، ورفع في عام 2022 بإجماع من مجلس الأمن الدولي، تلفت أبي صعب. ويقول القاسم إن (القرار ألزم العراق حينها بتأسيس صندوق لتعويض كل المتضررين، وخصم 30 في المئة من عائداته النفطية لصالح الصندوق). طبق الفصل السابع أيضاً على ليبيا عبر القرار 1973 وسمح بتدخل الناتو عام 2011 خلال أحداث ما عرف بثورات الربيع العربي وأدت إلى إسقاط الرئيس الليبي حينها معمر القذافي. وتدخل مجلس الأمن بعد غزو كوريا الشمالية لجمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) في 25 حزيران/ يونيو 1950. وذكرت الأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، أن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، أنشأ المحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، مستخدماً سلطته بموجب الفصل السابع. تقول الأمم المتحدة في ميثاقها (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، أن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد…وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي”.
ماتريوشكا نيوز