تمهيد
تحاول هذه الدراسة رسم معالم مصر وتموضعها على الخريطة الجيوسياسية العالمية بين أميركا ومحور المقاومة .. وتحاول استكشاف دوافع وديناميات العلاقات المصرية – الأميركية، وتأثيرها على هوية الدولة وطريقة تعاطيها مع مهددات الأمن القومي المصري، وتأثيرها على سياستها الخارجية والداخلية من خلال:
سرد موجز تاريخي مختصر يحكي كيف تحولت حركة “الضباط الأحرار” من حركة ثورية في المعسكر الشرقي صنعت ودعمت حركات التحرر في إفريقيا، وصولًا إلى “النظام الحالي”.
وكيف ترى الولايات المتحدة مصر اليوم؟
وكيف يرى النظام المصري التحديات الإقليمية ومهددات الأمن القومي للبلاد؟
وكيف صاغ النظام المصري سياسته الخارجية وعلاقاته مع القوى الإقليمية؟
وكيف أثر هذا التموضع الجيواستراتيجي على البنية الاجتماعية وعلى العلاقة بين الحاكمين والمحكومين؟
وكيف رأى علماء نفس الاجتماع وعلماء تاريخ الاجتماع أبعاد الشخصية المصرية؟
وما هي التوقعات منها في ظل الظروف الحالية الاقتصادية والسياسية؟
وكيف ستكون استجابتها للسيناريوهات المفترضة (حدوث حرب عالمية – التقارب الإيراني – انهيار النظام المصري ..)؟
وما هي القوى الاجتماعية المؤثرة في الشارع المصري؟ وما هو حجمها الحقيقي وطريقة اتصالها بالجماهير وقوة تأثيرها؟ ومدى قربها أو بعدها من محور المقاومة ودوافعها نحو ذلك؟
والسؤال الأهم .. متى وكيف قد تتحرر مصر؟
الفهرس
مصر في الفلك الأميركي .. مناورات الاقتراب والتشبيك.. 2
التهديدات المسلحة الإرهابية. 7
التهديدات الأمنية الاجتماعية – ثورة المعارضة. 8
ميراث البنية الاجتماعية الاشتراكية. 8
استنفاد أوراق القوة وفقدان الدور الوظيفي.. 9
التصورات الأميركية عن النظام المصري.. 12
تصورات النظام المصري عن نفسه. 17
مرتكزات علاقات النظام المصري مع القوى العالمية والإقليمية. 19
العلاقات المصرية – الأميركية. 19
العلاقات المصرية – “الإسرائيلية”. 22
العلاقات المصرية – الروسية. 22
العلاقات المصرية – الخليجية. 23
العلاقات المصرية – البريطانية. 24
العلاقات المصرية – الفرنسية. 24
العلاقات المصرية – التركية. 25
العلاقات المصرية – الصينية. 26
العلاقات المصرية – الإيرانية. 27
العلاقات المصرية – الفلسطينية. 29
سياسة مصر تجاه دول القرن الإفريقي.. 31
سياسة مصر تجاه سوريا والعراق.. 31
الأولى: الاعتماد في حكم البلاد على فرض النظام بالقوة الأمنية. 32
الثانية: أن القوة تبحث عن المزيد من القوة. 32
الثالثة: استصفاء نخبة للحكم واستضعاف طائفة أخرى.. 32
الرابعة: التحكم بمركزية شديدة في الموارد الطبيعية. 33
العلاقة الملتبسة مع السلطة. 35
التكيف السريع والقدرة على التلون مع الموقف ونقيضه. 35
المبالغة في تأكيد الذات والإلحاح على إظهار قدرة فائقة. 36
من ليس معنا.. التأثير المملوكي.. 38
ضعف القدرة على العمل الجماعي… 38
تفادي الخطر والبعد عن المشاكل. 39
الكنيسة الكاثوليكية المصرية. 42
موجز تاريخي
ظهرت الأهمية الجیوستراتیجية للشرق الأوسط في العقل الأميركي في تصريح أدلى به (الفريد ماهان – Alfred Mahan)[1] يقول: “إن الشرق الأوسط سواء كمفهوم استراتيجي أم كموقع على الحدود الجنوبية للبحر المتوسط وآسیا هو مسرح مواجهة استراتيجية بین القوى المتصارعة التي تسعى للهيمنة على المجالات الجيوسياسية في الإقليم.”[2]، ثم ازداد الاهتمام الأميركي بالمنطقة عامة ومصر بصفة خاصة مع بداية تدني النفوذ البريطاني العالمي، عندها بدأ التوجه الأميركي لاستخدام مصر كقوة يمكن تبادل المصالح معها بعد ثورة يوليو 1952 وظهور الدور البارز القيادي لمصر في المنطقة بفضل ذياع خطاب “القومية العربية”، فأعلنت أميركا تأييدها لثورة يوليو ورفضها التدخل الأجنبي لحماية المَلَكية وتبرعت بمبلغ 100 ألف دولار لصالح الثورة، عن ذلك كتب (مايلز كوبلاند – Miles Copeland Jr.)[3] في مذكراته: “أن واشنطن كانت في غاية السعادة بحركة الجيش”، وتدريجيًّا زادت المساعدات والقروض الاقتصادية والتنموية لمصر كجزء من “خطة مارشال” التي تقوم في الظاهر على تقديم المساعدات من أجل الأمن والاستقرار وتطبيق مبادئ الديمقراطية والقيم الأميركية؛ ووراءها هدف أكبر هو تأطير مصر كقوة حليفة للولايات المتحدة في منطقة “الشرق الأوسط” الحيوية[4].
لم تستمر العلاقة الإيجابية طويلًا، وبالرغم من أن المواقف الأميركية اتسمت بالاعتدال في أول نزاع لمصر مع “الكيان المؤقت” في حرب عام 1956، لكن ذلك كان بالتوازي مع سعي الولايات المتحدة لتحجيم الدور المصري واحتوائه[5]، حتى اضطرت الولايات المتحدة في 1960 إلى الانحياز الكامل لـ “إسرائيل” حتى لو أدى ذلك إلى توتر العلاقة بين البلدين بسبب ممانعة مصر توظيف دورها النشط وإمكانيات قوتها الناعمة في تغيير موقف العرب في المنطقة تجاه “إسرائيل”، ثم كانت ذروة الخلاف المصري – الأميركي عندما سعت مصر للحصول على صفقات سلاح من الاتحاد السوفيتي وإعلان (عبد الناصر) عدم الامتثال لإرادة الولايات المتحدة في الاعتراف بـ “إسرائيل”، ثم تعمق الخلاف بسبب مساعدة الولايات المتحدة لـ “إسرائيل” في حرب 1967، وخلال هذه الفترة زاد التقارب السوفيتي – المصري الذي ساعد مصر لاحقًا في حرب الاستنزاف من 1969-1970، ومَدَّها بالسلاح والمدفعيات ضد “إسرائيل”، إلا أنه مع رحيل (عبد الناصر) ومجيء (السادات) بدأت الفجوة تتسع بين موسكو والقاهرة؛ لإدراك الأخيرة أن الدعم الروسي سيظل دائمًا أقل من المطلوب[6].
بعد وفاة (جمال عبد الناصر) وفي الفترة من (0197 – 2008): حدث التحول التام في العلاقة الأميركية – المصرية وتوجهها غربًا، ففي أواخر 1970 بدأ (السادات) يعبر عن موقف مصر “الحيادي من أجل دعم السلام” في ظل النزاع بين القوتين العظميتين (الحرب الباردة)، حتى عام 1972 حين حدث التحول الكبير عندما طرد (السادات) الخبراء السوفييت وقام بتأميم المنشئات السوفيتية – المصرية. وبعد انتهاء حرب تشرين/أكتوبر 1973 أعلن (السادات) التوجه الاستراتيجي الجديد لمصر نحو الولايات المتحدة من خلال إعلانه في خطاب أمام مجلس الشعب المصري مبدأ: “أن 99% من أوراق اللعبة بيد أميركا”[7].
مثّلت فترة التسعينيات ذروة المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر، ما أثر جذريًّا على طبيعة الدور المصري في الإقليم حتى أصبح الدور الأميركي في المنطقة غالباً ما يلعب بواجهة مصرية، وهي الاستراتيجية التي كان النظام المصري يتبناها، بحسب نص أحد البرقيات الدبلوماسية المسربة من السفارة الأميركية بالقاهرة عبر موقع ويكيليكس:
“Egypt seeks to be the ‘go to’ Arab ally for Western powers, and at the same time be appreciated in the eyes of the Arab public as defending Arab interests against post-colonial foreign domination.”[8]
“تبحث مصر عن لعب دور ’الوكيل‘ عن القوى الغربية في التواصل مع العرب، وفي نفس الوقت أن يتعاطى معها العرب كمدافع عن مصالحهم ضد ارث قوى الاستعمار.” .. وتحمل البرقية تفاصيل مؤسفة حول كيف يحاول النظام المصري ويستمر في الفشل في المهام المنوطة به في السيطرة على “الجدالات” المختلفة، حول السودان وفلسطين والتطبيع والعراق .. إلا أنه كان في التقييم الإجمالي “مفيدًا” للولايات المتحدة، ومن أمثلة ذلك التأثير على موقف الدول العربية من مهاجمة العراق في حرب 1991م.
وعلى الرغم من أن المساعدات كان يتم تسويقها كمساهمة في حل المشكلات الاقتصادية المصرية بعد الحرب إلا أنها كأداة كانت ناجحة في صياغة علاقة تبعية الاقتصاد المصري للمساعدات الأميركية، وتدريجيًّا أصبحت المعونة الأميركية أداة ضاغطة على التوجهات المصرية عندما لا تمتثل لآراء الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن برزت أهمية الحليف المصري لأميركا فترة التسعينات في مناسبات:
- ضخ أعداد بشرية هامة من إسلاميين مصريين في حرب أفغانستان تحت رعاية النظامين المصري والسعودي للمساعدة في الدعم الأميركي المقدم للمجاهدين في أفغانستان ضد الغزو السوفييتي.
- المشاركة في التحالف الأميركي لصد الغزو العراقي للكويت بمشاركة قوات مصرية برية .. وحسب خبراء كان للتعاون العسكري والتدريبات العسكرية المشتركة بين البلدين وخاصة مناورات ”النجم الساطع” و”كوبرا الحديدية” وتدرب القوات الأميركية على الحرب في أجواء الصحراء المصرية دور في انتصار الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية1991[9]، ثم كانت الوظيفة الأهم لتواجد “القوات المصرية” هي تطبيع الوجود العسكري الأميركي في الجزيرة العربية لإكساب القوات الأجنبية شرعية “إسلامية” من خلال مشاركة قوات عربية وإسلامية. الذي مهّد لاحقًا لاستيطان القواعد الأميركية في الجزيرة العربية.
- عدم معارضة مصر الحصار العسكري الأميركي والأطلسي على يوغوسلافيا وعدم التدخل أو السماح لأي قوة دولية بالتدخل لحماية (أو تسليح) مسلمي البوسنة[10]، فبعد أن منعت القوات الغربية المحاصِرة وزير الخارجية الإيراني من دخول البوسنة في ٢٧ أكتوبر ١٩٩٢ كإعلان صريح بعدم قبولها التدخل المباشر في الصراع، طالبت مصر في ديسمبر ١٩٩٢ من خلال “المؤتمر الإسلامي” بإعادة بحث مسألة التدخل العسكري في أروقة المؤسسات الأممية بحثًا عن “الشرعية الدولية” .. وبعد عدة أعوام من “الدراسة” و “التقييم” و “المفاوضات” انتهت الدول الغربية إلى معارضة التدخل العسكري، الذي أدى بالنهاية إلى حدوث المجازر المروعة بحق مسلمي البوسنة والكروات.
مصر في الفلك الأميركي .. مناورات الاقتراب والتشبيك
عقب حرب الخليج الثانية ومع انفراط عقد النظام الإقليمي العربي عام 1991 ازدادت أهمية مصر بالنسبة للاستراتيجية الأميركية على مختلف الصعد، وبالدرجة الأولى الجانب الأمني، يذكر (ديك تشيني – Dick Cheney)[11] في 03/06/1991 في تصريح: “من المهم أن تلعب مصر دورًا رئيسيًّا بالنسبة لقضايا الأمن بصفة عامة في نطاق الشرق الأوسط.”[12]، والهدف من هذا الدور كان يرتكز على:
- أداء مصر مهمة مكافحة العناصر المناوئة للوجود الأميركي بكل كفاءة، بذريعة حماية المنطقة من الإرهاب[13].
- محاولة إحلال “السلام” مع “إسرائيل” بعد زج أغلب بلدان العالم العربي إلى مؤتمر مدريد “للسلام” العربي الإسرائيلي في 23/10/1991 ولاحقًا إعادة هندسة المنطقة وفقًا للرؤية الأميركية[14].
- ثم قدمت مصر نفسها كمنظومة فكرية علمانية قادرة على مكافحة المد الأصولي الذي بدأ يستشري مع بداية القرن الميلادي الجديد[15]، خاصة مع (أحداث العشرية السوداء في الجزائر – تمرد الإخوان المسلمين في حماة سوريا).
تضاعفت أهمية مصر في الإقليم في الرؤية الأميركية[16] بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م[17] وتصاعد خطر الإسلام السياسي، فطورت بعدها الولايات المتحدة نظرتها للدور المصري كأداة هامة لتحقيق عدة مصالح استراتيجية (سيما أمنية وعسكرية) في المنطقة[18]، وتتمثل هذه المصالح كما ذكرتها العديد من الأبحاث التابعة للكونجرس[19] كالتالي:
- استمرار تدفق البترول من الشرق الأوسط إلى العالم المتقدم وبأسعار معتدلة.
- تحقيق السلام بين مصر و “إسرائيل” بما يعزز الاستقرار في المنطقة وإدماج الاقتصاد “الإسرائيلي” ضمن اقتصاد المنطقة من خلال مشروع السوق الشرق أوسطية (معاهدة الكويز).
- ضمان أمن المصالح التجارية والاستثمارات الأميركية في المنطقة وأهمها تأمين مرور السفن التجارية الأميركية في الممرات الإستراتيجية خاصة مضيق باب المندب وقناة السويس.
- الاستفادة من دور مصر القيادي وقوتها الناعمة؛ حيث تجلى ذلك في حذو الدول العربية حذا مصر فترة الستينات في الاتجاه نحو الاتحاد السوفيتي من أجل تطبيق برامج الاصلاح زراعي وتأميم المصالح الأجنبية.
- الاستفادة من صوت مصر “المعتدل” في المنظمات والمجالس الإقليمية وبالتالي استخدام مصر لإقناع الدول العربية والفصائل المسلحة لتطبيق “حلول وسط” وقبول مبادرات “السلام”.
- دفع الدول العربية غير الحليفة نحو علاقات طيبة مع الولايات المتحدة الأميركية (مثال: ليبيا القذافي – سودان عمر البشير).
- تعزيز مبيعات السلاح الأميركي للدول العربية حيث أن مصر تتميز بأنها صاحبة المبادأة في امتلاك السلاح النوعي الجديد ثم تتبعها دول أخرى.
ثم مرت العلاقات المصرية – الأميركية بفترة أخرى من التوتر مع فترة رئاسة (جورج بوش الابن) بسبب رفض مصر التدخل الأميركي في العراق، على إثرها خفض الكونجرس الأميركي المعونة الاقتصادية لمصر2003، وعلى الرغم من ارتفاع مستوى من التوتر بين البلدين إلا أنه لم يصل لدرجة التصادم، بل طالما كان يحدث احتواء واستيعاب للتباينات في وجهات النظر مع وجود مصالح مشتركة متشابكة بينهما، فالمعونة الأميركية في ظاهرها ثمن مقابل التطبيع وضمان حياد الجيش المصري وعدم تهديد الكيان المؤقت، إلا أنها في الحقيقة كان لها تأثير في التغيير الجذري في عقيدة تسليح الجيش من المعدات الشرقية إلى المعدات الغربية وما صاحب ذلك من تكاليف مضاعفة في التدريب والصيانة والتحديث الدوري.
ركائز الأمن القومي المصري
لم يصدر من النظام المصري وثيقة معلنة توضح استراتيجيته للأمن القومي، لذلك، فإن محاولة تحديد معالم استراتيجية الأمن القومي الحالية ستعتمد على تصريحات الرئيس (السيسي) نفسه في هذا الشأن وقراراته الجمهورية، إضافة إلى الأبحاث والدراسات من الجامعات ومراكز التفكر الأجنبية، فضلا عن سياسات النظام على المستويين الداخلي والخارجي؛ لرصد التحديات[20] التي تواجه الأمن القومي المصري عبر دوائره الثلاثة الداخلية والإقليمية والدولية.
مهددات الأمن القومي المصري
التهديد الاقتصادي
يمثل الأداء الاقتصادي الضعيف أكبر تهديد لاستقرار مصر خلال السنوات القليلة القادمة، وذلك وفقًا لتقييم أَجرتهُ مجموعة الأزمات الدولية (ICG) في عام 2017[21]. حيث تبلغ نسبة البطالة 31.3% بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما وفقاً لمنظمة العمل الدولية[22]. كما يوجد تفاوت ضخم في توزيع الدخل، حيث حاز أغنى 1% من الشعب في عام 2014 ما بلغت نسبته 48.5% من الثروة مقارنةً بنسبة 32.3% في عام 2000، وهو ما يجعل مصر تحتل المرتبة الثامنة عالميًا من حيث سوء توزيع الثروة[23].
الزيادة في معدل النمو تترافق مع زيادة في معدلات الفقر والبطالة |
كذلك، أدى تبني النظام خططًا للإصلاح الاقتصادي تعتمد على خفض الإنفاق العام عبر رفع الدعم الحكومي المقدم للمواطنين تدريجياً بنسب تصل إلى 100% في الوقود والغاز والكهرباء والمياه بالتوازي مع زيادة الضرائب، والاقتراض من صندوق النقد الدولي، وجمع الأموال من أسواق الديون الدولية، وتعويم سعر صرف العملة المحلية، جميع ذلك أدى إلى فقدان الجنيه المصري أكثر من 75% قيمته في الفترة من 2013 حتى 2023، فضلًا عن حدوث تضخم حاد في أسعار السلع الأساسية مما ألقى بأعباء متزايدة على كاهل الطبقة المتوسطة وما دونها.
كما تراجع دخل قناة السويس رغم مشروع توسعتها الذي استنزف قرابة 8.5 مليار دولار[24]، والذي جرى تنفيذه لأهداف سياسية دون مراعاة الجدوى الاقتصادية المرجوة منه، وهو ما عبر عنه الرئيس (السيسي) قائلا: “عملناها في سنة كي نعطي الناس شعوراً بالأمل”[25]. وكذلك يمثل توسع الجيش في المشاريع الاقتصادية عقبة أمام القطاع الخاص الذي لا يستطيع منافسة شركات القوات المسلحة سواء من حيث الامتيازات أو من حيث انخفاض تكاليف التشغيل (للمزيد عن “اقتصاد الجيش” وتأثيره على “سياسة الجيش”، راجع: دراسات (يزيد الصايغ) المذكورة في قائمة المراجع المقترحة آخر التقرير).
أداء مصر ضمن المؤشرات الاقتصادية العالمية |
أرجع باحثون سبب الازمات الاقتصادية إلى ارتهان الاقتصاد المصري في الاقتصاد العولمي ضمن عملية هندسة اقتصادية وسياسات طويلة لتشبيكه قسرًا مع المنظومة الرأسمالية العالمية، مع وجود أسباب داخلية تعيق الاستثمار (الخارجي والداخلي) منها:
- معوقات المشاريع الصغيرة
- انتشار الفساد الإداري وضعف الجهاز الرقابي (مصر تقييمها 28/100 في مستوى مكافحة الفساد).
- منظومة ضرائب غير عادلة تعاني من ضعف في العمالة والتحصيل فتفرض الضرائب بشكل جزافي.
- قوانين عمل قديمة ومتخلفة يشعر المستثمر أنها لجباية الأموال بدون مردود حقيقي على العمالة.
- معوقات المشاريع المتوسطة
- انخفاض مستوى التعليم وتشوه هيكل التعليم المهني يجعل من الصعب التوسع في الاستثمار صناعي بسبب حاجته إلى العمالة الماهرة المدربة.
- ضعف منظومة القضاء بحيث أن متوسط نظر قضايا أمام المحاكم المصرية يتراوح من 3 إلى 5 سنوات وفي بعض الأحوال تصل إلى 10 سنوات. وحتى مع تشريع قانون لإنشاء المحاكم الاقتصادية الخاصة للنظر في قضايا الاستثمار والقضايا ذات الطابع المالي إلا أنه قضى على أقل من نصف المشكلة، أولا: من حيث أن القضايا المرفوعة من المستثمرين معظمها غير ذات طابع مالي بالضرورة، وثانيا: أن النزاعات مع الدولة غالبا تنتهي لغير صالح المستثمر، وثالثا: أن القوانين واللوائح التنفيذية المصرية مبهمة وقابلة للتأويل، ورابعًا: فتح باب للفساد بدعوى حفظ الأمن القومي وهو اشتراط حصول المستثمر على “موافقة أمنيّة” والتي غالبًا لا يكون لها أي محددات واضحة للمنح أو المنع[26].
- معوقات المشاريع الكبيرة
- المنافسة غير المتكافئة مثل إغلاق الاستثمار في قطاعات على جهات وأفراد محددين (الدولة أو أشخاص محسوبين على الدولة).
- ضعف بنية الاقتصاد (عدم استقرار سعر الصرف والتفاوت الكبير بين السعر في السوق السوداء والسعر الرسمي ‘سعر البنك‘.).
التهديد البيئي
وهو تهديد ناتج عن التغير المناخي والذي نتج عن زيادة انبعاثات الغازات من المواد المسببة لاستنفاد طبقة الأوزون، ووفقاً لتقديرات البنك الدولي فان التردي/الانهيار البيئي الناتج عن تلوث الهواء يكلف مصر حوالي 5 % من الناتج القومي سنويًّا، كما يؤثر بشكل كبير على البيئة والكائنات الحية وعلى صحة الانسان، فيؤدي الى امراض القلب والربو وتدمير الجهاز التنفسي، كما يعمل على تدمير المحاصيل الزراعية والحيوانات التي تتغذّى عليها، إضافة إلى تلويث المسطحات المائية، الأمر الذي يُلحق الضرر بالكائنات الحية على مختلف أنواعها، ويؤثر سلباً على صحة القوى العاملة وتلوث المحاصيل الزراعية، وهذا التهديد سلسلة ممتدة تؤثر بالدولة وافرادها مما يهدد أمنها واستقرارها.
كذلك، فمن المتوقع أن تشمل تأثيرات تغير المناخ الارتفاع في درجات الحرارة، والتغير في أنماط المطر، وارتفاع مستويات البحر ما سيولد تهديدات خطيرة وبالأخص على القطاع الزراعي في دلتا النيل. حيث يُتوقع أن يسفر ذلك عن انخفاض الإنتاج الزراعي والغذائي مما سيؤثر سلبيا على معدلات الفقر ويدفع لمزيد من الاضطراب الاجتماعي. وكذلك يتوقع أن يترك التغير المناخي تأثيراته على تدفق السياح.
التهديدات الاجتماعية
أولها التهديد الديموغرافي في بعده المرتبط بتركيبة السكان، فعدد سكان مصر في عام 2020 ناهز 100 مليون شخصًا تبلغ نسبة من هم تحت الثلاثين عامًا منهم 60%، بينما تبلغ نسبة من هم تحت 14 عاما 33%. وهو ما يمثل ضغطاً سكانياً كبيراً على مساحة 8% التي يتركز عليها السكان في الأراضي المصرية. وهذا جعل مصر تحتل المركز الرابع عشر عالميًّا على سلم الكثافة السكانية في حالة قسمة عدد السكان على مساحة الأراضي المأهولة[27]، البعد الثاني للتحدي الديموغرافي هو الزيادة العددية السكان، فبالرغم من أن توافر المورد البشري عنصر أساسي لتقدم أي دولة، إلا أنه مع انخفاض مستوى التعليم ونقص الرعاية الصحية قد تكون هذه الموارد البشرية عبئاً على الدولة وذلك في حالة زيادة عدد السكان بدرجة تفوق حجم الموارد المتاحة، فضلاً عن تعرض الأراضي الزراعية الخصبة والصالحة للزراعة إلى ضغوط من أجل انتاج كميات متزايدة من الغذاء والحبوب، مما يفاقم من أزمة شح المياه. وكذلك يزداد الطلب على الوظائف في سوق العمل بمعدل يتجاوز قدرة القطاعين العام والخاص على الوفاء به.
التهديد الاجتماعي الثاني هو التعليم الذي يعاني من التدهور حتى وصل إلى الترتيب 139 ضمن 140 دولة، حيث يتناقص الإنفاق الحكومي على البرامج التعليمية في ظل تضاعف عدد السكان. فوفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء انخفضت النسبة المئوية المخصصة من ميزانية الحكومة المصرية للتعليم ما قبل الجامعي من 11.9% إلى 7.4% خلال الفترة الممتدة من عام 2004 إلى عام 2017. وبالمثل فإن النسبة المئوية المخصصة لميزانية التعليم الجامعي انخفضت من 3.5% إلى 2.3%. في نفس السياق أظهر تقريرٌ صادر عن الأمم المتحدة عن الأهداف الإنمائية للألفية لعام 2015 أن 35% من الأطفال المصريين في المدرسة لا يعرفون كيفية القراءة أو الكتابة[28]. ويواكب ذلك زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم الجامعي على حساب الملتحقين بالتعليم المهني والحِرَفِي بالتوازي مع ندرة الوظائف ما أوجد مفارقةً تتمثل في أن الشباب المصري الأكثر تعليماً يكون عادة هو العاطل عن العمل. ويعاني الصعيد في مصر من تدني نسبة الإنفاق على التعليم باعتبار أن المناطق الجغرافية البعيدة عن المركز ستكون لديها ميول انفصالية أكبر عن الدولة المركزية مع ارتفاع نسبة التعليم[29].
أما على المستوى الصحي، فإن الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية العامة بلغ 2.15% فقط من الناتج القومي الإجمالي في عام 2014، وهو مستوى منخفض مقارنة بالمتوسط الإقليمي البالغ 3.12% والمتوسط العالمي الذي يبلغ حوالي (6%)[30]. ومن المسلم به أن تردي الوضع الصحي للمواطنين يترك أثراً سلبياً على القدرة الإنتاجية للدولة.
التهديد المائي
“نهر النيل” منبع الامن المائي ومن اهم المصادر التي [كانت!] تمتلكها مصر وهو [كان؟] الشريان الاساسي لوجودها؛ فهو مصدر لري الاراضي الزراعية والحصول على الثروة السمكية والطمي والملاحة النهرية وكان سبباً في تحويل الكثير من الاراضي الصحراوية الي أراضٍ خصبةٍ إلا أنه مؤخرًا وبسبب التدخلات الأميركية والإسرائيلية في دول حوض النيل أصبح مصدرًا للنزاع والصراع مع هذه الدول[31]، وهو نزاع تخسر مصر فيه على المديَيْن القصير والطويل (راجع بحثنا المنشور[32]).
تعتمد البلاد في وارداتها المائية بشكل كبير على نهر النيل بكمية تقدر بنحو 95 %. كما تنتج دلتا النيل الجزء الأكبر من الإنتاج الزراعي المحلي في مصر. وبشكل عام، يمثل القطاع الزراعي في مصر 20% من الناتج المحلي الإجمالي، و34% من إجمالي الصادرات، ويوفر فرص عمل لـ 32% من إجمالي قوة العمل[33].
وفي ظل الأرقام السابقة تبرز خطورة تداعيات أزمة شح المياه في مصر، والتي تنتج عن عدد من العوامل من أبرزها: الزيادات السكانية التي تقلل الحصة المتاحة من المياه العذبة للفرد. والاستخدام غير الكفء للمياه في عملية الري مما يزيد من معدلات إهدار المياه. وزيادة كميات الصرف الصحي، والمخلفات الصناعية غير المعالجة والتي تؤدي إلى التدهور المستمر في جودة المياه[34].
التهديدات المسلحة الإرهابية
خلال العقد الأخير تحولت سيناء إلى مركز لتجمع عناصر التنظيمات الإرهابية من جنسيات عربية وغير عربية، والتي استُهلت عام 2004 بسلسلة من التفجيرات المتزامنة والتي استهدفت فندق “هيلتون طابا” الذي يقع على بعد مئتي متر فقط من بوابة العبور بين “إسرائيل” ومصر، وامتدت الى سنوات لاحقة أخرى، واشتعلت بعد ثورة 25 يناير 2011 في ظل حالة غياب أمني تام في سيناء فقد حدثت عمليات جديدة، يقول (هنريك أوردال – Henrik Urdal)[35] من معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO) إنه: “عندما يشكل الشباب أكثر من 35% من السكان البالغين.. فإن خطر النزاع المسلح يكون أعلى بنسبة 150% مما هو عليه في معظم البلدان المتقدمة ذات البنية العمرية المماثلة”[36] فما بالنا لو أن الشباب أكثر من 60%، ما انعكس حسب دراسة إحصائية للعمليات الإرهابية داخل مصر للأعوام الخمس بعد الانقلاب (2013 – 2018) في حدوث عدد ضخم من العمليات المسلحة داخل مصر ضد النظام الحاكم أسفرت عن مقتل 1500 شرطياً وعسكرياً، فضلاً عن مقتل ما يزيد عن 7 آلاف مواطن -معظمهم من المصريين- على يد الجيش والشرطة فيما تسمى بعمليات مكافحة الإرهاب[37]، حسب فؤاد علام وزير الداخلية المصري الأسبق في حوار صحفي أن ما تقوم به الدولة الآن من ممارسات أمنية مع شباب الإسلاميين وأهالي سيناء لن يؤدي إلا إلى مزيد من تفجر الأوضاع[38].
التهديدات الأمنية الاجتماعية – ثورة المعارضة
خشية تكرار نموذج ثورة 25 يناير، حرص الجيش عقب انقلاب عام 2013 على إعادة السيطرة على المجال العام عبر تأميم ساحة العمل السياسي والإعلامي والخيري، واعتقال الآلاف من الإسلاميين وغيرهم، واعتماد الحلول الأمنية لمواجهة أي بوادر للمعارضة، فضلاً عن تدشين سلسلة من القوانين التي تقضي على حرية الصحافة والإعلام وتقوض عمل منظمات المجتمع المدني. وهو ما راكمَ حالة من الإحباط والعزوف عن العمل السياسي وسط الشباب. وهو ما عبر عن تداعياته المحتملة الباحث (عادل عبد الغفار)[39] قائلا: “إن الجمع بين الحرمان السياسي والافتقار إلى العدالة الاجتماعية والفرص الاقتصادية خلال فترة النمو السكاني المتفجر ما هو إلا قنبلة موقوتة”[40]. كإجراء احترازي قام الرئيس (السيسي) بتدشين “العاصمة الإدارية الجديدة” في الصحراء تبعد 28 ميلا عن شرق القاهرة، بغرض الابتعاد بمؤسسات الدولة السيادية عن قلب القاهرة، وهو ما يسمح له ولنظامه بقدر عالٍ من التأمين في حالة اندلاع أية مظاهرات شعبية. حيث يرى أن استيلاء الناس على الشوارع (منطقة وسط البلد وميدان التحرير) وقطع الطريق إلى المؤسسات السيادية في وسط البلد (وزارة الداخلية – مجمع التحرير – وزارة الخارجية – البنك المركزي – الأمانة العامة لوزارة الدفاع – وزارة الطيران المدني – مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي في ماسبيرو) كان السبب في تدني استجابة الدولة للتحدي على المستوى الداخلي وعلى المستوى الخارجي.
ميراث البنية الاجتماعية الاشتراكية
من يراجع تصريحات الرئيس (السيسي) إبان عمله كوزير للدفاع أو يقرأ رسالة الماجستير التي ألفها في أكاديمية ويست-بوينت العسكرية الأميركية يجد أنه يحمل اتجاه إعادة هيكلة المجتمع المصري إلى سياسات اقتصادية ليبرالية جديدة – نيوليبرالية – تقوم على عقيدة الصدمة بذريعة أن الاقتصاد المصري في حاجة إلى إصلاحات هيكلية. ويظهر ذلك أيضًا في اختياره لمواقع المسؤولية شخصيات سياسية ذات نفس التوجه مثل: (محمود محي الدين – رشد محمد رشيد – .. ) من خريجي مدرسة شيكاغو للاقتصاد، لضمان استمرار السياسات الأميركية داخل مصر من قبيل:
- سياسات (يوسف والي) الزراعية او ما يمكن ان نسميه “العولمة الزراعية” أي إلغاء زراعة المحاصيل الاستراتيجية (حبوب – زيوت – سكر – أعلاف)، لصالح مشروعات زراعية أكثر ملاءمة للاقتصاد العالمي (نباتات عطرية وفواكه)، واعتماد مصر على القمح الأميركي بالشكل الذي يؤثر على الأمن القومي واستقلال البلاد وزيادة ارتباطها بالمنظومة العالمية.
- سياسة الخصخصة للمشروعات المملوكة للدولة وتفكيك البنية التحتية للاقتصاد الصناعي.
- تصدير البلاد كواجهة سياحية واعتمادها على موارد اقتصادية هشة مثل اقتصاديات الخدمات[41].
- استمرار سياسة القروض الربوية واستقطاب الأموال الساخنة والاقتراض من المؤسسات الدولية.
- اعتماد سياسة تصدير المواد الخام ومنع إقامة صناعات تحويلية (على سبيل المثال: تصدير 100% من انتاج الذهب في منجم السكري إلى كندا).
- في المجال الثقافي والتربوي وبناءً على ضغط ومراقبة دقيقة من السفارة الأميركية[42]، محت الدولة المصرية من الكتب المدرسية فكرة العدو “الإسرائيلي” أو رفض الصهيونية كمفهوم وحركة عنصريّين استيطانيين معاديين للتحرر الوطني والديمقراطية، وذلك بناءًا على ما نصت عليه المعاهدة من التوقف عن التحريض وإثارة روح الكراهية والعداء لـ “إسرائيل” ويتسم الموقف الرسمي المصري بسمة التهافت والضعف المتعمّد في أي خلاف قائم أو قد يقوم مع الكيان المؤقت، فهو ـمثلًاـ يمتنع عن تحريك قضية الأسرى المصريين[43] أمام الرأي العام العالمي وتسليط الضوء على الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حقهم.
الانقلابات الداخلية
بعد فوزه في انتخابات الرئاسة عمل الرئيس (السيسي) على تغيير قيادات المجلس العسكري دورياً، وشمل ذلك عزل رئيس الأركان السابق وصهره الفريق (محمود حجازي) الذي أُقيل في عام 2017 عقب حادث الواحات[44]، ووزير الدفاع (صدقي صبحي) الذي أقيل ضمن التغييرات الوزارية التي أعقبت انتخاب (السيسي) رئيساً لفترة ثانية في عام 2018. كذلك تم استحداث قانون يوجب بمقتضاه التغيير الإلزامي لقادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة من بينهم رئيس أركان الجيش كل عامين بدلاً من التغيير بموجب القانون القديم كل 4 أعوام.
شملت حملته الداخلية كذلك في التغييرات الدورية رئيسيّ جهازيّ المخابرات العامة والحربية ووزير الداخلية. ولم يتبقَّ ضمن الدائرة الداخلية المقربة من الرئيس (السيسي) سوى مدير مكتبه السابق (عباس كامل) والذي تولى في عام 2018 رئاسة جهاز المخابرات العامة. وكذلك سعى (السيسي) إلى تطهير الأجهزة السيادية من أي عناصر سبق لها التعاطف مع نظام مبارك أو لديها اعتراض على سياسات النظام الحالية، وتجلى ذلك في إقصاء قرابة 300 ضابط في المخابرات العامة ونشر أسمائهم في الجريدة الرسمية وعمل ترقية استثنائية لابنه (محمود السيسي) إلى رتبة عميد وتعيينه في مكتب الأمن الداخلي في المخابرات العامة، وفصل قرابة 40 دبلوماسياً من وزارة الخارجية للأسباب سالفة الذكر[45].
أما الشخصيات التي أبرزت رأسها فقد استعمل الرئيس (السيسي) معها سياسة قاسية وحاسمة، مثلما حدث مع الفريقين (سامي عنان) و (أحمد شفيق) عندما أعلنا نيتهما الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2018. حيث تم إلقاء القبض على الأول، وحكم عليه في مطلع عام 2019 بالسجن مدة عشر سنوات بتهمة تزوير استمارة الرقم القومي والتي قال فيها أنه “فريق متقاعد” فضلًا عن اتهامه في جناية عسكرية أخرى وهي “مخالفة الانضباط العسكري”[46]، بينما تم ترحيل الثاني من دولة الإمارات بطائرة خاصة ليقبع منذ ذلك الوقت تحت الإقامة الجبرية رغم إعلانه التنازل عن الترشح للرئاسة. وبعد ثلاثة أشهر أطاح (السيسي) برئيس جهاز المخابرات العامة اللواء (خالد فوزي) ما أثار موجة من التكهنات حول أسباب ذلك[47].
استنفاد أوراق القوة وفقدان الدور الوظيفي
طالما كان هاجسها الأكبر هو فقدان مصر أهميتها في الاستراتيجية الأميركية، الدور الذي يعدّ أحد أكبر المحددات لسياسة مصر في علاقاتها الخارجية، ويمكن ملاحظة علامات التراجع من خلال عدة أبعاد:
- تراجع النفوذ المصري الثقافي والإعلامي (القوى الناعمة) بسبب انتشار تكنولوجيا الجيل الرابع من المعلومات (ثورة المعلومات) وانتشار شبكات الانترنت ولاحقًا وسائل التواصل الاجتماعي، فبالرغم من شراء المخابرات العامة بعد انقلاب 2013 معظم القنوات التلفزيونية المصرية التي تأسست بعد ثورة 25 يناير، وتأسيس مجموعة قنوات القاهرة الإخبارية لمحاولة مضاهاة “قناة الجزيرة القطرية”، إلا أن استطلاعات الرأي تظهر عدم رواج هذه القنوات بالشكل المطلوب.
- تراجع النفوذ المصري على حركات التحرر الإفريقية والفصائل الفلسطينية واللبنانية واليمنية والصومالية، مقارنة بنفس المستوى الذي كانت تديره المخابرات العامة المصرية برئاسة (فتحي الديب) مدير مخابرات (جمال عبد الناصر) والأب الروحي لحركات التحرر الإفريقية، وبالرغم من تأسيس عدة نسخ من “مؤتمرات الشباب” في شرم الشيخ ومحاولة النظام المصري استقطاب الشباب من عدة بلدان إلا أن هذه التحركات الخارجية لم يكن لها تأثير يذكر[48].
- تراجع القوى الصلبة بسبب الترهل الذي أصاب الجيش المصري، فبالرغم من المقارنات العددية والكميّة التي تجريها مؤسسات تصنيف عسكري مثل GLOBAL FIRE POWER والتي تضع الجيش المصري في الدرجة 14 ~ 16 في ترتيب القوى العالمية، إلا أنه ومع الدراسة التفصيلية يتّضح أنه لا يمكن الاعتماد على الجيش المصري في أي عمليات بريّة خارج الحدود المصرية إلا في نطاق محدود العدد والمدة[49]؛ ويرجع ذلك لأسباب ذاتية متعددة حسب دراسة متخصصة[50] شارك بها (رئيس مكتب التعاون العسكري في البنتاجون، وملحق عسكري في السفارة الأميركية في القاهرة من 2008 إلى 2011) وهي:
- ضعف التدريب والاستعداد، حيث تقول الدراسة: ” يشير معدل الاستخدام المنخفض للمعدات والأسلحة المصرية إلى مستوى منخفض من النشاط التدريبي”.
- · 80% من عديد الجيش (الضخم عدديًّا 500 ألف جندي) من المجندين تجنيد إجباري ولا يتلقون أي تدريب يذكر، والنسبة الغالبة منهم تعمل في مشروعات الخدمة المدنية (المشروعات الاقتصادية الخاصة بالجيش).
- · المستوى التعليمي الضعيف.
- الثقافة التنظيمية شديدة المركزية.
- انشغال القيادات العسكرية إدارة الملفات الاقتصادية بعد انقلاب 2013[51].
- ضعف الاقتصاد المصري.
- السخط الشعبي والاضطراب الاجتماعي الناتج عن تصدي الجيش للمشهد السياسي وتحمل مسؤولية جميع الأخطاء.
هذا بالرغم من أن النظام حاول جاهدًا تطوير القوات المسلحة من خلال:
- التوسع في احتراف تكتيكات مكافحة الإرهاب من خلال تدريب فرق القوات الخاصة والتدخل السريع.
- التوسع في التدريب المشترك في مجال “مكافحة الإرهاب” مع عدة دول من عدة محاور إقليمية ودولية وصولًا إلى التدريب المشترك مع دول إفريقية.
- التوسع في مشتريات السلاح والمعدات الخاصة بمجال مكافحة الإرهاب[52] والحرب الإلكترونية الحديثة وحروب الجيل الرابع.
وعليه، يبدو أن المهدد الأخطر الذي قد يفقد مصر أهميتها الاستراتيجية للولايات المتحدة هو عدم مواكبتها للأجيال الجديدة:
- الأجيال الجديدة في الحروب.
- الجيل الجديد في المعلومات والإعلام.
- الجيل الجديد في الحكام (حكام الخليج) الذين لم يعودوا يقبلون بوصاية “الشقيقة الكبرى” التي كانت مهيمنة على العقل العربي من خلال إرثها السياسي والثقافي وأجهزتها الإعلامية حتى بدايات التسعينات، حسب ما عبرت عنه برقيات السفارة الأميركية[53].
وكما سنتناول لاحقًا، شكّلت هذه المهددات الداخلية للأمن القومي المصري -في أغلب الأحيان- رؤية النظام المصري للتحديات الإقليمية المتصلة بهذه التهديدات، وأثّرت بشكل عميق على سياسته الخارجية، ومن ثَمّ على التموضع الجيواستراتيجي للبلاد وطبيعة خياراتها وتحالفاتها الإقليمية ودورها في النظام العالمي.
التحديات الإقليمية
توجد العديد من القضايا الإقليمية التي تدخل ضمن دوائر الأمن القومي المصري، مثل:
- انهيار المنظومة الإقليمية العربية عقب غزو العراق واندلاع ثورات الربيع العربي (خاصة سوريا وليبيا).
- تآكل الردع الأميركي وزيادة حضور محور المقاومة في العديد من الدول العربية (خاصة اتساع نفوذ أنصار الله باليمن على الملاحة في البحر الأحمر.)
- تآكل التأثير المصري على الفصائل الفلسطينية في الضفة وغزة. لصالح (إيران – قطر – تركيا). وخسارة النظام المصري الاحتياج الأميركي له كضامن و”قفاز حريري” للتعامل مع المجموعات شبه العسكرية في المنطقة.
- الفشل في الصراع حول السيطرة على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط واختيار النظام المصري الانحياز إلى الكيان الصهيوني والترسيم البحري لصالح اليونان والكيان الصهيوني متنازلًا عن موارد هائلة في حقل لفياثان في قبال الطرف التركي الذي اختار عمل ترسيم منفصل مع حكومة طرابلس.
- فقدان السيطرة على خطوط الملاحة البحرية في شرق أفريقيا والخليج العربي، والتي صارت أهميتها تتآكل بسبب خطوط الملاحة الجديدة في القطب الشمالي التي تتجاوز الاحتياج الصيني والروسي للمرور في قناة السويس تجاه أوروبا، وانتشار الحديث عن مشاريع خطوط الطاقة (أنابيب الغاز والبترول) من الخليج (الإمارات – قطر – السعودية) وصولًا إلى “إسرائيل”، والتي تتجاوز قناة السويس إلى العبور لأوروبا عن طريق ميناء حيفا.
- فشل الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل ضد خطط صندوق النقد الدولي لدول حوض النيل.
- تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وعمليات التهريب على الحدود بين مصر والسودان، والنزاع مع الخرطوم حول ملكية مثلث حلايب وشلاتين.
- فقدان السيطرة على الأوضاع في ليبيا، وانعكاسات ذلك على ظاهرة تهريب الأفراد والسلع والأسلحة والمخدرات بين البلدين. وفقدان النفوذ السياسي الذي يترجم إلى انخفاض أعداد العمالة المصرية في ليبيا كما انخفاض نوعيتها إلى العمالة البدائية وفقدان فرص الاستثمار في إعادة الإعمار.
التصورات الأميركية عن النظام المصري
ترى الإدارات الأميركية[54] بمختلف توجهاتها أن مصر مركبة من قوتين رئيسيتين:
- الشعب ذو الهوى الإسلامي الذي يعاني من الفقر وانعدام الأمل[55]، والذي حسب الرؤية الأميركية يمثّل “خزّان للمتطرفين” يمثل مددًا لا نهائي لحركات المقاومة في المنطقة؛ ففي أحد برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة بتاريخ (06 ابريل/نيسان 2005) المسربة عبر ويكيليكس، يصف المسؤول الأميركي أوضاع المجتمع المصري أنه: “نتيجة أن النمو الاقتصادي لا يواكب النمو السكاني أدى ذلك إلى وجود بطالة مزمنة بين الشباب، إضافةً إلى ذلك، وثّق باحثون اجتماعيون أن النظام التعليمي المتحلل وغير الممول جيّدًا أنتج أجيالًا تفتقر إلى قدرات التفكير النقدي والمهارات التحليلية، إذا أضفنا لذلك تضخيم الإعلام المتحيّز وغير المسؤول لما يحدث في فلسطين والعراق، سيؤدي جميع ذلك إلى ترسخ قيم التطرف بينهم [المصريين] وإلى تقدير المجتمع لقيمة الشهادة وتقدير المجموعات الفلسطينية المتطرفة والمتمردين العراقيين.”[56].
- الحكومة والتي تمثل -حسب البرقية- البقية الباقية من القوة العلمانية التي تحول بين هذا الشعب وأي “حماقة” ضد المصالح والخطط الأميركية، من خلال جهودها مثل: مراقبة المساجد ومنع “الخطاب المتطرف” – مراقبة الإعلام – عمل مراجعات للإسلاميين في السجون لإرجاعهم عن “فكرهم المتطرف الذي يبرر العمليات الإرهابية”[57].
وحسب مذكرات (ستيفين كوك – Steven A. Cook)[58] عضو “مجلس العلاقات الخارجية”[59] الأميركية فإن مصر مرشحة لتركيبة جديدة تعد بمثابة الوصفة الأميركية للاستقرار في الدول ذات الموارد المحدودة والكتلة السكانية الكبيرة (نموذج: مصر – الجزائر – تركيا – باكستان)، وهي تصدير واجهة مدنية علمانية (قومية أو إسلام أميركي) ويكون الجهاز الأمني والجيش هما العمود الفقري للنظام والضامن الحقيقي للمصالح الأميركية، وبسبب عدم مراعاة هذه “الوصفة” الأميركية في مصر أسوة بالجزائر (2019) وتركيا (1999) وباكستان (1994)، فإن مصر الآن حسب تعبير (كوك)[60]: “بيت من ورق” أو بتعبيره في موقع آخر من كتبه: “رجل العرب المريض”[61]. وحسب تسريبات[62] إيميلات (هيلاري كلينتون – Hillary Clinton) كان تنفيذ هذه الرؤية بالذات -أي عودة الجيش إلى الخلفية كما كان الحال قبل ثورة ٢٥ يناير- هو نقطة الخلاف الرئيسية بينه وبين (مدير المخابرات الحربية آنذاك (اللواء عبد الفتاح السيسي) وأحد ضباط المجلس العسكري الصغار المقربين من الولايات المتحدة الأميركية (اللواء محمد العصار))، تقول الوثيقة:
“… Tantawi had the loyalty of some officers within SCAF – but not all of them. There was a new guard that clearly wanted the military to return to the position it maintained prior to 25 January 2011, with some temporary adjustments. The divide between this Tantawi clique, and the new guard (led, it seems, by Abdel Fattah al-Sisi, now Defense Minister, and Mohammed al-Assar), are real. One aspect of this is generational – the new guard is younger, and may have sought promotion, which can only happen when the old tier retires or dies. Ensuring the position of the military would probably have been another priority. Some speculate that that the new guard perceived that the Tantawi clique were on a trajectory that, intentionally or not, would ultimately threaten that position. This new guard are unlikely to be Islamists. No Islamist would have been permitted to rise to a senior military rank by the security services had they been suspected of Islamist leanings. The new guard, and the military establishment as a whole, are pragmatists with two key interests: the economic holdings of the military (including the quality of life enjoyed by the leadership) and a maintaining of a geo-strategic situation in the region that does not require them to ever go to war … This was a coup within the military establishment as senior officers were forced out by ambitious others. …”.
الترجمة: “… ويمتلك طنطاوي ولاء بعض أعضاء المجلس العسكري – ولكن ليس الجميع، هناك حرس جديد من الواضح أنهم يريدون أن تعود القوات المسلحة إلى وضعها ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، مع بعض التعديلات المؤقتة. الانقسام بين مجموعة طنطاوي والحرس الجديد (الذين يبدو أنه يتزعمهم عبد الفتاح السيسي -وزير الدفاع الحالي- ومحمد العصار) انقسام حقيقي، أحد أوجه هذا الانقسام هو بسبب تباين وجهات النظر بين الأجيال، فالحرس الجديد أحدث سنًّا وقد يكونون متطلعين إلى ترقيات لا يمكن أن تحدث إلا بعد تقاعد أو وفاة الجيل الأقدم، مؤكدين أن وضع القوات المسلحة قد يكون غير ذي أهمية، البعض يتكهن أن الحرس الجديد يرون أن مجموعة طنطاوي أصبحت في مسار يعرض وضع الجيش لتهديد جدّي (سواء عن عمد أو لا)، ومن غير المرجح أن يكون الحرس الجديد من الإسلاميين، لم تكن المخابرات الحربية أن تسمح لإسلاميين أن يبلغوا هذه الرتب المتقدمة في الجيش لو احتملوا أن لهم ميولًا إسلامية، الحرس الجديد والمؤسسة العسكرية ككل براجماتيين ومهتمين بنقطتين أساسيتين: الممتلكات الاقتصادية للقوات المسلحة (بما يشمل نمط الحياة الراغدة التي تعيشها القيادات) والمحافظة على موقع جيواستراتيجي في المنطقة لا يضطرهم أبدا للذهاب إلى حرب … لقد كان ذلك [إقالة طنطاوي وعنان] انقلاب داخل المؤسسة العسكرية، مجموعة من الضباط الطموحين أخرجوا ضباطا آخرين قسرًا. …”
وربما كانت المكاسب الاقتصادية والحياة الرغيدة التي تتحدث عنها الوثيقة غير كافية لمواصلة الجيش في الحفاظ على وضعه بدون تعكير صفوه من الأجهزة الأمنية الأخرى كما كان يحدث إبان عهد (مبارك)، والذي أظهرته لاحقًا الوثائق الأمنية المسربة من المقر الرئيسي لجهاز “أمن الدولة المصري”، أن الجهاز كان يقوم بالتجسس على كبار القيادات العسكرية المصرية لضمان الانتقال السلس للسلطة من مبارك الأب إلى (جمال مبارك)[63]، وهي التوجهات التي كانت تحت طلب السيد (سوزان مبارك) وتحت الاشراف التنفيذي المباشر لوزير الداخلية المصري (حبيب العادلي) الذي كان يستوحي تجربة (جي إدجار هوفر – J. Edgar Hoover) رئيس جهاز FBI ودوره الهام في تنحية المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية الأميركية.
وحتى يمكن معرفة شكل وطبيعة النفوذ الأميركي داخل مصري، يجب -بشكل عام- معرفة الأدوات والمبادئ التي ترتكز السياسة الخارجية الأميركية، وهي:
أولاً: مبدأ تقسيم الأدوار، حيث نجد:
- الكونجرس: الذي -باستمرار (تقريبًا)- يلعب دور الرجل الشرير، وهذا الدور يتيح للكونجرس تمثيل كل المصالح المعتملة بالمجتمع، من شركات وجماعات ضغط، … ولا يمكن تحويل جزء كبير من المساعدات السنوية إلى الجيش المصري بدون إقرار لجانه المتعددة.
- البنتاجون: وآراءه السياسية تتسم بالتأني والمحافظة، وترتكز علاقات البنتاغون المباشرة داخل مصر بالدرجة الأولى على الجيش المصري، وتتميز أنها اتصالات ذات مستوى عميق على مستوى الأفراد ذوي الرتب العليا في الأماكن الحساسة ممن تدربوا في الأكاديميات العسكرية الأميركية.
- وزارة الخارجية تلعب دوراً “تقدميًّا”؛ يتوافق مع وظيفتها كمنسق عام لأدوات القوة الناعمة للولايات المتحدة الأميركية، ولأن هذا النوع من الحروب مؤسس على فلسفة سياسية ليبرالية فهي -كمؤسسة- محسوبة -في أغلب الأحيان- على الحزب الديموقراطي (حتى في الإدارات الجمهورية، مثل وزارة (تلرسون) تحت إدارة (ترامب)).
- مجتمع الاستخبارات الأميركي: ويضم 16 وكالة تعمل بشكل منفصل للقيام بأنشطة استخباراتية، وتتمثل وظيفته الأساسية في جمع وإنتاج معلومات استخبارية محلية وأجنبية، والمساهمة في التخطيط العسكري وتنفيذ العمليات التكتيكية، وتطوير وسائل التجسس لمكافحة الإرهاب، والاستخبارات المضادة، والرد على التهديدات التي تشكلها الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية التي تتحدى الأمن القومي للولايات المتحدة ومصالحها في جميع أنحاء العالم[64]، ونظرًا لطبيعة وظيفته في رسم سياسات “الأمن الصلب” خارج الولايات المتحدة يتحكم به “المجمع الصناعي العسكري”[65] ذو الاتجاه الجمهوري المحافظ[66].
- مجلس الأمن القومي: دوره جامع للمؤسسات السابقة حيث يمثّل المكتب التنفيذي للسياسة الخارجية في القضايا المتعلقة بالأمن القومي الأميركي.
- البيت الأبيض: يأتي في دور الفيصل والحكم.
- جهات ثانوية مثل: مراكز التفكر الأميركية – الغرفة التجارية الأميركية المصرية[67] AmCham – هيئة المعونة الأميركية USAID – مجموعات الضغط في واشنطن (اللوبيات).
ثانيًا: مبدأ سياسة حافة الهاوية: استناداً إلى مخزون القوة الكبير نسبياً (بالمقارنة بباقي العالم مجتمعاً) حيث تعتمد السياسة الخارجية الأميركية سياسة “الإقدام” (المخاطرة العالية وعدم الاكتراث للعواقب) منهجاً لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة. فحتى إذا ما فشل موقف ما، فلن تخسر أمريكا كثيراً بالتراجع عن ذلك الموقف واعتماد موقف آخر.
وتطبيقًا لهذه التفاصيل على “حالة مصر”، فإن الأدوات الأساسية للولايات المتحدة الأميركية لـ “ضبط” الأداء السياسي للدولة المصرية هي:
- الأدوات الاقتصادية (القروض من المؤسسات المالية الدولية – المعونة الأميركية السنوية – تقييم مؤسسات التصنيف الائتماني – تقييم مؤسسات إعادة التأمين – منظومة سويفت للتحويلات المالية والاعتمادات المستندية)، حيثُ يتسم الاقتصاد المصري حسب دراسات بالتبعية شبه التامة للولايات المتحدة وحلفاءها بسبب وقوعها في فلك الهيمنة الاقتصادية والثقافية والسياسية للعالم الرأسمالي الأكثر تقدما منذ مدة طويلة[68].
- الضباط المصريين المقربين من الولايات المتحدة النافذين في المؤسسات “السيادية”: المخابرات الحربية – الرقابة الإدارية – الأمن الوطني وسائر المؤسسات “السيادية” ممن يتمتّعون بروحيّة علمانية[69] وتم تدريبهم في الأكاديميات الأميركية[70].
- مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الاميركية بالقاهرة[71] التي تمثل أداة الاستقصاء الميداني الأولى الموثوقة للإدارة الأميركية والباحثين الأمريكان في الشأن المصري وخاصة فيما يتعلق بالأوضاع المعيشية والثقافية والسياسية في الشارع المصري، وما يجري بعيدًا عن تأثير الإعلام أو ما يتداول في أروقة النخبة[72].
- مجموعة من النخبة المصرية ذات التوجه الليبرالي والتي يتم رعايتها سياسيًّا بواسطة السفارة الأميركية مباشرةً[73]، وتمويلها من خلال عملها في منظمات المجتمع المدني والتي تتولى الاستقصاء المعلوماتي وتوسط الاتصال مع فئات بعينها داخل الدولة/المجتمع المصري لأغراض التدريب وتقديم الاستشارات وجمع المعلومات: القضاة – الأوساط الفنيّة – نقابة الصحفيين – .. إلخ، على سبيل المثال: تتحدث أحد الرسائل المسربة من بريد (هيلاري كلينتون) أن المخابرات العامة المصرية قد رصدت مجموعة من منظمات المجتمع المدني ذات التوجه الليبرالي / العلماني (مثل: المعهد الديموقراطي الأمريكي – المعهد الجمهوري – مؤسسة كونراد الألمانية – مؤسسة فريدوم هاوس – .. وغيرها) تتحرك ضمن أجنده سياسية خاصة داخل فئات بعينها في المجتمع المصري[74]. إضافة إلى مجموعات من النشطاء المصريين ذوي التوجه الليبرالي الذين يتمتعون بالاهتمام الكامل من السفارة الأميركية بشكل رسمي في مواجهة أي مضايقات من النظام المصري (مثال: النشطاء الواردة أسماؤهم في تقرير (ممارسات حقوق الإنسان في مصر ٢٠٢٢ – المنشور على موقع السفارة الأميركية)[75]. وفي رسالة[76] أخرى موجهة إلى (جاكوب سوليفان – Jacob Sullivan)[77] يقر أن هناك أكثر من 35 ألف منظمة مجتمع مدني منها 83 أجنبية عاملة بتمويل مباشر من الحكومة الأميركية بمبلغ 150 مليون دولار في عام 2012 وحده. وحسب الوثيقة تقوم الحكومة الأميركية بتمويل حتى المنظمات غير المرخصة من الدولة (بلغ تمويلها وحدها 40 مليون دولار)، بل أن الإدارة الأميركية لا تستجيب لمناشدات الحكومة المصرية لمعالجة هذا الخلل.
- أدوات ثانوية مثل: منع توريد قطع الغيار العسكرية الهامة، وتأخير تسليم القطع العسكرية التي تم صيانتها في الولايات المتحدة.
نتيجة هذا التحكُّم استطاعت الإدارة الأميركية توظيف النظام المصري في أدوار محددة، وأناطت به جزء كبير من المسؤوليات على المستوى الداخلي والإقليمي وضمن النظام العالمي، ومنها:
- ضمان السيطرة على الكتلة السكانية الضخمة ذات الهوى الإسلامي وذات التأثير الثقافي والإعلامي على المنطقة العربية؛ حتى لا يتكرر ما حدث بعد سقوط (مبارك) من انكشاف “المارد الإسلامي” حيث سرعان ما كانت هتافات الجماهير في ميدان التحرير “عالقدس رايحين شهداء بالملايين”، وتوجهت لاقتحام السفارة “الإسرائيلية”، وعبرت الوفود الشعبية إلى غزة من خلال الأنفاق، وسرعان ما نادت النخب السياسية بالاستقلال الاقتصادي والسياسي وتصنيع الغذاء والدواء والسلاح محليًّا، ما يؤشر على خطورة توجهات الجمهور المصري على الهيمنة الأميركية والمصالح متمثلة في مشروع الكيان المؤقت، وهو ما عبرت عنها أولى القراءات الأميركية في المشهد المصري بعد ثورة يناير حيث تحدثت دراسة[78] “معهد دراسات واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” عن خطورة “الصحوة الإسلامية” وضرورة التأكيد أن الدعم الأميركي مشروط. وهو ما أكدت عليه تسريبات ويكيليكس من برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة[79].
- الحفاظ على عقيدة الجيش العسكرية بعد أن تم تحويلها برعاية أميركية من العقيدة الشرقية وأولوية الاستعداد لقتال العدو الصهيوني إلى العقيدة الغربية وأولوية مكافحة الإرهاب[80]، ومنع تصعيد أي عسكريين ذوي ميول إسلامية إلى رتب عالية[81]، ومنع تشكل مراكز قوى داخل القوات المسلحة (بالفعل بعد معاهدة كامب ديفيد تغيرت عقيدة الجيش المصري من الحرب النظامية ضد “إسرائيل” إلى الحرب على الإرهاب)، وتبلور ذلك عملياً في تركيز تدريبات الجيش المصري على الحروب غير النظامية من قبيل اقتحام القرى والمدن الصغيرة حتى في تدريباته المشتركة مع الجيش الروسي في تدريبات “حماة الصداقة” أو مع الجيش الأميركي في تدريبات “النجم الساطع”.
- إعادة الهندسة الاجتماعية للشعب المصري لنزع أي رغبة في مقاومة الكيان المؤقت والتخلص من بقايا النظام الاشتراكي والتخلص من أي مصدر من مصادر القوى الاجتماعية (النقابات – الجمعيات الخيرية – الأوقاف) لصالح إعادة الهندسة الاجتماعية نحو اللبرلة والأموَلة.
- الهيمنة على المؤسسات السيادية في النظام المصري (الإعلام والإنتاج الإعلامي – الخارجية – المخابرات العامة – الجيش وخاصة سلاح الجو والمخابرات الحربية) وضمان النفوذ والتأثير لصالح الأذرع الأميركية المختلفة عن طريق عائلات النخبة المصرية[82].
- ضمان أمن الكيان الصهيوني من التنظيمات الإسلامية في فلسطين المحتلة ومصر وإفريقيا (خصوصا النظام السوداني قبل أحداث 2019 والإخوان المسلمين قبل انقلاب 2013).
- عنصر تدخل في الأزمة الليبية لدعم جبهة حفتر وضمان تدفق النفط الليبي إلى أوروبا.
- ضبط الهجرة غير الشرعية من إفريقيا عبر مصر أو من مصر نفسها (مواطنين ولاجئين).
- عنصر تدخل أمني استخباراتي في القرن الإفريقي (الساحة السودانية بالدرجة الأولى[83] ثم الصومالية[84] والارترية[85] بدرجة أقل).
- ضمان أولوية العبور في قناة السويس والملاحة في البحر الأحمر للقطع العسكرية الأميركية ثم خطوط الشحن التجارية بين الشرق والغرب.
- ضمان عمل الإنتاج الثقافي والإعلامي المصري في الاتجاه الذي يخدم السياسات الثقافية الأميركية (الشعبوية – اللامركزية – اللاأخلاقية – التصوف الإماراتي – الإسلام الأميركي) من خلال السيطرة على شركات الإنتاج الإعلامي وإسكات (اعتقال – قتل) النخب التي تتبنى خطاب إسلامي “مختلف”: مقاوم للإمبريالية الأميركية مع عدم دعوتها للعنف أو التطرف أو حتى التنظيم. (مثل: قتل الشيخ عماد عفت[86] واعتقال: حسام أبو البخاري – حازم صلاح أبو إسماعيل – أيمن عبد الرحيم وغيرهم من نماذج الإسلاميين ممن يتمتعون بوعيٍ سياسي عميق للأزمة المصرية وميل نحو الحلول الثورية)
- أهداف ثانوية من قبيل إضفاء شرعية على التحركات الدولية مثل:
- I. دوريات بحرية مشتركة خاصة في البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي.
- تدريبات عسكرية مشتركة في البحر المتوسط (النجم الساطع).
- معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني.
- ضبط حركة البضائع إلى غزة.
- لعب دور تهدئة للفصائل في غزة والضفة.
تصورات النظام المصري عن نفسه
يرى النظام المصري أن أساس العلاقة قائم على الحاجة المتبادلة بين النظام المصري والمصالح الأميركية والكيان المؤقت في المنطقة على أسس:
- أن تراث ما بعد الحرب العالمية الثانية جعل الولايات المتحدة تمتلك كماً كبيراً من القوة الصلبة ولكنها لم تتمتع بمقبولية لدى جماهير العالمين العربي والإسلامي، في قبال مصر التي كانت تمتلك رصيدًا يعتدّ به في القوة الناعمة وضعفًا في مقومات القوة الصلبة وأهمها ضعف الثروات الطبيعية وزيادة الكتلة السكانية. الوضع الذي عزز قدرة القاهرة (حقبة السبعينات) على تسويق القطب الأميركي في المنطقة[87].
- امتلاك عمق ثقافي قومي عروبي علماني يؤهل النظام لممارسة دور التصدي لأي تجربة للإسلام السياسي (السني) ما يؤثر بالضرورة -حسب رؤية النظام المصري نفسه- على تجارب الإسلام السياسي (الشيعي)، ويرى النظام المصري نفسه استطاع عرقلة “الخطط الإيرانية” في التغيير السياسي في سوريا واليمن ولبنان والعراق من خلال إسقاط نظام الإخوان المسلمين في مصر وليبيا والسودان[88]. وذلك راجع إلى الخلاف العميق بين الفلسفتين: العلمانية (القومية المصرية أو الليبرالية الأميركية) والدينية (السنيّة أو الشيعية)، باعتراف النظام في جلساته الخاصة مع السفير الأميركي بالقاهرة عند الحديث عن الوضع في العراق ولبنان[89].
- وسيط تجارة مياه: يرى النظام المصري أنه يستطيع تحويل التهديد إلى فرصة والتغلب على حالة الفقر المائي[90] من خلال الوساطة بين إثيوبيا و “إسرائيل” لحصول الكيان المؤقت -ولاحقًا الأردن- على المياه في مقابل الاستفادة من النفوذ السياسي “الإسرائيلي” في أثيوبيا لاستمرار حصول مصر على حقوقها التاريخية، والاستفادة من النفوذ “الإسرائيلي” في أميركا لضمان استقرار النظام الحالي الذي بدوره يضمن تدفق المياه ومرورها عبر مصر[91].
- محور تصدير طاقة: من خلال استضافة من خلال محطات لإسالة الغاز الإسرائيلي وإعادة تصديره إلى أوروبا.
- الناتو العربي: ويطلق عليه “تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي”، أو اختصارا بكلمة “ميسا” (MESA)، وفيه يطرح النظام المصري نفسه على حلفاءه الخليجيين[92] للعمل من خلال قواته البرية الضخمة في هذا التحالف العسكري بنفس فلسفة عمل الجيش التركي كقوات برية كبيرة ضمن الناتو، وأنه يمكنه تكرار سيناريو حرب الخليج الأولى من خلال التدخل المباشر بقوات برية عند بروز أي “تهديد إيراني”[93]، ومن ثَم ضمان المصالح الأميركية في استدامة تدفق الطاقة للحلفاء.
الخطاب الخارجي
يدور خطاب النظام المصري خارجيًا حول مجموعة من المحاور، منها:
- دعم ما يسميه: “سيادة الدول على أراضيها وترسيخ الاستقرار”، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بأي ذريعة خاصة خطاب “حماية حقوق الإنسان ودعم منظمات المجتمع المدني”، ويعدُّ هذا أبرز تناقض بين الرؤية العلمانية القومية (المصرية) والعلمانية الليبرالية (الغربية) لطبيعة العلاقات بين الدول.
- إشهار العداء ضد الدول التي تقدم غطاء سياسيا أو إعلاميا أو حتى مأوى للمعارضة المصرية مثل تركيا وقطر باعتبارها دُوَلًا “راعية للإرهاب”، ويتراوح “إشهار العداء” بداية من التشهير والهجوم الإعلامي المستمر لشحن الرأي العام المصري والعربي ضد هذه الدول، وصولًا إلى إجراءات ملموسة مثل وضعها في قوائم “الدول الصفراء” التي تتطلب تصريح أمني خاص للسفر إليها[94].
- التأكيد على أن الإرهاب ظاهرة عالمية تنبع من الفكر الأيديولوجي المتطرف، لا من سياسات الحكومات المحلية أو غياب الديمقراطية، بدليل تجنيد الشباب من دول غربية في صفوف تلك التنظيمات، والتشديد على أن السبب الأساسي لاستشراء التنظيمات الإرهابية في الإقليم يتمثل في غياب السلطة المركزية نتيجة لسياسات الغرب سواء في العراق أو ليبيا التي تركت فراغًا نجحت هذه التنظيمات في ملئه، وأن مساهمة النظام (الجيش/الدولة العميقة) في اقتلاع تجربة الإخوان المسلمين بانقلاب 2013 هو الذي منع تأثير الدومينو في انتشار الأنظمة الإسلامية والجمهورية في دول الخليج أو حتى العراق وليبيا.
- رفض التفرقة بين الفكر المتطرف والفكر العنيف، والتأكيد على أن جماعة الإخوان المسلمين هي الحاضن الرئيسي للفكر المتطرف منذ نشأتها عام 1928، وأن كل جماعات الإسلام السياسي بكل أطيافها تنظيمات إرهابية، وأنها -بما فيها داعش وغيرها- استقت أفكارها المتطرفة من أفكار منظري الجماعة مثل: حسن البنا وسيد قطب.
- أن الحل الوحيد لمواجهة الإرهاب، هو تنسيق الجهود دوليًا لمواجهة جميع التنظيمات الإرهابية. مع ضرورة تعديل الخطاب الديني. وتقديم الأزهر كمؤسسة يمكن توظيفها دوليا لنشر “الأفكار المعتدلة” وبيان زيف الأفكار المتطرفة. ودعم انتشار:
- القراءة الصوفية/الروحية للإسلام.
- القراءة الحداثوية العصرية للإسلام.
أثرت هذه التصورات للنظام عن نفسه ومحاولات التوظيف الأميركي له وشكل خطابه الخارجي أن تُرجِمت إلى مجموعة من السلوكيات والمواقف التي ترتكز عليها علاقات النظام مع القوى العالمية والإقليمية.
مرتكزات علاقات النظام المصري مع القوى العالمية والإقليمية
العلاقات المصرية – الأميركية
حرص النظام المصري على الحفاظ على علاقات استراتيجية بين مصر وأميركا خاصة في الشق العسكري المرتبط بالبنتاجون بعيدًا عن حيثيات العلاقة مع الرئيس الأميركي سواءً أكان يشوبها التوتر مثلما كان الوضع مع (أوباما)[95] أو كانت تتسم بالأريحية مثلما كان الوضع مع (ترامب).
تقوم العلاقة العسكرية الراسخة مع البنتاجون على أن الجيش المصري في عقيدة البنتاجون هو كيان[96]:
- يقع ضمن أراضيه قناة السويس التي تمر عبرها 8% من التجارة البحرية في العالم سنويًا.
- ضامن السيطرة على دولة ذات كتلة سكانية عددها 100 مليون نسمة، لها حدود مشتركة مع “الكيان الصهيوني” وقطاع غزة، وصمام أمان للاستقرار بالمنطقة[97].
- ضامن السيطرة على دولة تتميز بثقل سياسي وديني عربي وإسلامي، حيث يقع بها مقر الجامعة العربية وجامعة الأزهر ومنظومة فكرية منيعة ضد “التطرف الإسلامي”[98].
ونظراً لما سبق تقدم أميركا دورياً مساعدات عسكرية بغرض تأمين الحدود، ومكافحة تهريب السلاح والذخيرة من خلال الأنفاق إلى غزة[99]، وضمان الأمن في سيناء، كما توفر قطع الغيار اللازمة للمعدات العسكرية، وتقدم التدريب والتعليم العسكري للضباط بالجيش المصري لما تسميه “ضمان توفير قيم مشتركة وتواصل مستمر بين القيادات العسكرية في الجانبين”.
وفي هذا السياق زودت الولايات المتحدة مصرَ بمبلغ 76 مليار دولار أميركي كمساعدات بين عامي 1948 و2015 بما في ذلك 1.3 مليار دولار تقدمهم أميركا سنوياً كمساعدات عسكرية سنويّة من عام 1987 إلى الآن. توزع وفق البنود التالية:
- 39% لتطوير أنظمة التسليح الموجودة ابتداءً.
- 34% لمتابعة عقود الصيانة والدعم الفني للمعدات الأميركية المستخدمة بالجيش المصري.
- 27% لإجراء تعاقدات جديدة.
وقد بلغت نسبة المساعدات الأميركية نحو 31 % من إجمالي الإنفاق على الدفاع في مصر في عام 2012 وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS). وبالمقابل يقدم الجيش المصري عدة تسهيلات توفر ميزة استراتيجية للقوات الأميركية المنتشرة في البحر المتوسط والخليج العربي، والمحيط الهندي، مما يساعدها على القيام بعمليات يعد الوقت عنصرًا هاما فيها، ومن تلك التسهيلات:
- إعطاء أسبقية المرور في قناة السويس للسفن الحربية الأميركية مع توفير إجراءات الحماية لها أثناء العبور، علما بأن القانون المصري ينص على إعطاء مهلة 30 يوماً قبل التصديق على عبور قناة السويس إلا أن مصر تسمح بمرور السفن الأميركية خلال 24 ساعة إلى 48 ساعة من إخطارها بطلب العبور.
- التصديق على المرور الجوي للطائرات الحربية الأميركية في المجال الجوي المصري.
- تواجد قوات حفظ السلام الدولية في سيناء معظمهم من القوات الأميركية (700 جندي حسب آخر إحصاء[100]).
- التمركز الاميركي في عدد من القواعد العسكرية على الأراضي المصرية معظمها بشكل سرّي (بطلب وتشديد من الحكومة المصرية)[101]، فحسب رجل الاستخبارات السابق والباحث العسكري الحالي (وليم أركِن – William Arkin) في كتابه “الأسماء المشفرة” في الجزء الخاص بمصر، يقول: “تعتبر مصر أحد الشركاء العرب الصامتين، الذين يستضيفون القوات الأمريكية خفيةً، ويتعاونون مع المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية، ويدعمون العمليات الأمريكية دائمًا تقريبًا .. كانت توجد وقت أحداث 11 سبتمبر قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة الوسطى في مصر، بالإضافة لعشرين مرفق عسكري مصري تحت تصرف القيادة الوسطى الأمريكية، وقد خزن العتاد الأمريكي بصمت في مصر، وأبقيت قواعد جوية وبحرية بأفضل حال لحساب القوات الأمريكية”[102]، وبالرغم من السرية والتكتم لكن سرعان ما يتم الكشف عن هذه القواعد بسبب إعلانات طلب متعاقدين للعمل في قواعد أميركية بمصر[103] أو بسبب تسريبات أو تبعًا لسياسة رفع السرية، مثل:
- قاعدة راس بني ياس الجوية في البحر الأحمر[104]، التي حصلت الإدارة الأميركية على موافقة مكتوبة لاستخدامها رغمًا عن رغبة الرئيس (السادات) الذي كان يرغب أن تظل الموافقة شفهية ضمانًا للسريّة[105]، وحسب دراسات وتقارير الكونجرس تتمثل وظيفة القاعدة الأساسية في أن تصبح موقعاً محتملاً لانطلاق العمليات إلى الخليج الفارسي وللعمليات الطارئة الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا[106]، واشتملت حسب تقارير على مرفق لقوات القيادة الوسطى الأمريكية لإطلاق قاذفات بي-52 وطائرة النقل سي-5 وثكنات قادرة على استيعاب 25.000 فرد من القوات الأمريكية[107]، وفي فترة (مبارك) تم تعديل صيغة تشغيل القاعدة إلى “عقد تشغيل مشترك”[108] ويتم تداول تصريحات لمسؤولين مصريين أن القاعدة تم تحويلها إلى مطار مدني ونفي تواجد قوات أميركية، لكن يكذّب ذلك كله واقع حال انتشار إعلانات وظائف في القاعدة على المواقع الفدرالية الأميركية للمتعاقدين من العسكريين المتقاعدين.
- قاعدة بنى سويف الجوية: التي طبقًا لوثائق أمريكية تستخدم في التدريبات العسكرية والدراسات البيئية، ولدعم وحدة “أفريكوم”.
- قاعدة قنا الجوية بوادي شحات: التي استخدمت كمحطة تزويد وتحضير ضمن عملية مخلب النسر لمحاولة تحرير الرهائن في إيران 1980، ولاحقًا مكنت أمريكا من مراقبة الخليج العربي والشرق الأوسط بطائراتها والعودة لقواعدها دون الحاجة للتزود بالوقود.
- مركز “نامرو” الطبي التابع للبحرية الأمريكية: الذي يضم وحدة القوات البحرية للأبحاث الطبية رقم 3. وتعتبر نامرو 3 ثالث أكبر مختبر عسكري طبي أمريكي في العالم. وتشمل مهام المختبر خدمة الشرق الأوسط ومناطق الصحراء الإفريقية وأوروبا الشرقية كوحدة علاج وتدريب طبي حربي وخدمات البحوث والمراقبة لدعم الأفراد العسكريين، وتقييم وتطوير الأسلحة البيولوجية[109]. ويشمل عدد القوات العسكرية في نامرو 288 عنصر حسب إحصاء 2007 بتكلفة 51.9 مليون دولار سنويًّا[110].
- قاعدة برنيس البحرية: لتكون بمثابة قاعدة استراتيجية ترتبط مع الأسطول السادس والقوات الأمريكية الموجودة في أوروبا، وذلك تمهيدًا لعمليات التغلغل العسكري داخل العمق الافريقي.
- قوات حفظ السلام في سيناء.
- التسهيلات العسكرية من خلال: قواعد: برنيس وشرق القاهرة وغرب القاهرة الجوية، موانئ: بورسعيد والسويس والغردقة وراس التين والاسكندرية[111].
- قاعدة راس بني ياس الجوية في البحر الأحمر[104]، التي حصلت الإدارة الأميركية على موافقة مكتوبة لاستخدامها رغمًا عن رغبة الرئيس (السادات) الذي كان يرغب أن تظل الموافقة شفهية ضمانًا للسريّة[105]، وحسب دراسات وتقارير الكونجرس تتمثل وظيفة القاعدة الأساسية في أن تصبح موقعاً محتملاً لانطلاق العمليات إلى الخليج الفارسي وللعمليات الطارئة الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا[106]، واشتملت حسب تقارير على مرفق لقوات القيادة الوسطى الأمريكية لإطلاق قاذفات بي-52 وطائرة النقل سي-5 وثكنات قادرة على استيعاب 25.000 فرد من القوات الأمريكية[107]، وفي فترة (مبارك) تم تعديل صيغة تشغيل القاعدة إلى “عقد تشغيل مشترك”[108] ويتم تداول تصريحات لمسؤولين مصريين أن القاعدة تم تحويلها إلى مطار مدني ونفي تواجد قوات أميركية، لكن يكذّب ذلك كله واقع حال انتشار إعلانات وظائف في القاعدة على المواقع الفدرالية الأميركية للمتعاقدين من العسكريين المتقاعدين.
- الالتزام ببنود معاهدة كامب ديفيد وملاحقها الثلاث المعلنة منها والسرية، والتي منها:
- حق أميركا في إقامة محطات الإنذار المبكر أميركية في سيناء.
- حق القوات الأميركية في الاستطلاع الجوي والتفتيش والرقابة على القوات المصرية المتواجدة شرق قناة السويس.
- حق القوات الأميركية في اتخاذ الإجراء الذي تراه مناسبا لوقف أي انتهاك للمعاهدة من قِبل مصر أو “إسرائيل”.
العلاقات المصرية – “الإسرائيلية”
حسب دراسة[112] فمنذ “معاهدة كامب ديفيد” مثلت “إسرائيل” محور علاقة مصر والولايات المتحدة، إلا أن هذه العلاقة ظلت ضمن إطار “السلام البارد” لتحقيق المصالح البراغماتية المشتركة، أما بعد انقلاب 2013 ينظر النظام المصري و “إسرائيل” إلى بعضهما البعض باعتبارهما حلفاء استراتيجيين يواجهون أعداء مشتركين، حيث استنفر رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) سفراءهُ بالخارج لتدشين حملة علاقات عامة دعمًا لانقلاب (السيسي) في يوليو 2013[113]. وكذلك سمحت “إسرائيل” للجيش المصري بزيادة تعداد قواته في سيناء في سياق عملياته العسكرية ضد عناصر تنظيم داعش، في حين أعطى النظام المصري تفويضا مفتوحًا للجيش “الإسرائيلي” لشن غارات جوية على المسلحين بسيناء[114]، وهي الغارات التي بلغ تعدادها مائة غارة جوية منذ عام 2015 إلى فبراير 2018[115].
ومنح (السيسي) الكيان المؤقت ما لم يكن يحلم به لتشديد الحصار على غزة مثل هدم الأنفاق وضخ الغاز السام في بعضها قبل ردمها، وهدم 3 أحياء من رفح المصرية التي كانت تستخدم كتغطية لمداخل الأنفاق من الجانب المصري مع عمل خندق مائي عميق لمنع تجديد أو حفر أي أنفاق، وتهجير أكثر من 20 ألف من سكان القرى الحدودية مع فلسطين، وتمكين قبيلة الترابين المقربة من الكيان الصهيوني ووكيلها (إبراهيم العرجاني) من السيطرة على الأرض المتاخمة للكيان وتغليبها على باقي القبائل، ومنع المنح القطرية والجزائرية لإعادة الإعمار في غزة أو منح وقود محطات الكهرباء بزعم رفض السفير الفلسطيني في القاهرة لهذه الهبات، ضمن ما أطلق عليه الرئيس (السيسي) استراتيجية “السلام الدافئ”، قبال ما كان معروفًا إبان عصر (مبارك) انتهاج مصر سياسة “السلام البارد” مع “إسرائيل” على المستوى الرسمي فقط، بل أن الدولة المصرية كانت تغض الطرف عن تهريب السلاح إلى غزة[116] حسب تصريح (يوفال ستانيز) عضو الكنيست الأسبق، وكانت تدعم الأعمال الثقافية والفنية (سينما وتلفزيون وأغاني) المناهضة للكيان الصهيوني، بل كانت تسمح حتى بالأنشطة الثقافية في نفس الاتجاه لجماعة الإخوان المسلمين.
وامتدت العلاقات إلى الإطار الاقتصادي حيث تعاقدت شركة (دولفينيس) المصرية المملوكة للمخابرات العامة المصرية في عام 2017 على استيراد 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من إسرائيل لمدة عشر سنوات مقابل 15 مليار دولار[117]، وهو ما يجعل إسرائيل تتحكم في أحد العوامل المؤثرة في الأمن القومي المصري حيث تستهلك محطات توليد الكهرباء لوحدها 62% من استهلاك الغاز الطبيعي في مصر، في حين يستهلك القطاع الصناعي 12% آخرين. أي أن نسبة كبيرة من شريان ديمومة عمل القطاعين الكهربي والصناعي صارت بيد إسرائيل. مع التنبيه إلى أن إعلام النظام يردد أن هذا الغاز يستورد لتسييله وتصديره إلى الخارج لا للاستعمال الداخلي في مصر إلا أن بيان رسمي من الحكومة “الإسرائيلية” في صفحتها الرسمية باللغة العربية على الفيسبوك يقول إن الغاز “الإسرائيلي” المصدر إلى مصر هو “مخصص للاستخدام في السوق المحلي المصري.”[118].
العلاقات المصرية – الروسية
يتصور النظام المصري أن التنسيق مع روسيا على مستويات:
- التعاون النووي في مجال الطاقة الكهربية (محطة الضبعة)، الذي كان تم إيقافه في عهد (مبارك) بعد اعتراضات من السفارة الأميركية[119]، ثم أعاد الرئيس (السيسي) التوقيع عليه في 2016.
- دعم مصر السياسي والإعلامي للتواجد الروسي في سوريا واستضافة مصر المعارضة “المدنية السورية”.
- الدعم السري (فشل لاحقًا) في امداد الروس بالذخيرة في صراع الروس مع الناتو على أرض أوكرانيا.
- دعم خليفة حفتر في ليبيا.
- تنسيق جهودهما الأمنية والاستخبارية بخصوص مكافحة التنظيمات الإرهابية.
جميعها تقديمات كافية للحصول على مقابل:
- السماح باستمرارية تدفق القمح وزيت عباد الشمس والحديد للسوق المصري وعدم تأثير الازمة الأوكرانية على الإمدادات للسوق المصري الهش والمنهك.
ويطلب الروس من النظام المصري المزيد من الدعم في:
- الضغط على السودان لإنشاء قاعدة على البحر الأحمر.
- عدم المساهمة في توفير بديل طاقة من ليبيا تستغني به أوروبا عن الغاز الروسي.
العلاقات المصرية – الخليجية
منذ انقلاب 2013 تميزت العلاقات المصرية – الخليجية بالتقارب والتحالف مع دول بعينها وهي: السعودية والإمارات والبحرين؛ نظرًا لتماهيهم جميعًا مع توجهات الحزب الجمهوري في أميركا (لوجود مسانخة بين الأنظمة السلطوية المركزية عموماً والتيار المحافظ في الإدارات الأميركية) ما انعكس موقفهم الموحد تجاه عدد من القضايا المشتركة، مثل:
- العداء للتيارات الإسلامية (الأكثر ميْلًا إلى الحزب الديموقراطي مع حلفاءها: قطر – تركيا)[120].
- رفض تغيير الأنظمة الحاكمة عبر ثورات شعبية.
- التعاون الأمني العسكري مع إسرائيل ضد ما يسمونه “التمدد الإيراني” بالمنطقة.
على سبيل المثال اتخذت القيادة السياسية الإماراتية منذ اليوم الأول للانقلاب في مصر موقفاً داعماً للتغيرات التي شهدتها الساحة الداخلية المصرية، كما لعبت دورا محوريًّا في تخفيف الضغوط الإقليمية والدولية التي تعرض لها النظام الانقلابي آنذاك، سواء عبر تحركات منفردة مع مختلف الدول الغربية الهامة أو من خلال التنسيق الوثيق مع مصر على الصعيد الدولي متعدد الأطراف لإجهاض أي مساعي لطرح الشأن المصري الداخلي على الأجندة الأممية. وقد كان للدعم المالي الذي قدمته الإمارات والسعودية والكويت للنظام المصري عقب الانقلاب والمقدر بثلاثين مليار دولار دوراً هاماً في منع الاقتصاد المصري من الانهيار في تلك الفترة الحرجة، كذلك حركت الإمارات سفاراتها في أوروبا لقطع الطريق على جماعة من الإخوان ومنعها من حشد الرأي العام في أوروبا ضد الانقلاب من خلال تقديم بلاغات وأموال سياسية لقيادات أمنية وطلب أبحاث من عدد من المؤسسات الأكاديمية والجامعات تحذر دولهم من خطورة جماعة الإخوان المسلمين[121].
وتميزت علاقة الرئيس (السيسي) الشخصية بولي عهد الإمارات (محمد بن زايد) بخصوصية كبيرة، وامتد التنسيق بينهما إلى الشأن الليبي ودعم اللواء (خليفة حفتر)، هذا على الرغم من وجود تضارب مصالح حاليا في ملف السودان (حيث يدعم الجيش المصري الجيش السوداني في مقابل دعم الإمارات لقوات الدعم السريع)، كما تتسم توجهاتهما تجاه إيران بحد أدنى من التوتر مقارنة بالموقف السعودي، حيث يكتفيان بالتشديد على مطالبة إيران بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية دون التلويح بانتهاج خيارات عسكرية ضد إيران بشكل مباشر أو ضد حلفائها في اليمن ولبنان والعراق. وكذلك يتوافق الموقف المصري مع نظيره الإماراتي تجاه الأزمة السورية، حيث يرفضان الإطاحة بالنظام السوري أو حدوث انهيار كامل للدولة في ظل الخشية من أن يدفع ذلك الجماعات الإرهابية إلى صدارة المشهد السوري. وفي سياق التجاوب مع المحور السعودي الإماراتي البحريني شاركت مصر فيما اشتهر بأزمة حصار قطر التي اندلعت في مايو 2017.
ورغم ما سبق إلا أن الرئيس (السيسي) لم يستجب للمطالبات الخليجية الرامية لدفع مصر للمشاركة بقوات برية في أي عمليات عسكرية تقوم بها الدول الخليجية سواء في اليمن أو غيرها. واكتفى بالمساهمة ببعض القطع البحرية والقوات الجوية ضمن عملية عاصفة الحزم التي شنتها دول العدوان الأميركي – السعودي – الإماراتي ضد اليمن بدءا من عام 2015.
العلاقات المصرية – البريطانية
حرص الرئيس (السيسي) على توطيد العلاقات الاقتصادية مع بريطانيا باعتبارها مركزًا عالميًا للمال والأعمال حيث تمر عبر لندن أغلب تدفقات رؤوس الأموال الدولية المعنية بالاستثمار في الشرق الأوسط. كما تعد بريطانيا المستثمر الأجنبي الأول في مصر، حيث تناهز الاستثمارات البريطانية نسبة 50% من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بمتوسط 5 مليار دولار سنوياً.
وعمل الرئيس (السيسي) كذلك على تطوير آليات التعاون والتنسيق السياسي والأمني والعسكري مع بريطانيا. فأعاد تفعيل لجان التعاون العسكري المشترك بين البلدين في نوفمبر 2014 بعد توقفها منذ عام 2010. وهي لجان تختص بالتنسيق في مجالات (التدريب المشترك – التطوير والإنتاج – الفرق والدورات التدريبية – التسليح). وقد انعكس التعاون بين الطرفين على تبادل زيارات الوفود الأمنية. ومن أبرزها زيارة وفد بريطاني إلى القاهرة في 5 مارس 2015 برئاسة نائب مستشار الأمن القومي ومشاركة كبار مسؤولي وزارات الخارجية والدفاع والأجهزة الأمنية المعنية بملفات الشرق الأوسط، وذلك في إطار عقد أولى جولات الحوار بين الجانبين المصري والبريطاني بشأن مختلف القضايا الإقليمية والأمنية ومكافحة الإرهاب. فيما بدا أن محاولة تمدد بريطاني في مصر لملئ الفراغ الأميركي المتوقع.
ورغم ما سبق، فقد مرت العلاقة بين الطرفين بقدر من التوتر المؤقت، حيث أوقفت بريطانيا في أغسطس 2013 عدد “49” رخصة معدات تسليح لمصر بناءً على قرار من الاتحاد الأوروبي بحجة التأكد من عدم استخدام الأسلحة ضد المدنيين والمتظاهرين. وكذلك تدهورت العلاقات إثر إعلان السلطات الأمنية البريطانية أثناء زيارة الرئيس (السيسي) للندن أن الطائرة الروسية التي تحطمت فوق سيناء، سقطت إثر تفجير عبوة ناسفة على متنها. وهو ما اعتبرته القاهرة قلة لياقة في التعامل مع الجانب المصري. واستضافة بريطانيا عدد ذو شأن من رموز المعارضة المصرية بعد أن ضيّقت عليهم السلطات التركية والقطرية، مما انعكس في هجوم إعلامي مصري حاد ضد بريطانيا آنذاك.
العلاقات المصرية – الفرنسية
حرص الرئيس (السيسي) على توثيق علاقاته مع فرنسا نظراً لثقلها الأوروبي، واتفاقهما في عدة أهداف منها[122]:
- اتفاق السياسة الفرنسية مع رؤية الرئيس (السيسي) بخصوص مكافحة التيارات الإسلامية.
- الاتفاق على دعم حفتر في ليبيا.
- مساهمة مصر في تأمين مسارات الطاقة من شمال أفريقيا مما يحافظ على استقرار أسعار النفط والغاز في أوروبا.
- ملف الهجرة غير الشرعية. ومنح الجيش الفرنسي سيطرة جوية في الصحراء الغربية المصرية للسيطرة على مسارات الهجرة غير الشرعية وأنشطة الجماعات الإرهابية بين ليبيا ومصر.
- تجاوز فرنسا لخطاب الصوابية السياسية وأقنِعة شعارات الديموقراطية وشعارات الحفاظ على حقوق الإنسان ومساهمتها الفعالة في دعم الاستقرار السياسي للعديد من الأنظمة غير الديموقراطية حال إذا تمتعت تلك الأنظمة بأهمية استراتيجية وجيوسياسية.
ومن مؤشرات توطد العلاقة بين البلدين، حضور الرئيس الفرنسي السابق (فرانسوا هولاند) حفل افتتاح التوسعة الجديدة لقناة السويس كضيف شرف في عام 2015، وعقد فرنسا مع مصر عدة صفقات عسكرية ضخمة تضمنت بيع 24 طائرة مقاتلة طراز رافال وفرقاطات بحرية وسفن إنزال (من طراز ميسترال) تحمل طائرات هليكوبتر ومدرعات (من طراز ميسترال) بمقدار يقترب من 10 مليار دولار. الصفقات التي جعلت مصر في الترتيب الثالث على مستوى العالم في الانفاق على التسليح[123]، إلا أنه من غير المعروف كيف يمكن لهذا الانفاق الهائل أن يفيد الاستراتيجية العسكرية المصرية في ظل الوضع الاقتصادي الداخلي المتردي ومن الهشاشة بمكان حيث لا يمكن الاستناد على “الجبهة الداخلية” في شن أي حرب، هذا الانفاق الهائل الذي حسب دراسة “قد جعل من النظام واحداً من كبار زبائن شركات تصنيع السلاح الغربية، ما يؤدّي فعلياً إلى التداخل بين صناعات الدفاع الغربية وبقاء النظام”[124].
العلاقات المصرية – التركية
المحدد الأساس في رسم العلاقات بين البلدين هو التنافس التركي المصري على تصدير الغاز “الإسرائيلي” الى أوروبا، وربما كان سبب الموقف الإيجابي للنظام المصري من الأزمة السورية هو معرفته أن تحول سوريا من المحور الشرقي إلى الغرب سيمكنها من عبور أنابيب الغاز والبترول من الخليج عبر تركيا إلى أوروبا والاستغناء عن مشروعي: قناة السويس أو عمل مصر كمحور تصدير للطاقة في المنطقة إلى أوروبا من خلال محطات التسييل في إدكو ودمياط على البحر المتوسط. وربما كان هذا -في نظري- الملف الرئيسي الذي تفرعت عنه جميع الملفات الخلافية بشكل فرعي من قبيل:
- التقارب التركي مع حكومة الوفاق (غرب ليبيا) وعرقلة توسع الفريق المحسوب على (مصر والإمارات: خليفة حفتر) ناحية الغرب واستيلائه على طرابلس.
- تدخل تركيا في الملف الفلسطيني وتأثيرها بالذات على الفصائل الإسلامية ومحاولة مزاحمة مصر في دورها التاريخي كعامل ضغط وسيطرة وضامن لمعاهدة أوسلو. كان أقصاها هو محاولة تركيا كسر الحصار (المصري – الإسرائيلي) على غزة من خلال البحر عبر سفينة مرمرة.
- الموقف التركي الرافض للانقلاب العسكري في 2013م، واستضافة تركيا لعدد كبير من المعارضين المصريين وسماحها بنشاط إعلامي (قنوات: الشرق – مكملين – .. إلخ).
- تحالف تركيا مع قطر التي تُعد الداعم الأبرز للمعارضة المصرية (إعلاميًّا وماليًّا).
- وردًّا على ذلك حرص الرئيس (السيسي) على توثيق علاقاته مع اليونان وقبرص، فأوجد منذ عام 2014 آلية للتعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص عبر عقد قمة رئاسية دورية بين رؤساء الدول الثلاثة، مرورا بإجراء أول تدريب جوي مشترك بنين مصر واليونان في عام 2015 تحت اسم (حورس 2015)، ووصولاً إلى عقد تدريب جوي بحري ثلاثي مشترك تحت اسم (ميدوزا)[125]، وقامت ترسيم مصر حدودها البحرية مع اليونان و”إسرائيل” وقبرص اليونانية بما يضر بالمصالح التركية.
ويشير تطوير سلاح الجو المصري، والبحرية المصرية بصفقات أسلحة ضخمة خلال السنوات الأخيرة، إلى استعداده لاحتمالات تطور العداء مع تركيا إلى حرب واسعة على خلفية النزاع حول استكشاف آبار الغاز الطبيعي في المناطق البحرية المتنازع على ملكيتها في البحر المتوسط.
العلاقات المصرية – الصينية
يغلب على العلاقة الجانب الاقتصادي (التجاري لا الاستثماري)، والميزان التجاري يميل بدرجة كبيرة لصالح الصين وخاصة في ظل هيكل الصادرات المصرية الذي يغلب عليه المواد الأولية ذات القيمة المضافة المنخفضة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2009 حوالى 5,9 مليار دولار منها 5,7 مليار دولار صادرات صينية لمصــر و550 مليون دولار صادرات مصرية للصين، ويسعى الجانب المصري لتعويض العجز في الميزان التجاري مع الصين من خلال تطوير حركة السياحة والسفر المتزايدة من جانب الصينيين لمصر خاصة بعد إدراج مصر على قائمة المقاصد السياحية للسياح الصينيين وتشغيل خطوط طيران مباشرة بين القاهرة وبكين (في ذروة العلاقات بين البلدين بلغ عدد السائحين الصينيين لمصر في عام 2009 نحو 100 ألف سائح) وهي نسبة لا تذكر وتتوجه نحو الانخفاض ومن غير المتوقع أن ترتفع لأسباب أمنية واجتماعية ومناخية.
فضلًا عن عدم وفاء مصر بعدة التزامات قطعتها على نفسها بمنح حق إدارة موانئ أو مناطق اقتصادية حول مجرى قناة السويس لشركات استثمارية صينية، إلا أن مصر تراجعت تحت الضغط الأميركي[126] والإماراتي، بعدها لجأت الصين لعقد صفقة مع الحكومة “الإسرائيلية” لبناء وتشغيل وتأجير مجموعة من الأرصفة الاستراتيجية في ميناء حيفا[127].
كذلك فمهما حاول الصينيون اللعب على وتر الريادة المصرية لدى الجيش من خلال بيع معدات تتفوّق على نظيرتها الأميركية فإن رد فعل البنتاجون يكون حاسمًا للغاية في “تهديد” الجيش المصري، كشفت تسريبات ويكي ليكس من برقيات السفارة الأمريكية بالقاهرة، أنه في 2006، حذرت الولايات المتحدة المشير طنطاوي من اخبارية أن شركة صينية تعرض تزويد مصر بجهاز اختبار يعمل مع رادار أمريكي للإنذار والتشويش[128]، كما حذرت الولايات الأمريكية مصر من تمكين محتمل لوفد صيني لزيارة قاعدة جوية مصرية تضم طائرات إف-16[129].
ويستمر التنسيق الأمني بين حكومتي مصر والصين في قضايا مراقبة الطلاب المسلمين من الصين في الأزهر ومنع احتكاكهم بأي عناصر إرهابية، وترحيل أي عناصر من الإيجور تلجأ إلى مصر أو تمر عبر أراضيها. وتحاول مصر الاستعانة بالعلاقات الإيجابية للصين في سبيل إقناع الدول الأعضاء لانضمامها إلى مجموعة دول البريكس، ولكن لا يتوقع أن تستفيد مصر من هذه العضوية إلا بقدر النفوذ إلى جهة جديدة تستطيع الاقتراض منها وهي بنك التنمية الجديد؛ ولا يتوقع أن تستفيد مصر من إمكانية التبادل التجاري مع الدول أعضاء هذه المجموعة بعملات غير الدولار، حيث أن الصادرات المصرية لا تتوافق مع احتياجات أسواق دول هذه حيث تقوم فكرة عملة البريكس على تبادل السلع بين الدول الأعضاء بضمان بنك التنمية وبالعملات المحلية لهذه الدول بديلةً عن الدولار؛ فحسب دراسات[130] فإن الميزان التجاري الحالي (مقوّمًا بالدولار) بين مصر ودول البريكس جميعها (عدا جنوب إفريقيا) يعاني من العجز، أي أن واردات مصر أكثر من صادراتها. في الميزان التجاري الزراعي على سبيل المثال فقد سجل عجزًا عام 2016 قيمته نحو 4.2 مليار دولار. ومهما يكن السبب لهذا العجز المصري (مثل: تشوّه هيكل الصادرات – عدم تنافسية السلع المصرية في المواعيد التصديرية – الاعتماد على الاقتصاد الريعي والخدمي – شحّ المياه بسبب سد النهضة – ..) فإن انضمام مصر إلى هذا التكتل لن يمثل بالنسبة لمصر أي فرصة قد تحسّن اقتصادها الإنتاجي وفرصها في التصدير، لتراكم رصيد من عملة البريكس بحيث يمكنها من الاستيراد من الدول الأعضاء وإغلاق دورة التبادل.
العلاقات المصرية – الإيرانية
بالرغم من ضيق مساحات التقاطع السياسي بين النظام المصري ومحور المقاومة، إلا أن النظام المصري طالما استخدم “التقارب مع إيران” كورقة ضغط على حلفاءه، أو في بعض الحالات المناورة من خلال استخدام الدبلوماسية الشعبية مع النظام السوري، وفي بعض الحالات المتطرفة استضافة وفود أو فعاليات ثقافية محسوبة على أنصار الله في اليمن، إلا أنه لا يتوقع أن يكون لدى النظام الهامش اللازم لتغيير جذري في مواقفه الخارجية خارجًا عن الإرادة والسياسة الأميركية.
يتصوّر النظام المصري أن فتح باب السياحة في شرم الشيخ للسياح الإيرانيين أو تجديد أضرحة أهل البيت (عليهم السلام) في القاهرة هي أوراق كافية لكسب أرضية في الوجدان الشيعي كونه يرى أن الشيعة حتى على مستوى قياداتهم السياسية مندفعين وعاطفيين ولا عقلانيين وأنه يمكن مراوغتهم ببعض التحسينات الشكلية، وبسبب هذه الخلفية فإن النظام المصري يتعامل بازدواجية مع إيران من قبيل تكتيك (الحمائم والصقور) أي تصدير صحفيين مقربين من النظام في القنوات الخليجية للحديث بنبرة عدائية في القضايا الإيرانية وعند التعليق على أخبار التقارب بين البلدين، وفي نفس الوقت في الغرف المغلقة أو من خلال الوسطاء العمانيين أو العراقيين يقول كلامًا معسولًا أو يتخذ إجراءات تقارب شكلية من قبيل إعطاء التأشيرة عند الوصول للإيرانيين في مطارات محافظة جنوب سيناء. أو قول مسؤولين أمنيين مصريين تصريحات إيجابية عن العلاقات المصرية الإيرانية في الصحافة الأجنبية والتصريح بعكسها من مسؤولين على نفس المستوى ولكن في صحافة عربية.
على صعيد آخر حاول النظام المصري عدة مرات عمل اختراقات في الجسد الشيعي من خلال رعاية ما يسمى مشروع “التشيُّع العربي”، الذي بدا -إعلاميًّا- أنه أكثر تسامحًا معه، بخلاف “التشيُّع الفارسي” الذي يروِّج النظام المصري أن خلافه معه بسبب طموحه “الإسلاموي” التوسعي[131]. ويحاول في سياق مشروع “التشيُّع العربي” شد أطراف ومكوّنات عربيّة بعينها في الجسد لشيعي (في العراق: تيار الحكمة – التيار الصدري | في لبنان: بعض الشخصيات)، ويتسم مشروع “التشيُّع العربي” بكل سمات الإسلام السني منزوع السياسة ولكن بنسخة شيعية، مثل: فصل الدين عن الدولة والسياسة، والتركيز في البعد الروحاني الطقوسي والتديُن الفردي. على مستوى آخر كان النظام المصري يستخدم “شيعة مصر” لإرسال رسائل اعتراض وردَّات فعل محسوبة ضد إيران أو حزب الله من خلال الاعتقال أو من خلال اغلاق المؤسسات الخيرية، تذكر أحد الوثائق المسربة في ويكيليكس من البرقيات الدبلوماسية للسفارة الأميركية بالقاهرة أنه بمجرد أن أدان (السيد حسن نصر الله) الحصار المصري على غزة، قامت قوات الأمن المصرية باحتجاز 300 شيعي مصري وإغلاق عدد من المؤسسات[132].
ويمثِّل نجاح تجربة الإسلام السياسي بعد نجاح الثورة الإيرانية 1979 وانتصار حزب الله في تموز 2006 تحديًّا كبيرًا أمام الاستراتيجية التي تقودها مصر في المنطقة، التي بلغت بمبارك أن يطلب من الحكومة “الإسرائيلية” أن تقوم بـ”سحق” حزب الله في بدايات حرب 2006[133]، وفي تقريره للسفارة الأميركية عن اجتماعاته في بيروت، يتفاخر (أحمد أبو الغيط) أنه واجه ممثلي حزب الله بحقيقة أنهم “مجرد أدوات إيرانية تعمل ضد المصالح العربية”[134]، قبل أن يتبرع (أبو الغيط) في شرح استراتيجية مصر لمواجهة التواجد الإيراني في العراق من خلال بعثتها الدبلوماسية، وعندما ذكر استضافة محادثات سياسية بين الأطراف العراقية في القاهرة يقول (أبو الغيط): “إننا لن نستضيف شخصيات دينية في المحادثات السياسية، إنه ضد فلسفتنا، إننا نمقت أناسًا مثل الصدر والسيستاني.”[135].
وفي نفس السياق كان وزير الخارجية المصري (أحمد أبو الغيط) يبادر السفارة الأميركية بالقاهرة باقتراحات للحدّ من احتمالية تهرّب إيران من العقوبات المالية عبر النظام المالي المصري، ويطلب من الأميركان الضغط على الإمارات والعراق وقطر للاستجابة لمقررات جامعة الدولة العربية في تشديد الخناق على إيران، وأن يطبق الرئيس (أوباما) كل الاستراتيجيات التي تم تطبيقها سابقًا ضد كوبا لعزلها وإضعافها، ويعلن ترحيبه المسبق بتنفيذ أي إجراءات “يمكن أن تشوّه اسم وسمعة حزب الله” طبقًا لبرقيات مسربة من السفارة الأميركية بالقاهرة عبر موقع ويكيليكس[136]، في برقية أخرى يظهر وزير الإعلام المصري (أنس الفقي) في موقف من يقترح حلول وسيناريوهات على سكرتير السفارة الأميركية من أجل الإخراج الجيّد للعملية من الناحية السياسية عند تنفيذ طلب السفير بقطع بث “قناة المنار” من على قمر النايل سات[137]. لاحقًا تقدم ممثل دولة البحرين في جامعة الدول العربية بطلب رسمي إلى النظام المصري برفع إشارة البث من على القمر المصري.
قد تكون تكتيكات الازدواج المصرية تلك راجعةً إلى سياسة الصبر والصمت من إيران وحزب الله تجاه التصريحات والمواقف والسياسات الخارجية المصرية المعادية لمحور المقاومة. على سبيل المثال وفي التقارير المفصلة المقدمة من الجانب المصري إلى السفارة الأميركية بالقاهرة حول العلاقات “المصرية – الإيرانية”، تظهر تسريبات برقيات السفارة الأميركية على ويكيليكس أن المصريين عندما كانوا ينقلون “حالة” الإيرانيين يذكرون المفارقات التي تظهر الجانب الإيراني دائما في صورة الخاضع المهرول تجاههم؛ فالإيرانيين هم من يطلبون لقاء قيادات دينية من إيران مع قيادات دينية من الأزهر، والإيرانيين لم يذكروا إزالة علم إيران الشاهنشاهية (علم ما قبل الثورة) من مزار قبر الشاه في القاهرة إلا مرة واحدة وعلى استحياء، فيما يصرّ المصريون بكل عجرفة على إزالة تمثال خالد الإسلامبولي وتغيير اسم الشارع المسمى به في طهران، ويذكرون ذلك بكل فخر في تقريرهم إلى السفارة الأميركية كشرط “مستحيل” تم وضعه لعرقلة رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. ثم بروحية “الفهلوة” يقترح المسؤول المصري أن تسمح أميركا أن تستورد مصر القمح من إيران حتى تكتسب العلاقة بين البلدين طابع تجاري براجماتي، ويستمر الخيلاء والصلف ليخبروا الأميركي أنهم مع ذلك ضغطوا على الإيرانيين ليقنعوا السوريين بالكفّ عن لبنان! وتختتم البرقية بالخلاصة:
“FM Aboul Gheit is most forward-leaning on advancing Egyptian-Iranian relations. However, given the traditional disdain GOE leadership has for Iran, as well as bitter recollections of Iranian meddling in Egypt (most recently articulated by Omar Soliman in reftel b), we assess that Egypt will remain cautious, and stick to the preconditions.”
الترجمة: “مع أن وزير الخارجية (أبو الغيط) يميل نحو تطوير العلاقات المصرية-الإيرانية، ومع ذلك، نظرًا لحالة الازدراء التقليدية لدى قادة الحكومة المصرية نحو إيران، جنبًا إلى جنب مع الذكريات السيئة للتدخلات الإيرانية في مصر التي عبّر عنها (عمر سليمان)[138]، لذلك، في تقييمنا أن مصر ستظل حذرة وملتزمة بالمحاذير”[139]، نفس الازدراء يظهر في حديث رئيس الوزراء المصري (أحمد نظيف) مع عضو الكونجرس الأميركي (دايان واتسون – Diane Watson) عن محادثات جانبية مع ممثلي إيران في أحد المؤتمرات بإسطنبول، يقول (نظيف): “لقد كانوا متكبرين ومندفعين، إنهم يظنون أنهم الآن في غاية القوّة وأنهم يحملون راية الإسلام”[140].
العلاقات المصرية – الفلسطينية
ويقصد بها علاقة النظام المصري مع حماس والفصائل الفلسطينية التي لها حضور عسكري وشعبي، ورغم أن النظام المصري ينظر إلى حماس باعتبارها جناحاً من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين[141]، إلا إنه مضطر للتعامل معها باعتبار الضرورات الواقعية نظراً لأن ملفات:
التهدئة مع “إسرائيل”، وتبادل الأسرى، والمصالحة الوطنية الفلسطينية تمثل أحد أوراق التأثير التي تجعل لمصر حضوراً في المشهدين الإقليمي والدولي. لذلك فالنظام المصري يقدّم نفسه للأميركان على أنه الوسيط القادر على “تهدئة” هذه الفصائل وإقناعها بترك “الإرهاب”[142].
ومن ثم فقد حدث تقارب مصري حمساوي منذ نهاية عام 2017، إلا إنه يظل تقارباً تكتيكياً تمليه الأوضاع الراهنة لحين تمكن بديل مثل (دحلان) من إعادة التموضع داخل غزة، أو نجاح التحالف المصري – الخليجي – “الإسرائيلي” في الضغط على حماس وتجريدها من عوامل قوتها عبر تطويعها للتخلي عن خيار المقاومة وإضعاف ارتباطاتها بإيران[143] والإخوان وقطر وتركيا مع إلزامها بضبط الحدود مع مصر لمنع تهريب الأسلحة أو الأفراد من وإلى سيناء.
السياسات المصرية الخارجية
سياسة مصر تجاه ليبيا
يتبنى الرئيس (السيسي) تجاه الشأن الليبي سياسة تقوم على دعم جهود (خليفة حفتر) لفرض سيطرته على كامل الأراضي الليبية بالرغم من رفض (حفتر) الالتزام بمخرجات العملية السياسية في ليبيا والتي تحظى بدعم من أغلب المجتمع الدولي. وفي هذا السياق طالب الرئيس (السيسي) مجلس الأمن الدولي برفع حظر الأسلحة الذي فُرض ضد تسليح قوات (حفتر) باعتباره قائداً للجيش الوطني الليبي التابع لبرلمان طبرق، وطلب دعم روسيا لوضع فيتو على أي قرارات في مجلس الأمن ضد (حفتر).
ويأتي الدعم المصري لحفتر تحت ذريعة مساندة الحكومة والبرلمان الليبيين الشرعيين (يُقصد بذلك حكومة طبرق وبعض نواب البرلمان الليبي) في مكافحة الإرهاب والتصدي للمليشيات المتطرفة لتحقيق الاستقرار[144]. وكي لا تتحول ليبيا إلى بؤرة للإرهاب تؤثر على جوارها الإقليمي.
أما دوافع موقف الرئيس (السيسي) في ليبيا، فتعود إلى أن خلفية (حفتر) العسكرية وبغضه للجماعات الإسلامية بمختلف توجهاتها يجعله حصان الرهان المفضل للرئيس (السيسي). حيث تضمن القاهرة بذلك ألا تتحول ليبيا إلى قاعدة خلفية للتيارات الإسلامية. فضلا عن الحيلولة دون تقارب ليبيا (حكومة طبرق) مع قطر وتركيا المقربتين من حكومة الوفاق بطرابلس، وتشير تسريبات ويكيليكس[145] أن استثمار سقوط القذافي كان هدفًا بعيد المدى للنظام المصري، حيث شاركت قوات خاصة مصرية بشكل سري في الإطاحة بالقذافي في ليبيا وأن بعض ضباط هذه الوحدات السرية عبروا الحدود بالفعل وأجروا مباحثات مع ممثلي “المجلس الوطني الانتقالي الليبي” حول كيفية تقديم الدعم والسلاح وحتى الطعام والمواد الطبية لقوات المعارضة، غير أن (طنطاوي) و (عنان) حرصا بشدة على أن يبقى هذا الجهد سريا وألا يتسرب بأي شكل إلى العلن، وأن السلطات المصرية سمحت لمؤيدي المجلس الوطني الانتقالي بتهريب الأموال عبر الحدود لدعم الأنشطة المعارضة للقذافي، كما أشارت إلى أن ضُبَّاط العمليات الخاصة المصريين ساعدوا المعارضة في دفاعها الناجح عن بلدة الزاوية (50 كيلومترا غرب طرابلس) في مواجهة هجمات القوات الموالية للقذافي، وكان لهم فضل كبير في العديد من النجاحات القتالية الأخرى للمعارضين، مُنوِّهة أن القوات المصرية تعمل على الأرض ضمن فِرَق صغيرة مُتخفِّين في صورة ليبيين مقيمين في المناطق الحدودية مع مصر.
كما كشف بريد آخر بتاريخ 8 إبريل/نيسان الأهداف التي رغب المجلس العسكري في تحقيقها عبر المشاركة في الصراع الليبي، ويمكن تلخيصها في ثلاثة أهداف رئيسة: أولا، تعزيز الحضور الدبلوماسي المصري في ليبيا، خاصة في الشرق الذي تتمتع فيه القاهرة تقليديا بنفوذ كبير، حيث رغب المصريون في المساعدة بإنشاء هيكل سياسي ليبي جديد انطلاقا من المنطقة الشرقية، وتعزيز مكانة مصر من خلال تقديم نفسها بوصفها مدافعة عن الشعب الليبي ضد النظام، في الوقت الذي تنأى فيه بنفسها عن التدخل العسكري الغربي الذي تقوده القوى الأوروبية ذات السمعة الاستعمارية.
ثانيا، كان المجلس العسكري يخشى أن يتسبّب الصراع الليبي في ظهور أزمة لاجئين عنيفة على حدود مصر الشرقية حال غَزَت قوات القذافي الشرق، لذا فإن قادته رأوا أن دعم المتظاهرين يمكن أن يعمل بمنزلة خط دفاع مبكر ضد هذه الأزمة، وبالتوازي، ومع إدراك الجيش المصري أن شرق ليبيا يُعَدُّ معقلا للعديد من الجماعات المسلحة العنيفة التي قمعها القذافي؛ فقد أراد وضع هذه الجماعات تحت المراقبة مخافة أن يفتح الصراع الباب لعودة النشاط المسلح على حدود مصر الغربية.
وأخيرا، وربما الأهم، كانت ليبيا بعد القذافي تُمثِّل بالنسبة لمصر فرصة اقتصادية لا تُقدَّر بثمن. فمن ناحية، كان القادة العسكريون في القاهرة يرغبون في عودة حقول النفط الليبية للعمل بأقصى سرعة، واستعادة اقتصاد البلاد لعافيته من أجل جلب الاستقرار لتحويلات المصريين المقيمين هناك، الذين قُدِّر عددهم آنذاك بنحو 1.5 مليون مصري يرسلون 254 مليون دولار سنويا ولم يتوانَ الرئيس (السيسي) عن تنفيذ غارات جوية مباشرة على بعض المجموعات المناهضة لـ (حفتر) بسبب تورطها في أعمال إرهابية ضد مصريين في ليبيا. مثلما حدث في شن غارات للطيران المصري على مدينة درنة في اليوم التالي لنشر تنظيم الدولة الإسلامية مشاهد لقطع رؤوس 21 قبطيًّا مصريًّا على سواحل مدينة سرت الليبية في 15 فبراير/شباط 2015.
ويتعارض الموقف المصري تجاه ليبيا مع الموقف الأوروبي (وتحديدا مواقف بريطانيا وإيطاليا وألمانيا)، حيث تؤكد تلك الدول على أهمية عدم تأثير جهود مكافحة الإرهاب بالسلب على فرص نجاح العملية السياسية على المدى البعيد. وضرورة ضم المعتدلين (وفق المعايير الأوروبية) وعزل العناصر الأكثر تشددًا في معسكر طرابلس. ثم الانطلاق لتمكين الحكومة الليبية من ممارسة مهامها من العاصمة. وتنظر تلك الدول إلى (حفتر) باعتباره جزءاً من المشكلة لرفضه الخضوع لسلطة المدنيين أو القبول بالحل السياسي. ورغم ذلك نجحت القاهرة ومن خلفها أبو ظبي وباريس في إبقاء (حفتر) كلاعب فاعل في المشهد الليبي، وهو مالم يكن ليتم إلا مع قبول تام أميركي بدليل عدم وضع أي عقوبات أو حظر أسلحة أو عقوبات مالية على تجارة النفط وتصديره من ليبيا، إضافة إلى ما هو معروف من أن (خليفة حفتر) بعد هروبه من حرب تشاد وسفره إلى أميركا وحتى قبيل عودته إلى ليبيا وطوال 25 عام كان يعمل بشكل رسمي كـ “مستشار” لدى الاستخبارات الأميركية[146].
سياسة مصر تجاه السودان
يمثل السودان عمقاً مهمًّا للأمن القومي المصري، وينظر إليه النظام المصري بعناية نظراً لوجود عدة ملفات عالقة من أبرزها: الأمن المائي، وتقارب الموقف السوداني من أثيوبيا بخصوص إنشاء سد النهضة، والنزاع حول ملكية مثلث حلايب وشلاتين، وتواجد عدد من الإسلاميين المصريين المعارضين في الأراضي السودانية في ظل حماية نظام البشير (قبل سقوطه) لهم.
اعتمدت سياسة الرئيس (السيسي) تجاه السودان –بالأخص في عهد (البشير)- على سياسة العصا والجزرة، أما “الجزرة” فتتمثل في:
- التنسيق مع الجانب السوداني لتعزيز فرص الاستثمار الزراعي المصري بالسودان.
- السعي لربط مصالح الجانبين عبر تشغيل الطرق البرية والمنافذ.
- زيادة حجم التبادل التجاري.
أما “العصا” وأوراق الضغط فتتمثل في:
- تنشيط حركة المعارضة السودانية بالقاهرة.
- زيادة الحضور المصري بدولة جنوب السودان في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية[147].
- تقليص الدعم السياسي المصري للسودان في القضايا المتعلقة بالبعد الدولي مثل المحكمة الجنائية الدولية.
وقد حدثت تغيرات في تلك المقاربة بعد سقوط نظام (البشير)، حيث تقاربت القاهرة مع النظام السوداني الجديد بشكل كبير، ويتمتع النظام المصري بنفوذ استخباراتي كبير في كافة قطاعات وأجهزة الدولة السودانية.
سياسة مصر تجاه دول القرن الإفريقي
يحظى القرن الأفريقي بأهمية كبيرة؛ وذلك لدوره في تأمين المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وتنوع شبكة التحالفات الإقليمية والدولية المتواجدة فيه. ويسعى الرئيس (السيسي) لتأمين المصالح المصرية في القرن الأفريقي عبر تعزيز العلاقات الثنائية مع العديد من دوله مثل إرتيريا وجيبوتي، وتعزيز الدور المصري في “تجمع الساحل والصحراء “، وهو التجمع الإقليمي الوحيد الذي يضم مصر ودول القرن الإفريقي الثلاثة، وقد استضافت مصر لأول مرة تدريباً مشتركاً تابعاً للتجمع شاركت فيه قوات من (مصر والسودان ونيجيريا وبوركينافاسو) في ديسمبر/أيلول 2018 بقاعدة محمد نجيب العسكرية[148]. أما صور التواجد العسكري المصري في بعض دول القرن الأفريقي مثل أريتريا، فيتنوع ويتدرج من إرسال خبراء ومستشارين إلى إقامة مراكز تدريب، وتنفيذ مشاريع تنموية عبر جهاز الخدمة الوطنية.
سياسة مصر تجاه سوريا والعراق
سعت مصر لاستخدام كل الثقل السياسي والتاريخي لها مع النظام والمعارضة لتبريد الأزمة السورية من خلال استقبال وفد من المعارضة السورية، حيث تم عقد مؤتمر من مختلف كوادر الطيف السياسي السوري والذي عقد في يونيو/حزيران 2015، نتج عنه إصدار وثيقة بعنوان “خارطة الطريق للحل السياسي التفاوضي من أجل سوريا ديمقراطية ” تنص على استحالة الحسم العسكري للنزاع، وتم تدشين منصة القاهرة للمعارضة السورية في عام 2017 وأُسست من عدد من المشاركين في مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية 2015، وتضم “تيار الغد”، و”شباب الحراك الثوري”، و”مجلس سوريا الديمقراطية ” و”المجلس الوطني الكردي”، والآشوريين والعروبيون وجهات مستقلة، ثم أعلنت مصر مؤخراً على لسان (سامح شكري) وزير خارجيتها عن دعم مصر لعودة سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية.
أما على الجانب العراقي فحاولت مصر من خلال مشروع “الشام الجديد” عمل تحالف مع الأردن لتوفير بدائل أميركية عن النفوذ الإيراني في العراق في مجالات الإعمار والأمن والكهرباء وتصدير المنتجات البترولية من العراق عبر الأردن ومصر ولكن باءت طموحات البلدين بالفشل، حتى الآن. يذكر أن تسريبات برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة عبر موقع “ويكي ليكس” أظهرت أن المخابرات العامة المصرية على لسان رئيسها آنذاك اللواء (عمر سليمان) عرضت على المنسق الأميركي لسياسات العراق (ريتشارد جونز) أن تتولى المخابرات العامة المصرية تدريب أجهزة الأمن العراقية لمكافحة التمرد الداخلي وضبط الحدود ضد عمليات تهريب السلاح، وحاول اقناعه أن ذلك سيخفف الضغط على القوات الأميركية، وهو ما اعتذر عنه وقتها المنسق الأميركي[149].
سياسة مصر تجاه أوروبا
مع اطمئنان النظام إلى أهمية مصر للاتحاد الأوروبي وحرصه على تطوير التعاون الأمني والتنسيق بخصوص مكافحة الهجرة غير الشرعية -حيث إن واحدًا من كل ثلاثة لاجئين في العالم هو من العرب[150]-، لهذا، يتجاهل النظام المصري المطالب الأوروبية المتعلقة بالإصلاح السياسي الداخلي لتيقنه من حرص الاتحاد الأوروبي على منع انهيار الدولة، لأسباب:
- أن انهيار النظام في مصر قد يجعلها على غرار سوريا مصدرًا رئيسياً للهجرة الحدودية إلى أوروبا.
- أن ضعف القبضة الأمنية يساهم في تنامي قوة التنظيمات الجهادية جنوب البحر المتوسط.
سمات السياسة الداخلية
ترى (ميرا تسوريف – Mira Tzoreff)[151] في ورقة بحثية لها صدرت في مارس 2022م ونشرها مركز “دايان” لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في جامعة “تل أبيب”، تقول: “أن (السيسي) يبحث عن ماضي مصر الفرعوني لاستنساخه، وطمس ملامحها العربية الإسلامية، وتذهب الباحثة إلى أن تنمية “الهوية الفرعونية” لمصر تخدم أجندة (عبد الفتاح السيسي) فهو يقود المعركة على الوعي ضد عدو النظام الحاكم خاصة ‘الإخوان المسلمون’ ممن يتعامل معهم السيسي كـ ‘أعداء الأمة’ .. هذه الهوية الفرعونية التي يرعاها (السيسي) كمحاولة لتبرير الزعم بأن الحصول على حكم فعال مجدّ يلزم بنظام حكم مركزي وواسع الصلاحيات على غرار الآباء الفراعنة وبالتالي منح الشرعية لحكمه الاستبدادي”[152]. مهما كانت طبيعة النظام السياسي الحاكم لمصر فإنه طالما اعتمد في توطيد أقدامه في البلاد بما يسمى في الأدبيات الإسلامية “الفرعنة السياسية” التي هي مزيج من سياسات الإقطاع والنظام البيروقراطي وسياسات الحكم بالأقليّة أو ما يسمى بـ “الأوليغارشية”، وتتميز بسِمات أساسية:
الأولى: الاعتماد في حكم البلاد على فرض النظام بالقوة الأمنية
وهذا بطبيعة الحال يستلزم صعود نخبة تكون أداة الحاكم في فرض النظام، وأن هذه النخبة/الحاشية محتاجة دائمًا إلى امتيازات (في الأغلب مالية) للحفاظ على ولائها للسلطة المركزية وضمان عدم انقلابها أو تآمرها مع قوة خارجية أو انقسامها وتفتت ولاء بعضها إلى (الرجل الثاني!).
الثانية: أن القوة تبحث عن المزيد من القوة
التحالف مع القوى الدولية الأكثر حضورًا إما بدافع الاضطرار أو بدافع براغماتي، ما يسمى بالمصطلح الأكاديمي “مبدأ توازن القوى البيسماركي” في العلاقات الدولية.
الثالثة: استصفاء نخبة للحكم واستضعاف طائفة أخرى
لاستخدام الأولى في الحكم والثانية في العمل لتمويل الدولة، بالرغم من أن هذا هو المبدأ الطبيعي في تسيير الدول الحديثة (أن يكون هناك نخبة حاكمة تحتكر القوة والشرعية)، إلا أنه في حالة “حكم الأوليغارشية” يكون التفاوت كبيراً جداً بين الدخل المالي والسلطة والنفوذ والمحاسبة والامتيازات بين الحاكم والمحكوم. (على سبيل المثال فإن متوسط دخل العاملين بالأجهزة السيادية المصرية[153] يتراوح من 20 إلى 50 ضعف متوسط دخل المواطن العادي)، ما يجعل الفئة الأولى شديدة التمسك بالحكم والولاء للحاكم، والفئة الثانية مهمشة وغير قادرة على الثورة وتشعر بالاغتراب ولا تشعر بانتماء حقيقي للبلاد.. وحتى مع وجود ضعف في الاقتصاد المصري فإن “الدولة العميقة” اتخذت إجراءات لحماية النخبة الحاكمة من الإفلاس والضياع الاقتصادي من خلال:
- عمل 3 موازنات للدولة: الأولى هي الموازنة العامة التي يتم عليها جميع المعاملات الدولية والمدينة لصندوق النقد والاقتصاد العالمي، الموازنة الثانية هي موازنة الصناديق الخاصة التي تنفق على الامتيازات الشخصية لموظفي الهيئات السيادية، الثالثة هي موازنات الهيئات السيادية كأن يكون لدى المخابرات العامة المصرية عدة مشروعات اقتصادية تمكنها من استمرارية الأداء الأمني بكفاءة حتى لو انهار الاقتصاد المصري.
- عزل الجهاز الإداري للدولة جغرافيًّا عن بقية الناس (العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين ومدينة شرم الشيخ) من أجل ضمان استمرارية عمل الجهاز الإداري للدولة حتى في حالات الاضطرابات الاجتماعية.
واستمرت سياسة تمكين النخبة الحاكمة (الجيش والشرطة) في السيطرة على مفاصل الدولة ضمن سياسة تمكين (أهل الثقة)، من خلال إعادة تدويرهم في مناصب مدنية بعد التقاعد من المؤسسة العسكرية أو الشرطية في مواقع: وكلاء وزارة – محافظين – مجالس إدارة شركات مملوكة للدولة. مع انتهاج سياسة “تقنين الفساد” من خلال تشريع المعاملات المالية لبعض قطاعات الدولة خارج الميزانية الرسمية للدولة وخارج رقابة الدولة ليتمكن “أهل الثقة” من حرية التصرف في ميزانيات “الصناديق الخاصة” بما يشمل حتى منح مكافآت لأنفسهم[154].
الرابعة: التحكم بمركزية شديدة في الموارد الطبيعية
فلا يمكن الاستفادة من مياه النيل أو البناء على أي مساحة خالية من الأرض غير مملوكة لأحد، ولا يمكن حتى تركيب خلايا طاقة شمسية بدون استئذان الدولة، لأن جميع المياه والأرض وأشعة الشمس مملوكة للدولة. ولا يمكن التصرف بها إلا بإذن الدولة.
وانعكس ذلك بشدة على المجتمع المصري وتشكيله سيما السمات الشخصية للفرد المصري، التي يمكن من خلالها معرفة كيف تشكلت قواه الاجتماعية المؤثرة، المرتبطة بمستقبل البلاد السياسي، لنعرف هل يمكن أن تحدث فعلًا “ثورة جياع”؟ هل يمكن أن يبزغ فجأة “تنظيم سري” ما يغيّر نظام الحكم؟.
صفات الشخصية المصرية
يتسم المجتمع المصري بعدد من الصفات الشخصية المميزة ارتبطت مع مبادئ “الأوليغارشية” بعلاقة “تجاذب”[155] كما يسميها (ماكس ويبر – Max Weber)[156]، أي أن أحدهما ليس بالضرورة سبب للآخر، ولكنها مجموعة ظواهر وجودها يعضد بعضها بعضًا، نشأت بالتوازي نتيجة ثقافة المجتمع الريفي الزراعي[157] الخاضع للسلطة المركزية التي تضبط النهر وتجمع الضرائب وتسيّر أمور الشرطة لحفظ فائض الثروة، ونتيجة تأثيرات جغرافية وبيئية مثل: غلبة الأرض السهلية التي تسهل سيطرة الحكومة المركزية، وقد عملت الدولة على القضاء على أي قوة اجتماعية خارجة عن سيطرة الدولة من خلال:
- الاختراق الأمني وتصفية النقابات المهنية والأحزاب السياسية واتحادات الجامعات والنوادي الاجتماعية[158].
- تشريع قوانين تأميم الأوقاف الأهلية وتأميم أي أوقاف من الملكية الأهلية إلى ملكية وسلطة الدولة[159].
- ومؤخرًا عمل نظام الشمول المالي للسيطرة على أي ملكيات عقارية أو تحويلات مالية.
- فضلًا عمّا هو معروف من القبضة الأمنيّة الشديدة للأجهزة المصرية.
بعض الباحثين وصل إلى استنتاج أن سياسة النظام المصري العمرانية قائمة على القضاء على المساحات الخضراء والحدائق المفتوحة لا بدافع الاضطرار من أجل اهداف التوسع العمراني (وإلا اتجه إلى المساحات الصحراوية)، ولكنه راجع إلى عدم قدرته على السيطرة الأمنية على أي أنشطة اجتماعية في هذه المساحات ولضمان عدم حدوث أي تجمعات قد تتحول إلى مظاهرات، وبسبب مساهمة هذه المساحات في تقوية الروابط الاجتماعية وحضور الـ “نحن” على حساب “الأنا”، ما يصعّب إعادة هندسة المجتمع المصري من النمط الاشتراكي الى النمط الليبرالي، ونفس الأمر بالنسبة إلى إلغاء أي أنشطة درسية في المساجد والاقتصار في فتحها في أوقات الصلوات فقط[160].
.. ومثل جميع الشعوب المقهورة أو “الإنسان المهدور” بتعبير عالم الاجتماعي اللبناني (د. مصطفى حجازي)[161] والتي عاشت تحت حكم سلطة أجنبية أو دولة مركزية مستبدة بالسلطة لفترات طويلة اتسمت الشخصية المصرية بعدة صفات مغايرة للمتوسط العربي منها:
الفهلوة
إذا كان مفتاح الشخصية الإنجليزية هو “الجنتلمان”، ومفتاح الشخصية الأميركية هو “البراغماتي”، فإن الشخصية المصرية مفتاحها هو “الفهلوي”، هذا يوافق رأي المستشرق الفرنسي (جاك باركن) الذي يقول: “إن الفهلوة هي السلوك المميز للشخصية المصرية … هذا السلوك مكّن مصر من ألا تضيع أبداً، لكنه جعلها تخسر كثيراً”[162]، وفي كتابه “التنشئة الاجتماعية في قرية مصرية” يُصدِّق دكتور (حامد عمار)[163] على مقولة المستشرق الفرنسي محاولاً قطع شوط طويل في المسافة الشائكة بين كون الفهلوة سلوكاً أنقذ مصر على طول تاريخها من الضياع، والخسارة التي ما زالت مصر تتكبدها بسبب الفهلوة[164].
والفهلوي في التوصيف النفسي هو شخص لديه سمات سيكوباتية، وليس بالضرورة أن يكون سيكوباتيّاً بالمعنى الاصطلاحي المعروف، وهذا يعطيه قدرة على الخداع والمناورة، فهو كثيراً ما يبدو خفيف الظل، خفيف الحركة، يغري بالقدرة على تخليص الأمور الصعبة والمعقدة، ويغري بالرغبة في المساعدة في حل المشكلات العويصة، فلكل عقدة عند الفهلوي ألف حل، ولكل شخص عنده مفتاح وثمن، والفهلوي لا يحل المشكلات بالطرق المعهودة من العمل والمثابرة والتفكير والتخطيط، وإنما يتخطى ذلك كله إلى الطرق الخلفية والخفية والسريعة بصرف النظر عن مشروعيتها القانونية والأخلاقية.
والفهلوي بهذه السمات السيكوباتية يميل لأن يبدو مهذباً، وهناك تعبير: (السيكوباتي المهذب)، والذي تراه في مستويات وظيفية أو قيادية أو سياسية عالية يتحدث بهدوء وأدب، ويعطيك شكل الأشياء دون جوهرها؛ ولأنه يعرف حرص الناس على الشكل فهو لا يصدمهم بانتزاع الشكل، فيحافظ على الظاهر قانونيّاً أو أخلاقيّاً مع الاحتفاظ بحقه في العبث بالجوهر، أو انتزاعه تماماً بما يحقق مصلحته. والمحافظة على الشكل تحمي الفهلوي من المساءلة والانتقاد وتجعله قادراً على المناورة والدفاع عن نفسه إذا حاول أحد كشفه أو محاسبته، وهذا مما يرسخ لسلوك الفهلوة ويحبط كل محاولات الإصلاح الجادة؛ حيث تصطدم كل هذه المحاولات بأن كل شيء تمام على مستوى الشكل، ولا تستطيع أن تثبت غياب المضمون أو تشوهه؛ لأن الفهلوي (أو السيكوباتي المهذب) لديه القدرة على المناورة والجدال.
العلاقة الملتبسة مع السلطة
السلطة في مصر تتعامل بالمثَل القائل: “رهبوتٌ خيرٌ لك من رحموت”، “أي: لأن يُفْرَقَ منك فرقاً خيرٌ من أن تُحَبّ”[165]، وهذا التوجه من السلطة وأدواتها انعكست على المواطنين؛ الذين يظهرون الاحترام والتوقير للسلطة وأدواتها وهم في دواخلهم يمقتونها وينتظرون الوقت الذي يتخلصون فيه منها.
فيرى الدكتور (حامد عمار) أن المصري “الفهلوي برغبته الدائمة والملحة في تأكيد الذات يشعر في قرارة نفسه بالسخط على الأوضاع التي توجد التمايز والتفرقة أيّاً كان نوعها، ومهما كانت أسبابها ومبرراتها، ويتفرع من ذلك عدم الاعتراف بالسلطة أو الرئاسة، والتنكر لها في أعماق الشعور، مع أنه في الظاهر يبدي الخضوع ويستخدم عبارات فيها مبالغة شديدة للتفخيم (أفندي وبيه وباشا، سعادة الباشا)، ويلجأ إلى طقوس زائدة عن الحد للتعبير عن الاحترام، ويخفي كل ذلك الشعور بالامتعاض.
فهو لا ينظر إلى السلطة أو الرئاسة على أنها ضرورة من ضرورات التنظيم مع ما يتطلبه من توزيع المسئوليات وتحمل الأعباء في التنظيم الاجتماعي أو الإداري، ولكنه ينظر إليها على أنها قوة قاهرة يذعن لها إذعاناً لما تبعثه في نفسه من الهيبة والخوف”، وهذا النمط من الشخصية المصرية “لا ينتظر من السلطة المقتدرة أي نوع من الألفة أو رفع الكلفة، بل يتوقع أن يجدها حازمة صارمة كأنما ذلك من طبيعة الحكم والسلطان، ولا شك أن الخوف من السلطة أو هيبتها من الأمور التي طبعتها الظروف التاريخية في شخصية المصري نتيجة لعلاقة الحاكم واستجابة المحكومين.
وقد أشار (الجبرتي) حين وصف شعور الأهالي نحو الملتزمين بجمع الضرائب إلى أن الفلاحين كانوا يهابون الملتزم القوي، أما إذا التزم بهم ذو رحمة ازدروه في أعينهم واستهانوا به وبخدمه، وماطلوه وسموه بأسماء النساء”[166]، الإرث التاريخي للدولة المركزية والاحتلال الأجنبي شبه الدائم للأراضي المصرية أورثت الأجيال الحذر من الحكومة بشكل غريزي، وعمل المستحيل للإفلات منها، من قوانينها ولوائحها وتعليماتها، ثم شن حملات مضادة عليها عندما تحين لنا الفرصة، حتى الآن يداخلنا شك في أننا نحكم أنفسنا، وفي المقابل سنجد الذين وصلوا إلى مواقع الحكم والسلطة يتوحدون على الفور بنفسية ذلك المملوك القديم المستورد من الخارج التي امتلأت أبعادها بالقسوة والحذر من هذا الشعب (النمرود)، وهكذا تستمر علاقات الحذر والتربص بين الحكومة والأهالي كامتداد لا واع لآليات الواقع في الحكم الأجنبي”.
التكيف السريع والقدرة على التلون مع الموقف ونقيضه
اكتسب المصري قدرة على التأقلم مع شتى الظروف، وإمكانية ترتيب أوضاعه وفق ما تمليه عليه تلك الظروف؛ فهو لا يسخط على حاله بقدر ما يسعى حثيثاً للتكيف مع الوضع الجديد سواء كان سياسيّاً أو اجتماعيّاً أو اقتصاديّاً.
والملاحظ لحالة الشعب في مرحلة ما بعد الانقلاب وما تمر به من تردٍّ اقتصادي يجد تكيُّفًا مع الظروف الراهنة، وتفنُّنًا عجيباً من الناس في مسايرة تلك المرحلة، لكن للتكيف والتأقلم حد أقصى؛ إذ إن الشعب يثور حين يتم تهديد لقمة عيشه بشكل خطر، وهذه الصفة لها وجهان أحدهما إيجابي والآخر سلبي:
- فالإيجابي يعني أن الشعب قادر على الصبر والصمود والرضا بشظف العيش وتقبل الواقع، فإذا أضفتَ إلى تلك المنظومة حكومة رشيدة عادلة حينها تتكامل أركان بناء الدولة وتتقدم خطوات إلى الأمام.
- أما السلبي في تلك الصفة فإنها مدعاة لنمو وتفاقم الفساد، فكلما احتمل الشعب وصبر زادت الحكومة من أثقاله وأوجاعه من: فرض ضرائب، رفع الدعم عن السلع الغذائية والوقود… إلخ؛ فالحكومة هنا تتوقع من الشعب تكيفاً مع ما تفرضه وتأمن من ثورته وغضبه.
استطلاع رأي أجراه المعهد الديموقراطي الوطني يوضّح طبيعة الأولويات المطلبية المصريين. |
المبالغة في تأكيد الذات والإلحاح على إظهار قدرة فائقة
وهذه الظاهرة تبرز نتيجة لطغيان الشخصية النرجسية نتيجة الخطاب القومي الشوفيني العنصري الطاغي على الإعلام المصري ليعطي انطباعاً بأن مصر هي محور العالم كله، وأن المصريين هم الأذكى والأقوى والأكثر حكمة وبراعة، والمحصنون ضد كل الأمراض المعدية. ويرصد (طارق حجي)[167] في كتابه “نقد العقل العربي” أن تلك النرجسية لم تكن موجودة من قبل كما هي عليه اليوم فقال: “إذا قارنا وسائل إعلامنا الحالية بصحفنا ومجلاتنا منذ نصف قرن لاكتشفنا أن هذه الصفة لم تكن متفشية في الماضي كما هي متفشية اليوم .. كذلك إذا قارنا هذه الصفة الشائعة عندنا بالأوضاع المماثلة عالميّاً، ولا سيّما في الدول المتقدمة، وجدنا أنفسنا منفردين بهذا الكم الهائل من مدح الذات بصفة دائمة”[168].
الانفعال الفكري
يترك الاستبداد وتوابعه آثاراً كبيرة في تكوين الشخصية المقهورة في دول العالم النامي، ويصيبها بقصور حاد في التفكير نتيجة التشوهات النفسية التي ضربتها بعنف، فأصابها بما قد يمكن أن نطلق عليه “الانفعال الفكري” يقول (د. مصطفى حجازي)[169]: “تنتج عن هذه الحالة -يقصد الانفعال والقصور في التفكير- عدة ظواهر كثيرة الشيوع في العالم النامي، أبرزها سرعة تدهور الحوار العقلاني والتفكير المنطقي، والتعصب والتحيز وسرعة إطلاق الأحكام القطعية والأحكام المسبقة، وسيطرة التفكير الخرافي والسحري”[170]، ويؤكد (د. محمد المهدي)[171] على وجود هذا النمط من التفكير عند عامة المصريين فيقول: “إننا نلحظ أن التفكير لدى المصريين يغلب عليه بعض الصفات التالية منفردة أو مجتمعة:
- غلبة المشاعر والانفعالات على المنطق والموضوعية.
- الموقف الاستقطابي تجاه الأفكار الجديدة، والذي يظهر إما في الاستسلام والتسليم الكامل لها، أو في رفضها نهائيّاً دون المرور على المراحل البينية في الرؤية، وربما يعود هذا إلى النقطة السابقة من غلبة المشاعر وضعف الموضوعية.
- اللجوء للقوة أو للهجوم الشخصي للتعامل مع الأفكار بديلاً عن تفنيدها ودحض الحجة بالحجة.
- وجود الكثير من أخطاء التفكير مثل: التعميم والتهويل والتهوين والاستنباط التعسفي والتفكير الخرافي، والتفكير الخرافي -بشكل خاص- يأخذ مساحة كبيرة في العقلية المصرية.
- ضعف الجوانب المعرفية: أو كما أطلق عليها يوسف إدريس “فكر الفقر وفقر الفكر”، فعلى الرغم من أن رجل الشارع المصري يتحدث كثيراً إلا أنك تلحظ على محتواه المعرفي عدة أشياء منها:
- سطحية المعلومات.
- أغلب معلوماته عبارة عن انطباعات شخصية يغلب عليها الانفعال والتحيز الشخصي.
- أغلب المعلومات -إن لم تكن كلها- سماعية شفاهية؛ فقليلاً ما يلجأ رجل الشارع المصري العادي إلى قراءة كتاب ليحل مشكلة تواجهه، وإنما هو يفضل أن يسأل أحداً.
- أغلب معلوماته عبارة عن انطباعات شخصية يغلب عليها الانفعال والتحيز الشخصي.
- سطحية المعلومات.
- أحادية التفكير: بحيث يرى الموضوع (أو يحب أن يراه) من جانب واحد يرتاح إليه، وهذا مرتبط بغلبة الجوانب الانفعالية المتحيزة، ومرتبط -أيضاً- بضعف الجوانب المعرفية والمعلوماتية والتي تجعل المعلومات المتوفرة غير كافية لرؤية محيطية شاملة أو رؤية متعددة المستويات، لذلك ترى أحكام كثير من المصريين قاطعة ومطلقة، وهي أحد سمات التفكير البدائي والدوجمائي الذي ينطلق من قوالب ثابتة، ولا يرى غيرها بسهولة.
- ضعف مَلَكة الفكر النقدي: الفكر القادر على رؤية الجوانب المختلفة لأي موضوع بحيادية وتجرد، والقادر على تجنب المنزلقات الفكرية “تحت الضغوط السلطوية”، أو التحيزات العاطفية “تحت ضغوط الاحتياجات الذاتية”، أو ردود الفعل الدفاعية.
- ثقافة “الكلام الكبير”: هذا التعبير مأخوذ عن كتاب (طارق حجي) “نقد العقل العربي”، والذي يعيب الشخصية المصرية فيه على لجوئها إلى المبالغات السطحية والكاذبة.
من ليس معنا.. التأثير المملوكي
يقول (طارق حجي): “ينتج من اختلاط (تقلص سلوك السماحة) و(تآكل هامش الموضوعية) عيبٌ آخر جديد هو عجز الكثيرين منا عن رؤية (من ليس معنا) إلا بصفته (ضدنا) أو (علينا).”[172]، وهذا حسب علم الاجتماع التاريخي: “من آثار العهد المملوكي على التفكير المصري التي لا تزال قوية وحية رغم انتهاء المماليك في مصر بمذبحة القلعة سنة 1811م”[173].
وقد ضاعف من عمق جذور هذا العيب، أن التاريخ المملوكي الذي ترك أعمق الآثار في تكوين شخصية المصريين قد عرف هذ الأسلوب في التفكير في الحكم على الآخرين على أوسع نطاق؛ فطيلة القرون التي قبض فيها المماليك على زمام الأمور في مصر، كان المجتمع يرى بوضوح وكل يوم تطبيقاً عمليّاً على (أن من ليس معنا فهو ضدنا أو علينا) مع توابع هذه المقولة وآثارها المترجمة في مواقف كثيراً ما اتسمت بالعنف والقسوة والدم الذي ميّز هذه الفترة.
القبول بالأمر الواقع
تميل الشعوب المقهورة إلى القبول بالأمر الواقع من الطغيان، إما للقهر الواقع له أو للخداع الذي يقع فيه، ونتيجة لهذا القهر أو الخداع -أو كلاهما معاً- يقبل الشعب بالديكتاتورية بعد الحرية، في كتابه “مقالة العبودية الطوعية” يقول (إيتيان دو لا بويتي – Étienne de La Boétie)[174]: “إنه لأمرٌ لا يُصدَّق أن ترى كيف أن الشعب -من بعد أن جرى إذلاله- يسقط بغتة في نسيان للحرية عميق جدّاً حتى ليغدو مستحيلاً عليه أن يستيقظ ليعود فينالها”[175]، ويعود باللائمة على هؤلاء الراضين بالذل والاستعباد دون تململ أو ضجر فيقول: “هو يؤدي دوره رقيقاً بكل طيب خاطر، حتى ليسعنا القول: إنه لم يفقد فقط حريته، بل هو قد فاز بعبوديته .. صحيح أن المرء يخدم بادئ ذي بدء مرغماً ومهزوماً أمام القوة، لكن الناس التابعين يفعلون ذلك غير نادمين، بل يقومون عن طيب خاطر بما قام به سابقوهم قسراً؛ فالناس الذين ولدوا تحت النير، ثم نموا فترعرعوا في ظل العبودية، من غير أن ينظروا البتة إلى ما قد سبق، يرضون بالعيش على نحو ما ولدوا ولا يفكّرون قط في الحصول على خيرات أخرى أو حقوق أخرى سوى ما وجدوا”[176].
ضعف القدرة على العمل الجماعي
بالرغم من أن البيئة الزراعية قد فرضت على المصريين من قديم العمل الجماعي، ولكنه كان عمل جماعي تحت قوة خارجية قاهرة: (الفرعون – ناظر الملك – .. إلخ)، لذلك فالفردية وغلبة الـ”أنا” متفشية في معظم الشخصيات المصرية وخاصة النخب، وليس هذا من قبيل الأنانية لمجرد الأنانية، ولكنه تأكيد للذات من ناحية، ومن ناحية أخرى الانصراف عن احتكاك الذات بغيرها بالشكل الذي يعرِّضها لمواقف تنكشف فيها حقيقتها، أو تذوب فيها شخصية الفرد في شخصية الآخرين.
ويضاف إلى ذلك جذور العصبيات القبلية والعائلية، ونقص التربية الاجتماعية؛ لأن الإنسان يولد بنوازع الفردية والأنانية، ثم ينجح المجتمع أو يفشل في عملية “التطبيع الاجتماعي”، أي: جعل الفرد يتخلى عن جانب كبير من فرديته، والاندماج في الجماعة، واكتساب القدرة على التفاهم والتعاون، والعمل بجدية وإخلاص مع الآخرين، وفي ظل تنظيم اجتماعي أو إداري أو قانوني، فإذا لم تتم عملية التطبيع الاجتماعي كما يجب فإن شخصية الفهلوي تظهر وهي تجيد إظهار الموافقة ومسايرة الآخرين والتعاون معهم، ولكنه يتخذ هذه المواقف الشكلية من قبيل المجاملة، أو الخوف من الحساب أو العقاب، فيتظاهر بالعمل مع الجماعة ولكن بلا روح ولا التزام.
وهذا هو سر الشكوى من غياب “روح الفريق”، وعدم القدرة على العمل الجماعي في ظل قيادة لتحقيق هدف عام وليس لهدف شخصي، وضعف الولاء للجماعة، ففي مصر دائماً أزمة قيادة وأزمة إدارة في الحكومة كما في المعارضة على حد سواء، وهناك مشكلة دائمة ربما ترجع إلى الميل إلى التفوق الفردي والبطولات الفردية.
تفادي الخطر والبعد عن المشاكل
وصف العلماء الذي رافقوا الحملة الفرنسية “الشخصية المصرية” في كتاب “وصف مصر” بقولهم: “المصري خجول بطبعه، وهو يتفادى الخطر بقدر ما يستطيع، لكنه -ما إن يجد نفسه وسط المخاطر بالرغم من حيطته- يبدي هِمَّة ما كنتَ تظن في البداية أنها لديه، وليس ثَمة ما يساوي رباطة جأشه وفي نفس الوقت تواكله، ولقد واتتنا الفرصة لتسجيل هذه الملاحظة عدة مرات أثناء حملتنا، وهذا ما يبرهن على ما سبق أن قلناه من أن إصلاح مساوئ نظام الحكم سوف يؤدي -بسهولة فائقة- إلى أن يرد لهذا الشعب كل الفضائل التي فقدها، بل التي لا يظنها هو نفسه كامنة فيه.
كما أن ذلك سوف يوقظ فيه كل مشاعر النبل والهمة وعظمة الروح التي خنقتها إلى حين تلك الأنظمة الشيطانية التي يرزح تحت نيرها؛ إذ تعمل هذه الأنظمة الخبيثة على تدمير أخلاقيات الأفراد بشكل محزن.
ومن هنا ذلك الشح الوضيع الذي يلاحظ عند أبناء الطبقة الدنيا من المجتمع، وذلك الرياء الذي نجده لدى كل أفراد المجتمع؛ فحيث إن المصري يلقى الهوان في طاعة الكبار -الذين يعرفون تماماً معنى تلك السلطة التي في حوزتهم والتي لا حدود لها، والذين يتحكم فيهم خيلاؤهم الشرس- فإنه -أي: المصري- يحمل بين جوانحه روحاً منكسرة تشي عن نفسها في كل حركاته وإيماءاته، فيتذلل ويتحسس كلماته مع كل من يخشى قوتهم ونفوذهم، وعندما يتاح له أن يُدرج في مصاف الأثرياء فإنه يعمل على إشعار البؤساء الذين يأتمرون بأمره بوطأة استعلائه وتحكمه، وتلك نتيجة طبيعية للتربية التي تلقاها، وللأمثلة والقدوة التي رآها في حياته، والتي -من وجهة نظره- آن أوان أن يحتذي بها”[177].
كان هذه السمات الشخصية تأثير في نشأة القوى الاجتماعية وشعبيتها ورسم حدود قدرتها على التأثير في سياسات مصر الداخلية والخارجية.
القوى الاجتماعية الرئيسية
جهاز الدولة
طالما اعتمد النظام المصري على عامل مهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وهو تكوين كتلة سكانية من الطبقة المتوسطة ذات عدد معتبر (6 مليون موظف) من العاملين في الجهاز الإداري للدولة، يتفاوت ولاءهم للدولة حسب القرب والبعد من مراكز السلطة، إلا أن الفئة الأهم في هذه القوى ما يسمى “القلب الصلب للنظام” أو “الدولة العميقة” وهو تحالف مصالح بين قيادات المستوى الأول من الأجهزة السيادية ورجال الاعمال المرتبطين بالدول الغربية، ويتم تثقيف هذه الفئة وتنشئتها على مبادئ العلمانية والقومية العربية.
السلفية “العلمية”
فصيل سلمي يتبرأون من التوجه الثوري ويعتبرونه من “بدع” الجماعات الجهادية، الداعم لهذا التيار بالدرجة الأولى هي السعودية من خلال التبرعات للجمعيات الشرعية لإحياء الكتاب والسنة المنتشرة على جميع أراضي مصر، ويفسح الأم المصري المجال لهذه النسخة من الإسلام بهدف أخذ الأرضية الشعبية من الإخوان المسلمين[178]، إلا أنه ومع انحسار الدعم السعودي للوهابية بعد تولي الملك سلمان فقد انكمشت تواجدهم، للمزيد عن تأثيرهم السياسي يراجع كتاب (أحمد زغلول شلاطة): الدعوة السلفية السكندرية: مسارات التنظيم ومآلات السياسة، والاطلاع على المناهج التعليمية لمعاهد الجمعية.
الإخوان المسلمين
تعتبر إجمالاً الحركة الأكثر عددًا والأكثر تنظيمًا من بين قوى المعارضة المصرية، إلا أنها تنتهج المنهج الإصلاحي لا الثوري الجذري[179]، فبالرغم مما هو معروف عن الجماعة أنها تفضل انتهاج تكتيك (الصقور وحمائم) وتصدير الشخصيات المتناقضة، والإيحاء بوجود تيارات متنافسة داخل الجماعة. (مثال: ثنائية: حماس – القسام)، حتى أن السفارة الأميركية في القاهرة عنونت أحد التقارير حول الجماعة بعنوان: “فصام الشخصية لدى الإخوان المسلمين!”[180]. إضافة إلى عدة تكتيكات في التعامل الخارجي والعلاقات الدولية مثل: الحفاظ على شعرة معاوية – إمساك العصا من المنتصف “المواقف الرمادية”.
بعد نجاح (محمد مرسي) في انتخابات رئاسة الجمهورية حاولت إيران تعزيز العلاقات عبر اقتراح صفقات لدعم الاقتصاد المصري المتباطئ، شملت صفقة لترقية سياحة الإيرانيين لمصر، وتقديم شحنات نفط، واتفاقات تجارية متنوّعة، الذي قوبل بترحيب من أعضاء الجماعة، وصرحت الجماعة برغبتها في كسر العزلة الدولية عن إيران والحوار معها حول الوضع في سوريا، إلا أنه لا الاتفاقيات الاقتصادية ولا العلاقات الدبلوماسية تقدمت للأمام خطوة واحدة تحت وطئة الضغط من الدولة العميقة (الأجهزة الأمنية) والحلفاء الخليجيين، وما لبثت أن استسلمت الجماعة للضغوط[181]، وبدلاً من اغتنام هذه الفرصة فوراً لزيادة التعاون الاقتصادي مع طهران، سعى مرسي إلى استخدام هذه العروض الإيرانية لتحسين علاقات حكمه مع السعودية التي كانت تشعر بالقلق بعد انتخاب مرسي من أن الإخوان قد يقوّضون التحالف المصري- السعودي القائم لصالح إيران، خصمها اللدود في المنطقة[182]، وبغية إحراج (مرسي) وقطع الطريق على أي تحالف أبلغ السعوديون إيران بأن مصر مررت لهم المقترحات التجارية الإيرانية.
في معرض تحذيره “حركة النهضة التونسية” من مصير جماعة الإخوان في مصر يتحدث الدكتور (محمد علي ميرزائي)[183]في منشور بتاريخ (18/06/2019) على صفحته الشخصية[184] عن حديث مع د. (عصام العريان) على هامش مؤتمر في بيروت، ضرب به المثال على خطورة هذه الازدواجية عند الإخوان المسلمين، التي قد تكون مفهومة -وغير مقبولة!- عندما تكون الجماعة تحت ضغط التهديد الوجودي، لكن استمرار هذه السياسة بعد ثورة يناير في تبني الخطاب السلفي والقومي والليبرالي في نفس الوقت ومحاولة “ترضية” جميع الأطراف هو أمر مستغرب، قد يتبع الإخوان المسلمين أسلوب (الصقور والحمائم) داخل التنظيم نفسه مثلما حدث أن اشتكى المرشد العام للإخوان المسلمين (محمد بديع) لأحد الوسطاء مع السفارة الأميركية[185] من أنه قلل من شأن (محمد مرسي) وأنه لا يعلم كيف يفكر، ثم سرب خبر حدوث مشادات بين (سعد الكتاتني) رئيس مجلس الشعب و(محمد مرسي)؛ فهو من ناحية يريد في السرّ تبرئة الجماعة من مسئولية أي فعل سياسي لـ (محمد مرسي) يجرّ عواقب دولية، وفي العلن فكل “انجازات” و “بطولات” (محمد مرسي) محسوبة في الرصيد الاجتماعي للجماعة، مثل: مؤتمر نصرة سوريا الذي هدد فيه بفتح باب التطوع لـ “الجهاد” في سوريا. كذلك القول إن صِدام (محمد مرسي) مع المجلس العسكري وإصدار “إعلان دستوري مكمل” هو من قبيل “المغامرات” الشخصية، أما قرار الجماعة فقد كان المهادنة. إلى درجة أن تصرفات (مرسي) أدت إلى نزاع شخصي بين مرشد الإخوان (محمد بديع) والرئيس السابق (محمد مرسي) بسبب أن الأخير يتصرف دون استشارته.
بذلك، كانت الجماعة ضحيّة مواقفها الرمادية ومحاولة إمساك العصا من المنتصف، واهتمامها بالتغييرات الشكلية دون المضمون، يروي دكتور (علي لاريجاني) طرفة لاحظها عند زيارة القصر الجمهوري وقت رئاسة (مرسي)، يقول: “رأيت الحرس الأمنيين أنفسهم خلال عهد مبارك حين وصلت، فماذا تغيّر؟”. وربما بسبب التفكير بـ “عقلية المعارضة” حتى بعد الوصول إلى كرسي الرئاسة رأت الجماعة أن إيران تفتقد إلى “النفوذ” المطلوب لحل أزمتها في مصر، التي تتطلب بالأحرى التواصل مع واشنطن وبروكسل وبلدان الخليج.
وتعمل الإدارات الأميركية مع جماعة الإخوان طبقًا للدراسة التي قدمتها “مؤسسة راند الأميركية” بعنوان “الإسلام الديمقراطي المدني” للكاتبة (شيريل بينارد – Cheryl Benard)[186] والتي قسمت فيها حركات الإسلام السياسي ما بين حركات إسلامية متشددة ومتطرفة ينبغي على الولايات المتحدة مواجهتها وحركات معتدلة يمكن التعامل معها كانت استكمالا لما طرحه الفكر الأميركي حول فكرة الشرق الأوسط الجديد لـ (ريتشاد هاس – Richard N. Haass)[187]، وما سبقها من كتابات لـ (صموئيل هنتجتون – Samuel P. Huntington)[188] حول الهوية الأميركية في كتابه “من نحن: تحديات الهوية الوطنية الأميركية” الذي أتبعه بكتابه “صدام الحضارات وإعادة صنع النظام العالمي”.
وبلغ التنسيق الإخواني – الأميركي ذروته إبان عهد إدارة (باراك أوباما – Barack Obama) في الفترة الأولى (2009-2014) التي قدمت خطابًا تصالحيًا مع العالم العربي والإسلامي، مع تبني استراتيجية كبرى للمنطقة تقوم على التحالف مع التيارات “المعتدلة” من الإسلاميين مثل جماعة الإخوان في مصر وحزب “العدالة والتنمية” في تركيا؛ فقد تصورت الإدارة الأميركية[189] أن هذا التحالف سوف يساهم في عملية التحول الديمقراطي، فضلًا عن تحقيق عدد من الأهداف التي أوضحها (والتر راسل ميد – Walter Russell Mead)[190] الذي استشهدت به (بينارد) التي تتمثل في التالي:
- محاولة لإنهاء حالة العداء التي كانت تهيمن على العلاقة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة خلال السنوات الماضية.
- السعي لعزل التنظيمات الإرهابية، وتحييد الأصوات الراديكالية بالمنطقة، من خلال نجاح تيار الاعتدال الإسلامي، وقدرته على تحقيق إنجازات بمساندة أميركية، كبديل للتيار المتطرف.
- قدرة تيار الإسلام السياسي المدعوم أميركيا على تحقيق الديمقراطية في أغلب دول المنطقة بما يعني تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لمعالجة الأسباب التي تساهم في دفع مواطني المنطقة للتطرف والانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
وينقسم الإخوان المسلمين المصريين حاليا[191] إلى:
جبهة إبراهيم منير[192] (جبهة لندن): رئيس التنظيم العالمي مع بعض قيادات تقليدية إصلاحية ومجلس الشورى بالخارج الملغى بقرار (محمود حسين).
جبهة محمود حسين (جبهة إسطنبول): مجلس الشورى القديم في إسطنبول الملغى بقرار من (منير).
جبهة محمد كمال (الكماليون – تيار التغيير): فصيل من الأعضاء الشبان مؤمنون بفكرة المقاومة الصلبة ضد النظام الانقلابي (ما أسموه “التمسك بالمسار الثوري”) ويرون في طهران داعماً محتملا[193]. إلا أن رؤيتهم للأزمة مغرقة في المحلية، فهم يرون أن الاستبداد العسكري أصل المشكلة وليس نتيجة للاستكبار العالمي.
هذه المرحلة من الانقسامات الداخلية وفّرت لإيران فرصة لاستئناف الاتصالات مع أعضاء من مختلف فصائل الجماعة، من خلال تنظيم زيارات إلى طهران وعرض منح جامعية، صحيح أن دفء العلاقات الذي طرأ مؤخراً على العلاقات بين إيران والحكومة التركية، التي تعتبر إحدى أهم داعمي الجماعة، ساعد على تسهيل الاتصالات مع الاسلاميين المقيمين في تركيا، إلا أن هذا التطور الإيجابي بالنسبة إلى إيران قوبل من جانبها بالحذر لئلا تثير حنق الحكومة التركية، التي لا تريد أن ترى نفوذها على الجماعة يتداعى[194]، مرة أخرى تقع الجماعة ضحية مواقفها الرمادية، إذ أن جماعة الإخوان تنظر إلى طهران كصمام أمان يمكن اللجوء إليه إذا اضطرب الوضع الإقليمي والدولي، إذ لو أن الانقلاب العسكري في تركيا العام 2016 وحصار قطر في 2017 بقيادة السعودية نجحا في الحفز على تغيير النظامين، لكانت جماعة الإخوان ستُجرّد من داعميها الرئيسيين في الشرق الأوسط، وعليه تحافظ الجماعة على العلاقة مع إيران كبوليصة تأمين مفيدة للجماعة في وضع قد يتطلّب منها توفير ملاذ لها في إيران، دون أن تغضب الغرب بانخراطها في مشروع المقاومة أو الممانعة أو حتى الاستقلال “الوطني” عن الاستكبار.
الكنيسة الكاثوليكية المصرية
يمثل المسيحيون11% من تعداد المصريين ويمتلكون 30% من إجمالي ثروات البلاد، حتى نهاية عصر (البابا شنودة) كانت الكنيسة الكاثوليكية المصرية مثال في الاتجاه المحافظ أخلاقيًّا وسياسيًّا، وسجلت مواقف مثل التبرع لتسليح الجيش المصري وتحريم زيارة المقدسات المحتلة في فلسطين على شعب الكنيسة، ثم بعد معاهدة كامب ديفيد في 1979 خفّفت الكنيسة من القيود على شعبها وشجعت على الهجرة إلى الغرب وبدأت أعداد الكنائس المصرية في أميركا تحتل مكانة سياسية هامة من حيث دقة اختيار الآباء المبعوثين، وبلغت “الأهميّة السياسيّة”[195] ذروتها بعد انقلاب 2013 من خلال الاستفادة من نفوذ الجالية المصرية المسيحية للعمل كوسيط لتبييض صورة النظام المصري أمام الإدارات الأميركية وأعضاء الكونجرس من خلال العمل كجماعة ضغط شعبي (لوبي) على أعضاء الكونجرس المختلفين لصالح النظام المصري .. على سبيل المثال: من يقرأ ملخصات لجان الكونجرس حول الأوضاع في مصر وردود ودفاع النواب على انتقادات زملائهم في التعامل مع حكومة الرئيس (السيسي) بصفتها حكومة ديكتاتورية يجد أن الحجة الأولى لدفاع النواب الأميركيين عن موقفهم هو أنه بالرغم من سوء وديكتاتورية النظام المصري إلا أنه يتعامل مع المسيحيين بشكل تفضيلي وأنهم يتمتعون بالحقوق والحريات اللازمة .. في مقال[196] على (وول ستريت جورنال) يبدأ الكاتب باقتباس شائع بين مسيحيي المهجر يقول: “حكم ديكتاتور ظالم ولا حكم عصابة من الإسلاميين.”[197].
التيار القومي
احصاءات حول شعبية التيارات السياسية والشخصيات المصرية – المعهد الديموقراطي الوطني |
اتجاه علماني يرفض بشكل عام الدين كعنصر أساسي في الهوية السياسية، وينادي بتعزيز وحدة العرب بغض النظر عن الهوية الدينية، ويتبنى النظرية الاشتراكية تحت غطاء شعارات أن الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج، وأن السوق العربية المشتركة يمكن أن تحقق التكامل والتكافل والاستقلال.
تواجدهم الشعبي هامشي جدا، وهم ظاهرة إعلامية برعاية وتوجيه الدولة وتستفيد منها أحيانًا كرافعة دبلوماسية شعبية، على الرغم من العلاقات القديمة والمميزة لمحور المقاومة مع التيار القومي العربي حتى قبل حرب تموز 2006 من خلال رموز فكرية إلا أنه لم يكن لهذا التيار تأثير يذكر على المجتمع المصري في صالح محور المقاومة، وكتقييم إجمالي من الخارج فإن الدعم الذي تحصل عليه التيار القومي من خلال المؤتمر القومي العربي اكثر بكثير مما قدمه لقضية المقاومة، وربما كان لجوء التيار القومي الى إيران وحزب الله كملاذ أخير بعد وفاة (صدام حسين) و (معمر القذافي) وضعف الدولة السورية هو تحالف تكتيكي مؤقت وغير مستدام بسبب التضارب الفكري العميق بين فكر الإسلام السياسي والفكر القومي العلماني، لذلك، يتوقع أن تكون نهايتهم مثل نهاية أي حركة أو تنظيم تتبنى أفكار علمانية وهي الانجذاب في النهاية إلى الفلك الأميركي، مثل حركة فتح بعد معاهدة أوسلو ومثل اليسار في جميع دول العالم حاليا بما فيها مصر، سواء تحت ذريعة “الاضطرار” أو البراغماتية السياسية.
الصوفية
مثلت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 علامة فارقة في تحوّل اهتمام الغرب نحو التصوف ودوره السياسي في المجتمعات الإسلامية، إذ بدأت تتعالى أصوات الباحثين الغربيين بضرورة إحياء التصوف للحدِّ من تأثير “الإسلام السياسي”، وكان مؤسسا ومديرا منتدى الشرق الأوسط المؤرخان الأميركيان (برنارد لويس – Bernard Lewis)[198] و (دانيال بايبس – Daniel Pipes)[199] -المقربان من البيت الأبيض- على رأس الداعين لعقد تحالف مع الطرق الصوفية لملء الساحة الدينية والسياسية وفق ضوابط “فصل الدين عن الحياة”.
في العام 2002 قدمت مؤسسة (راند) الأميركية[200]، دراسة دعت فيها إلى ضرورة تأسيس تحالف إستراتيجي مع الصوفية لمواجهة “التطرف الديني في العالم الإسلامي”، ثم تلتها استضافة مركز (نيكسون) اللبناني هشام (قباني نائب) زعيم الجماعة النقشبندية، وكان الغرض من الاجتماع تعريف صناع القرار في الإدارة الأميركية بالدور الذي يمكن أن تمارسه الصوفية في الحقل السياسي.
وفي عام 2005 دشنت أبو ظبي مؤسسة “طابة” التي أسسها الصوفي اليمني المقيم بالإمارات (علي الجفري)، وتُعرف من قبل القائمين عليها بأنها “مؤسسة غير ربحية تسعى إلى تقديم مقترحات وتوصيات لقادة الرأي لاتخاذ نهج حكيم ونافع للأمة”، كما تأسس عام 2007 المركز العالمي للتجديد والترشيد الذي يرأسه الشيخ الموريتاني (عبد الله بن بِيّه) بهدف “المساعدة في نهضة الأمة الإسلامية وتقديم حلول فاعلة تتعامل مع نظرية المقاصد الأصولية وقواعد الفقه الفسيحة والتراث الإنساني المعاصر”، بحسب التعريف الرسمي على موقع المركز.
من أبرز المساهمين في معهد ومؤسسة طابة داخل المجتمع المصري هو (علي جمعة) و (أسامة الأزهري) و (أحمد الطيب) و (علي الجفري) الذي انتقل إلى مصر بعد انقلاب 2013 وباشر عمله في مديرية الشئون المعنوية في الجيش المصري.
القوى الليبرالية
وهي مجموعة من الأحزاب والشخصيات ذات التواجد النخبوي الإعلامي (مثل: حزب العدل – الحزب الديموقراطي الاجتماعي) التي لا تتمتع بظهير شعبي حقيقي، إلا أنها تتمتع بدعم السفارات الغربية في القاهرة، وتعتبر الذراع السياسي والعمود الأساس (وتوءم) الذراع الاجتماعي الثقافي الغربي: من منظمات المجتمع المدني الممولة من خلال الاتحاد الأوروبي و USAID.
التوقعات والتوصيات
بالرغم مما هو متوقع من تحوّل العالم إلى منظومة علاقات دولية قائمة على تعدد الأقطاب ما يؤدي إلى زيادة قدرة الدول الصغيرة والمتوسطة على الحركة المستقلة وتحقيق التوازن من خلال تنويع علاقاتها الدولية، ولكن بالنظر إلى المعطيات التالية:
- أن مصر من أكبر مستوردي: الغذاء – الطاقة (القمح – الذرة – الزيت – غاز – مشتقات نفطية)، وبالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وأزمة أسعار الأسمدة والحبوب بسبب أزمة أوكرانيا، وبالتزامن مع حالة الفقر المائي الناتج عن ملء سد النهضة الإثيوبي وتغيُّر المناخ، فيتوقع استمرار موجة التضخم وانهيار العملة المصرية وتعمُّق أزمات البلاد الاقتصادية.
- السيطرة الأميركية شبه الكاملة على المفاصل الهامة في الأجهزة السيادية من خلال برامج التبادل العسكري والعلمي والتدريب المشترك.
- السيطرة الإسرائيلية على قطاع الطاقة المصري والسيطرة الأميركية على القطاع الزراعي والواردات الغذائية.
- فيما يتم تناول الشأن المصري الداخلي من منظور “المصلحة الوطنية” وتحليل سياسته الخارجية من منظور نظرية “الفاعل الرشيد”، إلا أن المتتبع لكليهما يجد نظرة الرئيس (السيسي) إلى الأمن القومي المصري نظرة مرتكزة إلى أمن نظامه واستقراره، ومن ثم تنبثق سياساته الداخلية والخارجية من أرضية الحفاظ على تماسك وبقاء نظامه.
- يعتمد النظام المصري على تصدير نفسه باعتباره مكافح الإرهاب الأول بالمنطقة، والضامن لاستقرارها، ويستخدم ظاهرة الهجرة غير الشرعية لابتزاز أوروبا، كما يوظف علاقته الوثيقة مع “إسرائيل” للترويج داخل أميركا لأهمية بقاء نظامه الحليف لـ “إسرائيل”.
- تبنى النظام المصري سياسات اقتصادية نيوليبرالية تسحق الطبقات الوسطى والفقيرة وتكرس الفوارق في الثروة بين مكونات الشعب المصري بما يكفل انشغال المواطنين بتحصيل معاشهم الدنيوي، بالتزامن مع إغلاق المجال العام (السياسي – الإعلامي – الخيري) ما يعدم أي فرص لتكون نخب فكرية أو أي ظهير شعبي أو سياسي جاد.
- السعي الحثيث لعمل تجريف ثقافي للمجتمع المصري ودفعه تجاه التطبيع الشعبي.
- التجريف الثقافي والسياسي في المجتمع المصري وخصائص الشخصية المصرية الناتج عن القهر الاجتماعي لفترات طويلة تجعل من المستبعد -في ظل الظروف الحالية- إمكانية تكون تنظيم متماسك (شعبي أو حتى نخبوي) يمكن أن يكون له تأثير واقعي.
وعليه: سيستمر النظام المصري في البقاء في الفلك الأميركي بما يمتلكه من مقومات جيوسياسية واجتماعية واقتصادية بالكامل. ولن يمتلك أي هامش مناورة لأي تقارب جدّي مع أي قوى إقليمية أو عالمية بخلاف رغبة الولايات المتحدة الأميركية، وسيستمر الوضع الداخلي المصري سائرا على سياسة “حافة الهاوية” حيث لا يغرق البلد وينفجر اجتماعياً ولا يستعيد أي هامش مناورة. أي خلاف مصري – أميركي في المستقبل لن يكون حول الأهداف ولكن حول طريقة الوصول إلى الهدف:
- الاستقرار وأداء المهام المنوطة. وفي هذا السياق يتم عسكرة الخارجية والأزهر ووزارة التعليم.
- الإدارة الأميركية مدركة أنه يجب على الجيش أن يعود للخلفية ليعمل بكفاءة كشبكة أمان في حالة أي اضطرابات اجتماعية، ويصدر إلى الواجهة نظام “مدني” (إسلامي أو علماني) لتلقي الصدمات الناتجة عن الأزمات التي ستعجز المنظومة الدولية عن مساعدة مصر في الاستمرار في تجاوزها.
والسؤال هو: متى ستتغلب الإرادة الأميركية على إرادة النظام المصري؟
تخمين: لن يمكن للموارد الاقتصادية للبلاد تحمّل استمرار نمط الإدارة الحالي الناتج عن أسلوب العقلية العسكرية Military Mindset، حتى وصول الغالبية العظمى من المجتمع إلى فقد “المرونة الاجتماعية” أي الحد الذي تصبح فيه حياته غير ذات قيمة ولا يخاف عليها، بسبب عدم قدرته على توفير مقوّمات الحياة وفقدان مدخراته قيمتها، ويتوقّع أن يكون ذلك أوائل العقد الثاني من الحكم العسكري بعد الانقلاب (2030 ~ 2035) بالتزامن مع فقدان الحلفاء اهتمامهم ببقاء النظام وعدم إجبار الولايات المتحدة حلفائها في الخليج على دعم بقاء النظام؛ بسبب انشغالها بأوضاعها الداخلية والصراعات الكبرى في أماكن أخرى من العالم وحيث تكون الإرادة الأميركية بحلول ذلك الوقت استنفدت جميع أغراضها من النظام العسكري الحالي في عمل الهندسة الاجتماعية وتحويل الاقتصاد المصري للنمط النيوليبرالي وتهيئة المجتمع للواقع الجديد من: غياب نهر النيل والقبول بوجود “إسرائيل”، ولعدم قدرته على الاستمرار في أداء المهام الناعمة والصلبة التي كانت منوطة به في نهاية القرن الماضي. وقد يؤدي “حدث ما” لتسريع حدوث هذا التغيير قبل 2030 مثل حرب (“إسرائيلية” – إيرانية) أو تحرير فلسطين المحتلة أو فريق عمل ورئيس متطرف في البيت الأبيض .. إلخ.
التوصيات
- عدم رفع مستوى التوقعات والمراهنة على استعادة أي علاقات طبيعية بين إيران (أو محور المقاومة أو الأمة الإسلامية) وبين النظام المصري الحالي. (بما يشمل من: رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي أو البرامج السياحية المفتوحة)، والتصريحات الإعلامية الصادرة عن الخارجية الإيرانية التي ترحب بالانفتاح على مصر مجافية للواقع.
- أقصى ما يمكن المراهنة عليه هو المواقف السياسية المشتركة للمحور مع النظام المصري (في سوريا وفي اليمن) التي تظل تحت سقف مساومة النظام المصري لحلفائه تحت دعوى حفظ الملاحة في البحر الأحمر وحفظ الأمن القومي العربي في سوريا.
- الملفات الممكن بها التنسيق بصيغة الأهداف المشتركة مع النظام المصري لا تتعدى ملفات: مكافحة الإرهاب في سوريا وسيناء والدعم السياسي للنظام السوري وملف مكافحة الدِين الإبراهيمي الإماراتي الجديد والدعم السياسي والعسكري للجيش السوداني في صراعه الداخلي مع الدعم السريع.
المدخل إلى فهم مصر
قائمة قراءات ضرورية لكل راغب في فهم وتحليل الشأن المصري لتكون صورة معمّقة وفي نفس الوقت متوازنة حول الداخل المصري:
المؤلف | الأعمال |
يزيد الصايغ | أهم كتبه: “أولياء الدم تشريح الاقتصاد العسكري المصري”، وجميع كتبه ومقالاته البحثية ولقاءاته التلفزيونية. |
روبرت سبرينغ بورغ | كتابه الأهم “مصر”، و (روبرت) ضابط استخبارات أميركي عمل في مصر 30 عام من 1965 إلى 1995، وتدرج في المواقع الاستخبارية من العمل كمدير لأحد الفنادق وصولا إلى مدير محطة CIA في القاهرة[201]. |
حازم قنديل | كتابه الأهم: “جنود وجواسيس وحكام: طريق مصر إلى الثورة” |
كيرك باتريك | كتابه الأهم: “في يد العسكري” |
عبد الرحمن الرافعي | كتابه الأهم: “تاريخ الحركة القومية، وتطوير نظام الحكم في مصر” |
أسامة حميد | أهم كتبه: “موجز تاريخ الحقبة العلمانية في مصر” |
د. خالد فهمي | مؤرخ مصري معاصر وأستاذ كرسي التاريخ في جامعة أوكسفورد، أهم أعماله لقاءاته على اليوتيوب أو بودكاست، وبالدرجة الثانية في الأهمية كتابه: “كل رجال الباشا”. |
محمد حسنين هيكل | خريف الغضب |
حسن حمدان | شخصية مصر |
اللواء فتحي الديب | مهندس حركات التحرر العربية، ومؤسس الاتحاد الاشتراكي، ومؤسس إذاعة صوت العرب. معظم كتبه تحكي هندسة مصر الناصرية لامتداداتها من القوى الناعمة وهندسة العلاقات المصرية الخارجية مع حركات التحرر في الجزائر – اليمن – عمان – أميركا اللاتينية. كتبه تعطي تصور عن مفهوم التحرر الوطني والمقاومة ومفهوم الفصائل المسلحة non-state actors من وجهة نظر الفكر القومي الاشتراكي. |
الفريق أمين هويدي[202] | هو أفضل معبّر عن السياسة والاستراتيجية المصرية في المرحلة الناصرية، لا فقط من حيث عمله كمدير للمخابرات العامة ثم وزيرًا للحربية، ولكن باعتباره عقلية استراتيجية من طراز فريد ومؤثرة. |
ويليام بيرينز | مدير المخابرات الأميركية، الأجزاء المتعلقة بالتدخلات الأميركية في مصر إبان فترة الربيع العربي في كتابه: “القناة الخلفية”. |
بوب ودوارد | جميع كتبه |
ستيفين كوك | جميع كتبه ومقالات المنشورة على موقع مجلس العلاقات الخارجية ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى. |
[1] قيادي في البحرية الأميركية وصاحب نظرية “ماهان” في علم الجغرافيا السياسية والذي ترجع إليه التوصيفات الأولى لفضاء منطقة الشرق الأوسط.
[2] فراس عباس هاشم، “الانخراط الأميركي المتجدد في الشرق الأوسط وإعادة تشكيل الأولويات : الحالة السورية انموذجا”، مجلة ابحاث استراتيجية، العدد(15)،(2017)،ص 271.
[3] ضابط في وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA – معروف بعلاقاته الوثيقة مع جمال عبد الناصر.
[4] بيداء محمود احمد، فردوس عبد الرحمن، “التحول في العلاقات المصرية – الأميركية في عهد الرئيس انور السادات“، مجلة الأداب، العدد 96، 1985، ص (85).
[5] نظام شرابي، ” أمريكا والعرب: السياسة الأميركية في الوطن العربي في القرن العشرين“، (لندن: رياض الرايس للكتب والنشر، بدون تاريخ)، ص (118-127).
[6] محمد فوزي، ” حرب الثلاث سنوات (1967-1970)”، (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1984)، ص 194.
[7] بيداء محمود احمد، فردوس عبد الرحمن، “التحول في العلاقات المصرية – الأميركية في عهد الرئيس انور السادات“، ص (91-93).
[8] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO118_a.html
[9] سنية الفقي، ” المساعدات الأميركية لمصر”، الملف المصري، العدد4، القاهرة، ديسمبر 2014، ص 24-25.
[10] https://www.albayan.ae/one-world/1999-07-02-1.1077497
[11] نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية فترة (جورج بوش) الابن (2001 – 2009)
[12] د. زينب عبد العظيم محمد: السياسة المصرية تجاه الولايات المتحدة الأميركية 1981 – 1991، ط 2، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999، ص 307.
[13] تذكر برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة أن تنظيم مكتب مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية ATA دورات مشتركة مع المصريين أبدت نجاحا هائلًا في جهود مكافحة الإرهاب بالمنطقة:
https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO2693_a.html
[14] Joel Peters, Can the multilateral middle east talks be revived?, middle east review of international affairs, no.4, vol3, 1999, p .( www Mria , idc. as.II / archive) internet.
[15] التقرير الاستراتيجي العربي 2002-2003، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام، 2003، ص 95 – 97.
[16] محمد كمال،” رؤية الولايات المتحده للدور المصري في الاستراتيجيه الأميركيه“، محاضرات تم إلقائها على طلاب الفرقة الرابعة “علوم سياسية”، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015.
[17] عبد الرحيم العرقان، السياسه الخارجيه الأميركيه بعد 11 سبتمبر، الرأي، متاح على: http://www.alrai.com/article/538116.html
[18] جوديث س. بافيع: الشرق الأوسط عام 2015 من منظور أميركي، ترجمة أحمد رمو، منشورات علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، 2005 م، ص 67.
[19] محمد عبد العزيز ربيع، ” سياسة أمريكا الجديدة وتوجهاتها الشرق أوسطية“، مجلة السياسة الفلسطينية، العدد 13، نابلس، 1994، ص27.
[20] يختلف المنظور تجاه تلك التحديات يختلف من جهة إلى أخرى (الحكومة والمعارضة): فاندلاع ثورات تطالب بالحرية في إحدى دول الجوار الإقليمي قد ينظر له البعض باعتباره أمرا إيجابيًا وحراكًا شعبيًا محمودًا، بينما قد ينظر له آخرون باعتباره يمثل تهديدًا للاستقرار وزعزعةً للأمن الإقليمي. كما أن اعتقال المعارضين قد يُنظر له باعتباره انتهاك للحقوق والحريات بينما يَنظُر له آخرون باعتباره أمرًا ضروريا للحفاظ على تماسك النظام الحاكم واستقراره ولتأمين سلامة الجبهة الداخلية.
[21] Keeping Egypt’s Politics on the Agenda’, International Crisis Group, 30 April 2017.
[22] ILO Statistics, ‘Egypt’, 10 August 2017
[23] Egypt 2020: The Impact of Military Consolidation on Long-Term Resilience’, IRIS, May 2017, p.5
[24] انخفضت إيرادات مصر من القناة في عام 2015 إلى 5.175 مليار دولارًا، مقابل 5.465 مليار دولارًا في عام 2014، حسب إعلان هيئة قناة السويس في يناير 2016. وسط تصاعد الحديث عن تزايد الاعتماد في المستقبل القريب على الملاحة في القطب الشمالي كبديل عن قناة السويس، موقع الغد، ممرات الملاحة العالمية الجديدة تهدد قناة السويس والاقتصاد المصري، 21 إبريل 2016.
[25] كلمة للسيسي بتاريخ 24 فبراير 2016.
[26] https://www.youtube.com/watch?v=FyZ6aBpjBF8
[27] Abdel Ghaffar, A stable Egypt for a stable region, p8.
[28] Egypt’s Progress Towards Millennium Development Goals’, UNDP 2015.
[29] حسب تصريح الفريق محمود حجازي – صهر السيسي ورئيس أركان الجيش المصري- في أحد الجلسات الخاصة.
[30] World Bank, ‘Egypt, Arab Rep.’, 10 August 2017.
[31] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO1408_a.html
[32] نهر النيل في العقيدة الصهيونية من التوراء إلى السياسة الخارجية لدولة “إسرائيل” – منشور في مركز الاتحاد للبحوث والتطوير بتاريخ 15/07/2023.
[33] Adel Abdel Ghaffar, A stable Egypt for a stable region, P 26.
[34] Adel Abdel Ghaffar, A stable Egypt for a stable region, P26.
[35] عالم سياسه من النرويج وبروفسور في أوسلو وهارفرد.
[36] Henrik Urdal, ‘A Clash of Generations? Youth Bulges and Political Violence’, International Studies Quarterly 50, no. 3 (Sep. 2006): 607-629
[37] FIVE YEARS OF EGYPT`S WAR ON TRROR, The Tahrir Institute for Middle East Policy, 2018.
[38] للمزيد راجع حوار (فؤاد علام) رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب في مصر، في حوار على قناة “ذات مصر” على اليوتيوب:
[39] أستاذ مساعد في كلية الإعلام – جامعة القاهرة، ومستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري.
[40] Adel Abdel Ghaffar, ‘Youth Unemployment in Egypt: A Ticking Time Bomb’, Brookings Institution, Markaz, 28 July 2016.
[41] وهو ما كان موضوع عدد من برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة المسربة عبر ويكيليكس حول تنمية القطاع السياحي في مصر:
https://wikileaks.org/plusd/cables/10CAIRO262_a.html
[42] https://wikileaks.org/plusd/cables/08CAIRO1050_a.html
[43] عام ٢٠٢١ ثار في الإعلام “الإسرائيلي” قضية مقبرة جماعية لمجموعة من الأسرى المصريين المدفونين أحياء في أحد الحدائق في تل أبيب، ولكن سرعان ما خفتت القضية واختفت من الإعلام “الإسرائيلي” والمصري!
[44] أحداث طريق الواحات هو هجوم نفذه تنظيم داعش ضد قوات الأمن المصرية في طريق الواحات في محافظة الجيزة، وقعت الأحداث يوم الجمعة الموافق 20 أكتوبر 2017، ما أسفر عن مصرع 23 ضابطاً، 7 أمن وطني، و16 أمن مركزي وعمليات خاصة و35 مجنداً وأفراد شرطة وإصابة أربعة بإصابات خطيرة، بينما تمكن المسلحون من الفرار في عمق الصحراء.
[45] أسمهان سليمان، يحدث في الخارجية: مساعي «الأجهزة» للهيمنة على الوزارة، مدى مصر: 1 مايو 2017.
[46] http://elsharq.org/54063/
[47] https://www.dw.com/ar/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%8A%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%87%D9%86%D8%A7%D8%AA/a-42222730
[48] كان تضاؤل النفوذ المصري على الرأي العام العربي وضعف قدرته على “تهدئته” لصالح أدوات أخرى مثل “المشاريع” القطرية محول عدد من البرقيات الدبوماسية للسفارة الأميركية بالقاهرة المسربة عبر موقع ويكيليكس:
https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO118_a.html
[49] للمزيد راجع حوار ضابط أمن الدولة المنشق (هشام صبري جنيدي) وأستاذ القانون في جامعة برينستون بالولايات المتحدة مع الكاتب الصحفي (بلال فضل) في برنامج (عصير الكتب) على قناة العربي:
[50] https://carnegie-mec.org/2019/02/28/ar-pub-78462
[51] للمزيد عن التشريح الاقتصادي للجيش المصري يراجع مؤلفات: يزيد الصايغ. & مضافًا إلى ما أشارت إليه تسريبات إيميلات (هيلاري كلينتون) إلى أن قيادات الجيش المصري تضع أولويتها الحفاظ على امتيازاتها الاقتصادية والشخصية ونمط الحياة الرغيد ومحاولة النأي بالجيش عن أي تموضع جيواستراتيجي يضطره للحرب:
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/17851
[52] https://www.hrw.org/news/2019/01/28/how-french-weapons-enable-egypts-abuses
[53] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO118_a.html
[54] مذكرات كيرك باتريك وبوب وودوارد وتسريبات ويكيليكس.
[55] https://www.cfr.org/article/islamism-ready-comeback
[56] https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO2693_a.html (No. 11)
[57] https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO2693_a.html (No. 12)
[58] باحث أميركي وزميل أقدم في زمالة “إيني أنريكو ماتي” لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا ومدير مكتب العالم العربي وشرق المتوسط في “مجلس العلاقات الخارجية”، وصاحب عدة مؤلفات عن مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية وأشهرها كتاب بعنوان “الصراع من أجل مصر” The Struggle for Egypt. (ويكيبيديا)
[59] Council on Foreign Relations (CFR) تأسس عام 1921، هو معهد أبحاث سياسات في الولايات المتحدة ومنظمة غير ربحية تضم 4800 عضو، متخصصة في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية الأمريكية، مقرها الرئيسي في مدينة نيويورك، ولها مكتب إضافي في واشنطن دي سي. تشمل عضويتها كبار السياسيين، وعشرات من وزراء الخارجية السابقين، مديري وكالة المخابرات المركزية السابقين. (ويكيبيديا)
[60] https://www.cfr.org/article/egypt-doesnt-matter-anymore
[61] على غرار ما كانت الدولة العثمانية تسمى أواخر أيامها تسمى في الأوساط السياسية الأوروبية “رجل أوروبا المريض”.
[62] رسالة من (هيلاري كلينتون) إلى (آنا ماري سلوتر) مدير تخطيط السياسات الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية بعنوان: “قراءة ممتازة في المشهد المصري”.
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/17851
[63]https://www.youtube.com/watch?v=ysXu-WwZnuI & https://www.aljazeera.net/politics/2019/3/26/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9
[64] https://alkhanadeq.com/post.php?id=4088
[65] تحالف غير رسمي ومتغير لجماعات ذات مصالح نفسية وأخلاقية ومادية راسخة ترمي إلى التطوير المستمر والاحتفاظ بالأسلحة، وإلى الإبقاء على أسواق استعمارية، وتصور عسكري-استراتيجي للشؤون الداخلية. (ويكيبيديا)
[66] https://www.ansarollah.com/archives/403876
[67] تتمتع الغرفة التجارية الأميركية المصرية بنفوذ عميق في الدولة المصرية حيث أن جميع المبالغ المرصودة للمساعدة الإنسانية من حكومة الولايات المتحدة لابد أن تحصل على موافقة أعضاء مجلس إدارة الغرفة الخمسة ورئيسها رؤوف غبّور
[68] للمزيد ينظر: إبراهيم العيسوي: قياس التبعية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1989، ص 80 – 87.
[69] حسب ما أشارت (هيلاري كلينتون) في رسالتها إلى (آنا ماري سلوتر) مدير تخطيط السياسات الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية في رسالة مسربة حملت عنوان: “قراءة ممتازة في المشهد المصري”.
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/17851
[70] للمزيد حول آليات الأكاديميات العسكرية الأميركية في تجنيد النخب العسكرية للعالم الثالث لخدمة أجنداتها، راجع:
[71] https://www.aucegypt.edu/research/social-research-center
[72] نموذج: https://manshurat.org/node/63190 & وما ورد في إيميلات (هيلاري كلينتون المسربة) عن المركز بشكل خاص وعن “الجامعة الأميركية بالقاهرة” بشكل عام:
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/19684
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/10490
[73] تذكر برقية أن (ليون بانيتا) وزير الدفاع الأميركي في إدارة (أوباما) كان اتصل مباشرة بالفريق (محمد حسين طنطاوي) وزير الدفاع المصري ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتعبير عن “قلقه” إثر مداهمات على منظمات مجتمع مدني أميركية ومصرية تعمل في مصر، إلى أن وعده (طنطاوي) بإيقاف الحملات وتسهيل عمل المنظمات:
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/10179
[74] https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/12226
[75] https://eg.usembassy.gov/ar/country-2022-human-rights-report/
[76] https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/7540
[77] مستشار الأمن القومي الأمريكي حاليًّا.
[78] https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/how-us-should-handle-islamist-rise-egypt
[79] https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/18757
[80] https://carnegie-mec.org/2019/02/28/ar-pub-78462
[81] حسب ما أشارت (هيلاري كلينتون) في رسالتها إلى (آنا ماري سلوتر) مدير تخطيط السياسات الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية في رسالة مسربة حملت عنوان: “قراءة ممتازة في المشهد المصري”.
https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/17851
[82] حول هذه نخبة العائلات الحاكمة للنظام المصري والتي لازالت نافذة في مفاصل السلطة إلى الآن يراجع كتاب: من يملك مصر؟ لـ سامية سعيد إمام.
[83] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO2180_a.html
[84] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO2129_a.html
[85] حسب برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة المسربة عبر موقع ويكيليكس:
https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO1341_a.html
https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO2130_a.html
[86] https://www.coptstoday.com/Archive/Detail.php?Id=18378
https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=18122011&id=ab9e6421-80bc-46cb-a9b2-020e1565bd32
[87] جوديث س. بافيع: الشرق الأوسط عام 2015 من منظور أميركي، ترجمة أحمد رمو، منشورات علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، 2005 م، ص 67 – 68.
[88] في تصريح هشام النجار (قناة ذات على اليوتيوب) أحد المحاضرين في أكاديمية ناصر العسكرية. – صحيح أن النظام المصري يتحالف مع الجيش السوداني الذي يسيطر عليه ضباط ذوي ميول إسلامية، لكنه كان رافضًا لمشاركة كتائب الإسلاميين والأمن الشعبي للصراع الدائر في السودان مع الدعم السريع. لخوفه من عود الحركة الإسلامية السودانية إلى المشهد السوداني.
[89] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO975_a.html
[90] EcoMENA (2018) Egypt’s water crisis and degeneration of the Nile. https://www.ecomena.org/egyptnile/#:~:text=Egypt%20is%20struggling%20to%20cope,threshold%20for%20absolute%20water%20scarcity
[91] راجع بحثنا المنشور في مركز الاتحاد بعنوان: “عسكرة المياه في العقيدة الصهيونية”:
https://www.u-feed.com/post.php?id=123583
[92] https://arabic.cnn.com/middleeast/2016/02/18/sisi-army-way-protect-gulf-countries
[93] https://www.dw.com/ar/%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%88-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%B6%D8%AF-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D9%87%D9%84-%D8%AD%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%82%D8%AA-%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9/a-44860717
[94] https://arabicpost.net/%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%81-%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%84/2019/02/20/%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1/
[95] مبعث التوتر في العلاقات بين أوباما والسيسي تكمن في تبني السيسي لخيار استئصال جماعة الإخوان في مصر، بينما تبنى أوباما (والإدارة الديموقراطية عموما) أن أسلوب السيطرة الناعمة هو الأجدى لا نظام الحكم السلطوي وإنكار الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية الذان يعملان على إيجاد شعور عام يفضي إلى زيادة التطرف والعنف. وعقب فض اعتصام رابعة العدوية ، ألغى أوباما تدريبات النجم الساطع المشتركة بين الولايات المتحدة ومصر، والتي كان من المحدد إجرائها في الشهر التالي، والتي كانت تعقد منذ عام (1981)، ولم تعد مجددا سوى في سبتمبر 2017. وفي أكتوبر من نفس العام، علقت إدارة أوباما 260 مليون دولار من المعونة الأميركية المقدمة إلى مصر، وجمد تسليم طائرات إف16 بالإضافة إلى 125 من قطع غيار الدبابة إبرامز إم1 أيه1. وظلت تلك المساعدات مجمدة حتى 31 مارس 2015.
[96] للمزيد عن التفاصيل الواردة في هذه الفقرة عن العلاقات العسكرية المصرية الأميركية انظر:
Jeremy M. Sharp, Egypt: Background and U.S. Relations, Congressional Research Service. 24 June 2013.
[97] أثناء جلسة استماع لجنة الدفاع الفرعية المنبثقة عن لجنة المخصصات بمجلس النواب الأميركي، والتي عقدت في 17 إبريل 2013، سألت النائبة الجمهورية كاي جرانجر الجنرال (مارتين ديمبسي) رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية عما إذا كانت المؤسسة العسكرية في مصر هي لاعب مستقل، ويمكن الاعتماد عليه في ضوء أجواء الاضطرابات التي تمر بها مصر، فأجاب (ديمبسي) مصر هي إحدى ركائز الاستقرار في المنطقة، وأكد على أن استثمار الولايات المتحدة في علاقتها بالمؤسسة العسكرية المصرية هو استثمار جيد للغاية وكان له تأثيره الواضح في الحفاظ على الاستقرار والأمان. وكذلك أكد وزير الخارجية كيري أثناء جلسة الاستماع مع ذات اللجنة أن واحدًا من أهم استثمارات الولايات المتحدة الأميركية مع مصر هي علاقتها بالمؤسسة العسكرية منذ أكثر من 30 عاما. وأكد تمتع تلك المؤسسة بالدراية الكاملة بطبيعة العلاقة مع واشنطن في ضوء تلقي العديد من جنرالات الجيش للتدريب والدراسة في الولايات المتحدة الأميركية مما سمح للإدارة الأميركية أن تكون على اتصال لا ينقطع مع المؤسسة العسكرية أثناء الأزمات.
[98] قال وزير الخارجية (كيري) أثناء جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية والمنبثقة عن لجنة المخصصات في مجلس النواب الأميركي عقدت في 18 إبريل 2013: إن الجيش المصري يقف كحصن منيع ضد التطرف بالمنطقة.
[99] في برقية للسفارة الأميركية بالقاهرة مسربة عبر موقع ويكيليكس، أن الحكومة المصرية تقدم تقرير دوري للسفارة الأميركية حول جهودهها في مكافحة التهريب، هنا: https://wikileaks.org/plusd/cables/10CAIRO177_a.html
[100] https://www.militarytimes.com/flashpoints/2016/04/12/the-rise-of-isis-in-egypt-is-forcing-the-pentagon-to-rethink-troop-numbers-there/
[101] اعترف (على الدين هلال) أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم بوجود 3 قواعد أمريكية في مصر في عهد (مبارك)، حيث كتب (فهمي هويدي) في زاويته اليومية بجريدة “الشروق” في يناير 2011 عن المفاجأة التي كشف عنها (هلال): حيث قال في مؤتمر جمعه بشباب الجامعات بالإسكندرية ــ وحسب ما جاء في خبر بجريدة الوفد يوم الجمعة 7/8 عام 2010: “وجود 3 قواعد عسكرية لطائرات أجنبية على أرض مصر”!
[102] وليم أركِن: الأسماء المشفرة – تفكيك الخطط والبرامج العسكرية الأميركية في عالم ما بعد 09/11، ستيير فورث ، 2005، ص 110.
[103] في 4 أكتوبر 2012 أعلن موقع “يو إس إيه جوبس USA Jobs” وهو موقع رسمي تابع للحكومة الفدرالية الأمريكية، عن وجود وظائف شاغرة للعمل بالقوات الجوية الأمريكية، في مصر.
[104] https://www.nytimes.com/1983/06/24/world/us-tells-of-secret-air-operations-in-egypt.html
[105] Quandt, William B. (1988). The Middle East: Ten Years After Camp David. Brookings Institution Press. pp. 144–5.
[106] Lefebvre, Jeffrey Alan (1991). Arms for the Horn: U.S. Security Policy in Ethiopia and Somalia, 1953-1991. University of Pittsburgh Press. p. 232.
[107] Cordesman, Anthony H. (1987). Western Strategic Interests in Saudi Arabia. Croom Helm. p. 68.
[108] Rais, Rasul Bux (1986). The Indian Ocean and the Superpowers: Economic, Political and Strategic Perspectives. Routledge. pp. 89–90.
[109] https://wikileaks.org/plusd/cables/08RABAT1152_a.html
[110] Gilstad, John R; Vaughn, Andrew F; Mohareb, Emad. “U.S. Naval Medical Research Unit No. 3.” https://eg.usembassy.gov/ wp-content/uploads/sites/156/2016/10/NAMRU-3.pdf.
Gilstad, John. “NAMRU-3 – Navy Medical Research Has a Home in Cairo, Egypt.” Sep. 1, 2017. http://navymedicine. navylive.dodlive.mil/archives/8363.
[111] https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A/3681620
[112] Ali E.Hillal Dessouki, Regional Leadership: Balancing off Costs and Dividends in the Foreign Policy of Egypt, in the foreign policy of Arab states: The challenge of Globalization. eds Bahgat Korany, Ali E.Hillal Dessouki, (Cairo: American University in Cairo, 2010) p.p.(1-3).
[113] Zaid Jilani, «Egypt’s Lobby by Proxy Wields Outsize Influence in DC,» Al Jazeera American (21 October 2013), http://america.aljazeera.com/articles/2013/10/21/egypt-israel-lobbyistswashington. html & Julian Pecquet, «AIPAC Weighs in on US Military Aid to Egypt,» Al-Monitor (24 June 2014), http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/06/aipac-us-aid-egypt-stop-cut.html#ixzz3lxytbb
[114] سامي ترجمان، المعضلة الإسرائيلية في سيناء، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 236 إبريل 2018.
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/israels-sinai-dilemma
[115] ديفيد كيركباتريك، التحالف السري: إسرائيل تنفذ ضربات جوية داخل مصر بموافقة القاهرة، نيويورك تايمز، 3 فبراير 2018.
[116] https://wikileaks.org/plusd/cables/07CAIRO3503_a.html
[117] لمزيد من التفاصيل حول صفقة الغاز وأهدافها انظر: خالد فؤاد ، غاز المتوسط – السعي في طريق غير ممهد، المعهد المصري للدراسات، 2 يناير 2019.
[119] https://wikileaks.org/plusd/cables/08CAIRO721_a.html
[120] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO328_a.html
[121] للمزيد راجع: وثائقي “ما خفي أعظم”:
[122] Isaac, ‘The EU’s Democracy-Stability Dilemma Persists in Egypt’; see also Richard Youngs (Summer 2003), ‘European Approaches to Security in the Mediterranean’, Middle East Journal 57, No. 3, (Summer 2003): pp. 414-431.
[123] https://www.sipri.org/sites/default/files/2020-03/fs_2003_at_2019.pdf
[124] https://carnegieendowment.org/sada/83312
[125] الشروق ، بعد الجولة السادسة.. أبرز نتائج آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان. 10 أكتوبر 2018.
[126] تظهر برقيات ويكليكس المسربة عن السفارة الأميركي بالقاهرة تحليل المسؤولين الأميركيين بالقاهرة أن الصين لا تريد أكثر من موطئ قدم في مصر وأنها لا تتوقع أي أرباح أو تأثير يذكر عبر القاهرة:
[127] https://aawsat.com/home/article/3176691/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D8%B7%D9%85%D8%A6%D9%86-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86
[128] http://www.leakoverflow.com/questions/519246/08state99685-egypt-possible-violation-of-retransfer-end-use
[129] http://www.leakoverflow.com/questions/561588/09state62775-establishing-a-us-egypt-end-use-monitoring
[130] المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي – مجلد (27) عدد (4) ديسمبر (ب) 2017، ص 2382.
[131] أكثر من يؤشر على توجهات النظام المصري في هاتين القضيتين هما: يوسف بدر (كاتب رأي مصري في جريدة النهار اللبنانية) & هشام النجار (صحفي مصري له لقاءات على قناة يوتيوب “ذات مصر” ومحاضر في أكاديمية ناصر العسكرية).
[132] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO1457_a.html
[133] حسب شهادة رئيس وزراء القطري الأسبق ومندوب دولة قطر في مجلس الأمن وقتها: (حمد بن جاسم)، هنا:
[134] https://wikileaks.org/plusd/cables/07CAIRO3209_a.html
[135] https://wikileaks.org/plusd/cables/07CAIRO3209_a.html
[136] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO975_a.html
[137] https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO9384_a.html
[138] تنقل برقية من السفارة الأميركية رواية (عمر سليمان) عن انزعاج المخابرات العامة من أنهم منحوا ذات مرة 137 فيزا لإيرانيين يعملون في دور نشر إيرانية للمشاركة في فعاليات معرض الكتاب في القاهرة، إلا أن أربعة فقط من الإيرانيين بقوا في أرض المعارض، والبقية 133 طافوا جميع أنحاء مصر لدعوة الناس للتشيُّع!! https://wikileaks.org/plusd/cables/06CAIRO7208_a.html
[139] https://wikileaks.org/plusd/cables/08CAIRO18_a.html
[140] https://wikileaks.org/plusd/cables/06CAIRO7208_a.html
[141] ميثاق حركة المقاومة الإسلامية حماس، صدر في 18 أغسطس 1988.
[142] https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO2693_a.html No. (9)
[143] كما ظهر في التحقيقات مع العميل الصهيوني (هيثم منّاع) الذي كانت توجه إليه أوامر من الموساد لتلميع شخصيات من جناح “الحمائم” في حركة حماس مثل: خالد مشعل، وكما تظهر تسريبات برقيات السفارة الأميركية بالقاهرة عبر موقع ويكيليكس في اعتبار قطع امداد السلاح الإيراني إلى غزة أولوية أولى لللأمن القومي المصري:
https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO611_a.html
[144] تصريح للسيسي عقب لقائه خليفة حفتر بقصر الاتحادية في القاهرة يوم 14 إبريل 2019 في خضم هجوم حفتر على العاصمة الليبية طرابلس.
[145] https://wikileaks.org/gifiles/docs/21/214068_re-interview-request-fwd-egypt-s-stake-in-the-libyan-unrest-.html
[146]https://arabi21.com/story/750190/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%B9%D9%85%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-CIA
[147] https://wikileaks.org/plusd/cables/08CAIRO1963_a.html
[148]https://www.youm7.com/story/2018/12/9/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%86%D8%AC%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9/4061735
[149] https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO2852_a.html &
https://wikileaks.org/plusd/cables/06CAIRO7000_a.html (No. 7)
[150] كلمة السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر 2017.
[151] باحثة والمحاضرة في جامعة “تل أبيب”.
[152] باحثة إسرائيلية: السيسي ينمّي هوية مصر الفرعونية ويقزّم العربية – الإسلامية لشرعنة حكمه الاستبدادي، القدس العربي، 10/03/2022.
[153] من ضباط جيش وشرطة ومخابرات وقضاء ووزارات ومحافظات وشركات الدولة والموانيء.
[154] للمزيد راجع مؤلفات د. عبد الخالق فاروق عن سياسات “تقنين الفساد” و “الصناديق الخاصة”.
[155] Max Weber, L’éthique protestante et l’esprit du Capitalisme « (,version numérique),les classiques des sciences sociales, préparé par, Jean-Marie Trembly. Site web.. https://bit.ly/2VcDp9S
[156] عالِمَ اجتماعٍ ومؤرخٍ واقتصادي سياسي ألماني.
[157] للمزيد عن خصائص المجتمعات الزراعية: http://arab-ency.com.sy/ency/details/9555/17
[158] للمزيد من التفاصيل: راجع شهادات ضابط أمن الدولة المصري المنشقّ (د. هشام صبري) وأستاذ القانون في جامعة برينستون:
[159] للمزيد راجع كتب: د. إبراهيم البيومي وأهمها: تجديد الوعي بنظام الوقف الإسلامي & الأوقاف والمجتمع والسياسة في مصر & الوقف الإسلامي والتنمية المستقلة & الاوقاف والمجتمع المدني & الاوقاف والسياسة.
[160] حسب برقية مسربة من السفارة الأميركية بالقاهرة عبر موقع ويكيليكس، أن النظام المصري يفرض رقابة صارمة على المساجد حتى لا تتحول إلى منابر “للإرهابيين”:
https://wikileaks.org/plusd/cables/05CAIRO2693_a.html (No. 13(
[161] للمزيد عن خصائص المجتمعات المقهورة راجع كتابيّ عالم الاجتماعي اللبناني د. مصطفى حجازي: التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور و الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية.
[162] د.ناجح إبراهيم: الشخصية المصرية.. أين مفتاحها؟ (مقالة)، نشرت في 25يونيو 2018م، موقع الوطن.
[163] أستاذ علوم التربية بجامعة عين شمس بالعاصمة المصرية القاهرة. ولد حامد عمار الملقب بشيخ التربويين المصريين، كان أول مصري يحصل على درجة الدكتوراه في اجتماعيات التربية من جامعة لندن عام 1952.
[164] هاجر حسونة: شهامة المصريين.. ومن الفهلوة ما قتل (مقالة)، نشر في الشروق الجديد يوم 19/8/2010م، موقع مصرس.
[165] أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري: مجمع الأمثال، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت، (2/76).
[166] الفهلوي.. النمط السائد في الشخصية المصرية، نشر في القاهرة يوم 8/6/2010م، موقع مصرس.
[167] مدرس للاتفاقيات الدولية بكلية الحقوق بجامعة فاس المغربية، محاضر بأقسام الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط بجامعات أكسفورد ولندن وبرينستون وكولومبيا.
[168] طارق حجي: نقد العقل العربي – من عيوب تفكيرنا المعاصر، 2010، ص 30.
[169] أستاذ علم النفس المشارك في الجامعة اللبنانية، ممثل اليونسكو في الندوة الأولى لأقسام علم النفس بجامعات دول مجلس تعاون دول الخليج.
[170] د. مصطفى حجازي: التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، ص 72.
[171] أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للطب النفسي، ومجلس إدارة الجمعية العالمية الإسلامية للطب النفسي.
[172] نقد العقل العربي، ص(20-22) باختصار.
[173] نقد العقل العربي، ص(61-62) باختصار.
[174] فيلسوف وقاضي وكاتب فرنسي، ومؤسس الفلسفة السياسية الحديثة في فرنسا.
[175] إيتيان دو لا بويتي: العبودية الطوعية، ص 160.
[176] ن.م.
[177] محمد بن الوليد الطرطوشي: سراج الملوك، ص 98.
[178] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO202_a.html
[179] https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2019/01/24/what-irans-1979-revolution-meant-for-the-muslim-brotherhood/
[180] https://wikileaks.org/plusd/cables/08CAIRO562_a.html
[181] من مقابلة شفهية أجراها باحثين معهد كارنجي مع أحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في حزب الحرية والعدالة (لم يصرحا باسمه)، المقابلة هنا:
https://carnegie-mec.org/2019/03/28/ar-pub-78702
[182] https://www.reuters.com/article/us-saudi-egypt-brotherhood/rise-of-muslim-brotherhood-frays-saudi-egypt-ties-idUSBRE8400ZM20120501
[183] المستشار الثقافي الأسبق للسفارة الإيرانية في بيروت، والأستاذ بجامعة المصطفى والحوزة العلمية.
[184] https://www.facebook.com/100004875857223/posts/pfbid0eyCtQuWqCZsxbi2i6PebAev1P9moXj9RWbPAMBGe24CfNdqXhMKR43x39swMnxC4l/
[185] https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/12154
[186] رئيسة مؤسسة (راند) أكبر مؤسسة دراسات وأبحاث في العالم، والممولة مباشرة من البنتاجون والي تستمد منه الولايات المتحدة الأمريكية الأفكار والخطط والسياسات، ولشيريل نفوذ كبير في هذا المصنع الفكري أعني (مؤسسة راند)، كما كان لزوجها (زلماي خليل زاد) نفوذ أيضا في الحزب الجمهوري.
[187] دبلوماسي أميركي سابق، رئيس مجلس العلاقات الخارجية منذ 2003، وقبل ذلك كان يشغل منصب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية للولايات المتحدة ومستشار مقرب لوزير الخارجية (كولن بأول)، وكان عينه الكونجرس “المنسق الأمريكي” لمستقبل أفغانستان.
[188] عالم وسياسي أميركي، وبروفسور في جامعة هارفارد لـ 58 عاماً، تصفه جامعة هارفارد بمعلم جيل من العلماء في مجالات متباينة على نطاق واسع، وأحد أكثر علماء السياسة تأثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين، أكثر ما عُرف به على الصعيد العالمي كانت أطروحته بعنوان صراع الحضارات، والتي جادل فيها بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف آيديولوجيات بين الدول القومية بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم.
[189] https://wikileaks.org/plusd/cables/09CAIRO1723_a.html
[190] أستاذ مادة “السياسات الأميركية الخارجية” في جامعة ييل، وأستاذ علم “الإنسانيات” في كلية بارد، وأستاذ “العلاقات الخارجية” في كلية جيمس كلارك، وباحث في معهد هدسون لدراسات الأديان.
[191] https://madamasr.com/ar/2016/05/26/feature/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B5%D9%84-%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85/
[192] توفي مارس/آذار 2023. وخلفه محيي الدين الزايط ثم القائم الجديد بأعمال المرشد صلاح عبد الحق.
[193] https://www.madamasr.com/ar/2016/12/20/news/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%83%D8%AA/
[194] https://carnegie-mec.org/2019/03/28/ar-pub-78702
[195] https://wikileaks.org/plusd/cables/08CAIRO1019_a.html
[196] https://www.wsj.com/articles/SB10000872396390444358804578014733288327450
[197] https://wikileaks.org/clinton-emails/emailid/19340
[198] المستشار الشخصي لديك تشيني وكونديليزا رايس وجورج بوش الإبن إبان الغزو الأميركي للعراق.
[199] مؤرخ أمريكي متخصص في نقد الإسلام، وهو مؤسس ومدير منتدى الشرق الأوسط، قام بالتدريس في جامعة شيكاغو وجامعة هارفارد وكلية الحرب التابعة لبحرية الولايات المتحدة. عمل في خدمة حكومة الولايات المتحدة بصور عديدة مختلفة، تم تعيينه من قبل الرئاسة مرتين: نائب رئيس هيئة فولبرايت للمنح الدراسية للطلاب الأجانب وعضو مجلس إدارة معهد الولايات المتحدة للسلام. كان مدير معهد السياسة الخارجية في الفترة من 1986 إلى 1993.
[200] وهي مؤسسة بحثية أنشئت عام 1948 من قبل شركة طائرات دوغلاس لتقديم أبحاث للقوات المسلحة الأميركية، وهي الجهة الأولى التي يعتمد عليها البنتاجون في صياغة الأفكار والخطط المستقبلية.
[201] الكتاب باللغة الإنجليزية ويمكن للمهتمين مشاهدة قراءات في هذا الكتاب للصحفي المصري المقيم بالولايات المتحدة (أ. علاء بيومي) من خلال قناته على اليوتيوب التي بلغت حتى الآن 50 حلقة، هنا:
[202] عم الكاتب المصري ذو الهوى الإسلامي المشرقي: فهمي هويدي.
شادي علي – مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير