“معركة ثأر الأحرار”: الخطاب السياسي لقيادة الكيان المؤقت

من أجل الفهم الصحيح والواقعي والموضوعي للرسائل السياسية لحكومة نتنياهو فيما يتعلق بمعركة ثأر الأحرار، بداية علينا تشريح الهواجس والأفكار التي تراود حكومة الكيان أعقاب هذه العملية والتي منها انطلق الخطاب السياسي.

يعي “الرأي العام الإسرائيلي” أن حكومة الكيان ضعيفة في التعامل مع المقاومة الفلسطينية وهذا الأمر لا يتعلق فقط في هذه المعركة، بل على مدار كل سنوات حكم نتنياهو. كما تعي الحكومة أنه، وعلى الرغم من كل المواجهات “الإسرائيلية” على غزة خلال السنوات الماضية، كانت كلمة الفصل في أيدي الفلسطينيين وليس في يد الجيش والحكومة. وفي هذه المعركة يدرك نتنياهو تمامًا أنه لا يستطيع معرفة إلى متى ستستمرُ هذه المعركة.

كما وتدرك الحكومة أن جبهتها الداخلية تتفكك، إذ ينقل الإعلام العبري رسائل المستوطنين الذين يصرّحون علنًا عن تراجع دعمهم للحكومة ورفضهم دعوة الجيش للالتحاق بالجبهات. كما ينقل، تراجع الاقتصاد الإسرائيلي عقب معركة ثأر الأحرار وتوقف حياة المستوطنين وحالة القلق والرعب بين اليهود الذين بدأوا بالنزوح من مناطقهم، إذ أن الشعور بالأمان الشخصي لليهود بات يؤول إلى الصفر.

علاوة على ذلك، تعلم الحكومة أن المقاومة الفلسطينية حققت إنجازًا في هذه المعركة أجبر الكيان على أن يبقى في حالة من القلق والذعر وعلى أهبة الاستعداد، وعطّل مسار الحياة الطبيعية لمئات الآلاف من المستوطنين وللأجهزة الأمنية وللمسؤولين السياسيين والذي أثر على الكيان سياسيًا وعسكريًا ونفسيًا واقتصاديًا، وألحقت أضرارًا كبيرة في الداخل المحتل على الصعيد المادي والمعنوي والبشري.

كما وفشلت الحكومة في التفريق والفصل بين فصائل المقاومة الفلسطينية (الجهاد وحماس) كما وبين الساحات (غزة والضفة) (فلسطين والمحور). حيث أصبح نتنياهو أمام وضعٍ صعب على الساحة الدولية في ظل ضعف حكومته وتطرّفها وفشلها، وبات يدرك أن أي خطأ على الصعيد الإنساني سيؤجج المجتمع الدولي ضدّه.

حاول رئيس الحكومة نتنياهو أن يمرر رسائل “تنصل من المسؤولية ولعب دور الضحية وإثارة خوف الجماهير لتشكيل رأي عام يؤيد سياساته” من منطلق “ضعف يحاول إخفاءه” لليهود وللمجتمع الدولي، ورسائل “حذرة” للمقاومة الفلسطينية، وذلك ردًا على الهواجس والوقائع التي يدركها، وذلك، في لقائه المشترك مع روني بار رئيس الشاباك وهرتسي هليفي رئيس هيئة الأركان، وفي لقائه مع وزير الدفاع يوآف غالانت.

ومن منطلق؛ التحليل السلوكي والنفسي لنتنياهو في إدارته للأزمات، وسياسات هاليفي وروني وغالانت، حلّل مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير، الخطاب السياسي للكيان جرّاء معركة “ثأر الأحرار”، مع عرض نقاط القوة والضعف فيه، وذلك على الصعيد اليهودي، الفلسطيني والدولي.

بحسب التحليل السلوكي والنفسي لنتنياهو، فهو:

نقاط الضعف:
• ينتابه جنون العظمة.
• القوة والتلاعب هما الكلمتان الأساسيتان لوصف سلوكه في المجال السياسي.
• لا يقف ويبرر أفعاله ولكنه يتنصل من المسؤولية: “لم أر، لم أقصد، لم أفهم”.
• إلقاء اللوم على الآخرين.
• الحقيقة والقيم والضمير لا مكان لها في سياسته.
• مستعد لتدمير أي شخص يقف عائقًا أمام منصبه.
• كاذب وفي نفس الوقت يتهم منتقديه بالكذب نيابة عنهم.
• الشكّ والريبة خاصية أسياسية فيه ويتّخذ دائمًا دور الضحية.
• يتخذ القرارات دون استشارة وباندفاع.
• عندما يواجه حماس بشكل فجائي ولا يكون هو المسيطر: في هذا الموقف يشعر بالتوتر الشديد، والذعر، ولا يفكر بشكل صحيح، ويميل إلى فقدان رباطة جأشه، “يطلق النار أولاً، ثم يصوب”. وهذا يدل على عدم التفكير والحكم. في هذه الحالة سيكون مستعدًا لضمان أي شيء وتوقيع أي ورقة. يستسلم لمن يمارس السلطة عليه. “في تعرضه للابتزاز ، يقف على موقفه بشكل كبير، لكنه يستسلم أيضًا بطريقة كبيرة”. الانطباع الذي يحصل عليه المرء هو أنه في هذه المواقف من ينجح في إخافته ينجح في ضربه.
• أسلوب نتنياهو في نقل الرسائل: رسالة بسيطة (حتى وان كانت خاطئة) مصاغة بشكل واضح ومختصر، ويكررها الى ما لا نهاية.

نقاط القوة:
• يسعى للعب دور القائد في “غرفة الحرب”.
• يميل إلى التصرف بمفرده ولديه أسلوب إداري قوي.
• يواصل التأكيد على الولاء الشخصي في جميع الظروف مع الأشخاص الذين يعينهم إلى المناصب العليا.
• لا يهتم أو يتأثر باستطلاعات الرأي العام.
• يطمح ويسعى للبقاء في السلطة.
• الإعلام هو أداته الأساسية كقائد على قمة الهرم.
• يتمتع بقدرة ممتازة على نقل الرسائل.
• يعرف كيف يستخدم مواضيع تجمع الأطراف المختلفة كـ”الإرهاب” والمحرقة.
• يعرف كيفية توجيه الموضوعات إلى حيث يريد، وليس بالضرورة إلى ما يطرحه المحاور أو الخصم.
• الظهور في وسائل الإعلام “يعيد الحياة لنتنياهو”، حيث يظهر مليء بالطاقة والثقة، ويستطيع إخفاء التعب والمزاج السيء.
• عندما يواجه حماس ويشعر بالسيطرة ويكون المتحكم، يصيب التنبؤات، يحافظ على الهدوء، يحاول التفاؤل حتى في اللحظات الصعبة.

التحليل العام:
كون هذه المعركة كانت مفاجئة من حيث توقيت الرد ومن حيث أداء الغرفة المشتركة، إذ أتى الرد بعد 36 ساعة وبشكل موحد من مختلف فصائل المقاومة، كان لقاء نتنياهو المشترك مع روني بار رئيس الشاباك وهرتسي هليفي رئيس هيئة الأركان وكذلك مع وزير الدفاع يدلّ على حالة الارتباك والتوتر من استمرار المعركة وتوسعها في إطار وحدة الساحات، لهذا تكررت على ألسنتهم، أنهم حققوا الأهداف ومستعدون لإنهاء المعركة. وفي نفس الوقت، حاول نتنياهو إخفاء ذلك من خلال التلاعب السياسي الذي يشتهر به، واستعطاف المجتمع اليهودي والتنصل من مسؤوليته عن زعزعة استقرار الكيان على الصعيد الاقتصادي والأمني، وكذلك للمجتمع الدولي الذي خاطبه بحجة “المنظمات الإرهابية”. واستخدم أساليب سيكولوجية مثل إثارة خوف اليهود من المقاومة الفلسطينية، بهدف دفعها لتقبل الوضع الراهن وتشكيل رأي عام موحّد يؤيد سياساته. كما ركز على نسبة الصفات الإيجابية للحكومة وجيشها مقابل الصفات السلبية للمقاومة. وحاول نتنياهو إيصال رسالة إلى اليهود أن علاقته بوزير الدفاع جيدة وأنهما متوافقان باللغة السياسية وليس كما كانت في المرات السابقة. وركز ومسؤوليه على إظهار الجانب القانوني وكيف أن ضربات الجيش دقيقة وتستهدف فقط الإرهابيين فيما تبتعد عن ارتكاب مجازر بالمدنيين. وحاول نتنياهو الترويج بتحقيق أهدافه ضد المقاومة الفلسطينية وأنه أصاب القيادة الفلسطينية بالضعف وألحق بها خسائر كبيرة، وأضعف موقفها السياسي والأهم أن الردع الإسرائيلي أصبح أقوى مما كان عليه في وجه المقاومة.
ولكن الغوص أكثر في خطاب نتنياهو ومسؤوليه، يبيّن الكثير من نقاط الضعف مقابل القليل من نقاط القوة وهذا ما سنستعرضه في التحليل التفصيلي.

رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو

التحليل التفصيلي:

• على صعيد المقاومة الفلسطيني

نقاط الضعف:
1- الاستعجال لإنهاء المعركة
“نتمنى إنهاء الحملة قريبًا، لكننا مستعدون لإطالة أمدها”.

• يستخدم نتنياهو هنا أداة التمني إذ يعي أن إنهاء المعركة يصعب أو يستحيل تحقيقه بأمر من الحكومة وهو غير قادر على ذلك بأي شكل من الأشكال. وهذه الرسالة طرحت لثلاث غايات: الأولى، لجذب المجتمع اليهودي وتبيان أن الحكومة تحاول استعادة الأمن والاستقرار من أجلهم. والثانية، للمجتمع الدولي التي تحاول أن تثبت أنها ضحية “المنظمات الإرهابية”. والغاية الثالثة، هي لمنع استكمال المقاومة الفلسطينية ضرباتها على الكيان. وهنا تأتي “مستعدون لإطالة أمدها” في سياق ردع المقاومة من التمادي في الضربات والحفاظ على “صورة ردع جيشها” غير الموجودة. كما أن الصوت الإسرائيلي بدأ يخرج بضرورة إيقاف هذه العملية وجدوى الاستمرار في هذه العملية كما هي العادة.

2- الأهداف التي وعد الإسرائيليين بها لم يحقق شيئًا منها على الإطلاق

“حققنا ما نريد وسنقابل الهدوء بهدوء فقط”.

• يدل هذا التصريح على تراجع حافزية العدو لاستكمال هذه المعركة، والتشجيع على الهدوء وإنهاء المعركة. إذ يبدو أن الحكومة تعيد حساباتها وتحاول تفادي المزيد من الأضرار ودفع الأثمان على الساحة الداخلية وعلى الصعيد الاقتصادي، وذلك لأن اليوم القتالي الواحد يكلف الجيش يوميًا حوالي 200 مليون شيكل. كما أن هذه الجولة لم تحقق أي تغيير استراتيجي لا على صعيد صورة الردع ولا التوحد الداخلي ولا حتى تراجع قوة المقاومة، لذلك ظهر الترويج لتحقيق الأهداف والتشجيج على الهدوء كدليل واضح على الفشل السياسي والعسكري للكيان. والدليل على ذلك، ازدياد المقاومة الفلسطينية قوة وحضورًا من حيث القيادات والفعالية.

3- فشل العدو في ترميم الردع

“أريد أن أقول مرة أخرى، أي شخص يؤذينا، ويرسل الإرهاب ضدنا – الدم على رأسه. تلقى هذا المبدأ تعزيزًا مهمًا للغاية في العملية. قدرات استخباراتية وعملياتية جديدة، ومبادرتنا – خلق معادلة جديدة.”

• الترويج الإعلامي لخلق معادلة جديدة لتبيان “قوة وصرامة الكيان” وكأن الأزمة السياسية وتصريحات الأمنيين ووسائل الإعلام حول تفكك الجيش والداخل غير صحيحة والدليل أن “الضربة أوجعت الجهاد”. في المقابل المقاومة الفلسطينية هي التي وضعت وطبقت المعادلات الجديدة، وأولها أن أي عملية اغتيال في المستقبل لأي قائد أو مجاهد في قطاع غزة، لن يمر دون ردّ، وإنما سيؤدي إلى مواجهة واسعة كما حصل الآن.

4- فشل العدو في تحجيم المقاومة وكسرها

“وجهنا للجهاد أقسى ضربة في تاريخه، الحملة لم تنته بعد.” “لا يوجد إرهابي محصن، حتى لو كان يختبئ في أعماق أعشاش الإرهاب”.

كانت قدرة الجهاد الاسلامي وسرايا القدس على ترميم بنيتها القيادية سريعة والدليل هو حجم الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة والتي بأغلبها لسرايا القدس.

نقاط القوة:
1- كسب تأييد المجتمع الدولي
“نحن نبذل أقصى جهد لتجنب إيذاء غير المتورطين. هذا هو بالضبط الفرق بيننا وبين أعدائنا: إنهم يسعون إيذاء الأبرياء بنية أولى، بينما نفعل كل شيء لمنع إيذاء الأبرياء. بينما نشجب أي إصابة للمدنيين، فإنهم يفرحون بأي إصابة للمدنيين، كما أنهم يوزعون الحلوى، ويحتفلون على أسطح المنازل، ويؤذون الأطفال الصغار والأشخاص والنساء الذين ليس لديهم سوق للجهود الحربية…. هذه هي الروح الحقيقية لشعبنا، الذي يعرف كيف يتحد في مواجهة أي تحد – وبهذه الروح، بعون الله، سنفوز.”

• استطاع نتنياهو التأثير على الرأي العالمي من خلال كلماته المتلاعب بها، وأسلوبه في تبديل الصورة ليتهم الفصائل الفلسطينية بارتكاب جرائم بحق “الإسرائيليين الأبرياء” ولعب دور الضحية لاستعطافهم، إذ أن صمت المجتمع الدولي واستمرار سكوته على الإعتداءات الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين والأطفال والنساء، تسجل نقطة قوة لصالح نتنياهو. ويدل السكوت الدولي هذا على القبول بما يقوم به نتنياهو من اعتداء على غزة.

• على صعيد المجتمع اليهودي

نقاط الضعف:
1- فشل العدو في كسب تأييد الداخل
“أشكر مواطني إسرائيل على دعمهم، وأشكر سكان الجنوب – الحملة لم تنته بعد، لقد دخلناها معًا، ونحن نقف معًا، وسننتصر معًا “.

• يحاول نتنياهو توريط المجتمع اليهودي في هذه المعركة وإقناعه بالموافقة على إجراءات الحكومة، وكذلك التلاعب بفكرة وحدة سكان الجنوب ودعمهم لنتنياهو. ولكن الواقع مغاير حيث أن 70% من سكان مستوطنات “غلاف غزة” نزحوا منذ بدء العملية، وبدأت صرخات المجتمع اليهودي تتعالى بوقف العملية وعدم جدواها.

2- فشل العدو في استرجاع الأمان الشخصي لليهود

“نراكم ونختار الوقت لنضربكم، الخيار لنا… خلال الأشهر القليلة الماضية، تم إحباط أكثر من 120 إرهابياً بفضل النظام الأمني…”

• هنا يحاول نتنياهو إبراز قوة الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية والتأكيد للمجتمع اليهودي أن المعركة لا زالت تحت السيطرة الإسرائيلية، في محاولة لطمأنة الجمهور ولكن بحسب المقابلات التلفزيونية العبرية مع المستوطنين فإن أول ما يذكر هو “إننا خائفون.. نشعر بالقلق، لا نشعر بالأمان الشخصي…”

نقاط القوة:
1- استطاع نتنياهو التأثير على الشريحة اليهودية التي كانت تؤيده ولكن تراجع تأييدها بسبب الأزمة السياسية الأخيرة
“مواطني إسرائيل، في وقت مبكر من صباح اليوم، قامت دولة إسرائيل بعمل حازم وقوي ومبرر”.. “نفعل ذلك بشروطنا الخاصة – في الزمان والمكان اللذين نختارهما” “أفهم جيدًا الرغبة في إيذاء أولئك الذين يؤذوننا على الفور …”

• حاول نتنياهو من خلال هذه الرسالة التأكيد على الحزم والقوة الذي كان يعد به جمهوره، ليعيد ضبط الداخل اليهودي المؤيد له وتحسين صورة حكومته وإزالة الشكوك والظنون. وكانت هذه الرسالة مفيدة لنتنياهو لأنها ترافقت مع “عملية اغتيال”، والدليل بعض الوسائل الإعلام العبرية تنقل التأييد اليهودي لهذه العملية وفرحتها بها، إذًا استطاع نتنياهو أن يتلاعب بمشاعر بعض اليهود بأنه مهتم لمشاعرهم ومخاوفهم ويحتويها ويعالجها في الوقت والطريقة المناسبة.

• على صعيد المجتمع الدولي:

نقاط الضعف:
• لا يوجد نقاط ضعف في خطاب نتنياهو تجاه المجتمع الدولي إذ أنه يبرره باستخدام مصطلحات “الإرهاب”، وكذلك بإقناع العالم أنه لا يضرب عشوائيًا، المواطنين الفلسطينيين غير المسلحين.

نقاط القوة:
• “في هذه اللحظة بالذات، قواتنا تهاجم قطاع غزة بشدة وتتقاضى ثمنا باهظا من التنظيمات الارهابية”… قضى الجيش الإسرائيلي على قيادات بارزة في حركة الجهاد الإسلامي في غزة وهؤلاء القتلة مسؤولون عن الهجوم الصاروخي على أراضينا الأسوع الماضي، وعن توجيه العديد من العمليات الإرهابية في يهودا والسامرة. هاجمنا البنى أنا أتحدث أولًا عن التحتية الإهابية المركزية لحركة الجهاد الإسلامي في غزة – وقبل كل شيء عن تدمير مصانع الأسلحة والذخيرة والصواريخ.
• محاولة التبرير للمجتمع الدولي أن ما يقوم به الكيان هو رد فعل على “جرائم التنظيمات الإرهابية” ليلعب من خلالها دور الضحية في توصيف مشهدية جرائمه ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وزير الدفاع يوآف غالانت

• على صعيد المقاومة الفلسطينية

نقاط الضعف:
1- فشل في التفريق بين الفصائل المقاومة:
“وجهنا للجهاد أقسى ضربة في تاريخه، الحملة لم تنته بعد.”.. نحن مستعدون لمواصلة العمل ضد الجهاد الإسلامي”

• كان من أهداف هذه العملية هي إحداث الشرخ والفتنة في بيئة المقاومة في غزة، وفتح باب الجدل والاعتراض والتخوين في الداخل الفلسطيني، ومحاولة التفرقة بين الفصائل المقاومة عبر التركيز على الجهاد الاسلامي وسرايا القدس والاستفراد به وتحييد حماس وبقية الفصائل، ولكن كان رد المقاومة موحد لجميع الفصائل الفلسطينية ومنسق بدرجة عالية منذ اللحظات الأولى وخصوصًا بين جهاد وحماس عبر الغرفة المشتركة.

2- فشل في إحباط التنظيم الأمني والسياسي لقيادة المقاومة

“لقد بدأنا الحملة بسلسلة من الهجمات الناجحة والدقيقة، إلى جانب إحباط قيادة التنظيم الذي تم خلال فترة قصيرة من الزمن في عملية منسقة وموقوتة بين الجيش الإسرائيلي وفي داخله فرق المخابرات والعناصر والنشطاء والقوات المسلحة”.

• إن المقاومة الفلسطينية استخدمت تكتيك الهدوء والحكمة في التعامل مع عملية الإغتيال، ومنذ اللحظات الأولى استطاعت أن توحد صفوفها وتوزع أدورها وتتشارك في رد ضمن الغرفة المشتركة لفصائلها. والحملة “الناجحة والدقيقة” التي يعبر عنها غالانت لم تحقق أي تغير استراتيجي بل زادت في قوة وعزم المقاومة.

3- فشل سياسة الإغتيالات

“لدينا أداة قوية في أيدينا، ولن نتردد في استخدامها عندما يتحدى أحد وجودنا في هذا المكان، وحريتنا وسيادة إسرائيل. حقيقة أن المواطنين الإسرائيليين قد يتعرضون للأذى أمر غير مقبول بالنسبة لي”.

• يهدد غالانت بالمزيد من عمليات الإغتيالات بحق الفصائل المقاومة، ولكن الأخيرة وضعت معادلة ردع بأن أي عملية اغتيال في المستقبل لأي قائد أو مجاهد في قطاع غزة، لن يمر وإنما سيؤدي إلى مواجهة واسعة كما حصل الآن. لذلك يحاول غالانت طمأنة الجمهور ولكن الواقع مغاير.

4- فشل في تحسين صورة الردع الإسرائيلي

“إن إنجازات التكنولوجيا الإسرائيلية مثيرة للإعجاب وتنعكس مرارًا وتكرارًا”، مضيفًا “لقد حققنا إنجازات كبيرة. لم أر مثل هذا المستوى من التنسيق كما هو موجود اليوم في نظام الدفاع، هذا العنصر قوي ومهم للبلد.

• إن ردع المقاومة للعدو كان هجوميًا ودفاعيًا على عكس ما يروج له غالانت، فهو يتحدت فقط عن الردع في الدفاع وليس في الهجوم، إذ أن لم تتراجع ولم ترضخ بل قامت بأمرين:

الأمر الأول: الهجوم الصاروخي الممنهج والمخطط وفقًا لخطة نيران علمية ذكية، وهذا يعني أنّ المقاومة لم يردعها العدو وأنّه لا يمتلك خاصية الردع في الدفاع الذي يمنع بموجبه المقاومة من استهدافه والدفاع عن نفسها.

الأمر الثاني: أنّ المقاومة لم تكتفِ بردّة فعل ظرفية أو مرحلية لرفع العتب أو لحفظ ماء الوجه، بل طورت ردعها حتى لامست عنوان الهجوم، وهذا يعني أيضًا أنّ الخاصية الردعية للعدو في الدفاع والهجوم غير متوفرة ولم تحقّق المبتغى من ردع المقاومة من إطلاق الصواريخ ثم وضع الشروط لوقف إطلاق النار.

روني بار رئيس الشاباك و هرتسي هاليفي رئيس هيئة الأركان

كان بار وهاليفي يعيدان نفس الأفكار التي طرحها كل من نتينياهو وغالانت، ويستخدمان نفس المصطلحات وكأنهما يطرحان الخطاب ذاته مع تغيير بسيط في طرح الجمل ولكن اللافت هنا ما طرحه روني وشكل نقطة ضعف إضافية لدى العدو:

نقاط الضعف:
1- خسارة ورقة “تنفيذ أجندات إيرانية”
“نشاط الجهاد الفلسطيني في غزة هو إيراني بالدرجة الأولى ويراد منه تنفيذ أجندات إيرانية: “إيران تمول الجهاد الاسلامي لن نسمح لإيران بالنشاط ضدنا من خلال وكلائها. عملنا هو اغلاق جميع الدوائر مع المسلحين ورسالتي للمسلحين لن تكونوا محصنين نحن نعمل على مدار الساعة ونعلم كل شيء وعمليتنا لم تنته بعد”.

• إن الفصائل المقاومة الفلسطينية جميعها يتم دعمها ليس فقط من إيران بل من دول عدّة، وهذا الأمر معروف على الساحة الدولية، واستخدام هذه الورقة من أجل التصويب على إيران وتحييد حماس من دخول المعركة على أساس أنها معركة تختص بنفوذ إيران، باتت في غير مكانها بل وأفشلتها.

مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

اساسيالمقاومةسرايا القدسغزةكيان الاحتلال الإسرائيلي