خسائر وراء الباب

فيما ينكبّ الساسة في لبنان بأحزابهم وقواهم المختلفة على الخوض في تفاصيل كثيرة تتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وحرب الفتاوى الدستورية المستعرة تحضيرًا لموسم الفراغ الرئاسي المتوقّع، إيجابيات كثيرة تُسجّل على خط التفاوض الذي شارف على نهايات سعيدة في ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني.

ولئن كان الملف اللبناني، بكل تفاصيله، غير مستقل ولا على الحياد من التطورات في المنطقة والإقليم، إيجابية كانت أم سلبية، فإن البلاد على موعد مع تلقف نسائم فيينا النووية. انطلاقًا من هذا الواقع، سجّل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أولى الانعطافات ربطًا بما رصده من ذبذبات خارجية. إلا أن الوضع اللبناني المكبّل بالأزمات الاقتصادية والمعيشية، فضلًا عن السياسية، يدفع الفرقاء الآخرين إلى التمترس الثابت خلف رافعاتهم الإقليمية، خصوصًا السعودية منها، والتي باتت تستشعر القلق المتزايد من نجاح إيران في انتزاع حقوقها في التخصيب والتصنيع الحربي وتحرير أصول وأموال طائلة.

يعبّر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أوضح تعبير عن السياسة السعودية في لبنان، ويمكن دراسة مضمون تصريحات وتحليل فحواها الاطلاع على حال الارتباك السعودي في الداخل اللبناني. فجعجع الذي صرفت عليه السعودية أموالًا طائلة كي يكون “زلمتها” في لبنان، غير قادر على فرض أجندتها ورؤيتها في الملفات العديدة المفتوحة في البلاد، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، في حين، يقف الرجل عاجزًا، إلا عن المؤتمرات الصحافية، في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، وفي معركة تحصين حق لبنان في ثرواته النفطية من الأطماع الإسرائيلية.

لا شكّ أن لبنان يقبع الآن في مرحلة انتقالية تمثّل فيها الانتخابات الرئاسية معبرًا نحو الاستقرار أو عدمه، بحسب مسار الأمور والتوافقات والتفاهمات المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي المنتظر. غير أن احتمالية الولوج إلى الفراغ الرئاسي تبدو متقدمة، وتعززها حركة الموفدين الغربيين ومواقفهم غير المعلنة، والتي تسرّبت معلومات منها عن دفع غربي نحو تعزيز حكومة تصريف الأعمال الحالية لترث صلاحيات رئاسة الجمهورية بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، الذي يواجه حرب إلغاء يحرص قادتها على دفعه للخروج من بعبدا تحت نيران التعطيل والتسويف، وإنْ أتى ذلك على حساب الشعب اللبناني ومصالحه.

في خلفية المشهد تقف بكركي متفرّجة على ما يتعرّض له الموقع المسيحي الأول في الدولة اللبنانية، والوحيد في المشرق العربي، حرصًا على مصالحها المرتبطة بشكل وثيق بسفارات دول تعمل ليل نهار على إحكام الحصار على لبنان. وفي حين تنتظر كل الملفات العهد الرئاسي الجديد، اختصر رئيس تيار الكرامة النائب السابق فيصل كرامي، المنتظر نتيجة طعنه بنتائج الانتخابات الأخيرة، الموقف ‏حينما توجه إلى سمير جعجع بالقول: “رئاسة الجمهورية لن يصل اليها عميل اسرائيلي، ولا حتى صديق لعميل اسرائيلي، ولا حتى صديق صديق عميل اسرائيلي، ولا صديق صديق صديق عميل اسرائيلي… ودق راسك بالحيط”.

اساسيسمير جعجعكاريشلبنان