في وطن حقيقيّ، لا يتدخل في القضاء فيه حتى أصغر موظف رسمي وأصغر ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، تسقط حكومات ويقال وزراء وأمنيون في حادثة أصغر بكثير من حادثة انفجار مرفأ بيروت التي وقعت منذ عامين بالتمام والكمال.
في وطن حقيقي، لا يستطيع سياسي برتبة زعيم زاروب أن يتاجر بدم شهداء وجرحى انفجار المرفأ، ولا يستطيع اللعب بعواطف أهالي الضحايا، و”العربشة” على أكتاف أوجاعهم لتحقيق غاياته السياسية.
في وطن حقيقي لا ينقسم أهالي الضحايا والمنكوبون من كارثة إلى مجموعتين، واحدة مع القاضي والطرف السياسي الذي يدعمه وأخرى في الطرف المقابل.
في وطن حقيقي، لا تُسرق الكارثة من جهة ما، سياسية أو دينية، ولا يكون بعض الضحايا من درجة أولى وضحايا من درجة ثانية أو ثالثة.
في وطن حقيقي، لا يجرؤ “صيصان” مجارير الإعلام والسياسة على اتهام حزب مقاوم كحزب الله بتفجير مرفأ بيروت، كذبًا ودجلًا وتزويرًا، انصياعًا لرغبة سيد هنا أو سيد هناك، أو طمعًا في ملء جيوب لم يسكنها سوى مال الارتزاق والسحت والحرام والشبهة.
في وطن حقيقي، لا يعيش أهالي الضحايا وسائر المواطنين في يأس من الوصول إلى الحقيقة، ومعرفة المجرم الكبير المتسبب والمشارك والمتدخل في كارثة كبيرة ككارثة انفجار مرفأ بيروت، وفي يأس من نظام أعوج أعور بغيض قائم على قياسات طائفية وزعاماتية لا ترى المواطن سوى ناخب أو مستجدٍ على باب زعيم.