جاءت إطلالة أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله الأخيرة، وإطلاقه خلالها جملة من المواقف المقاومة الداعمة للموقف الرسميّ اللّبنانيّ، ليكرّس عبرها مع العدوّ الإسرائيلي والأميركيّ من خلفه بمنطق القوّة معادلة لا استخراج للنفط والغاز من مجمل حقل “كاريش” قبل التوصّل إلى اتفاق شامل حول المنطقة المتنازع عليها ضمن الخطّ 29، والتي دفعت الخارجيّة الأميركيّة “مرغمة” بعد 6 ساعات من موقف السيّد نصر الله للحديث عن نيّتها تحديد موعد لإرسال كبير مستشاريها لأمن الطّاقة آموس هوكشتاين لمناقشة الأزمة النفطيّة في لبنان، بعدما كان الأخير قد انسحب من مساعي المفاوضات بين البلدين، على خلفيّة تمنّع المفاوض الإسرائيليّ من مناقشة الطلب اللبنانيّ حول إمكانيّة أن يكون الخطّ 29 هو خطّ الحدود البحريّة اللبنانيّة الحقيقيّ، بناءً على نتائج الفرق الفنيّة في الجيش اللبنانيّ، وقيام العدوّ الإسرائيلي بعدها باستقدام سفينة التّنقيب اليونانيّة – البريطانيّة إينيرجين Energean”” لاستخراج النفط والغاز من حقل كاريش، حيث بات من المؤكّد أن الإدارة الأميركيّة ومعها الروسيّ والدّول الأوروبيّة لا تريد للبنان أن يصبح دولة نفطيّة، مع حاجة أوروبّا الماسّة للغاز، بعد العقوبات والحصار الغازيّ الذي فرضته روسيا على السّوق الأوروبيّة، على خلفيّة مواقفها المناهضة للعمليّة العسكريّة الروسيّة في الأراضي الأوكرانيّة، إلّا أنّ حاجتها تلك لم تجعلها قادرة على مخالفة الموقف الأميركيّ الداعم للعدوّ الإسرائيلي، الراغب بأن تكون أسواقه النفطيّة بديلة عن السوق الروسي.
أخيرًا عاد آموس هوكشتاين كبير مستشاري الخارجية الأميركيّة لأمن الطاقة أمس الإثنين إلى لبنان، وسيطًا “منكسرا” بأسقف متواضعة، عكس ما كانت عليه قبل رحيله. عاد “منهزمًا” للتوصّل إلى حلّ النزاع النفطيّ القائم بين لبنان والكيان الإسرائيلي، وللاستماع إلى الموقف الرسميّ اللبنانيّ المتمثّل “حصرًا” برئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، الذي يدخل هذه المرّة المفاوضات وفي جعبته موقف سياسيّ موحّد، وملفّ قانونيّ – علميّ واضح وصريح لا لبس فيه، وقوّة عسكريّة إضافيّة متمثّلة بقوّة المقاومة وموقف قائدها السيّد حسن نصر الله الواضح الذي لا يحمل أي تأويل، إلى درجة وضع الرئيس قبل استقباله اليوم الوسيط هوكشتاين بصورة بعض تفاصيل قوّة المقاومة العسكريّة، خصوصًا القوّة الصاروخيّة، وقوة المسيّرات الجويّة، حسبما نقل الكاتب والمحلّل السياسيّ غسّان سعود خلال استضافته ليل الأمس الإثنين، في برنامج بانوراما اليوم مع الزّميلة منار صبّاغ على شاشة قناة المنار، ليكرّس هذه القوّة خلال عمليّة التفاوض، ولتكون مواقفه مستندة إلى قوّة المقاومة مع قوة ومنطق الحقّ.
مع صوله إلى بيروت، قام الوسيط الأميركيّ آموس هوكشتاين على رأس وفد أميركي ترافقه السفيرة شيا بجولة على العديد من الشخصيّات اللبنانيّة، بدأت بزيارة وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض، من ثَمّ التقى مدير عام الأمن العامّ اللواء عبّاس إبراهيم في مكتبه، الذي أشار في حديث لقناة المنار الى “أنّ اللقاء مع المبعوث الاميركي لترسيم الحدود آموس هوكشتاين كان جيّدًا، وأبلغته أنه سيسمع موقف لبنان الموحّد حيال ملف ترسيم الحدود البحرية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون” (موقع النشرة الإلكترونيّ). وتتناقل أوساط متابعة لملف المفاوضات أنّ هوكشتاين ينوي اليوم استكمال جولاته العلنيّة بدءًا بزيارة قصر بعبدا، والتقاء الرئيس ميشال عون، مع نيّته -بحسب معلومات صحفيّة- القيام بجولات غير معلنة على شخصيّات لبنانيّة أخرى، للوقوف عند آرائهم حول مجمل قضايا الخلاف بين لبنان والعدوّ الإسرائيلي.
بالفعل، تأتي هذه المرّة عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين غير واضحة التوجّهات والنوايا لحين انتهائه من جولاته، على خلفية مواقف أمين عام حزب الله الداعمة للموقف اللبنانيّ الرسميّ، لتثبت من جديد فعاليّة وجدوى معادلة لبنان الذهبيّة الجيش والشعب والمقاومة، إضافة إلى الموقف الرسميّ الموحّد، وأنّ لبنان هذا الكيان الصغير بحجمه الكبير بثرواته، وقدراته، وإمكانيّاته، لم يكن كذلك لو لم يكن لديه قوّة المقاومة التي تقوّي وتدعم قوّة المنطق والحقّ.