سريعًا انكشفت نوايا العدو الإسرائيلي حيال لبنان ربطًا بالتطورات في ما يتعلّق بملف الثروة النفطية والغازية وملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. وما هي إلّا أيام قليلة على الإطلالة الأخيرة لأمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، ليل الخميس الفائت، حتى حاول رئيس أركان جيش العدو أفيف كوخافي، إرساء “توازن نفسي” عبر تصريحات أرادها “نارية”.
ومع هذا الانكشاف، واصل التغييريون عراضاتهم، فوصلوا هذه المرّة إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، مسجّلين مفارقة غريبة عجيبة برفعهم لشعار التحدي للعدو في سلّة واحدة مع نكران المقاومة وفلسطين!
ومن المعلوم أن السيّد نصر الله حصر حديثه خلال إطلالته الأخيرة، بملفّ النفط والغاز اللبنانيّين، والجزء الشماليّ من حقل كاريش الواقع ضمن خطّ الــ29 المتنازع عليه بين لبنان وسلطات العدوّ الإسرائيليّ، وتوجّه بدعوة اللبنانييّن للتعاضد والتكاتف، ولأن يكونوا يدًا واحدة في هذه المرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان والشعب اللبنانيّ، بعيدًا عن الاصطفافات والمناكفات السياسيّة الداخليّة الضيّقة، التي لا تصبّ إلَّا في مصلحة العدوّ الإسرائيليّ، الذي توجّه السيّد نصر الله إلى قادته السياسيّين والعسكريّين، بتهديد مباشر واضح وصريح لا يحتاج إلى تحليل، أو تأويل، أو تفسير.
أربعة أيّام على تهديدات السيّد نصر الله، كانت كفيلة لتكشف زيف تصريحات ومواقف قادة العدوّ الصهيونيّ المهادنة، والتي أعلن خلالها على لسان أكثر من مسؤول، أن لا نيّة للعدو الإسرائيليّ باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش في المنطقة المتنازع عليها، مبدية زورًا عدم رغبتها في الانجرار إلى صدام عسكريّ مع لبنان حزب الله.
جاء زيف ادّعاءات العدّو الإسرائيليّ أمس الأحد، على لسان كوخافي، الذي أطلق تصريحات دلّت على وضع المنطقة التي تغلي على صفيح ساخن، ينذر بانفجار كبير على كل الجبهات فيها.
تصريحات رئيس أركان جيش العدو جاءت خلال مؤتمر موجّه للجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، أعلن فيه أن جيش الاحتلال مستعدّ لمواجهة سيناريوهات متنوّعة في الحرب المقبلة، ومجابهة مختلف التّحديات البريّة، والبحريّة، والجويّة، وأنّه على استعداد تامّ للتّعامل مع 6 جبهات بنفس الوقت، مدّعيًا أنّ الحرب القادمة مع لبنان ستشهد قصفًا غير مسبوق بتاريخ المواجهة بين البلدين، وأنّ لديهم -بحسب زعمه- آلاف الأهداف الجاهزة للقصف، بالإضافة إلى خطّة هجوميّة كبيرة تستهدف كل ما يشكّل خطرًا على مستقبل “إسرائيل”، مهدّدًا باستهداف كل مكان يطلق منه صاروخ، أو قذيفة، أو غيرهما، والردّ عليه بقصف شديد، كما هدّد بالقصف بشكل مدمّر، وواسع، ومؤلم، لكلّ راجمة صواريخ قرب بيت، ولكلّ مخزن صواريخ قرب مجمع سكنيّ، ولكلّ مركز قيادة داخل برج سكنيّ، ولكلّ محطة كهرباء، متوجّهًا في ختام المؤتمر بالنّصيحة إلى اللبنانيّين بضرورة مغادرة منازلهم فور الطّلب منهم ذلك.
في الجهة المقابلة للحدود الشّماليّة لفلسطين المحتلّة، تحديدًا عند رأس الناقورة الحدوديّ في جنوب لبنان، لبست في الظاهر دعوة النوّاب الجدد المسمَّين بالتغييريّين، أو نواب “الثّورة” للاعتصام عند رأس الناقورة، لبوس التمدّن والتحضّر والوطنيّة الخالصة البعيدة عن أيّ شبهات أخرى. هذا الاعتصام، أو النّشاط، أو الوقفة الاحتجاجية التي تمّت الدعوة إليها لـ”تحدّي” العدو الإسرائيليّ، والاحتجاج على وصول سفينة التّنقيب اليونانيّة – البريطانيّة إينيرجين “Energean”، التي استقدمتها تل أبيب لاستخراج النفط والغاز من حقل كاريش، في المنطقة المتنازع عليها ضمن الخطّ 29، سرعان ما تحوّل اللقاء إلى صدام وتضارب بين المعتصمين أنفسهم، على خلفيّة تحديد هويّة المقاومة، بعدما قام أحدهم برفع يافطة توجّه فيها بالشّكر للمقاومة، باعتبار سلاحها حامي النّفط، فردّت عليه إحداهن قائلة “روح شكور المقاومة غير هون”، وعلى خلفيّة إصرار عناصر الحزب الشيوعيّ، وجبهة المقاومة الوطنيّة على رفع العلم الفلسطينيّ، والشيوعيّ، وعلم جبهة المقاومة الوطنيّة إلى جانب العلم اللبنانيّ.
تحوّل تحدّي العدو الإسرائيلي إلى سجال حول المقاومة وفلسطين، وكأن أي تحدٍّ – إنْ كان جدّيًا وصادقًا – للعدو الإسرائيلي، يستوي إنْ لم تكن فلسطين بوصلته والمقاومة وسيلته، حتى إنْ زُيّن بشعارات من قبيل “النّشاط والقضيّة لبنانيّان” و”الجيش اللبنانيّ وحدو لي بيحمينا”.