تتجه الأنظار إلى النواب الجدد الوافدين إلى البرلمان على متن شعار “كلن يعني كلن”. “كلن يعني كلن” تحت مجهر الجمهور والكتل والأحزاب السياسية على مختلف توجهاتها، خصوصًا وأنهم محط “استهداف واستمالة” قوى السفارة السعودية، وعلى رأسهم القوات اللبنانية، في سعيها لتشكيل التكتل النيابي الأكبر الذي من شأنه أن يسهّل لها تنفيذ مشروع مواجهة حزب الله وسلاحه من داخل المجلس النيابي والحكومة.
كلام النائب وضاح صادق، حول التقائه مع القوات اللبنانية في الكثير من الملفات، بوصف القوات غير فاسدة، مؤشر أولي يمكن رصده لمعركة توجهات الغالبية العظمى من “قوى الثورة والتغيير” في المرحلة المقبلة، خصوصًا وأن معظمهم “فاتح خطّ مباشرة” مع قائد قوى التغيير والسيادة، السفير السعودي في بيروت وليد البخاري. ويأتي موقف هؤلاء النواب الرافض لانتخاب الرئيس نبيه بري رئيسًا للمجلس النيابي، تحت حجة الانسجام مع الشعار الثوري “كلن يعني كلن” كمؤشر آخر على تماهيهم مع السياسات السعودية الموكل تنفيذها لسمير جعجع وقواته.
وهنا، يلفت الجهد الكبير الذي يبذله جعجع من أجل استمالة “التغييريين”. فجعجع، وفق العديد من مواقفه، يعتبر انضمام هؤلاء إليه “تحصيل حاصل” حيث يجتمعون معه على مبدأ “السيادة والنزاهة”، وهذا ما عبّر عنه أيضًا وضاح صادق، وقبله النائب مارك ضو. في المقابل، أعلنت القوات انفتاحها على أيّ مرشح يختاروه النواب “التغييريون” لمنصب نائب رئيس المجلس، على الرغم من وجود مرشح لها للمنصب وهو النائب غسان حاصباني.
إزاء كل ذلك، ترتسم تساؤلات كبيرة حول اداء “التغييريين” في ظل الإغراءات الكبيرة المقدّمة لهم من قبل السفارة السعودية ووكيلها سمير جعجع. فهل سيلتزمون بشعار “كلن يعني كلن” الذي رفعوه في الساحات قبل دخولهم البرلمان ويلتزمون به في كلّ الاستحقاقات؟ وما هو موقفهم من العلاقة مع القوات التي تصنّف نفسها معهم “أكثرية جديدة” في المجلس النيابي؟ وما حدود العلاقة بينهم وبين السفارة السعودية ووليد البخاري؟
وأمام حراجة الموقف، وضخامة التحديات المرتقبة، يصبح الحديث عن “خلافات بينية” بدأت تظهر في صفوف “التغييريين” حيال أسلوب التعاطي الأمثل مع الأحداث والأفرقاء. وهذا بدوره يخلق مجموعة تحديات قائمة على مجموعة تساؤلات كبيرة هي الأخرى تبدأ من التساؤل عن حقيقة وجود كتلة تغييرية داخل المجلس النيابي وعمّا إذا كان معظم الذين ترشحوا تحت شعار “كلن يعني كلن” لم يكونوا في الأساس “واحد منن”؟
يبقى الوقت كفيلًا بإماطة اللثام عن حقيقة الأمور وطبيعة المواقف، حيث ستلعب الاستحقاقات الكثيرة المقبلة، ودقّتها ومصيرية بعضها، دور المجهر الذي سيكشف دقائق المواقف وحقيقة النوايا.