“أجواء جديدة” تشهدها الساحة اللبنانية فيما خصّ المواجهة القضائية مع المصارف و”حيتان الأموال” وحماتهم، تفتح الأبواب أمام أسئلة كبيرة ومشروعة عن “الجديد” الذي طرأ على مستوى القرار السياسي المحلي والخارجي
مرحلة جديدة من المواجهة مع المصارف يفتتحها القضاء اللبناني بمجموعة من القرارات والإجراءات الجريئة وغير المسبوقة، عنوانها استرداد المودعين لأموالهم المحتجزة، تجلّت بالحجز على “فرنسبنك”، أحد أكبر البنوك اللبنانية، وإيقاف رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة.
وفيما تتوالى الإجراءات القضائية المحلية بحق المصارف والمصرفيين وحاكمية مصرف لبنان، تمضي بالتوازي تحرّكات قضائية دولية استنادًا إلى دعاوى رفعها مودعون وجمعيات، وجديدها قرار المحكمة البريطانية بإلزام “بنك عوده” و”سوسيتيه جنرال” دفع 4 ملايين دولار لأحد المودعين البريطانيين، في ظل الحديث عن أن لبنان تبلغ عبر وزارة العدل، في الأسبوع الأخير من شباط الماضي، طلب معونة قضائية من إمارة موناكو تتعلق بملفات تعود الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأفراد عائلته.
ووسط ترحيب شعبي واسع، أوقفت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، رجا سلامة، على ذمّة التحقيق، على خلفية إخبار مقدم بحقه، بجرم تبييض أموال وإثراء غير مشروع، على حساب خزينة المركزي. وقالت القاضية عون إن هناك عقارات في فرنسا تعود لرياض سلامة قدّرت بنحو 12 مليون دولار، تم شراؤها من قبَل شقيقه رجا.
وبذلك، تكون عون قد استكملت المسار القضائي في مواجهة المصارف، والذي بدأته سابقاً. ومن ضمن المسار ذاته أصدرت رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني قرارًا قضائيا بحق مصرف “فرنسبك”، قضى بتنفيذ الحجز على جميع أسهمه وعقاراته وموجوداته وفروعه في كل لبنان، تمهيدًا لطرحها بالمزاد العلني، بسبب امتناعه عن تسديد كامل الوديعة المالية العائدة لأحد المودعين المدّعين.
“أجواء جديدة” تشهدها الساحة اللبنانية فيما خصّ المواجهة القضائية مع المصارف و”حيتان الأموال” وحماتهم، تفتح الأبواب أمام أسئلة كبيرة ومشروعة عن “الجديد” الذي طرأ على مستوى القرار السياسي المحلي والخارجي، والذي أدّى إلى تشكُّل هذه الأجواء، وعمّا إذا كان ثمة قرار تمهيدي يجري التحضير له بالتدرّج للإطاحة برياض سلامة بعد أن “طلعت ريحته”.
في ظل هذه المعطيات والتساؤلات، يجد حاكم مصرف لبنان نفسه محاطًا بعوامل ضغط داخلية وخارجية متزايدة، ومعه، يتزايد الضغط على شركائه المحليين في السلطتين التشريعية والتنفيذية، على أبواب الانتخابات الأهم.
وعليه، يجب على الجميع أخذ وقت مستقطع من لعبة المكابرة والهروب إلى الأمام، والتفكير في قرار الانسحاب الجدّي من المشهد، وتوفير المزيد من استنزاف الأموال والوقت ومعهما آمال اللبنانيين، وإفساح المجال أمام مرحلة “مصرفية ومالية” تنقل البلد واقتصاده وماليته من حقبة السرقة المقوننة إلى مرحلة إعادة بناء الثقة… فهل مَن يعقل ويتوكل؟