يتقاطر الناخبون الإيرانيون منذ الساعة السابعة من صباح اليوم، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الثامن منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979. وفي حين تعوّل القيادة الإيرانية على نسبة مشاركة شعبية عالية، لما في ذلك من دلالات تهم الطبقة السياسية في ايران، تنشط الآلة الإعلامية السعودية، وتلك المموّلة منها، في تشويه الانتخابات “من ساسها لراسها”.
وتأتي انتخابات الرئاسة الإيرانية هذا العام في مرحلة فاصلة تمر بها البلاد داخلياً وخارجياً. انعكس ذلك في الاصطفافات والخطابات والمناظرات وأيضاً في البرامج الانتخابية للمرشّحين. لذا، تركز القيادة الإيرانية على ضرورة أن يكون للشعب الكلمة والخيار الحاسم في تحديد هوية الرئيس المقبل للبلاد.
من هنا، جاء تأكيد الإمام علي الخامنئي أن “المشاركة القليلة للشعب تتبعها زيادة ضغوط الأعداء على إيران”، ولفت إلى أن “انتخاب رئيس الجمهورية بنسبة أصوات مرتفعة يمنحه قدرة أكبر على مواجهة التحديات”، مؤكداً على أنه “لم تتعرض انتخابات في أي بلد لعداء الخارج كما يحدث للانتخابات الإيرانية”.
في هذا الصدد، يمكن فهم التركيز الإعلامي السعودي – الأميركي على محاولة تشويه الانتخابات الإيرانية، والتقليل من “ديمقراطيتها”. هذا التركيز كان مثار تندّر الإمام الخامنئي حين قال إن “بعض الدول التي تديرها قبيلة ولا تعرف الفرق بين صندوق الفاكهة وصندوق الانتخاب تموّل فضائيّات لا تتوقف عن القول بأنّ انتخابات إيران غير ديمقراطية”.
مقارنة سريعة
بعيداً عن الغوص في تموضع البلدين ضمن الاصطفافات العالمية، ووضعهما الاقتصادي والعلمي والصناعي والدفاعي، وتداعيات الحصار على إيران وانتفاح الأسواق أمام السعودية. لنجرِ مقارنة بسيطة وسريعة حول نظام اختيار القيادة في طهران والرياض.
في إيران، يستطيع أيّ شخص بالغ من أصل إيراني ويحمل الجنسية الإيرانية أن يأخذ بطاقة هُويته وبعض الصور والوثائق اللازمة إلى وزارة الداخلية للترشح للانتخابات الرئاسية، ويقوم مجلس صيانة الدستور، الذي يتألف من 12 عضواً، بفحص أهلية كلّ مرشّح، ثم تحديد المرشحين الذين يحقّ لهم التنافس على منصب الرئاسة.
ينبغي أن تتوفر خمسة شروط في كل مرشح، بحسب المادة 115 من الدستور الإيراني، إضافةً إلى وجوب أن يتراوح عمره بين 40 و75 عاماً، وأن يحمل شهادة الماجستير أو ما يعادلها على الأقل، وأن يكون قد أمضى ما لا يقل عن 4 سنوات من الخدمة في المناصب الإدارية الحكومية.
تُضاف إلى ذلك إمكانية ترشّح الوزراء والمحافظين ورؤساء البلديات في المدن التي يزيد عدد سكانها على مليوني نسمة، وكبار قادة القوات المسلّحة برتبة لواء. ويجب أن يقدّم جميع المرشحين شهادة حسن سيرة وسلوك، وألا يكون لديهم سجلّ جنائي.
يتمّ انتخاب الرئيس في إيران كلّ 4 سنوات، ويستطيع الرئيس المنتخَب أن يخوض الانتخابات لفترة ثانية، على أن يبتعد بعدها عن المنصب لفترة واحدة على الأقل.
في حال عدم فوز أيّ مرشح بنسبة 50 + 1 في المئة من الأصوات التي تمَّ الإدلاء بها، بما في ذلك الأصوات الباطلة، تجرى جولة ثانية بين المرشحَين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، وذلك في أول يوم جمعة بعد إعلان نتيجة الانتخابات. بعدها، يعلن المرشح الحاصل على أعلى نسبة من الأصوات رئيساً للجمهورية الإسلامية في إيران.
في السعودية، تحكم أسرة سعود بن عبد العزيز قبضها على مقدرات البلاد وقرارها السياسي. وتتكون عائلة آل سعود من مئات الأمراء. لكن وعلى عكس الأنظمة الملكية الأوروبية النموذجية، لا يوجد تتابع تلقائي من الأب إلى الابن البكر. وبدلاً من ذلك تقضي التقاليد القبلية في المملكة بأن الملك وكبار أعضاء الأسرة من كل فرع يختارون الوريث الذي يعتبرونه الأفضل لقيادة دفّة البلاد.
في عام 2006 طرأ تغيّر طفيف على المشهد. فقد أصدر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز قراراً بإنشاء “هيئة البيعة” لتتولى اختيار الملك وولي العهد مستقبلا. لكن، ممّن تتألف هذه الهيئة؟
وتنص المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم على أن الحكم “يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”.
وغالباً ما تدور صراعات خفية على العرش بين أبناء المؤسس، وأبناء الأبناء. أما الشعب، فيُحفظ له حق مبايعة صورة من يربح معركة العائلة، على السمع والطاعة.