لسنا بحاجة إلى البحث عن معطيات حول ما دار في جولة وزير الخارجية الكويتي على القيادات السياسية اللبنانية لفهم ما جرى.
يكفي الاستدلال من تصريحاته التي أطلقها من منابر الرئاسات الثلاث، ليُفهم منها أنه حمل مزيجًا من “المطالب” السعودية والأميركية، ونقلها إلى لبنان.
لنضع مسألة الإصلاحات جانبًا، فكلٌّ يفسرها من منظوره، وهي من المنظور السعودي الأميركي تنطلق من خانة مسماة “كف يد حزب الله عن الدولة”. لنضع المسألة جانبًا إذًا، فإن منطلق المنقول إلى لبنان عبر وزير خارجية الكويت لا يختلف عن البيان الصادر عن اجتماع ابن سلمان – ماكرون أو بيان ابن سلمان – ابن زايد.
يشير الوزير الكويتي إلى ضرورة منع لبنان من التعرّض لدول خليجية لفظًا أو فعلًا، وهي مسألة تثير الاستغراب، فدول مجلس التعاون تصنف جزءًا من اللبنانيين، وعلى رأسهم حزب الله، منظمة إرهابية منذ عام ألفين وستة عشر، وهي من بدأت باتهام المقاومة بالإرهاب تماشيًا مع الاتهام الاسرائيلي الأميركي لها، وهي من بدأت حصارًا عليها، والتضييق على مناصريها في كثير من دولها، وهو ما ترجم بعمليات إبعاد وطرد ومصادرة أملاك على مدى عقد ونصف من الزمن، ناهيك عن أن لبنان بلد الحريات ولا يمكن السماح بإسقاط هذه المسألة.
من جهة ثانية، ما تلفّظ به وزير خارجية الكويت عن القرارات الدولية وقرارات الجامعة العربية، يؤكد أن ما أتى به يمسّ بقوة لبنان في مواجهة العدو الاسرائيلي وهي المقاومة، وهذا أمر صعب المنال. وحول هذه النقطة أبدت أوساط سياسية لبنانية استغرابها من الموفدين العرب، ووزراء خارجيتهم، بعدم الطلب من العدو الاسرائيلي الالتزام بالقرارات الدولية، خاصة فيما يتعلق بلبنان، فالقرار 1701 ملزم للبنان والعدو في آن، وبالتالي إن مطالبة لبنان، الملتزم أصلًا بالقرار، دون الحديث عن العدوان الإسرائيلي وما على تل أبيب من التزامات وفق القرار الأممي نفسه، يثير الشبهة من النوايا المبيتة سعوديًا اتجاه لبنان.
الملفت أكثر في ما دار بين الوزير الكويتي ومن التقاهم، بحسب مصادر “الناشر” ، هو إثارة القرار 1559، الذي عجز الأميركيون والإسرائيليون من خلال عدوانهم عام 2006 عن تنفيذه وفق تفسيراتهم المتعلقة بسلاح المقاومة.
إن ما طرحه الوزير الكويتي في الإعلام، يؤكد على عدم قراءة الدولة، أو مجموعة الدول، التي أرسلته للوقائع والواقع في لبنان، وأن أزمتها بعيدة عن المسائل الخاصة بالأوضاع اللبنانية الداخلية تحديدًا تجاه الأزمة المالية والاقتصادية، وأن الأمر يدخل ضمن حسابات إقليمية.
من الواضح أن إعلان رئاسة الجمهورية اللبنانية أن ما نقل سيطرح للتشاور بين القوى السياسية يدل على وجود نقاط صعبة التحقق، بل تقارب المستحيل.
وعليه، تبقى الأزمة المفتعلة سعوديًا اتجاه لبنان مفتوحة، وهي لا تخرج عن سياق الضغوطات الأميركية التي تمارس على هذا البلد من أجل نهب ثرواته ودفعه نحو “حضن” عربي يرضى بالكيان الإسرائيلي مكونًا طبيعيًا في منطقتنا.