يقال عادة إنّ عديم الحجّة والمنطق يلجأ إلى شتم الخصم أو تحقيره، كي لا يصمت فيُحسب صمته استسلامًا أو تراجعًا، ولا سيّما إن كانت حركته كلّها مدفوعة سلفًا، ولا يملك أن يصمت برهة أو يستكين.
هذا ما يحدث تمامًا مع بعض الإعلام اللبناني العامل بأدواته وشخوصه في خدمة الخليج ومواقفه التي تتراوح بين الغضب الأعمى تجاه لبنان وبين العداء الصريح ضد حزب الله وضدّ كلّ مكوّن لبناني لا يمتثل لأوامر الخليج وحكامه.
ولأن العقل الإعلامي المؤجّر استنزف كلّ طاقته في بث الأضاليل والأكاذيب ضد المقاومة والعهد، واستثمر كلّ جهده سدى في سبيل التحريض عليهما إلى حدّ فتح هوائه للشتّامين وللتافهين على حدّ سواء، تحت مسميات مختلفة منها حرية التعبير، ومنها أنّ رأي الضيوف والناس التي تتحدث إلى المراسلين في الطرقات لا يعبّر بالضرورة عن خطاب القناة، وتبيّن أنّ كلّ هذا لم يأتِ بالثمار التي يريدها ولي أمرهم على مائدته، انتقلوا إلى درك أسفل من السفاهة حيث أصبحت لغة التخاطب الإعلامي تعتمد على تحقير رئيس الجمهورية بشكل واضح ومباشر. وهنا المسألة لا تنحصر في كون هذا المستوى الرديء من الأداء الإعلامي مؤشّر إفلاس سياسي وإداري، بل تتعداه إلى إعلان إفلاس أخلاقي حقيقي، وإلى ارتكاب ضدّ القانون الذي يجرّم تحقير الأشخاص، وتناولهم علنًا بلغة بذيئة أو مهينة.
ما ارتكبته داليا أحمد بالأمس على قناة الجديد بوصف رئيس جمهورية لبنان بـ”زعيم التماسيح” ليس سقطة لغوية ولا حتى انحدارًا في مستوى التخاطب. هي إهانة متعمّدة ومدروسة لافتعال معركة وهمية تنال فيها المحطة “رايتنغ” عبر لعب دور الضحية بحال مقاضاتها أو محاسبتها على ما ارتكبته وعبر استقطاب الجوّ المخاصم لرئيس الجمهورية عبر استخدام الوقاحة في التعبير ضدّه وتسميتها حريّة.
بكلّ الحالات، هي ليست السقطة الأخلاقية والمهنية الأولى التي ترتكبها “الجديد” في ظلّ التنافس الإعلامي على نيل حظوة أكبر لدى المموّل الخليجي الذي يدفع للأوقح أكثر، لكنّها سقطة مبرمجة ومدروسة تتعلّق بكسر كل حدود أخلاقيات التخاطب وآداب التوصيف في الإعلام.