بين شحنة كبتاغون تصل إلى مدمنيها وشحنة تتمّ مصادرتها، تسرّب إلى الناس حديث للمك السعودي سلمان بن عبد العزيز، في الشأن اللبناني. طبعًا، الحديث لم يستفز دُعاة السيادة والحرص على منع التدخّل في الشؤون اللبنانية، فملكهم لا يخدش حياء سيادتهم المزعومة مهما انتهكها.
في حديثه، أمكن استخلاص واستنتاج بعض الجُمل التامّة، بعد جهد طبعًا. لقد دعا الملك المُسنّ الدولة اللبنانية إلى “إنهاء هيمنة حزب الله على مفاصل الدولة وأكّد وقوفه إلى جانب الشعب اللبناني”. يبدو أنّ المعطيات التي تصله عن لبنان ناقصة بشكل فادح، وهنا ينبغي نصحه بأن يدقّق جيّدًا في اختيار مستشاريه بحيث يتجنّب الوقوع في مظهر الجاهل الذي يستخفّ به موظفوه، فلا يؤدون مهامهم بنقل المعطيات الواقعية كاملة. بكل الأحوال، ينبغي عليه أن يحاول إخفاء هذه الحقيقة على الأقل احترامًا لمنصبه كملك.
أمّا المعطيات الناقصة، والتي يجب قولها لسلمان، فهي:
- النقطة الأولى، حزب الله هو حزب لبناني يمتلك قوّة تمثيلية وازنة، وبالتالي هو مكوّن أساسي في لبنان، وبذلك هو، إذا اعتبرتم وجوده في الدولة هيمنة على مفاصله، فهو موجود فيها انطلاقًا من وزنه التمثيلي والشعبي.
- النقطة الثانية هي أنّ حزب الله ليس مهيمنًا، للأسف، على الدولة التي أمست بلا مفاصل أصلًا. ولو كان مهيمنًا لما كانت هذه الدولة اليوم تحت وقع الحصار وعجز “المهيمنين” عن قرارات جريئة تواجه الحصار الأميركي وتمنع الانبطاح المذلّ للبلاط الملكي.
- أما النقطة الثالثة فهي باختصار كما يلي: وقوف السعودية إلى جانب الشعب اللبناني كان ولا يزال مرئيًا بشكل جليّ لا يمكن لمبصر وعاقل إنكاره: من السيارات المفخّخة إلى الاقتصاد المفخّخ. وربما آن أن تكفّ السعودية عن الوقوف إلى جانب هذا الشعب كي يستطيع مواصلة حياته.
وهنا لا بدّ من التذكير بالوقوف السعودي الى جانب الشعب اليمني بشكل خاص. ويمكن استنتاج الخلاصة التالية: يفهم سلمان الوقوف إلى جانب الشعوب بشكل خاطىء، إذ يبدو أن مدركاته تصوّر له الأشياء بنقيضها. وعليه، الخير في أن لا تقف السعودية إلى جانب أحد، ولا يليق بها إلّا مستنقع التطبيع حيث تقف جهارًا وبلا حياء.