في العاصفة: خطاب التحريض لا يلحظ البرد

لبنان في مهبّ عاصفة شتوية طبيعية ستنقضي وسيمكن حصر أضرارها مهما كانت فادحة. هذا ما تقوله أحوال الطقس وقراءة مؤشّرات التيارات الهوائية وغيرها من العناصر التي تؤدي إلى عاصفة.

المشكلة ليست في العاصفة. فالمرتجفون بردًا على امتداد البلاد يعرفون جيّدًا أن العواصف طبيعية في الشتاء، وأن الذي ليس طبيعيًّا هو أن لا تحرّك رجفتهم ساكنًا في الخطاب السياسي، الذي يشتعل ويتحرّك وفقًا لترتيبات اقتراب الموسم الانتخابي.

خطابات متوترة بألوان عدّة لم تلحظ انهيار القدرة الشرائية لدى الفقراء لاقتناء أبسط أدوات التدفئة. الفقر عراء في الشتاء. في المناطق الجبلية، حيث لا يمكن مجابهة الصقيع إلا بالنار، النار حكر على الأغنياء. حتى من كانوا في عداد متوسطي الحال أصبحوا خارج تعداد القادرين على إشعال المواقد طيلة فصل البرد. هذا العجز العابر للطوائف وللمناطق لم يستوقف خطابًا سياسيًّا وازنًا منذ بداية العاصفة، بل لم يمر في بال من يتجهزون لموسم الانتخابات بالقرب من مدافئهم المركزية.

العاصفة تشتد، والحزن الساكن في القرى يشتد بدوره.
متر حطب التدفئة يرتفع سعره مع الدولار ومعه ترتفع حدة الخطاب الانتخابي التحريضي.

ساعات التغذية بالكهرباء تنخفض ومعها ينخفض حتى الخطاب الشعاراتي المعنيّ بأوضاع الناس.

أما المازوت المتحرك سعره صعودًا بمعية صعود الإشاعات حول المازوت الإيراني ذي السعر المنخفض نسبيًا فليس بمتناول مدافئ القرى.

في بلادنا، تشتد الأزمة ومعها يشتد وضوح الرؤية. يعرف الناس اليوم أكثر من أي وقت مضى من معهم ومن عليهم، وربما هو زاد يكفي ليكون الغد الذي سيلي العاصفة مفعمًا بشمس ساطعة.

اساسيلبنان