تحل الذكرى الرابعة لاختطاف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في الرياض عام 2017، بأوامر مباشرة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. إلا أن الذكرى هذا العام لا تمُرّ مرور الكرام، إذ إن ولي العهد السعودي قرّر خوض مغامرة جديدة مع لبنان عبر خطفه الجمهورية، بدولتها وسياسييها وشعبها.
لا ينفصل اعتداء السعودية على السيادة اللبنانية من بوابة شمّاعة تصريح لوزير الإعلام جورج قرداحي، قبل أن يصير وزريرًا، عن عدوانها على الكرامة الوطنية يوم اختطف رئيس وزراء لبنان وهو على رأس عمله. في الأصل، لا يتنفصل أي من الاعتداءات السعودية “الناعم” منها و”الخشن” عن المسار الطويل من السياسات السعودية العدوانية تجاه القضايا العربية التي احتلّ لبنان موقع الصدارة منها منذ احتلال العصابات الصهيونية فلسطين حتى اليوم.
وإنْ كانت السياسات السعودية، فيما مضى، متستّرة بستار محاربة الشيوعية تارة والقومية تارة أخرى بوصفهما بدعتين من الشيطان، فها هي اليوم تعتنق العروبة لإشهار عدوانها للمقاومة في وجه إسرائيل، بوصف المقاومة مشروعًا إيرانيًا كافرًا. وهي بذلك تقف في كلا الحالتين ضدّ فلسطين ومشروعها، ومع إسرائيل ومشروعها.
في الرابع من تشرين الثاني 2017، أجبر ولي العهد السعودي الرئيس الحريري على تلاوة بيان استقالته من الحياة السياسية اللبنانية، بعدما سُجن وتعرّض للضرب والإهانة على يد مستشار ابن سلمان سعود القحطاني كما ذكرت وكالة رويترز. واليوم، بعدما انتهى سعد الحريري عمليًا وفعليًا، أوكل ابن سلمان مهمة تفجير الفتنة إلى الوكيل الجديد سمير جعجع. وفي خلفية المشهد يناور جيش الاحتلال الإسرائيلي على حدود لبنان محاكيًا مسار حرب مع المقاومة فيه. هذه المقاومة التي ناصبتها إسرائيل والسعودية العداء، تلتقي إرادة الدولتين المتطرفتين في العلن، بعدما ظلّت لسنوات في الظل، على محاربتها، لكن الرهان يبقى على المقاومة وقيادتها، والثقة بها وحدها وهي القادرة على استعمال العقل واللّين والشِّدّة، كلٌّ في زمانه ومكانه المناسب.