يلعب سمير جعجع بالنار. هذه لعبته المفضّلة عبر التاريخ. يعتقد رئيس القوات اللبنانية العميلة لإسرائيل، أيضًا عبر التاريخ، أنه ينفذ ما هو مطلوب منه عبر قتل المتظاهرين السلميين، بجرّ البلد الى الفتنة. هذا ما هو مطلوب منه سعوديًا أولًا، مع “قبّة باط” أميركية.
السيناريو اليوم هو خلق فتنة إسلامية – مسيحية في لبنان، بعدما فشل المشروع السعودي السابق، بخلق فتنة سنّية – شيعية، والذي كان سعد الحريري مكلّفًا به. الظرف الدولي والإقليمي لم يعد مؤاتيًا لمخطّط فتنة سنّية – شيعية، كما أن الحريري أثبت فشله، إلا أنه يُحسب له أنه مانع ما أمكنه تنفيذ مثل هذا المخطط، ولو أنه جاراه في بعض المراحل بحكم الضغط السعودي الهائل.
اليوم، “دقّ جعجع على صدره”، قائلًا لولي العهد السعودي “أنا فانوسك السحري في لبنان، الفتنة صنعتي والقتل مهنتي”، ولأن الظرف قد تغيّر، وجريمة المرفأ جاهزة للاستثمار، فكان الخيار تنفيذ الفتنة الإسلامية – المسيحية، التي لا يوفّر فرصة إلا ويستغلها لأجلها.
بالأمس، هدّد جعجع باللجوء الى الشارع، يريد القول إن لعبة الشارع لي وحدي، حتى لو كانت “لعبة وسخة” فأنا مستعد لها، تمويلًا وتدريبًا وغطاءً إقليميًا ودوليًا.
قتلُ المتظاهرين السلميين قنصًا، هو استدراج لردّ فعل مماثل من أولياء الدم، وبهامشه الأكبر، هو جرّ إلى فتنة عمياء، يستفيد منها جعجع انتخابيًا. فهو يعتقد أنه كلما أوغل بالتطرّف والدم، كلما كسب تأييد وتعاطف المزيد في الشارع المسيحي. وهو يرى أنه كلما تقدم غريمه التيار الوطني الحر خطوة في السياسة، صار هو مجبرًا على تعويضهًا بالغرائز.
المهم اليوم، وبعد الدماء التي سالت في الشوارع، على جعجع أن يدرك جيدًا أن كونه وكيلًا لمشروع سعودي – أميركي تدميري في لبنان، لا يعني أنه قد ضمن الفوز والظفر. وعليه التذكّر أيضًا أن من “يلعب بالنار” قد أدمنوا إلحاق الهزيمة تلو الأخرى بالمشاريع الأميركية، وبأذرعها التكفيرية والصهيونية في كل مرحلة من مراحل الصراع والاستهداف.
مَن أعلن الدخول في مرحلة المواجهة المباشرة مع الوكيل الأميركي، قد وضع في حساباته جيدًا احتمالات تحرّك بعض الوكلاء الطامحين من أمثال سمير جعجع، ويدك تمام الإدراك حجم التسليح والتدريب الذي يتلقاه، وما هو فوق الأرض في معراب وما هو تحتها. وعليه، على سمير جعجع الانتظار والترقّب… وإن غدًا قريب جدًا.