الصبر والبصيرة: ستُقاتِلون أسياد هؤلاء

لم تعد تخفى على أحد من الأصدقاء أو الأعداء الطريقة التي يتصرف بها حزب الله في الحالات التي يُعتدى فيها على أحد شبانه أو مناصريه. ولا تزال مجزرة 13 أيلول من عام 1993التي وقعت تحت جسر المطار في بيروت والتي سقط فيها تسعة شهداء من مناصريه ماثلةً أمامنا، كأقسى واقعة داخلية -من خارج سياق الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان- تصور لنا صبر وبصيرة حزب الله، وإن كره كثيرون هاتين الكلمتين أو سخر منهما كثيرون.

بعد مجزرة طريق المطار خرج المتظاهرون مطالبين بالانتقام من القتلة، هاتفين “يا شورى يا أفاضل نريد أن نقاتل”، لكن السيد حسن نصر الله دلهم على عدوهم الحقيقي حين قال: “ستقاتلون ولكن أسياد هؤلاء”، لأنه يعلم أن قتال مطلقي النار سيوقع البلد في حرب داخلية بين الجيش اللبناني والمقاومة، يخسر فيها لبنان بغض النظر عن الرابح من الطرفين، كما أن قتال الجيش لن يحقق شيئًا طالما أن مصدري الأمر بإطلاق النار من السياسيين ومن خلفهم سيبقون بمنأى من العقاب والمحاسبة.

اليوم، جمهور حزب الله غاضب على قتل الحاج علي شبلي غدرًا في عرس أقاربه وأمام أعينهم، بحجة الانتقام لقتل فتى لم تثبت علاقة الراحل الشهيد شبلي بقتله، لكن هذا الجمهور يعلم جيدًا بل ويتوقع ردة فعل حزب الله على قتل هذا المجاهد؛ تركُ الأمر إلى السلطات الرسمية للتصرف في الموضوع، وبالتأكيد فإن هذا ليس ضعفًا من حزب الله وليس عجزًا عن الانتقام لشهيده، لكنها، للمرة الألف، الصبر والبصيرة وتحاشي الوقوع في الفتنة، في بلد أدت فيه لعبة “كلة” إلى حرب أهلية طويلة عريضة.

قد يدان ويُنتقد حزب الله عاطفيًا من جمهوره المكلوم، المثكول، لكن يجب ترك الأمر إلى قيادة الحزب -وعلى رأسها السيد نصر الله- التي تعرف -كما حصل سابقًا في كثير من المرات- تداعيات أي تصرف عاطفي أو غير مدروس، وحزب الله ليس كائنًا حزبيًّا متهورًا، لا سيما في موضوع كموضوع قتل الشهيد شبلي الذي وراءه ما يُعلم وما يخفى، وإن لدى جمهور المقاومة اليقين أن السيد نصر الله يتصرف على بيّنة من أمره، لأجل حفظ المقاومة وحفظهم في بلد الهزات الأمنية والسياسية والاجتماعية.

اساسيالجيش اللبنانيحزب اللهخلدةعلي شبلي