ينتظرك اليوم ثرى الجنوب لتوارى فيه آمنًا مطمئنًا إلى النصر الحتميّ القادم..
تنتظرك اليوم بلدتك الدوير لتأتي إليها وتستريح بعد عمر من تعب متميّز وعطاء..
وتنتظرك الحدود التي تعرفها وتعرفك.. تعرفها أرضًا سهرت على ترسيم حدودها وحفظ حقوقها، وتعرفك خبيرًا بها وبحكاياتها.. قل تعرفك روحًا من عبق العصامية والمقاومة بطريقة خاصة..
العميد المتقاعد أمين حطيط في ذمّة الله في إثر جلطة دماغية.. مسّ الحزن كلّ البيوت التي دخلتها عبر الشاشات كمتحدّث لبق يعرف جيّدًا ما يقول، وكخبير يحترم كثيرًا عقل مشاهديه ومستمعيه، فيتوجّه إليه بخطاب يتميّز بالدقّة والموضوعية والسلاسة والواقعية، ويتنزّه عن فوضى التحليلات التي تغزو الشاشات والمواقع الإلكترونية.
بعد سنين حافلة بالخدمة العسكرية وبالخدمة الأكاديمية والإعلامية، أغمض العميد أمين حطيط عينيه ومضى.. بعد عمر من التحصيل العلمي المثابر والشهادات التخصصية التي توجها بحصوله على دبلوم في الدراسات العليا العسكرية، بالإضافة إلى شهادة بكالوريوس في الحقوق وشهادتي ماجستير: واحدة في القانون الخاص وأخرى في القانون العام وشهادة الدكتوراه في الحقوق من الجامعة اللبنانية، وبعد أعوام من التعليم الجامعي، اطمأن حطيط إلى كونه وهب كلّ خبراته وتجربته العسكرية والعلمية، ليس إلى طلابه فقط، بل أيضًا إلى المشاهدين الذين ينتظرون إطلالاته التلفزيونية، والذين يثقون بتحليله الشفاف ونظرته الثاقبة المنطلقة دومًا من زاوية الحقّ والمقاومة..
يشيّع الجنوب اليوم ابنه الباحث والخبير العسكروي الأستاذ الجامعي أمين حطيط، وفي الزاد الذي تر كه أكثر من مئة ورقة بحثية وستّ مئة مقال في الصحف اللبنانية والعربية والعالمية والتي تضمنّت الدراسات العسكرية والقانونية والسياسية والخطط الاستراتيجية والدراسات الإسلامية.
بمزيد من الأسى، وعلى وقع صوت الحرب، يودّع الإعلام اللبناني اليوم اسمًا كان خير سند في معالجة المواضيع التي تمسّ روح الأرض وأهلها.. وتفتقد الشاشات والمساحات الافتراضية والناس صوتًا لطالما كان رفيق النقاشات العقلانية الشفافة والواضحة.. وداعًا أمين حطيط.