يطل الشتاء هذا العام محملًا بالخير على اللبنانيين الذين انتظروه منذ أشهر عديدة بعد أيام حر شديدة، عانوا خلالها لأسباب كثيرة، جاء في مقدمتها مشكلة شح المياه ونقص الكهرباء. إلا أن هذه المعاناة استمرت أيضًا مع حلول فصل الشتاء، لا بل باتت أكثر تعقيدًا وقسوة، لا سيما وأننا نعيش في بلد تنعدم فيه كل وسائل العيش ومقومات الحياة الأساسية، لتحل مع قدوم هذا الفصل أزمة جديدة قديمة تضاف إلى سجل الأزمات، أزمنة التدفئة.
الشتاء الكارثي: التدفئة بالدولار
يحل موسم الشتاء لهذا العام وسط ارتفاع جنوني لكلفة التدفئة، اذ إن الأمر لا يتعلق فقط بالارتفاع العالمي لأسعار النفط، بل يضاف إلى ذلك ما يعانيه لبنان من انهيار مستمر لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.
وفي بلد لا يزال فيه الحد الأدنى للأجور 750.000 ل.ل (أي ما يقارب ال 20 دولارًا أميركيًّا بعد أن كان يقدر بـ 500 دولار أميركي)، وصل سعر صحيفة البنزين فيه إلى ما يقارب الـ 770.000 ل. ل. وهذا السعر هو في ارتفاع مستمر يومًا بعد يوم بعد أن بلغ سعرها العام المنصرم 100.000 ل. ل.
وفق دراسة لشبكة “الدولية للمعلومات” لوحظ أن الكهرباء لا يعتمد عليها في ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وارتفاع كلفة المولدات (سعر الكيلوواط/ساعة حاليًا نحو 15 ألف ليرة). أما مدافئ الغاز -وهو أيضًا مرتفع الثمن (نحو 600 ألف ليرة لقارورة الغاز)- فهي عديمة الفعالية في البرد الشديد، فيما المازوت وهو الوسيلة التي يعتمدها أكثرية اللبنانيين كلفته أيضًا مرتفعة جدًا كما سبق وذكرنا، وتحدد الحاجة الموسمية بما يقارب الـ 100 صفيحة للوحدة السكنية (وهذه الكمية تختلف تبعًا للظروف المناخية)، وبذلك تكون الكلفة 70 مليون ليرة تقريبا في موسم الشتاء.
من ناحية أخرى، لجأ اللبنانيون إلى خيار التدفئة الآخر وهو الحطب، ووفقًا للدراسة، فقد تصل الحاجة إلى نحو 6 أطنان من الحطب (وهذه الكمية تختلف تبعًا للظروف المناخية)، وكلفة الطن الواحد إلى 6 ملايين ليرة أي نحو 36 مليون ليرة في الموسم، من دون إغفال أن تدني سعر الحطب مقارنة بسعر المازوت سيدفع بالعديد من الأسر إلى تبديل المدفأة من المازوت إلى الحطب وتحمل كلفة شراء مدفأة جديدة، وسط تحذير من قص الأشجار لما له من تداعيات بيئية خطيرة.
حزب الله في كل الفصول والظروف: مع الناس وإلى الناس
يرمي الشتاء بأثقاله على كاهل اللبنانيين، في الوقت الذي تعلن فيه الدولة اللبنانية استقالتها الرسمية من مهامها ومسؤولياتها اتجاه مواطنيها. وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الاخيرة. وتأتي هذه الاستقالة في ظل أسوأ مرحلة تاريخية يمر بها البلد من أزمات اقتصادية وسياسية وحصار أميركي واضح المعالم.
أمام هذا الواقع المرير، عمل حزب الله بكل مؤسساته الميدانية لاستنفار الجهود والسعي المستمر للوقوف إلى جانب الناس، وتأمين ما يلزم وما هو ممكن للتخفيف من قساوة موسم الشتاء عليهم. وفي هذا الإطار كان مشروع “دفء”، الذي يتمحور بشكل أساسي حول تقديم المساعدة والدعم للأهالي والعائلات المتعففة خلال فصل الشتاء، إن كان عبر ترميم البيوت والمساكن واستصلاحها، أو عبر توفير مستلزمات التدفئة على اختلافها، أو من خلال تأمين مصادر التدفئة من مادة المازوت أو الحطب. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لهذه المؤسسات دورها الاجتماعي الفعال على مدار العام وليس حصرًا خلال فصل الشتاء.
ختامًا، وعلى الرغم من كل التحديات وأوجه الحصار التي يتعرض لها حزب الله وبيئته، فإن ذلك لم يثنه يومًا عن إتمام دوره والوقوف دائمًا إلى جانب الناس على اختلاف انتماءاتهم، إذ لطالما كانت خدمتهم ولا زالت إحدى أهم أولوياته، ليثبت للقريب قبل البعيد، أنه حاضر وجاهز في كل ميدان وساح، في كل زمان ومكان.