ويفا البدوي – خاص الناشر |
“الرياضة والسياسة لا تلتقيان”، قاعدة سقطت سقوطًا مدويًا مع زج أنظمة ودول ومرجعيات رياضية الكرة المستديرة في مواقف تخدم السياسة، بعيدًا عما إذا كان الموقف حقًّا أم باطلًا.
لن نغوص في التاريخ كثيرًا، سنضع الحاضر أمامنا ونعود تسعة أشهر إلى الوراء حين بدأ الصراع في أوكرانيا فانحازت الدوريات الأوروبية الكبرى إلى طرف في مواجهة آخر، وذيلت ملابس الفرق الرياضية ومساحات من البث التلفزيوني الرياضي بعلم أوكرانيا كموقف تأييدي لكييف. بعيدًا عمن هو المعتدي والمعتدى عليه في تلك الحرب، إلا أن آثار هذا الاصطفاف، كما بدا واضحًا في الكثير من المواقف، بيَّن عن انقسامٍ حادٍ بين الشعوب، وبالتالي فإن الرياضة التي تجمع باتت تباعد.
في النموذج الثاني. عرسٌ قرويٌّ في قطر، البلد العربي الذي استضاف كأس العالم ٢٠٢٢. مشاركةٌ عربيةٌ لأربعة منتخباتٍ من بينها منتخب المملكة العربية السعودية الذي خاض أول مباراة له في مواجهة منتخب الأرجنتين الفائز باللقب وذي التاريخ الرياضي الحافل. وقد تمكن المنتخب السعودي من تحقيق فوز تاريخي قدمته وسائل الإعلام العربية على أنه نصرٌ عربيٌّ بامتياز. وعلى إثره، سارع كثير من العرب إلى تقديم التهاني، منهم من اليمن – مسؤولون وإعلاميون ونخب – وهو أمر لاقى رد فعل سلبيًّا عند شريحة واسعة من الشعب اليمني، خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق تتعرض لحرب منذ ثماني سنوات.
استطلاع بسيط على مواقع التواصل الاجتماعي يبين أن رفض هؤلاء لتهنئة السعودية ومنتخبها يعود لأسباب عدة، على رأسها زيارات بعض اللاعبين إلى الجبهات مع اليمن وتقديم دعم كبير للجنود السعوديين.
يرى اليمنيون أن هؤلاء اللاعبين هم جزء من العدوان الذي يشن على بلدهم منذ أعوام حاصداً آلاف الضحايا. هذا المشهد يبين أيضًا أن كرة القدم التي لطالما كانت بعيدة عن السياسة قد زج بها من قبل أنظمة في أتون الصراعات، فبدلًا من أن تقرب الشعوب من بعضها البعض وتضمد الجراح باتت تنكؤها، وأُريد لها أن تكون عامل انقسام.
هذه جريمة تتحمل مسؤوليتها أنظمة ودول، وهي جريمة بحق كرة القدم التي من المفترض أن تجمع الشعوب. ولا بد من مراجعة فورية لكل تلك السلوكيات لإخراج كرة القدم والرياضة عامة من ساحة التجاذب والتناحر وجعلها ساحة للرسائل السياسية، وإعادتها إلى ملعب التلاقي والروح الرياضية، فكفى قتلًا.