بعد غياب طويل، الوفد العربي يحط في بيروت، تحت عنوان “المشاركة في المؤتمر الاقتصادي”، فهل هذا الحضور مقدمة لمبادرة عربية لإخراج الوضع اللبناني مما هو عليه من تأزم وانسداد الأفق وتراكم الأزمات وتكدسها على أبواب عام جديد؟ وهل هذا حراك عرب ثمرة تواصل عربي – غربي للدخول مباشرة على ملف الأزمة اللبنانية؟
مصدر سياسي متابع أكد أن حراكًا خارجيًا قد بدأ يرتكز على فكرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يهدف لعقد مؤتمر “أصدقاء لبنان” في مصر أو الأردن بمشاركة عربية وغربية للتباحث في سبل تقديم مساعدات تمكن مؤسسات الدولة الرسمية من الاستمرار بالعمل، مشيرًا إلى أن حضور الوفد العربي يندرج تحت هذا الإطار ويعتبر خطوة أولى بمسار ربما يكون طويلًا. فكرة المؤتمر لاقت قبولًا من عدة دول، والاتصالات والمساعي جارية وتتركز حول إيجاد صيغة لانعقاد هذا المؤتمر على أساس “الورقة الكويتية” التي كان قد نقلها وزير الخارجية أحمد الناصر الصباح.
فما هي الورقة الكويتية؟ وما الغاية منها المعلنة وغير المعلنة؟ الخطة الخليجية الآنفة الذكر، أو ورقة العمل الكويتية، تحمل عشرة شروط لـ”إعادة بناء الثقة الخليجية والعربية مع لبنان”، فيها إملاءات الرياض وتمنيات الدوحة، بما تحمله من تدخل مباشر بالشأن اللبناني.
وقد سعى الرئيس الفرنسي قبيل مؤتمر “بغداد 2” إلى إيلاء ملف لبنان بعض الاهتمام، لكنّ طرحه لم يلقَ قبولًا. فالرئيس الفرنسي يولي اهتمامًا بالملف اللبناني انطلاقًا من تحذيرات في التقارير وصلت الى دوائر الإليزيه، مصدرها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تشير الى وجود “خشية في الفترة المقبلة من تفاقم الأزمة بشكل خطير يصعب تدارك تداعياته الحقيقية، من سقوط مؤسسات الدولة وتحللها، ما لم تسارع الدول الحريصة على لبنان إلى المساعدة في أسرع وقت ممكن”.
وقد سُجّل تجاوب للرئيس الفرنسي، الذي أجرى اتصالاته التي أفضت لعقد الاجتماع الرباعي الذي ضم إلى فرنسا الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وقطر في باريس على مستوى مستشارين بحثوا الملف اللبناني وكيفية إحداث خرق في جدار الأزمة. وعلى أساس هذا الاجتماع، كان دخول قطر على خط الملف اللبناني، وقد بدأت التواصل مع الأفرقاء اللبنانيين من قوى “8 آذار” ومع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، محاولة تذليل العراقيل أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
هذا الأمر يعني أن الجانب القطري عمل في هذا الاتجاه تحت سقف مشاورات الفرنسيين والسعوديين والأميركيين لإيجاد الحلول المناسبة للبنان. فهل يصل هذا المسعى إلى حل العقد اللبنانية في إطار تقاطع أوامر غربية ومصالح فرنسية وإملاءات سعودية ومصالح قطرية لتعزيز فريق داخلي وتسليمه لبنان؟ وهل ما عجزت عنه الآلة الحربية وجحافل الجيوش وحرب الأمعاء الخاوية والحصار في لبنان تحققه طاولة عربية – غربية؟