عندما اسْتَهانَ المُرتَزَقَةُ بشرفهم وعَرَضوه في سوق “النخاسة” الإعلامية القذرة استِجلابًا للمال، ظَنّوا أن “أهل الشرف” قد تَسَلّقوا سُلَّمَ الوضاعةِ والارتهان نفسه. وهم، المُرتَزَقة، يعلمون جيّدًا، لكن لا يفقهون، أن طريق الكرامة استَدعَت دماءً ونفوسًا، منذ ما قبل ولادة “خيّاطهم” الأول الذي علّمهُم التذَلُّل، ولا زالت تُخاض حتى أمسنا القريب، معركة الحفاظ على سُمُوّ نساء أوطاننا والذَّود عن استقامتهم ومتانةِ قيَمِهِم.
يروي لنا “التاريخ الذي لم يروَ”، أنه لم يشهَد على هذا المستوى الإعلاميّ الدنيء في أي حقبةٍ من الحقبات السابقة. فقد أضحَت بعض وسائل الإعلام اللبنانيّة واسطةً لتدمير مباني القيَم عند جماعة لبنانية أصيلة، وتشويه قدسيّتها ورمزيّتها المتألّقة، استقطابًا لأموال المتربّصين الذين يفتحون “نيران” العدوان منذ عشرات العقود على بيئة معيّنة لأنها ترفع قضية المقاومة ومناصرة المستضعَفين، مما جعلها عقبة أساسية أمام المسار الاستعماري الذي يضرب بلادنا منذ نشأتها الحديثة.
ومع اندلاع أحداث 17 تشرين عام 2019، تهافتت تلك الوسائل الاعلامية “الرّخيصة” نحو مصادر التمويل الداخلية والخارجية لتقدّم عروض الارتهان مقابل حفنات المال، التي حرمها أصحاب النفوذ والمصارف عن أصحابها، ليملؤوا جيوبهم الوضيعة، وليحملوا، من دون أدنى خجل ولا وجل، لواء الفقراء والتغيريّين. خدعوا الناس وشتّتوا وعيَهُم، وأصبح شغلهم الشاغل شيطنة فئة معيّنة من المجتمع اللبناني وتشويه سيرتهم ومسيرتهم وقضاياهم المستحقّة.
وقد نالت قناة الجديد “شرف” المحطّة التلفزيونيّة “الأرخَص” على الإطلاق، والأدنى دناءةً البتّة. لكن مع ذلك، لا يتورّع مسؤولوها وإداريّوها عن التباكي على “المظلوميّة” التي تطالهم، من الجماعة التي تتلقّى نيران كَيدهم وحقارتهم منذ سنواتٍ وسنوات. وكأن الدفاع عن النفس جريمة يرتكبها “أهل الشرف” في معرض ردّهم على “العدوان” الذي تشنُّهُ قناة الجديد ضدّهم، منذ أن باع جماعة “الخيّاط” ضمائرهم لقاء حفنة من الفريش دولار الآتي من أرباح النفط والسلاح والفساد، وهم الذين تلطّخَت أثوابهم التجارية بالشبهات والفساد و”الزعبرة” والتهريب.
آخر “إبداعات” تلفزيون الفساد والرشوة، ما عُرضَ في برنامج “فشّة خلق” الذي تقدّمه داليا أحمد، بأن صوّبوا سهام حقدهم وكُرهِهم نحو شرف النساء الجنوبيّات، اللواتي قدَّمنَ أبناءهُنَّ شهداء دفاعًا عن أعراض اللبنانيّين من كل طوائفهم ومذاهبهم.
لهذه الدرجة من السفالة وصل آل الخياط المُرتَزَقة، أن يبيعوا شرف نساء بلدهم استجلابًا للمال واستعطافًا للدول الخارجية التي تعلن العداء المطلق لتلك النساء الجنوبيّات المقاومات، اللواتي أنجَبنَ أبطالًا شرّفوا بعزائمهم جميع اللبنانيين. تلك المناضلات اللواتي لم يترُكنَ يومًا ساحة النضال والمجابهة مع الأعداء، من العدو الإسرائيلي إلى العدو التكفيري، من دون كللٍ ولا ملَل.
ما فعلَه “مُرتَزَقَة” الجديد ما هو إلا محطة ضمن سياق حربهم المفتوحة على بيئة المقاومة منذ سنوات طوال، ظهر غيظها بعد اندلاع “ثورة” 17 تشرين الملوّنة، وكانوا هُم، المُرتَزَقة، جزءًا من الأدوات التي استعملها عدد من الدول العربية والغربية لمواجهة تلك البيئة (بيئة المقاومة) وتثبيط عزائمها وتأليبها على مقاومتها وتشويه رموزها ومقدّساتها.
مشكلة قناة الجديد ليست مع الطائفة الشيعيّة كطائفة، بل مشكلتهم مع هويّة المقاومة ومن يحملون قضيّتها برموش عيونهم. مشكلة قناة الجديد أنها إطار “تَسَوُّلي” يبتغي اكتساب المال بأي طريقة من الطُرُق، ولو وصل بهم الأمر إلى السّفالةِ والوضاعة التي وصلوا إليها. لكنهم عليهم أن يعلموا جيّدًا، أن التاريخ لا يرحم. فنساء الجنوب اللبناني سيزيّنّ صفحات التاريخ بألقِهِن وشرفهِن الأبيض، ومكان قناة الجديد ومرتزَقَتها لن يكون إلا في مزابل الزمن وحضيضه الأدنى.