يؤكد المسؤولون في إيران أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد “انتهت إلى حدّ كبير”، وذلك بعد “ضرب الأوكار التي خرج منها مفتعلو الاعتداءات الأمنية والعسكرية في مناطق الأكراد”، ونشر الجيش العراقي على الحدود مع إيران، مما قلّل بشكل كبير نقل السلاح، خصوصًا بعد كشف الداعمين والممولين والمحرضين على تلك الأعمال، وبعد الفصل بين “المعارض والمتآمر والبلطجي الذي يريد التخريب في هذه التحركات”.
وفي السياق، لفت مصدر إيراني مسؤول، في حديثه إلى “موقع الناشر”، إلى أن “الأحداث الأخيرة بدأت منذ 3 أشهر ونيّف، وهي ليست الأولى ولا الأخيرة التي تواجهها الجمهورية الإسلامية، لكن إيران تخطت هذه الأحداث”.
وأكد المصدر أن “هناك معارضة في إيران متنوعة على عدة مستويات، والمظاهرات تحدث في عدة مدن إيرانية على مدار السنة حول مواضيع مختلفة، وبالأخص في الجامعات، لا سيما جامعة طهران، وهذا يقع ضمن خانة التعبير عن الرأي والحريات”.
وفيما خص أزمة الحجاب، أوضح المصدر أن “هناك 98 في المئة من الشعب الإيراني مسلم، و2 في المئة تمثل باقي المكونات، من يهود ومسيحيين وغيرهم من الديانات التي لها احترامها. لكن الأغلبية في إيران، وبسبب الالتزام الديني، هي مع الحجاب”، مشيرًا إلى أن “هناك 10 ملايين نسمة في طهران، فإذا خرج 1 في المئة منهم فهذا يعني 100 ألف نسمة، وهذا ما لم يحصل في التظاهرات الأخيرة”.
150 قناة وآلاف حسابات “تويتر”
وحول حادثة مقتل مهسا أميني، التي وقعت في 16 أيلول 2022 في العاصِمة طهران، لفت المصدر إلى أنه “جرى استغلال الموضوع بسبب عدة معايير، وهي أن مهسا سُنّية وكردية، ولذلك جرى التضخيم الإعلامي للحادثة”. ولفت إلى أن “هناك 150 قناة ناطقة بالفارسية تدعمها جهات معادية لإيران، عملت على البروباغندا الإعلامية وتكبير التظاهرات والتحركات”. كما كشف أنه “تم خلال 3 أشهر إنشاء أكثر من 150 ألف حساب تويتر حرّضت جميعها على إيران، وأغلبها تم إنشاؤه في ألبانيا والسعودية”.
وأوضح أنه “بعد 15 يومًا من التحركات على إثر الحادثة، لم يعد هناك تظاهرات في إيران، فالنظام صبر طول هذه الفترة لتفريق المتظاهرين، بين معارض ومخرّب ومتآمر مع الخارج، لأن هناك من يموّل ويدير هذه التحركات”.
ولفت المصدر الإيراني المسؤول الى أن “الغرب وقع في خديعة التزييف الإعلامي والحديث عن سقوط النظام الإسلامي في طهران، وقد تأخر الأوروبيون لفهم الأمر، مع الإشارة إلى أنه إذا خرج 10 آلاف ضد النظام، يخرج مقابلهم مئات الآلاف مع النظام، وهذا الموضوع ليس موضع نقاش”.
الانتصار تحول من سقوط النظام إلى إلغاء شرطة الآداب
وفيما خص شرطة الآداب، شرح المصدر المسؤول عمل هذه الشرطة، موضحًا أنها “ليست مؤسسة قائمة بحد ذاتها، بل هي مهمة من مهمات الشرطة، وعليه تحول الانتصار في الإعلام من إسقاط النظام إلى إلغاء مهمة فرع في الشرطة الإيرانية”.
وحول الإعدامات التي تحصل، أوضح أنه في الدستور الإيراني يتم الحكم بالإعدام على أي شخص يرفع سلاحًا حربيًّا بهدف الأذى والتسبّب بالخوف للآخرين، وهناك إعدامات تحصل على مدار العام في هذا السياق، وهذا يقع ضمن اختصاص القضاء الإيراني، إلا أن هناك اليوم استغلالًا للموضوع لتضخيم القضية”، وأكد أن “موضوع الإعدامات قانوني بحسب الدستور والقوانين الايرانية”.
تهديد إيران والمفاوضات النووية
وحول التهديدات بضرب إيران، أكد المصدر أن “الحديث عن ذلك هو “كلام فارغ”، وقد صرفت أميركا المليارات من الدولارات سابقًا ولم تستطع فعل شيء، بل على العكس خرجت أفغانستان والعراق من الحضن الأميركي”، لافتًا إلى أنه “بالرغم من كل المليارات التي تم دفعها، يخافون اليوم من مسيّرة قيمتها آلاف الدولارات فقط”.
وشدد على أن “الحديث عن سقوط إيران هو “وهم”، والغرب يحاول التلاعب بنا منذ 25 عامًا”، وقال: “نحن لدينا خياران: المفاوضات والمواجهة”. وأضاف “بالرغم من أهمية السلاح النووي كسلاح رادع، إلا أنه لا تأثير إستراتيجي له، والغرب يعمل على إدخال موضوعات غير النووي في ملف المفاوضات كالسلاح الاستراتيجي والنفوذ الايراني في المنطقة، إلا أن هذا الموضوع لا يقع ضمن صلاحيات الحكومة”.
وأكد أن “همّ الغرب الأكبر هو تخفيف النفوذ الإيراني على كافة المستويات، وإسقاط مكانة إيران ومنعها من التقدّم، وهذا هو جوهر عمل الغرب في المفاوضات النووية”.
وأكد أن “أزمة دول الاستكبار مع إيران سببها دعم المقاومة في وجه العدو الصهيوني، مع الإشارة إلى أن طهران وقفت تاريخيًا ضد الاحتلال ودعمت المقاومة، ورفعت شعارًا تاريخيًا أيام الحرب الباردة (لا شرقية ولا غربية)، وهي دعمت المقاومة في أفغانستان ضد الاحتلال السوفياتي”، لافتًا إلى أن “الدستور الإيراني يدعم المظلومين والمستضعفين في كل العالم”.
وأوضح أن “مشكلة “إسرائيل” تكمن في السلاح الذي تمتلكه إيران، إلا أن مشكلتها الأكبر تكمن في القوة الاقتصادية لإيران ونفوذها في المنطقة، ولأنها تدعم حركات المقاومة”.
وخلص المصدر الإيراني المسؤول في حديثه إلى “موقع الناشر”، الى القول إنه “بالرغم من كل التهويل وتعطل المفاوضات وغيرها، فإن إيران مستمرة في دعم المقاومة في المنطقة، والدفاع عن المظلومين، وهي مستمرة أيضًا في نهج المفاوضات، إلا أن صبرها على الاعتداءات له حدود، وخيار المواجهة موجود على الطاولة بشكل دائم”.