صونًا للإنسان فُرِض الستر، فكان للرجل سِتره وللمرأة سِترها، يحفظهما كما الدرع في الحرب يقي الجسد من الإصابة، وكذا الستر درعٌ يحفظ الرّوح والنّفس البشرية فضلًا عن الجسد.
فلما يُراد للبشريّ أن يتشبّه بالحيوان الّذي فُضِّل عليه الإنسان بالعقل والوعي والإدراك؟ أليس هذا سؤالًا مشروعًا؟
إنّ من البداهة أن يُوصف الإنسان بالتحضّر والتّكامل. ومهما كان انتماؤه وعقيدته فهو لا ينكِر فِطرة رفعة النفس البشريّة. إلّا أنّ الزّيف والتزوير لا يطال المال فحسب، بل حتّى الحقائق والقيم لم تسلم من مصيدة الشّياطين العابثة الّتي استكبرت على الروح السّامية وأرادت لها التسافل، حتى أضحى جماعة من البشر أسفل من شياطين.
عُقدة العقد بات الحجاب الإسلاميّ، فهو ليس وجه الحضارة فحسب، بل هو في العمق أصل من أصول قيام المجتمعات وتقدّمها. لربّما كثيرون لم يفهموا بعد هذه الحقيقة الراسخة، وتلوّثوا بأفكارٍ هجينةٍ تدّعي منح الحريّة وكأنّها، هذه الأخيرة، ملك أصحاب النفوذ أبًا عن جدّ، فضلًا عن أنّهم لا يفهمون معناها فهم يقيّدون الناس بظاهرٍ أنيق وباطنٍ ملطّخٍ ببقايا الدم المادّيّ والمعنويّ الّذي امتصّوه من العقول والقلوب، كل ذلك في حساب الهيمنة والتسلّط، فأضحى كمُّ الأفواه والتّعمية شغلهم الشاغل عندما رأوا أن بين الجموع من لا يهتزّ له رمش لكلّ هذا الصّخب الفارغ، ويقاوم دفاعًا عن مبادئ قويمة لا يصحّ لأحد المسّ بأصالتها ورفعتها.
جُلّنا بات يعرف الحكاية ومَن يحيك عِقدتها ويصوغ الحلول، ولا خفاء بأنّ المكر والخداع هما الأسلوب النصّي الّذي يستخدمونه في بث الأفكار المنقولة او الافتراضية الوهميّة، هذه الفقاعات الّتي يطلقونها إذا انفجرت ستكون عليهم وبالًا.
حتمًا ان لم ننتصر للإنسانيّة، فلن يعود هناك معنى للحريّة والحقوق، فمن يدافع عن الزيّ الإسلامي الشّرعي لا يبتغى بذلك فقط الانتصار لفئة من الناس أو لطائفة، بل إنّ صون الحجاب والعفّة في المرأة سيكون صونًا وأمنًا وأمانًا حتّى في مجتمعات الغرب الّتي باتوا اليوم يعانون من التدمير الذاتيّ في عمقها، وشواهد كثيرة لمن يرغب في مشاهدةٍ عينيّةٍ للآثار والسّلبيّات.
تمسّك النساء اليوم بشعار الحريّة يجب أن يكون عن وعي وفهم، فالتعرّي للبهيمة وليس للإنسان، والتخلّي عن الحياء لا يحفظ ماء وجه النّساء فضلًا عن كلّ أفراد المجتمع. الحريّة رسالةٌ عظيمة، وأن تكون انسانًا محفوظًا تحت ظلّ إنسانيّتك هو غاية الغايات وأساسها، والمرأة بلا ستر وحجاب لن تسلَم من أيدي العابثين ولن تستطيع أن تكون رائدة التقدّم الأسريّ والحامل راية التربية الإنسانيّة السليمة، فهذا الاحتجاب ليس مناديل ورقية تلف أجسادًا ، بل النظرة العميقة هي في اعتبار أنّ جوهر الأنوثة الشّفاف محميّ داخل درعٍ متين، فلا يصله أيّ ضرر ويشعّ نوره بتغذيةٍ فكريّةٍ روحيّةٍ، لأجل دوام الإنسان بالعقل والقدرة والأخلاق قلبًا و قالبًا، لا بالجسد والشهوة حصرًا حتّى يسقط في الحيوانيّة.
بالستر يبقى الإنسان روحًا وجسدًا في تكامل وتكون المرأة بالحجاب في الطليعة إنسانًا مكرّمًا وجوهرًا مصونًا.