بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون وعند تلاوة رسالته امام المجلس النيابي قال رئيس الحكومة المستقيلة والمكلف بتشكيل حكومة جديدة نجيب ميقاتي من قاعة مجلس النواب أمام الهيئة العامة: “لن ادعو لجلسة لمجلس الوزراء الا عند الضرورة واعرف حجم صلاحياتي” مؤكدا أنه لن يدعو الحكومة للاجتماع في ظل الفراغ الرئاسي “إلا في حال توافق الجميع”. لكن حاجة سياسية فرضت علي دولته الدعوة لجلسة حكومية نهار الاثنين ضاربًا عرض الحائط بالميثاقية والدستور والتزاماته اتجاه الوطن مصدرًا جدول اعمال من ٣١٨ بندًا بمناورة تقليصه الى حوالي ستين بندًا. فما هي الأسباب الحقيقية للدعوة ؟ وما علاقتها بقمة الرياض؟ وهل فعلًا هذه البنود هي حاجة ضرورية فيها حياة المواطن ام انها ذريعة لها غايات تتجاوز الحدود اللبنانية؟ وما موقف دولته من الأطراف اللبنانية الرافضة لانعقادها باعتبارها خرقًا دستوريًّا؟
تتفاوت مواقف القوى السياسية رغم الاجماع أن في الدعوة “مخالفة دستورية وميثاقية” تضرب صميم النظام -دستور الطائف- الذي تستميت السعودية في الدفاع عنه وتعمل لحمايته من جديد دون خجل او مواربة. فهل هذه الدعوة تخدم المحافظة على الطائف ليتبقى ما تبقى من الوطن بظل انقسام كبير اعاد اللبنانيين الى زمن الحرب الأهلية؟ فموقف البطريرك منها رافض كما التيار الوطني الحر الذي اعتبرها تحديًا للمسيحيين واضعًا علامات استفهام حول حقيقة اهدافها، وهذا متقاطع مع القوات اللبنانية الرافضة كليًّا لهذه الجلسة ولو كانت غير ممثلة بالحكومة، كذلك سجل اعتراض وزراء مسلمين كانوا من فريق رئيس الجمهورية الأسبق ميشال عون. فلماذا يصر رئيس حكومة تصريف الاعمال على عقد جلسة بهذا التوقيت؟ ما الهدف من استفزاز فريق من اللبنانيين بهذا التوقيت؟
بعد الاطلاع على جدول أعمال الجلسة المتخم يتصح ان الجلسة حاجة ملحة لرئيسها تحجز له مكانًا بالتسوية التي تعمل عليها فرنسا مع السعودية بعيدًا عن الاعلام وتلقى ترحيبًا دوليًّا وهي حاجة لدولته على أبواب قمة الرياض وبحجم مقعد لبنان الرئيس الحريص على مصالح السعودية.
فما سبب خفض جدول اعمال الجلسة الى خمسة وستين بندًا اذا كانت حاجات ضرورية للمواطن؟ وماذا تعني إشارة دولته الى امكانية خفض جدول الاعمال حتى عدم إقرار كافة بنوده بالجلسة؟ هل هذا باب لجلسات متتالية؟ هل الضرورات القصوى تكمن بخدمة سياسية لدولة رئيس الحكومة؟ الامر لم يبق حلًّا وسطًا وقبول التيار بجلسة استثنائية بل تخطاه لميثاقية دستورية فهل سيرفع صاحب الغبطة حرمًا كنسيًّا على حضور المسيحيين؟
العين تبقى على موقف حزب الله
بعد أن سوقت مصادر قريبة من رئيس الحكومة أن دعوته للجلسة واستمرارها كانت بعد اتصالات وتنسيق مع حزب الله اخرها كان ليل السبت الذي شهد مفاوضات على خط حارة حريك – عين التينة – البلاتينوم بين حزب الله – بري وميقاتي الا أن مصادر قريبة من حزب الله نقلت عن الحاج حسين الخليل أن مسعاهم التوافق “خفض بنود جدول اعمال الجلسة وحصره بقضايا ملحة” تقتصر على الضروري منها ما يشمل البنود الملحة حياتيًّا ما يخفضها لحوالي العشرين بندًا تختص بتسيير امور المواطنين من طبابة واستشفاء وادوية مستعصية وصيانة طرق وإدراج سلفة الكهرباء.
مصادر مقربة من بكركي نقلت توجس البطريرك من الدعوة لانعقاد الجلسة بحد ذاتها وهي تطرح اكثر من علامة استفهام حول اهدافها الحقيقية والاصرار عليها وسط مقاطعة عدد من الوزراء: الطاقة والشؤون الاجتماعية والعدل والخارجية فيما لا يزال موقف وزير السياحة غير واضح.
فالدعوة تطرح اكثر من علامة استفهام حول اهدافها الحقيقية وكيف سيتعامل حزب الله المتقاطع مع البطريرك الراعي وكامل الفريق المسيحي، فهل تطير الجلسة ام يفعلها رئيس الحكومة ويتحدى الفريق المسيحي ومعهم بكركي؟
العين تبقى على مسعى حزب الله وتنتظر نتيجة لقاء الحاج وفيق صفا برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يصر على موقفه أن الامر يشكل مخالفة دستورية، وهذا يتقاطع مع كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد. فهل هذا ما يعمل عليه ميقاتي لتتصدع العلاقة بين حزب الله والتيار؟