دخل لبنان أسبوعه الرابع على وقع الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، وهي ليست المرة الأولى لكن ظروف المرحلة تختلف عما سبقها، فتولي حكومة تصريف اعمال مهام الرئاسة كما ينص الدستور سجل تحفظ فريق سياسي وازن، كما ترك فراغ الرئاسة امتعاض غبطة البطريرك الماروني صاحب شعار النأي بالنفس، الذي رفع سقف كلامه غامزًا باتجاه فريق سياسي بعينه، رغم كلامه الذي كان موجهًا للجميع.
فصاحب الغبطة العارف بخبايا السياسة اللبنانية وأهلها عن قرب يتجنب الغوص بتفاصيل ملف الرئاسة رغم تزكيته بعض الشخصيات التي يعتبرها تتناسب مع المرحلة الحالية وتحمي موقع الرئاسة من الفراغ، ولم يخفِ هذه الهواجس يومًا، او يوفر علاقاته مع الخارج لحلها، وهذا أحد أسباب الاندفاعة الفرنسية باتجاه ملف الرئاسة الذي على ما يبدو أن ظروفه لم تنضج بعد وربما لن تنضج في القريب العاجل لأسباب هي أبعد من الداخل اللبناني.
فالموقع الذي سلبت معظم صلاحياته وأفرغ من مضمونه لا زال يمسك بتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة التي نقلت إليها كامل الصلاحيات بموجب اتفاق الطائف واستولى عليها الوزير الأول أي رئيس الحكومة ما جعل من موقعه المصنف ثالثًا بين الرئاسات “حاكمًا” فعليًّا بعد توقيع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة التي لا يحكم عملها أي نظام داخلي كسائر المؤسسات وعلى غرار السلطة التشريعية وقانون مجلس النواب.
بالعودة الى الداخل، فإن جلسات الانتخاب فلكلورية ولا مرشح جديًّا، وفرصة تمرير انتخاب رئيس بتفاهم داخلي ضاعت وهي ليست أولوية عند الخارج الا عند السعودي واستماتة المملكة لحماية الطائف الذي تعتبره مكسبًا لنظامها تريد حمايته وتسعى لتجييره لخدمة مصالحها الإقليمية والإمساك بقرار لبنان عبر موقع رئاسة الحكومة -المطلق الصلاحيات- والقوي بظل رئيس ضعيف، وهذا سبب عودة السعودي للساحة اللبنانية ومن نافذة معراب بعدما غادر لبنان من بوابة تيار المستقبل. فهل يلاقي البطريرك الاندفاعة السعودية والحماس الفرنسي وتدخل الانتخابات بازار التسوية الجدية؟
على ما يبدو الظروف غير مؤاتية.