المقاومة مجتمعًا وحدث التحرير الثالث

د. أحمد الشامي – خاص الناشر |

العدالة، كما الحريّة والسيادة، تصوّرات ذهنية يجدر بالبشرية أن تتطلع إليها فتحرّك الدافعيّة نحو الارتقاء، بوصفه نزعة تعكس مدى الاستجابة لجوهر الإنسانية، وحقيقة الوجود، فيغدو هنا الاصطفاء عادلًا، حيث ينحدر البعض ويهوي، فيما يكمل آخرون مسارهم التصاعدي والفوز بجدارة اللقب، صنّاع الحياة.

وما تكشفه حقائق الحاضر والتاريخ مؤلم، فالذين ارتضوا العيش انهزامًا وذلًّا، نراهم ينازعون على الدوام العارجين في مسالك الحياة كفاحًا، وعزًّا وفخرًا، وبدل أن يكون ذلك رغبةً بلحاقهم، يلاحظ أنّ قبالة كل ارتقاء يظهر مستوى معيّن من الدونيّة، وبالتالي، توافر بيئة حاقدة وناقمة.

ولأنه قلّما شهد فعل مقاوم الفاعلية بعيدًا عن رحم اجتماعي منيع وحاضن، لا سيّما إذا كانت التحديات على مستوى من التعقيد والاستدامة، فنرى الحاقدين بخصومتهم، حين يعجزون عن تطويع المجتمع عبر هزيمة مقاومته، يذهبون لتطويع المقاومة عبر تدمير مجتمعها.

ولم يعد من المبالغة القول إن تدميرًا ممنهجًا يتعرّض له لبنان، بدأ منذ أن تمكن هذا التماهي بين مقاومته ومجتمعها من إفشال محاولة توهين هذه القيمة الإنسانية، واشتد مع إنجاز التحرير الأول ثم الثاني، والآن مع بشارة التحرير الثالث، وهذ ما غيّر وجه لبنان بوصفه القوي بضعفه.

وهنا، بات على المقاومة ومجتمعها كما الاعتزاز بصبرهم وثباتهم، الاستعداد لما يتم تحضيره من تحديات في المستقبل، فمن السذاجة الاعتقاد بأن الذين يتلقون في هذه اللحظات الصفعة الثالثة سوف يستسلمون لحقيقتهم الدونية وقدرهم التعيس، فحقيبة شيطانهم القابع في نفوسهم ملأى بالمكائد والأحقاد.

تلك هي فلسفة الحياة، فالتحديات وحدها تكشف الجوهر، فتزيد الأقوياء منعة وتواضعًا، كما تزيد الضعفاء وهنًا. يحدث ذلك طالما بقيت المقاومة مجتمعًا.

اساسيالمقاومةحزب اللهلبنان