ماذا ينتظر العلاقات الأميركية – السعودية؟

تتفق معظم التحليلات الغربية على أن التوافق السعودي – الروسي على تخفيض إنتاج النفط يعزز الانطباع المتنامي بأن محمد بن سلمان وبوتين يتعاونان بشكل وثيق من أجل ضمان إدارة السوق العالمية للنفط، وهو أمر ما كان يتصوره الرئيس الأميركي جو بايدن حين حط رحاله في الرياض قبل أشهر قليلة.

وفي محاولتها استخلاص العبر، تذهب صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن “تجربة بايدن المريرة مع السعودية، تقدّم درسًا مفاده أن الأيام التي كان باستطاعة الرؤساء الأميركيين فيها أن يأمروا حلفاءهم السعوديين ولّت، تمامًا كما اهتزّت الضمانات الأميركية بحماية المملكة من الهجمات الأجنبية.

وبحسب الصحيفة، فقد نأى ولي العهد السعودي بنفسه عمدًا عن واشنطن، وأقام علاقات دولية أوسع، لا سيما مع الصين وروسيا، منطلقًا من اعتبارات رفضه النظر إلى دور بلاده بوصفها “شريكًا متواضعًا وضعيف التأثير” للولايات المتحدة، إضافة إلى إبدائه رغبة في تجاهل أية مطالب يعتبرها تتعارض مع المصالح السعودية.

في الإطار عينه، رأى موقع “ذي أميريكان كونسرفاتيف”، المحسوب على اليمين المحافظ، أن الرياض “أذلَّت إدارة البيت الأبيض”، التي عمدت في حزيران/ يونيو الماضي إلى استجداء محمد بن سلمان من أجل زيادة مبيعات النفط، مضيفًا أن هذا الأمر يطرح تساؤلات عن “واقع الدولة التي كانت القوَّة العظمى عالميًا”.

وانتقد الموقع بصورة ضمنية تساهل واشنطن تجاه السعودية، رغم تدني ترتيبها العالمي على سلم حقوق الانسان، والذي يضعها في المرتبة العاشرة الأدنى بين أكثر من مئتي دولة، وفق تصنيف “مجموعة فريدوم هاوس”. واعتبر الموقع أن “أسوأ جريمة ارتكبها بن سلمان هي غزو اليمن” التي راح ضحيتها قرابة 400 ألف مدني، منتقدًا دعم واشنطن لتلك الحرب.

بدورها، رأت صحيفة “الغارديان” أن العلاقات الأميركية – السعودية كانت ولا زالت “مسمومة”، مشيرة إلى أن ابن سلمان، الذي يرفض بفظاظة الاعتراف بالمخاوف الغربية المتعلقة بحقوق الإنسان في بلاده، يبني في الوقت نفسه علاقات وطيدة مع روسيا والصين.

وحذّرت الصحيفة البريطانية من أنه إذا كان الأمير السعودي “يفضل حقًا صحبة بوتين، فيجب عليه وعلى نظامه أن يدفعا ثمنًا باهظًا”، خصوصًا على مستوى الدعم الغربي المستقبلي للرياض ضد الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، داعية إلى عدم التسامح مع الرياض ضمنيًا بعد الآن، خصوصًا في المسائل المتعلقة بسوء معاملة النظام السعودي للنساء، وفبركة قضايا الإرهاب ضد منتقدي الحكم السعودي، وتنفيذ الاعدامات الجماعية بحق الناشطين السياسيين.

أما مجلة “نيوزويك”، فقد شدّدت على أنه في ظل نظام عالمي ينحو باتجاه التعدّدية القطبية بشكل متزايد، لم يعد السعوديون حلفاء ثابتين ضمن “المعسكر الأميركي” كما كانوا في السابق، ذلك أن الصين باتت أكبر شركائهم التجاريين، في حين أصبحت روسيا حليفهم الاستراتيجي في مجال الطاقة داخل منظمة “أوبك+”. ووفق المجلة، فإن العلاقات السعودية الأميركية المتوترة، لا تزال تظللها قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي. كما أن طلبات واشنطن لزيادة إنتاج النفط لم تعد تحظى بالاهتمام الذي حظيت به من قبل في الرياض التي بدأت ترسم “مسارًا أكثر استقلالية” في سياستها الخارجية.

اساسيالسعوديةاوبكبايدنمحمد بن سلمان