أحلام واشنطن في تدمير العالم.. أوهام وكوارث

بعد الخروج المخزي من افغانستان والازمة الاقتصادية التي خلفها هذا الخروج من تلك البلاد وانتصار روسيا في العملية العسكرية الخاصة كان كل ذلك حتى اللحظة بمثابة كارثة للولايات المتحدة الاميركية. ان هزيمة اوكرانيا في الحرب هي هزيمة للولايات المتحدة ومعها الغرب في مشروع محاصرة روسيا. ان سقوط الاحادية القطبية للولايات المتحدة الاميركية ومحاولة سيطرتها على العالم هو بمثابة خيانة للحلفاء الغربيين وهذا ما يقود الى فقدان السيطرة على الكثير من الموارد في العالم من الطاقة الى غيرها، وسيكون لذلك انعكاسات خطيرة لا تحمد عقباها على مجمل الجيوبوليتيك في العالم.

ان الحرب في اوكرانيا تمهد الطريق امام الولايات المتحدة في حل مشاكل متعددة.
المسألة الاولى وهي مفتاحية، وتهدف الى خلق الكثير من العقبات امام الروس، ومنها استنزاف الاحتياط العسكري الذي خلفه الاتحاد السوفياتي السابق، وخلق اجواء من عدم الاستقرار الداخلي على الصعد السياسية والعسكرية والاجتماعية، ومن ثم انهيار روسيا من الداخل، ما يسمح بالحد الاقصى بالسيطرة على موار روسيا كافة.

المسألة الثانية، وهي توجيه ضربة اقتصادية للاتحاد الاوروبي الذي بدأ بمزاحمة الاقتصاد الاميركي ما يساعد على هروب رؤوس الاموال والشركات الكبرى ويفتح المجال امام الاقتصاد الاميركي بالتغلغل أكثر في اقتصاديات العالم.

المسألة الثالثة، وهي محاولة توجيه ضربة للاقتصاد الصيني حيث إن اوروبا هي سوق كبير بما يخص الاقتصاد على صعيد الاستيراد من الصين، ما يعني توجيه ضربة كبرى للصين. ومن الممكن أن تكون قد تلقفت روسيا الاشارات على هذا الصعيد، ومن هنا بعد قمة شنغهاي بدأ ما يسمى “فلسفة” نتائج القمة ودراستها بشكل عميق، وبخاصة في حربها مع اوكرانيا.

ليس هناك مصلحة اميركية في انهاء الحرب حتى لو كان النصر حليف اوكرانيا. الحرب في اوكرانيا حتى اليوم لم تحقق الاهداف التي وضعتها واشنطن نصب عينيها ومن أبرزها أن هذه الحرب هي بمثابة سوق سلاح وتحقيق ارباح مالية خيالية، ومن هنا لا تستعجل اميركا التوصل الى أي اتفاق مع اوكرانيا أو الاتحاد الاوروبي.

تحرص واشنطن على استمرار الحرب التي بحسبها هي عملية استنزاف لروسيا على كل الصعد خاصة إذا كانت هذه الحرب لا تسير وفق السيناريو الروسي، ما يجعل روسيا تغرق في مستنقع عسكري واقتصادي طويل الامد، ومن هنا تواصل اميركا وحلفاؤها عمليات ضخ وارسال كميات كبيرة ومتنوعة من السلاح والعتاد والمرتزقة والمستشارين. وتعمل واشنطن على بث الاوهام لقادة اوكرانيا انه في النهاية لا بد من التوصل الى اتفاق سلام وحل سياسي، ومن اجل التوصل الى ذلك يتوجب على روسيا عدم قصف مصادر الطاقة والمواصلات والبنى التحتية وعدم قصف العاصمة كييف وعدم التعرض للقادة الاوكرانيين.

وبما يخص مسألة الاقتصاد الاوروبي تفكر واشنطن انه طالما لم ينهر أو يسقط وتكبر الازمة الاقتصادية ولم تنفذ المهمة (انهيار اوروبا)، لن تسمح الولايات المتحدة بوقف الحرب مهما كلف الثمن، اقله هذا الشتاء في الحد الادنى.

ان التعبئة العسكرية الجزئية التي قامت بها روسيا والاستفتاءات التي جرت في لوغانسك ودونيتسك وزوبوروجيه وخرسون هي محاولات للحماية والافلات من السجن الكبير، وهذا واضح لا لبس فيه، وأصبح اليوم بالإمكان التنفس والعيش بحرية. ولا يمكن التغاضي عن الاخطاء التي ارتكبت في الماضي.

ان المسائل التي وضعتها واشنطن نصب عينيها وهي توجيه الضربات لروسيا ومحاولات سحقها وتفكيكيها وكذلك تدمير الاقتصاد الصيني واسقاط الاتحاد الاوروبي، هي مسائل صعبة ومعقدة ومدمرة للعالم والمواثيق الدولية وحياة الشعوب، ولكن واشنطن لم ولن تتوانى عن السياسات التدميرية والاحلام الامبراطورية، وتحضير المفاجآت غير السارة للعالم اجمع.

اوروبااوكرانياروسياهامواشنطن