إيجابية وهمية.. ومماطلة

لا يبدو أن الموفد الأميركي – الاسرائيلي عاموس هوكشتاين على عجلة من أمره للتوصّل الى اتفاق يرضي الطرفين في قضية ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.

فأداء هوكشتاين رغم محاولته إشاعة أجواء وهمية تفاؤلية، لا يعبّر عن جدية وإصرار على الوصّول لاتفاق حقيقي خلال الفترة المفترضة في شهر أيلول الحالي، بل يمكن لمس مماطلة وتسويف مقصودَين يخدم بهما الجانب الإسرائيلي، أكثر من أخذه بعين الاعتبارات المصالح اللبنانية من حيث الشكل والمضمون.

لعل التطور السياسي الأبرز في الكيان المؤقت المتمثل بموعد الانتخابات النيابية في الأول من شهر تشرين الثاني المقبل، والصراع السياسي المحموم على السلطة، يعتبر الهاجس الأول لدى حكومة الاحتلال، بحيث يصعب على الحكومة الحالية اتخاذ قرارات ذات طابع “سيادي” وهي على بعد أسابيع من انتخابات نيابية ستفرز حكومة جديدة، غير واضحة المعالم منذ الآن.

من الواضح تمامًا أن الوسيط غير النزيه عاموس هوكشتاين يأخذ المطلب والهواجس الإسرائيلية على محملٍ عالٍ من الأهمية والجدّ، وهذا ما يفسّر أداءه الساعي الى المماطلة في تمديد زمن التفاوض للوصول الى اللحظة المناسبة إسرائيليًا في هذا الإطار.

من جانب آخر، لا يبدو الأميركيون أنفسهم على العجلة التي يروّج لها بعض الإعلام في ضرورة حسم الملف عاجلًا، وذلك لحاجة الغرب إلى الغاز قبل قدوم فصل الشتاء، بحسب الرواية الرائجة. السؤال الأكبر الذي من المفترض أن يُطرح: هل هو الوقت المناسب لتتخلى الولايات المتحدة عن حصارها المطبق على لبنان ووقف الانهيار المخطط له مسبقًا والسماح للبنان بأن يكون عضوًا في نادي الدول المصدّرة للنفط، مع ما يعنيه هذا من نمو اقتصادي وازدهار غير مسبوق؟ وهل غاب عن ذهن الأميركيين أن الازدهار في لبنان يعني بالضرورة ازدهارًا شاملًا يشمل أحد أبرز أعداء الولايات المتحدة والكيان المؤقت في العالم، نقصد بذلك حزب الله وبيئته الداخلية؟

إذًا، نحن أمام خيارين أساسيين في هذه الحال:
الخيار الأول، أن الولايات المتحدة استسلمت للواقع ورضخت للمسار الحالي، وبالتالي نكون على أعتاب السماح للبنان بالتنقيب والاستخراج، وعليه، يصبح لبنان أمام مشهد مختلف تمامًا في المرحلة المقبلة وينعكس ذلك على كل الميادين والصعد داخليًا وخارجيًا، وربما أبرزها وقف الانهيار وإعادة ترتيب المشهد الداخلي والنهوض الاقتصادي إذا ما سلّمنا بمسألة الإصلاح ومواجهة المفسدين من سياسيين وغيرهم.

أما الخيار الثاني، فهو يعني استمرار الحصار والمماطلة وصولًا الى اللحظة التي يصبح فيها لبنان دولة عاجزة بالكامل. وربما ينتظر الأميركيون، إلى جانب موعد الانتخابات النيابية في الكيان، وجود فراغ رئاسي في لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وتسلّم حكومة تصريف الأعمال إدارة شؤون البلاد والعباد ليصبح من الأسهل توقيع اتفاق قد لا يخدم مصالح لبنان بالكامل ويراعي الشروط الإسرائيلية وهواجسها.

أما كلمة المقاومة فربما ستكون الفيصل الذي سيجلي الغبار عن معادلة جديدة في هذا الإطار، تضمن حق لبنان ولا تفرّط في ثروته. فهل يكون الأسبوع الحالي أسبوعًا مفصليًا تخرج بعده المقاومة عن صمتها المؤقت إفساحًا في المجال أمام حركة التفاوض غير المباشر؟ وهل ما سيحمله هوكشتاين معه من ردود على مطالب لبنان والتصورات الإسرائيلية مقبول ويفسح المجال لمزيد من الوقت بانتظار الخواتيم السعيدة، أم أننا أمام جرعة تذكيرية، وربما أكثر، تعيد إلى الواجهة رعب الصهاينة من أي حماقة تؤدي إلى تنفيذ المقاومة ما وعدت به؟

اساسياسرائيلالترسيملبنانهوكشتاين