المقاومة اليوم هي ردة فعل محصورة بخيارٍ واحد، وهو الاستمرار في مواجهة المشاريع الاستكبارية والاستعلائية على شعوب المنطقة، وخيرات المنطقة، فالأمريكي لم يدع لهذه الشعوب سوى خيار المقاومة، فتلك الأخيرة أصبحت مضطرة لذلك من أجل تحقيق حياة حرّة مستقلّة عن قرارات الأمريكي الجائرة والمرتبطة على الدوام بما يسميه الأخير «مصالح إستراتيجية».
وكما ورد في أوّل الوثيقة السياسية لحزب الله والتي صدرت عام 2009 بشكلٍ رسميّ عن قيادة الحزب، فإنّ الإستراتيجيات الستة للأمريكي في المنطقة هي التالية:
1- توفير الأمن لاستمرار الكيان وضمان بقائه.
2- إضعاف الروحية في مجتمعاتنا بالحروب النفسية والإعلامية.
3- دعم أنظمة التبعية والاستبداد في المنطقة.
4- السيطرة على المواقع الإستراتيجية في المنطقة، عبر نشر القواعد العسكرية التابعة له.
5- منع نشوء الثورة على المستوى العملي والفكري.
6- نشر الفتن والانقسامات، لا سيما المذهبية والعرقية.
وعليه من النادر اليوم قراءة أي صراع دون وجود بصمة الأمريكي فيه، فالخطر الأمريكي ليس مختصًا بمنطقة دون أخرى، بل تخطّى حدوده، لتصبح كل بقعة في العالم هي بمثابة ميدان يدافع فيه عن أمنه القومي.
اليوم، وقبل اليوم بسنوات عديدة، كان الكيان الصهيوني يشكّل تهديدًا للبنان، لما كان يصرّح به من أطماع تطال مياه لبنان الإقليمية وأرضه، فضلًا عن أنه جعل لبنان ساحة حربٍ واحتلال لأعوامٍ عديدة.
هذا التهديد هو بالتأكيد بتمويلٍ ودعمٍ أمريكي ودوليّ، وفي ظل الصمت العربي الخائن، إضافة لغياب الدولة بمؤسساتها الدفاعية المسؤولة عن حماية الأراضي اللبنانية.
على هذه الخلفية، ذهب اللبناني الشريف الذي يرى حقّه في الدفاع عن أرضه إلى تحويل التهديد عن بلده بأي وسيلة كانت، فكانت المقاومة بشتّى أقسامها وعلى امتداد الوطن.
مقاومة شعبية مسلّحة (ولا خيار غير السلاح مع هذا العدوّ الغاشم) من الوطن وللوطن، هدفها واضح: إزالة الخطر عن لبنان، وحماية أمن لبنان، والذي لا يتحقق إلا بإزالة “إسرائيل” من الوجود.
بعد أعوامٍ من هذه المقاومة الشعبية، نجح اللبنانيون بأن يحرّروا أرضهم من نير الاحتلال وأصبحت المعادلة: «جيش، شعب، مقاومة»معادلة ذهبية متجذرة في ذاكرة الوطن بمعاني «الكرامة، والسيادة، والحرية».
من تحرير 2000 حتى انتصار تموز التاريخي 2006، تسامت التجربة الشعبية أكثر وأكثر. لقد أصبح الدفاع الشعبي عن الوطن اليتيم مدرسة يستفيد منها باقي مستضعفي العالم من الشرق إلى أقصى الغرب. أيّ وعيٍّ نشأ عن هذه المقاومة؟!
«المقاومة» و«محوريّة المقاومة». بين هذين المفهومين أعوام من النضال فرضته الضرورة، والحمية الوطنية في ظل الأطماع الخارجية التي تريد السيطرة على ثروات البلد.
لقد أصبحت المقاومة اليوم محورية في وظيفتها المتمثلة في ردع العدوّ وقهره وتأمين الحماية لما صنعته، أي حماية استقلال الوطن. هذه المحورية تمّت بوعيٍّ شعبيّ، وجيشٍ وطني وسقطت بها أهداف العدوّ الوضيع، ولقّنته الهزيمة تلو الهزيمة.
وصلنا للاستقلال، هل تتوقّف المقاومة؟
بالتأكيد لا، فـ “لبنان” صاحب الموقع الجغرافي المميز سيبقى عرضة للاعتداء، ولذلك لا بدّ من تثبيت صيغة دفاعية تحمي ارض لبنان وشعبه، وهي التي تكمن في الثلاثية الذهبية: «الجيش، والشعب، والمقاومة».أمّا الشعب والمقاومة فهما اللذان قادا ثنائية المقاومة الشعبية وهما اللذان صنعا المجد وهزما الجيش الإسرائيلي “الذي لا يقهر”.
يبقى أن الجيش الوطني بحاجة للدعم، بحيث يصبح قادرًا على صد أي عدوان محتمل، وليس مجرّد وجود شكليّ وبرتوكوليّ. وإذا تمّ ذلك بجيشٍ قوي وقادر ومستقل، فنحن إذًا في قمة «عملية التكامل الوطنية».
إضافة إلى ما سلف، يُذكر أنّ التهديد الصهيوني هو لكافة المناطق اللبنانية، بكافة سكانها، وبمختلف طوائفهم وانتماءاتهم، وعليه يتطلب هذا الواقع مشاركة شاملة على صيغة المقاومة، هذا إذا لم نقل الانخراط فيها.