تحقيق | مؤسسة القرض الحسن.. ما كان لله ينمو


لم تكن المرة الأولى ولن تكون المرة الأخيرة التي تثبت فيها مؤسسة القرض الحسن عقيدة ثابتةً مفادها أن “ما كان لله ينمو”. هذه المؤسسة التي لم تتخلّ يومًا عن أداء دورها وواجبها المهني والديني والمجتمعي والأخلاقي، رغم كل ما عصف بالبلد من أزمات مالية واقتصادية ومعيشية، ورغم ما تعرضت له المؤسسة بشكل خاص من حصار وتضييق وحملات كذب وتضليل إعلامية، إلا أنها بقيت كما عهدناها صامدة ثابتة بعزم وإرادة في وجه كل الأكاذيب والتحديات في خدمة الإنسان والمجتمع.

تاريخ من الخير والعطاء
تأسست مؤسسة القرض الحسن سنة 1982، في ظل أوضاع معيشية واقتصادية واجتماعية صعبة ومعقدة للغاية بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان كشكل من أشكال مقاومة الاحتلال، وتم ترخيصها من وزارة الداخلية اللبنانية سنة 1987 بموجب علم وخبر 217/أد.
استمرت المؤسسة في الانتشار على مختلف الأراضي اللبنانية حيث بلغ عدد فروعها 31 فرعًا حتى عام 2021، وقد قدمت منذ تأسيسها ولا زالت العديد من الخدمات والقروض المالية للأفراد والمؤسسات بمختلف إمكانياتهم، وانتماءاتهم.

وفي إحصاء نشرته المؤسسة عبر موقعها الإلكتروني، بلغ عدد المساهمين والمشتركين المستفيدين بشكل مباشر من خدماتها أكثر من 300000 وتخطى عدد القروض المصروفة حتى منتصف العام الحالي 1900000 قرض، بينما بلغت قيمة القروض الممنوحة منذ التأسيس لغاية اليوم 4 مليارات دولار. وتتنوع المشاريع التي تقدمها المؤسسة وتشمل مجالات عديدة، وهي تسعى جاهدة إلى تنميتها وتطويرها ليتمكن أكبر عدد ممكن من الأفراد والمؤسسات من الاستفادة منها.

ومؤخرًا، ومنذ ما يقارب الخمسة أشهر تقريبًا، أطلقت المؤسسة مشروع القروض الميسرة لشراء ألواح الطاقة الشمسية للأفراد والبلديات، حيث بدأت منذ الأول من نيسان باستقبال طلبات قروض الطاقة الشمسية. وقد لوحظ وجود كم هائل من الطلبات المقدمة، والتي باشرت المؤسسة بصرفها تباعًا بعد الانتهاء من دراستها والتأكد من استيفائها الشروط المطلوبة.

تراوحت قيمة القروض الممنوحة بين الألف والخمسة آلاف دولار للأفراد، والـ 35 ألف دولار كحد أقصى للبلديات. وفي إحصاء تم التصريح به مؤخرًا، بلغ عدد قروض الطاقة الشمسية الممنوحة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة 6000 قرض، بقيمة 24 مليون دولار، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد بشكل ملفت في الفترة القادمة نظرًا للإقبال الكثيف.

مقاومة وصمود من نوع آخر
تعرضت مؤسسة القرض الحسن، لا سيما في السنوات الأخيرة، للعديد من الاتهامات والحملات والفبركات الإعلامية الشرسة التي تندرج جميعها ضمن الحملة الكبرى التي يشنها أعداء بيئة المقاومة على كل ما يرتبط بها؛ فقد عمدت الإدارة الأميركية وأدواتها في لبنان إلى فبركة الكثير من الروايات والأخبار الكاذبة حول طبيعة عمل المؤسسة بحكم ارتباطها المباشر بشعب المقاومة، واعتبرت الخزانة الأميركية أن مؤسسة القرض الحسن “تنقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهمية وأنها بذلك تعرض المؤسسات المالية اللبنانية للعقوبات المحتملة “. وهذه الادعاءات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في جولة الصراع المستمر بين الحق والباطل لأن هذه الإدارة المعادية ستحاول بكل ما لديها من قدرات وأساليب وإمكانيات أن تحقق أهدافها العدوانية. وقد وصل الأمر سابقًا إلى قيام العديد من المواقع الإلكترونية والإخبارية التابعة لها بالترويج لخبر مفاده إقدام عدد من المقرصنين على اختراق موقع جمعية القرض الحسن وحصولهم على حسابات وميزانيات ومعلومات سرية عن المؤسسة وعن تعاملها مع مصارف أخرى، في حين أفادت مصادر تابعة لها ” أن الجهة المقرصنة قد اخترقت شبكات خارجية للمؤسسة حيث تحفظ المعلومات غير الرسمية وأنه لا يمكن للمقرصنين الحصول على أي معلومات سرية من هذه الشبكة وأن المقرصنين لم يصلوا إلى المعلومات التي يريدونها حتمًا ولن يصلوا إليها أبدًا”.

لم يفهم العدو وأتباعه، وأظن أنهم لن يدركوا أو يفهموا يومًا، أن بيئة المقاومة لم ولن تستسلم في يوم من الأيام، وأن الانطلاقة التي كانت يومًا تقتصر على عدد قليل من المقاومين والمجاهدين، وعلى إمكانيات مادية متواضعة، باتت اليوم أقوى بكثير وبأضعاف من أي زمن مضى وفي كل ساح وميدان، وأن من نفخ روح العزم والصبر والإرادة فيها، ومنحها القدرة على الصمود والاستمرار، لن يتركها يومًا أو يتخلّى عنها، لأننا أمة منحت كل ما لديها لله وفي سبيل الله، ومن كان الله وكيله ومبتغاه فإن الصمود والنصر هو بلا شك حليفه.

القرض الحسنهام