في مثل هذا اليوم من العام 2004 استهدف العدو الصهيوني القائد المقاوم غالب محمد عوالي بعبوة ناسفة في حي معوض في الضاحية الجنوبية لبيروت ما ادى الى استشهاده على الفور. ومعروف أن الشهيد كان ملاحقًا من قبل العدو الصهيوني لدوره في تسليح فصائل المقاومة الفلسطينية وتهريب السلاح الى فلسطين المحتلة.
دلت تحقيقات القوى الامنية على دور للعميل ناصر نادر في مراقبة مسرح الاغتيال، وتقديم الدعم ”المعلوماتي” للعدو، اضافة الى متهمين آخرين بينهم ناطور المبنى، وهو مصري الجنسية، واثنان مجهولا الهوية وجاءا ككوماندوس بحري ”تنفيذي” ليزرعا العبوة وينسحبا بالطريقة نفسها. ودلت الترجيحات، بحسب التطابق مع عمليات سابقة، انهما من ضباط العدو الذين لا يتركون لعملائهم تنفيذ الجانب العملاني.
والملاحظ ايضًا أن العملاء لم يتم ايقافهم بتهمة اغتيال الشهيد عوالي مباشرة بل بسبب تهم عمالة متفرقة وسرعان ما دلت الادلة والتحقيقات والقرائن وحركة الاتصالات على تواجدهم في المكان ومشاركتهم بذلك الاغتيال. وقد صدرت الأحكام القضائية في القضية بعد مرور حوالي ١٢ سنة من واقعة الاغتيال!
وبحسب الحكم النهائي بلغ عدد المتورطين سبعة أشخاص وهم:
- العميل ناصر نادر وهو الرأس المدبر ونال حكما بالسجن المؤبد.
- نوال معلوف، زوجة ناصر نادر، ونالت حكمًا بالسجن لمدة ١٥ سنة.
- مصطفى سعيد، ميشال عبدو، ومحمد عياد (الناطور المصري) ونال كل منهم حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات.
- وصدر حكمان غيابيان بحق ناشان كلش وسامر ابو عراج ونال كل منهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.
هذه القضية تقدم لنا دلالات كثيرة اهمها ما يسمح به المجال الآن:
- العدو بذل جهدًا كبيرًا لمنع امداد فصائل المقاومة الفلسطينية بالسلاح لأن نجاح هذا “الشريان الحيوي” في إتمام وظيفته يشكل ضربة كبرى للكيان ويعطي القوة والعزيمة لفصائل المقاومة في غزة والضفة وعموم فلسطين من خلال مراكمة ترسانة غير مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو وتشكل خنجرًا مسمومًا منغرسًا بشكل مباشر في خاصرته الرخوة.
وطبعًا مر على هذه الحادثة حوالي عشرين عامًا تعبدت بالعرق والدم (الشهيد غالب عوالي، الشهيد علي صالح، الشهيد حسان اللقيس، الشهيد محمود المبحوح …الخ)، ورغم مرور هذا الوقت وفي نظرة مقارنة مع الواقع الحالي يبرز بوضوح الفشل الصهيوني على مدى هذه السنوات في إغلاق هذا “الشريان الحيوي” رغم كل ما بذله، وباتت هذه الترسانة تؤرق الصهاينة بشكل “وجودي” وليس بشكل عابر.
- العدو لا يثق بعملائه، رغم انغماسهم معه، لذلك يتولى غالبية المهمات التنفيذية بنفسه.
- تتجلى قلة الثقة بالعملاء في أن العدو يوكل مهمات المراقبة وجمع المعطيات الى عدد من العملاء في وقت واحد وفي ميدان واحد دون ان يكونوا على معرفة ببعضهم البعض فيقومون بارسال المعطيات الى العدو الذي يقارنها ويتأكد من صحتها من مصادره المتعددة.
- يبرز بين المحكومين اسم العميل الفار إلى فلسطين المحتلة “سامر أبو عراج” الذي تابع لعبته القذرة من داخل فلسطين المحتلة بعد فراره اليها مع هزيمة جيش العدو وعملائه في العام ٢٠٠٠ فبات محركاً امنياً يعمل لصالح العدو “من خلف الحدود”، كما رأينا في عملية اغتيال الشهيد عوالي. ثم برز اسمه مع كشف شبكة تجسس لصالح العدو منذ حوالي ٥ سنوات تتألف من ثلاثة أشخاص مارسوا خيانتهم بالتجسس لصالح العدو بين برج البراجنة ودير قوبل بعد أن جندهم ابو عراج العميل الوفي لسيده الصهيوني عبر مواقع التواصل.
- بطء المحاكمات القضائية في ملف العملاء وإصدار أحكام “شبه رمزية” في قضاياهم بشكل لا يتناسب مع جرائمهم.
- هؤلاء هم العملاء، وهذه هي جرائمهم ولكن لا يزال هناك من يدعي الوطنية ويدافع عنهم بعين عوراء لا ترى ”مصائبهم” بل تطالب بالعفو عنهم، وتطالب بعودة العملاء الفارين إلى حضن سيدهم الصهيوني في فلسطين المحتلة وتطلق عليهم اسم “المبعدين قسرا” بشكل هزلي تلطيفي امام خيانتهم وأمام جرائمهم.
في مثل هذا اليوم تم تطويب غالب عوالي شهيدًا ضمن مسيرة مقاومة اثبتت الايام ان القتل والاغتيال والدم بيد الصهيوني لن يعيقها وان رجس العمالة لن يثنيها عن الكد والدأب حتى الانتصار على المشروع الصهيوني.