“الديمقراطية المدجّجة بالسلاح” (4/4): ماذا في القانون الجديد؟

على الرغم من وجود رغبة سياسية لبعض المسؤولين ومنهم الرئيس بايدن، لا يبدو مجلس الشيوخ في وارد الذهاب بعيدًا في فرض تعديلات جوهرية على قانون حمل السلاح. فقد شهدت العاصمة واشنطن، ومدن أميركية أخرى، تظاهرات عدة للمطالبة باتخاذ إجراءات على مستوى المؤسسة التشريعية لفرض المزيد من القيود على اقتناء الأسلحة. وعلى اثر الحادثة، تساءل الرئيس بايدن قائلًا: “متى سنقف في وجه لوبي السلاح؟”. وأرفق الرئيس الأميركي سؤاله بدعوة مواطنيه إلى “تحويل الألم إلى عمل سياسي”.


وبالفعل، أقر مجلس الشيوخ الأميركي أواخر الشهر الماضي عقب الهجمات الأخيرة، أول مشروع قانون لتقييد حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة منذ 30 عامًا، حيث انضم 15 عضوًا من الحزب الجمهوري إلى نظرائهم الديمقراطيين، في الغرفة العليا للكونغرس، للتصديق على المشروع، بواقع 65 صوتًا مقابل 33 صوتًا.

ويرى مراقبون أن القانون الجديد للتعامل مع ملف العنف في الداخل الأميركي، يشكل أول إصلاح لقانون حيازة السلاح يلقى هذا القدر من الدعم بين الحزبين، منذ عقود، بعدما دأب الحزب الجمهوري تاريخيًّا على تعطيل مشاريع تقييد حيازة السلاح. وعلاوة على حصول المشروع على تأييد جميع الأعضاء الديمقراطيين، وعددهم 50 عضوًا، بمن فيهم الأكثر محافظة، جو مانتشين، وكريستن سينما، فقد انضم إليهم أعضاء من الحزب الجمهوري، على رأسهم زعيم الحزب في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، وحليف ترامب المقرب، ليندسي غراهام.

ورغم أن بنود القانون تعكس ما كان يطالب به المعسكر المحسوب على اليمين المؤيد للإعلان الدستوري الثاني، لناحية التمسك بحق حيازة الأسلحة، أكثر مما كان ينوي الديمقراطيون تقديمه لقاعدتهم الشعبية الداعمة لقوانين أكثر حدة، تشمل حظر الأسلحة الهجومية، وبخاصة تلك ذات المخازن الكبيرة، نص التشريع الجديد على تشديد التحري في هوية المشترين، دون سن 21 عامًا، وعلى توفير 15 مليار دولار من الميزانية الاتحادية، لرعاية الصحية النفسية، وتعزيز إجراءات تأمين المدارس.

وما يؤيد هذ القناعة، هو تزامن إقرار “القانون التاريخي”، مع انتكاسة لجهود تقنين حيازة الأسلحة سجلها القضاء الأميركي من خلال قرار المحكمة العليا بإلغاء قانون في ولاية نيويورك يقيّد حمل السلاح، وذلك في تأييد صارخ لحقوق حمل السلاح، حيث جرى تعليل القرار بذريعة أن إجبار المواطنين في نيويورك على “إعطاء مبرر مقبول” لحمل السلاح الشخصي في الأماكن العامة يعد انتهاكًا للدستور، ما يشي بمدى عمق انقسام النظام السياسي الأميركي على نفسه حيال هذه القضية.


ويُعد مشروع القانون تاريخيًّا كونه الأول من نوعه منذ إقرار قانون مشابه خلال العام 1994، والذي انتهت مفاعيله منذ العام 2004، وهو يدعو إلى توفير التمويل لتشجيع الولايات على إقرار قوانين “تنبيه” تسمح لها بنزع الأسلحة من الأشخاص الذين يشكلون خطرًا على المجتمع.

ومع فشل القانون الجديد في إيجاد معالجة حاسمة لثغرات ملف تراخيص حيازة الأسلحة للأفراد داخل الولايات المتحدة، تُطرح تساؤلات بشأن الدور المنشود من قبل منظمات المجتمع المدني في هذا الملف.

“قوانين الأسلحة”: المواجهة مستمرة
بعد إقرار “قانون الأسلحة” الأخير، اعتبرت مجلة “ذي إيكونوميست” أن العائلات الأميركية، لا سيما أسر ضحايا حوادث العنف الجماعي، سوف تواصل مقاومة ذرائع الفريق المؤيد لحمل الأسلحة، والتي تدفع بها “الجمعية الوطنية للبنادق”، بدعم وتأييد حلفائها السياسيين. وتوقفت المجلة البريطانية عند المسيرة التي نظمها أنصار الفريق المعارض لحمل الأسلحة في شوارع العاصمة الأميركية في 11 من حزيران / يونيو الماضي، مشيرة إلى أن القانون الأخير عمل على “طمأنة” الفريق الأول، بالتزامن مع “تودّده” حيال الفريق الثاني. على هذا الصعيد، صرّح كيستيان هين، وهو أحد الناشطين في منظمة Brady، الداعية إلى تشديد قوانين الأسلحة، بأن القانون تكتنفه “ثغرات ملحوظة”، معتبرًا أن إقراره “لن يحل مشكلة العنف المسلح بصورة تلقائية، إلا أنه يوفر مسارًا لإحداث تغيير حقيقي في هذه القضية”.

اساسيالولايات المتحدةسلاح
Comments (0)
Add Comment