ليس من قبيل الانطباعات أو حتى من قبيل الثقة التامة في محور المقاومة وتناميه، يمكننا أن نقول إن الحلف المزمع تدشينه مع زيارة بايدن للمنطقة مصيره الفشل.
ولكن ايضًا من قبيل التقارير الصهيونية والأمريكية، سواء السياسية أو العسكرية، والتي تقود جميعها إلى أن حلفًا على غرار الناتو بين العدو الإسرائيلي ودول المنطقة في مواجهة إيران ومحور المقاومة هو من قبيل الخيالات الاستراتيجية.
وللتدقيق هنا، ينبغي أن نفرق بين حلف عسكري على غرار الناتو أو الدفاع المشترك، وهو الذي نصفه بالفشل وانسداد الطرق أمامه، وبين تحالف يمكنه تنسيق ترتيبات عسكرية على مستوى الدفاعات الجوية والدوريات البحرية، وهو ما يمكن اتمامه، بل وربما اتخذت اجراءات عملية لتدشينه.
الشاهد أن تحالفًا سياسيًّا يتم اعداده ويراد أن يروج له على أنه حلف عسكري من قبيل الحرب النفسية ومن قبيل فرض امر واقع على الجماهير العربية لحرف بوصلتهم بشكل رسمي.
وببساطة شديدة، ما يتم الإعداد له هو درع صاروخي لحماية العدو الاسرائيلي بأنظمة للإنذار المبكر وأنظمة للدفاعات لقطع الطريق على استهداف العدو من الأراضي الإيرانية. والمفارقة هي عدم استخدام أنظمة صهيونية يحتفظ العدو بها لنفسه تكنولوجيًّا لحماية أراضي الدول التي تتحالف مع العدو، والتي تفشل هذه الأنظمة في صد هجمات الطائرات المسيرة عن أي بقعة في رحلة المسيرات من بداية رحلتها وصولًا إلى فلسطين المحتلة!
وببساطة أيضًا، يراد تدشين تحالف بحري لتأمين ملاحة العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر عبر تفاهمات مصرية سعودية أردنية.
لكن ما يتم الترويج له هو حلف عربي صهيوني على غرار “الناتو”، وهو ما يستحيل عمله لأن العدو نفسه لا يستطيع تحمل تبعات ذلك، ولا يستطيع الدخول في معركة عند استهداف أي طرف من اطراف الحلف لأن العدو لا يدخل المعارك التي لا يستطيع التحكم في زمانها ومكانها.
كما أن الجيوش العربية مهما كانت اجراءاتها العليا لا تستطيع التحكم في جنودها واقناعهم بالدفاع عن العدو الاسرائيلي، بينما يمكنها التحكم في ما تمتلكه من انظمة دفاعات أو زوارق أو سفن بحرية. اما عقيدة القتال فهي حصرًا ملك الجنود وهم جزء من الشعوب التي لها وجدان مختلف ومرجعيات قتالية أخرى لا يمكن تغييرها أو شراؤها.
وهنا يلعب المعسكر الصهيو أمريكي لعبة اخرى خطيرة، تستبدل العداء العربي مع الصهاينة بتحالف معها ضد عدو جديد هو المقاومة، وربما تحاول نقل هذه اللعبة من خانة الدعايات لخانة عملية بالدماء لخلق حالة عملية جديدة من العداء بين الشعوب والمقاومة.
وفي مواجهة هذه اللعبة القذرة، نرى أن يكون هناك رادع لتنفيذها، لأنها لو دخلت مجال التنفيذ العملي فقد لا يتحكم احد بانزلاقاتها وتداعياتها وكرتها المتدحرجة التي قد تفرض واقعًا جديدًا أكثر مأساوية.
وهذا الرادع يمكن أن يكون بالإعلان عن حلف مقابل للمقاومة ولكن بشكل مختلف عن الحلف الصهيو عربي وايضًا عن نسق محور المقاومة الحالي، وذلك كما يلي:
أولًا: أن يكون حلف المقاومة مختلفًا عن نمط التنسيق الصهيو عربي، بأن يكون حلفًا للدفاع المشترك، بمعنى أن أي عدوان على طرف من أطراف حلف المقاومة سيواجه بحرب من الحلف كله.
ثانيًا: أن يختلف عن محور المقاومة بنسقه الحالي والذي يقوم على مجرد التنسيق والدعم للجبهات والساحات ووضع خط احمر متعلق بالقدس فقط، بأن يكون التنسيق به معلنًا ومقننًا وصريحًا وليس مفهومًا ضمنيًا، وان تكون الخطوط الحمر به هي أي اعتداء على أي طرف بحلف المقاومة.
أي أن المقترح هو تعديل قواعد الاشتباك والوصول بها لسقف متطور واعلان التنسيق بل والقوات المشتركة المقاومة للدفاع عن أي طرف في المحور في مقابل تشكل الحلف الآخر.
قد يرى البعض أن ذلك تهور أو دفع بالأمور لحافة الهاوية، ولكننا نراه رادعًا، وليعلن على الاقل للتلويح والتهديد لردع تشكل الحلف الآخر، وليمضِ الشوط الى نهايته إذا أصر العدو على إتمام حلفه، لأن البديل هو المزيد من العزلة للمقاومة وهو ما لا ينبغي القبول به أو تمريره.