مضر الشيخ إبراهيم – خاص الناشر |
ثلة من محرومي البقاع، وفقراء الجنوب، قرروا مواجهة آلة الطغيان الإسرائيلي الذي اجتاح لبنان منذ أربعة عقود دون عناء إلا في خلدة، وبعض المواجهات البطولية الفردية وغير المنظمة المشابهة لها. وهؤلاء نظموا صفوفهم على كثرتها آنذاك، وروابطهم ولجانهم على اختلاف أسمائها، وكل ذلك بتأثير تراكمي للمقاومات الفلسطينية والوطنية وشخصيات محلية وخارجية، لا تبدأ بالسيد موسى الصدر والرئيس الراحل حافظ الأسد، ولا تنتهي بروح الله الخميني. وهذان الرجلان اللذان سارا بعكس التأطير والاتجاه المرسوم للزعامات السياسية في العالم، وكل ما تعارف عليه منذ انتصار الحلفاء على هتلر، وضخهم القوي بأن الإنسان إذا قرر فهو قادر بتوافر الأسباب والنوايا الصادقة، والتقوا في الوعي واللا وعي تجاه مصالح أوطانهم.
وهؤلاء الرجال والنساء في لبنان الذين خطوا على هذه الطريق من ضواحي بيروت المشتتة آنذاك، وتداخل النفوذ وقوى متعددة اليوم، بعد كل هذه التجارب والمحطات المتراكمة من عناقيد الغضب وتفاهم أيلول، وتحرير الجنوب عام ٢٠٠٠ ونصر تموز عام ٢٠٠٦، ودخولهم النوعي للحرب السورية، وحتى في قتال داعش في العراق وتحرير سمير القنطار ورفاقه على دفعات، وكل هذه الإنجازات التي لم نعتد كعربٍ على أن نقوى عليها، نسمع الكثير من الحليف والصديق، وحتى البعض القليل من سواد جماهير هذا الخط، أن الحزب لا يعرف كيف يتصرف ويخطئ كثيرًا، ولا بد أن يفعل كذا وكذا. والأجمل أني أجزم أن هذا التنظير يسمعه حتى قيادات هذا الحزب، وبسبب منظومته الأخلاقية والدينية الرفيعة يتجاوب مع هؤلاء الذين قد يكون أكبر إنجاز لهم تجاه العدو الإسرائيلي أو التكفيري هو رأي في عالم افتراضي أو أكثر قليلًا.
هذا الحزب منظم جدًا ومسؤول جدًا، ونحن -العربَ- اليوم لا نعوِّل بأي فعل ذي كرامة تجاه أعداء العرب إلا على هؤلاء الشبان، مع التسليح السوري والمال الإيراني، وربما الغيور على هذا النهج سيضع مداميك التوفيق لهذا الخط بأضلاع ثلاثة: هي دماء الشهداء والجرحى وطهر العسكر، والصدق الكامل لقائد حكيم ووالد شهيد هو السيد نصر الله.
واليوم بعيد نتائج الانتخابات البرلمانية في لبنان ثبَّت الحزب جماهيريته العارمة، وعاد مجددًا لنيل العلامة الكاملة في بيئته وأوساطه مع حليفه (حركة أمل) وضخ الدعم اللازم لكل حلفائه على امتداد لبنان، وخرجوا بنتائج جيدة وإيجابية.
وأعان الله من يتصدى للشأن الداخلي اللبناني بعد أن انثقب البالون الافتراضي لبلد اقتصاده ريعي، ولا صناعة استراتيجية لديه، وخرج بعد الطائف ببناء اعتمد الخصخصةَ ونوائب صندوق النقد الدولي، والمديونية العالية، وتكون لدى العقل الجمعي للأشقاء في لبنان بالدعم المصرفي قروضًا، وبروج الأبنية في السوليدير والزيتونة أنه يعيش في واقع اقتصادي متين، فإذا بهذا البالون الافتراضي ينتهي من جيوب الشعب اللبناني ومدخراتهم في البنوك والمصارف، ولذا لبنان القوي اليوم بمقاومته وتنوعه وموقعه الحيوي، ولا بد من التركيز على الثروة النفطية في المتوسط للنهوض مجددًا، والسيد نصر الله يجدد مرارًا استعداد هذه القوة على أن تكون في خدمة هذا التنقيب، واستخراج الغاز والنفط على سواحل لبنان، والحديث اليومي عن تراشق تهم الفساد و محاصصة المواقع والامتيازات هو قديم متجدد ولا يغني أو يسمن.
وختامًا يقال إن لبنان أشبه بطريق واحدة وباتجاه واحد، وتسير عليه ثماني عشرة سيارة، وجميعهم يتسابقون على الطريق الواحدة، ولطالما احتاج ويحتاج شرطي المرور إلى أن ينظم حركة تلك السيارات متى يجب عليها أن تمر، أو تتوقف أو تسرع أو تبطئ.
ولعل معادلة (س-س) تلوح بالأفق، خصوصًا بعد الكلام الإيجابي للرئيس الأسد مؤخرًا في استقباله الوفد البرلماني الموريتاني عن الرياض، وولي عهد المملكة يمهد لعودة تلك المعادلة ليسير البلد مجددًا، ولكن هذا مرتبط ببعيد اللقاء السوري السعودي العلني الذي لا توقيت له حتى هذه اللحظة، وبعدها تتجه الأمور في لبنان إلى السير، ولكن هذا لا ينفي السعي الدؤوب للثروة النفطية في المتوسط، وحمى الله الشقيق لبنان شعبًا وجيشًا ومقاومة.