كما في كل عام تشهد ذكرى عيد التحرير، واندحار العدو وعملائه، ظاهرة ظهور العملاء في إعلام سيدهم الصهيوني ليكرروا معزوفتهم التي دأبوا على تكرارها منذ حوالي ربع قرن.
في مقال صهيوني تحت عنوان “منذ أن أُغلقت البوابة”، في إشارة إلى إغلاق بوابة فاطمة في العام ٢٠٠٠، لقاء مع ثلاثة من رموز العملاء الذين أطلقوا العنان لمخيلتهم لبطولاتهم المزعومة علهم يكتسبون رضا سيدهم الصهيوني.
أولهم العميل الفار سامر شرف الدين (٥٦ عامًا)، الذي يقيم في قرية حرفيش في الجليل الغربي قرب الحدود مع لبنان، والذي كنا تحدثنا عنه سابقًا عندما أزال العلم اللبناني من مطعم افتتحه في فلسطين المحتلة بحجة أنه “علم دولة معادية”!
سامر تحدث في إعلام العدو مفبركًا سيناريو سينمائيًّا لسيرة حياته زاعمًا أنه ولد “في جبل الشوف لعائلة درزية ونشأ في بيروت. وفي سن الحادية عشرة أجبر على الاختباء في دير ماروني بعد مشاجرة عنيفة مع صبي فلسطيني” بحسب نص المقال الصهيوني الذي أردف: “يتذكر سامر بعينين مبتلتين: بعد أربع سنوات تم اصطحابي الى المنزل فلم يتعرف عليّ والدي، ولم أتعرف عليه… وفي آب/أغسطس من العام ١٩٧٦ قُتل شقيقي برصاص قناص فلسطيني أمام عينيّ وعمره كان ١٨ عامًا… رأيت أخي يسقط وبدأت بالركض نحوه، ولكن أمسكني رجل كبير في السن وقال: حتى لا يخسر أهلك طفلين في يوم واحد”.
يتابع سامر أنه بعد تلك الحادثة المزعومة بشهر واحد عمد إلى تزوير أوراقه الرسمية متلاعبًا بعمره الحقيقي ليلتحق بميلشيا العميل حداد التي كانت في طور تأسيسها.
خدم سامر بحسب المقال العبري طوال ٢٤ عامًا كجندي في ميليشيا العملاء، وأصيب بمتفجرات حزب الله، ولكنه كان يعود للخدمة بعد الإصابة، وكان على علاقة وثيقة بقائد قوات العدو في لبنان ايرز غيرشتاين الذي نالت منه المقاومة بعبوة قصمت ظهر الاحتلال. وفي العام ٢٠٠٠ فر مع اقرانه من العملاء ملتحقين بسيدهم الصهيوني ليبدؤوا مرحلة جديدة في حياتهم.
يفاخر سامر بأنه بعدها زادت عائلته فردًا جديدًا مع ولادة ولده الثاني الذي أسماه “ايرز” على اسم سيده “غيرشتاين”. وولده البكر أنهى خدمته في الكيان وأما ابنه الثاني فلا يزال يعمل كمقاتل على الحدود.
بعد هذه المقدمة “البوليوودية” ينتقل العميل الفار سامر شرف الدين للكشف عن مبتغاه حين يهاجم كبار قادة العملاء الذين نالوا أكبر المخصصات من كيان الاحتلال بينما هو وأمثاله لم ينالوا سوى الفتات، فيقول: “طول ٢٢ عامًا التزم كبار الضباط الصمت ولم يطالبوا بحقوقنا؛ فهم حصلوا على كل شيء: شقق، رواتب، سيارات… ولم يزعجهم أن جنودهم، الذين خاطروا بحياتهم اكثر منهم، لم يتلقوا أي شيء تقريبًا (…) في لبنان كان بعض قادة جيش (العملاء) فاسدين وأداروا سلسلة من الاعمال المشبوهة، وبقيت ثيابهم نظيفة وأعطوا التعليمات عن بعد فيما تلوثت ملابسنا بالطين والدم (…) لقد تم خداعنا واستغلونا، والأسوأ من ذلك دخل بيننا الحسد والكراهية”.
وكنظيره سامر يتحدث أيضًا العميل الفار دانيال أبو خير بسيناريو بطولي متوهم، ليكسب رضا سيدهم الصهيوني، فيقول إنه يعشق هذا الكيان منذ ما قبل العام ٢٠٠٠ من خلال مستشفياته، إذ يزعم أنه أُصيب ثلاث مرات وفي كل مرة كان يتم نقله للاستشفاء في مشافي فلسطين المحتلة.
يروي دانيال قصته المزعومة فيقول: “في العام ١٩٧٦ تم تهجير أهالي قريتنا الموارنة بعد ارتكاب “مجزرة” ذهب ضحيتها ٦٦ من ابناء البلدة فذهبنا من الجنوب إلى بيروت. هناك كان عمري ٩ سنوات وكنا نحمل الذخيرة للجنود”.
ويتابع العميل الفار: “في العام ١٩٨٢ احتل الجيش (الصهيوني) جنوب لبنان ما سمح لنا بالعودة إلى مسقط رأسنا. لكن الوضع الأمني لم يكن مستقرًا ما منعني من متابعة دراستي وتفرغت للدفاع عن قريتي وأهلي”.
ويبدأ بتعداد إصاباته المزعومة: “في العام ١٩٨٨ أصبت بجروح فتعالجت في (الكيان). وفي ١٩٩١ أصبت بانفجار قنبلة، وهذه المرة كانت الإصابة أصعب، في العين وفي القدمين، فتم نقلي إلى مستشفى رامبام في حيفا حيث تلقيت العلاج ثم عدت للخدمة. وفي عام ١٩٩٤ نصب حزب الله كمينًا لكبار مسؤولي (ميليشيا العملاء) وقام بتفجير منزل يجتمعون داخله فقتل خمسة منهم وأصبت أنا مع آخرين ليتم نقلي مجددًا للعلاج في رامبام”.
ويتابع: “في العام ٢٠٠٠ انتقلت الى (الكيان) بعد أن أحببته من خلال مستشفياته ليكون كبيت لي رغم صعوبة المرحلة الاولى. هنا أنجبت ابنًا وابنة آخرين. أنا اعمل كمدير في حديقة الحيوانات وابني الاكبر سينهي خدمته العسكرية قريبًا”.
دانيال بعكس قرينه سامر يرفض الدخول في السجال حول الفوارق في التقديمات التي قدمها العدو لضباط ميليشيا العملاء بعكس حرمان عناصرها، لكنه يختم حديثه قائلًا: “حاربنا معًا وأصبنا معًا لذلك يجب معاملة الجميع على قدم المساواة”.
الخلاصة في ظهور شراذم العملاء في إعلام العدو أنها تكشف وصمة العار التي يعانون منها سواء من خلال نظرة الصهيوني إليهم كمرتزقة أو من خلال نظرة عرب فلسطين المحتلة اليهم كخونة أو من خلال نظرتهم الى بعضهم البعض.
هذا التسابق في الظهور هو أيضًا مجرد سعي إلى “تبييض” وجوههم مع سيدهم الصهيوني من خلال فبركة سير وبطولات مزعومة علهم “يشحذون” منه بعض ما وعدهم به من تقديمات ثمنًا لخيانة وطنهم ولو بمفعول رجعي بعد مماطلات قاربت مدتها الزمنية ربع قرن من العام ٢٠٠٠ حتى اليوم.