مصعب حيدر – خاص الناشر |
تبدد التفاؤل الذي أظهرته أوساط شعبية لبنانية بوصول شاب وناشط كمارك ضو الى المجلس النيابي، بعد أن علق النائب الأنيق على طريق مطار بيروت الدولي وتعثر مسترسلًا في تذمره من الأسماء والرموز التحررية التي رفعت على تفرعات تلك الطريق.
لقد بحث عن قدموس وأساطيره فلم يجده حاضرًا في شبكة الطرق التي تربط المطار بقلب العاصمة، وكان راغبًا في رفع أسماء رموز استقلالية لبنانية عريقة كي ترتاح نفسه الى أصالة الأسماء التي قاتلت وبذلت من دمائها وأرواحها في سبيل التحرر والاستقلال.
بسرعة قياسية انهارت الطروحات الأنيقة تحت وطأة الجهل والبعد عن تاريخ الوطن الحديث والقديم وعن الفهم الحقيقي للوقائع والأحداث. فالسيد مارك لم يعرف أن جيش العدوان الصهيوني قد وصل الى العاصمة بيروت قبل أربعين عامًا وأن قادة وأبطالًا لبنانيين خاضوا أشرف معارك التاريخ وقاتلوا واستشهدوا فكان منهم عباس الموسوي وراغب حرب وعماد مغنية ومصطفى بدر الدين واللائحة تطول.
لقد فقد مارك ضو ألفباء الحقيقة التاريخية اللبنانية المخضبة بدماء أبناء الوطن في الجنوب والبقاع والضاحية وفي كثير من المدن والقرى والبلدات. لا يوجد في ذاكرة “الثائر الذكي” صور عن مجازر قانا وسحمر والنبطية الفوقا، ولا مشاهد عن العسكر الصهيوني الملتاع الساقط تحت ضربات المقاومين الاستقلاليين الحقيقيين. لم يدرك ذلك الرجل ما أدركه العالم كله وفي مقدمه القادة والإعلاميون والباحثون والدارسون الصهاينة حول حقيقة المقاومة التي فرضت توازن الرعب على أميركا والكيان الصهيوني وأوجدت قوة ردع لبنانية تقر بها “دولة” “إسرائيل” بكل سلطاتها السياسية والأمنية والعسكرية.
الإنسان عدو ما جهل، والنائب المنتخب مارك ضو يجهل أن الإمام الخميني يصنف في الفكر العالمي المتحرر كثائر وداعية تحرر وباعث لنهضة الشعوب ومهندس لدك عروش الدول المستكبرة والمتوحشة وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، وأن هذا الإمام قد ساهم إسهامًا كبيرًا وفاعلًا في دفع عشرات الآلاف من الشباب اللبناني كي ينخرطوا في معركة الاستقلال الكبرى التي يبحث عن رموزها النائب المستجد ضو كي ترفع على طريق مطار بيروت الدولي. وقد فعل كل ذلك الإمام الخميني من خلال توجيهاته وطروحاته الجهادية والثورية والمعنوية في حين غاب قدموس والآخرون جميعًا عن المساهمة بهذه المهمة التاريخية الجليلة.
التذمر من اسمَي الإمام الخميني ومصطفى بدر الدين لا ينسحب على الرموز الفرنسية والبريطانية الاستعمارية التي تملأ شوارع العاصمة ويتعايش معها مارك ضو ورفاقه. وهؤلاء ليسوا شخصيات اجتماعية أو رموزًا انسانية مثل الأب بيار أو الأم تيريزا، بل إنهم قادة عسكريون كانوا يمارسون إذلالهم اليومي على الساسة اللبنانيين فيعلقون الدستور ويفرضون الرؤساء ويتحكمون بكل مفاصل الحياة العامة والخاصة. وقد مر على إطلاق أسمائهم على شوارع العاصمة عشرات السنين دون أن يعبر أحد من أدعياء الاستقلال عن استيائه أو استفزازه، ولو كان استياء لطيفًا أو استفزازًا مهذبًا.
سيحتاج مارك ضو الى دروس مكثفة بالوطنية اللبنانية بعد أن رسب في أيامه الأولى، حيث ينبغي أن يخضع لعملية تثقيف جدي حول ماهية العدو الذي ينبغي مقاومته كي يتمكن هذا النائب الفذ من تحديد أسماء أبطال الاستقلال الحقيقيين الذين نرتفع بأسمائهم الجليلة الطاهرة الخالية من كل حالات التلوث البيئي والفكري والوطني على حد سواء.